|
|
خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف
بقلم: محمد بودهان
(08 ـ 09 ـ 2017) "المحاكمة العادلة" ومفارقاتها في المغرب: أكد وزير العدل السيد محمد أوجار، أمام مجلس النواب يوم 13 يونيو 2017، جوابا على سؤال بخصوص معتقلي الريف، «أن والحكومة حريصة على قرينة البراءة وعلى احترام كل مقتضيات المحاكمة العادلة». أكيد أن محاكمة هؤلاء المعتقلين، والتي شُرع فيها منذ مدة بالنسبة للمحالين منهم على محاكم الحسيمة والناظور، كانت وستكون "عادلة". ولكن ما معنى "محاكمة عادلة"، وما هي شروطها؟ من شروطها أن تكون، ما لم يكن هناك سبب معقول يمنع ذلك، علنية يمكن أن تحضرها عائلات المتهمين والصحافة الوطنية والدولية، والمنظمات الحقوقية الوطنية وحتى الدولية. والأهم، في "المحاكمة العادلة"، أن المحكمة تستمع إلى المتهمين الذين يتكلمون بكل حرية، وتُعطَى كذلك كل الحرية والوقت للمحامين للرد على مزاعم النيابة العامة، وتقديم ملتمسات ودفوعات شكلية وجوهرية تكون المحكمة ملزمة بمناقشتها والرد عليها... هي إذن "محاكمة عادلة" لأن المحكمة لن تعتمد على شيء من خارج القانون والضوابط المسطرية. القانون، كل القانون، ولا شيء غير القانون أثناء كل أطوار المحاكمة. لكن إذا سلّمنا أن محاكمة معتقلي الريف ستكون "عادلة"، لأن شروط "المحاكمة العادلة"، مثل التي أشرنا إليها، ستكون قائمة ومتوفرة، فإن ذلك يستتبع أن المحاكمات، التي أدخلت مئات الأبرياء إلى السجن في فترة ما يُعرف بسنوات الجمر والرصاص، كانت، هي أيضا، "عادلة"، وأن المدانين كانوا بالفعل مجرمين وليسوا أبرياء. لماذا ستكون إدانة هؤلاء الأبرياء "عادلة"؟ لأن نفس شروط وضمانات "المحاكمة العادلة"، كالتي ذكرناها، وخصوصا حرية المتهمين في الكلام والرد على التهم، وحق الدفاع في إثارة كل الدفوعات الشكلية والجوهرية التي قد تبرئ المتهمين، وضمان مناقشة الملفات من كل جوانبها أمام هيئة المحكمة في إطار القانون والشفافية، كانت حاضرة وموجودة في تلك المحاكمات. ومع ذلك فقد سبق للدولة، التي حاكم قضاؤها هؤلاء المتهمين، أن اعترفت، هي نفسها، من خلال إنشائها لهيئة "الإنصاف والمصالحة"، وصرفها تعويضات لمن أدانهم ذلك القضاء، أن أولئك المدانين كانوا ضحية محاكمات ظالمة وسياسية وانتقامية، غابت فيها وعنها أبسط شروط "المحاكمة العادلة". وهذا مأزق حقيقي: لو كانت محاكمات سنوات الجمر والرصاص عادلة، فالنتيجة أن محاكمة الريفيين ستكون عادلة نظرا لتوفر نفس شروط "المحاكمة العادلة" في الحالتين. أما وأن المحاكمات الأولى لم تكن، وباعتراف الدولة نفسها، عادلة، فيقينيٌّ أن محاكمة الريفيين ستكون غير عادلة كذلك، لتكرار نفس الشروط، التي جعلت المحاكمات الأولى غير عادلة، في المحاكمات الثانية، الخاصة بمعتقلي الريف. فنفس الأسباب تعطي دائما نفس النتائج. أين تكمن المشكلة في هذا المأزق؟ ما جدوى "المحاكمة العادلة" إذا كانت المحاضر ظالمة؟ تكمن في أن ضمانات وشروط "المحاكمة العادلة"، بالمغرب، تبتدئ وتنتهي داخل قاعة الجلسات بالمحكمة، أمام قضاة احترافيين ومختصين. لكن موضوع المحاكمة ينصبّ على التهم التي تتضمنها محاضر أنجزتها الشرطة القضائية، والتي لا ينتمي رجالها إلى القضاء الاحترافي المختص، وإن كانوا يعملون قانونيا تحت إمرته وإشرافه. فبعد إعداد هذه المحاضر من طرف من ليسوا قضاة، يبدأ دور القضاة الحقيقيين (قضاة النيابة العامة، قضاة التحقيق، قضاة هيئة الحكم)، الذين يكيّفون تلك التهم حسب الجرائم التي تناسبها، ليسهل بعد ذلك تحديد عقوباتها المقررة في القانون. ونادرا جدّا جدّا ما تُرفض مثل تلك المحاضر، رغم ما قد يشوبها من خروقات تكون سببا أكثر من كافٍ لبطلانها وإبطالها، وخصوصا إذا كانت الدوافع وراء الاعتقال سياسيةً وانتقامية وعقابية، كما في حالة معتقلي حراك الريف. وكمثال على ذلك حقُّ المتهم في التزام الصمت، الذي يفرض القانون (الفقرة الثالثة من الفصل 23 من دستور 2011، والفقرة الثانية من الفصل 66 من قانون المسطرة الجنائية) على ضابط الشرطة القضائية أن يذكّر به وجوبا المعتقلَ عند استنطاقه. فكم من محاضر تدوّن فيها الشرطة القضائية أن الموقوف اختار التزام الصمت، لتبقى تلك المحاضر فارغة لا تتضمن أية أفعال يعترف الموضوع تحت الحراسة النظرية أنه ارتكبها؟ أكاد أجزم أنها منعدمة بالنسبة لجميع معتقلي الريف. فهل من المعقول والطبيعي أن حوالي أربعمائة معتقل "اختاروا" جميعهم، كما لو اتفقوا على ذلك، الكلامَ و"الاعتراف" بالمنسوب إليهم، ولم يختر ولو واحد منهم التزام الصمت، رغم أن ضابط الشرطة يكون قد أخبره بحقه في ذلك كما ينص القانون، وكما تؤكد على ذلك ديباجة المحاضر؟ وحق المتهم في التزام الصمت أثناء استنطاقه من طرف ضباط الشرطة القضائية، ليس مجرد إجراء ثانوي غير ذي أهمية، وإنما هو إجراء جوهري لتحقيق "المحاكمة العادلة". وهذا ما يفسّر أن الدستور نفسه ينصّ على هذا الحق رغم أن هناك قانونا خاصا ينظّم الموضوع، وهو قانون المسطرة الجنائية. صحيح أن حتى في الدول الديموقراطية، التي لا يشك أحد في نزاهة عدالتها وموضوعية قضائها، تقوم الشرطة القضائية، وليس بالضرورة القضاة الاحترافيون المختصون، بإنجاز محاضر الاستماع والاستنطاق للموقوفين الموضوعين تحت الحراسة النظرية. وهي المحاضر التي تشكّل المادة الأولى للمتابعة والمحاكمة. لكن في مثل هذه الدول، فبالإضافة إلى أن استنطاق المتهم يجري بحضور محامٍ وأمام كاميرات تسجّل أطوار الاستنطاق، فإن أي خرق للقواعد المنظمة لاعتقال المتهم ولوضعه تحت الحراسة النظرية ولاستنطاقه بمخافر الشرطة، كالاعتقال العشوائي أو التعسفي، أو الاختطاف من الشارع العام، أو مداهمة المنازل وكسر أبوابها بدون إذن قضائي، أو الضرب والتعذيب، أو الإهانة والمعاملة القاسية، أو إجبار الموقوف على التوقيع على المحضر دون قراءته أو دون فهم محتواه...، والذي (الخرق) يثبته المتهم أو محاميه أمام القاضي المختص ، يترتب عنه بطلان المحاضر وإسقاط التهم، ومتابعة موظفي الشرطة القضائية المسؤولين عن تلك الخروقات. أما في المغرب، وبالرغم أن القانون المغربي يمنع، هو أيضا، مثل هذه الانتهاكات، ويعاقب عليها، إلا أنه، من الناحية العملية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر باعتقالات تحرّكها خلفيات سياسية وانتقامية وعقابية، كما هو شأن ملف معتقلي الريف، فإنه من الصعب، حتى لا أقول من المستحيل، استبعاد تقارير ومحاضر الشرطة بعلّة خرقها للقانون، فبالأحرى محاسبة المسؤولين عن هذا الخرق. ولهذا لم يستطع القضاء التحقيق والبتّ في ما صرّح به معتقلو حراك الريف من تعرّضهم للضرب والإهانة والمعاملة القاسية، والإجبار على التوقيع على محاضر دون الاطلاع عليها، وفي نشر صور للصنديد الزفزافي وهو شبه عارٍ...، ولا الكشف عن نتائج التحقيق في مقتل الشهيد عماد العتابي نتيجة الاستعمال المفرط للعنف من طرف قوات الأمن لتفريق التظاهرة السلمية ليوم 20 يوليوز 2017 بالحسيمة... وقد رأينا كيف أشاد رئيس الدولة بعمل رجال الأمن بالحسيمة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2017. وهو ما قد يفهمون منه أنه تشجيع لهم على مواصلة نفس الممارسات القمعية، وتنزيه لهم عن ارتكاب الأخطاء أو خرق القانون أو تلفيق التهم للأبرياء. فالقرق بين "المحاكمة العادلة" في الدول الديموقراطية الحقيقية، ودولة المغرب ذات الديموقراطية المخزنية الصورية، هو أن هذه "المحاكمة العادلة" تبتدئ، بالنسبة للدول الأولى، من لحظة اعتقال الظنّين أو المشتبه فيه. أما في المغرب فتبتدئ من يوم تقديمه إلى المحكمة، التي ستحاكمه بناء على محاضر أُنجزت خارج المحكمة، وبلا تسجيلات فيديو تُثبت أن ما جاء في المحضر هو ما قاله ووقّع عليه برضاه، وفي غياب أي محامٍ، عكس ما يجري به العمل في الدول التي تحترم وتصون حقوق وكرامة الإنسان، حتى عندما يَثبُت تورّطه في ارتكاب جناية على درجة كبيرة من الخطورة. وهذه هي المفارقة الكبيرة في "المحاكمة العادلة" بالمفهوم المغربي: كل ضمانات "المحاكمة العادلة" متوفّرة أثناء جلسات المحاكمة وأمام قضاة احترافيين ومختصين. لكن الأفعال التي تشكّل موضوع هذه المحاكمة ـ وهذا هو بيت القصيد ـ تبقى هي التهم المدوّنة في محاضر الشرطة القضائية. وهي محاضر لا تتوفر فيها، بخصوص معتقلي الريف، أدنى شروط "المحاضر العادلة"، كتلك المتوفرة في "المحاكمة العادلة". فهذه المحاضر هي التي تحدّد، في الواقع، المصير القضائي لهؤلاء المتهمين، وبالتالي فهي التي تحاكمهم في الحقيقة، ما دام أن محاكمتهم ليست سوى تكييف قانوني، من طرف القضاء، للأفعال التي تنسبها تلك المحاضر إلى أولئك المعتقلين الأبرياء. لا تعني هذه الملاحظات أن الذين رشقوا قوات الأمن بالحجارة، أو خططوا للمس بالأمن الداخلي للمملكة، كما جاء في العديد من محاضر الشرطة القضائية، لا تجب متابعتهم ومحاكمتهم بسبب أفعالهم. بل يجب إنزال أقسى وأقصى العقوبات في حقهم. وإنما السؤال هو: هل هؤلاء الذين يقبعون في السجون، ممن حوكموا أو ينتظرون المحاكمة من معتقلي الريف، قد ارتكبوا ماديا هذه الأفعال التي يحاكمون عليها؟ فمن السهل، في هذه الظروف الخاصة بحراك الريف، والذي تريد السلطة إخماده بجميع الوسائل، أن يلقى عليك القبض ويُحرر لك محضر يقول بأنك شاركت في تظاهرة بدون تصريح مسبّق، أو رشقت قوات الأمن بالحجارة، أو تخطط للانفصال...، فتحكم عليك المحكمة بالسجن بعد أن توفّر لك كل ضمانات "المحاكمة العادلة"، من محكمة عادية وغير استثنائية ولا عسكرية، وقاضٍ للتحقيق احترافي ومختص، واحترام كامل لحقوق الدفاع، واستماع إلى شهود النفي إن وُجدوا، وضمان الحق في استئناف الحكم والطعن فيه... هذا هو نموذج "المحاكمة العادلة" لمعتقلي الريف. أما المحاضر غير العادلة، التي على أساسها يحاكم هؤلاء المعتقلون، فهي خارج عناصر "المحاكمة العادلة". هكذا تبرّر الغايةُ، التي هي القضاء على الحراك والانتقام من الحراكيين، الوسيلةَ، التي هي الاعتقال والمحاكمة والسجن. وهنا نجد أنفسنا أمام أخطر مظاهر غياب العدالة، والمتجلية في استعمال آليات العدالة نفسها لممارسة الظلم والشطط والانتقام والاستبداد. وهو ما عبّر عنه مونتسكيو" (Montesquieu) عندما كتب: «ليس هناك استبداد أسوأ من ذلك الذي يُمارس باسم القانون وتحت غطاء العدالة». العودة إلى ممارسات سنوات القمع والرصاص: وهنا يحق لنا أن نتساءل عن فحوى مفهوم "العدالة الانتقالية"، الذي راج استعماله في السنين الأخيرة بقوة في المغرب، سواء عند جهات رسمية أو غير رسمية، في أوساط المتهمين بالعدالة وحقوق الإنسان. فإذا كانت "العدالة الانتقالية" تعني، في حالة المغرب، مجموعة التدابير القضائية والقانونية والسياسية التي طبّقتها الدولة من أجل معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لسنوات القمع والرصاص، والعمل على تفادي تكرار مثل هذه الانتهاكات، فإن ما تمارسه الدولة بالريف، منذ 26 ماي 2017 إلى اليوم (7 شتنبر 2017)، يعطي مدلولا آخر وجديدا لهذا المفهوم. ف"العدالة الانتقالية" Justice transitionnelle ou de transition، لا تعني، بالنظر إلى الطريقة التي تتعامل بها الدولة مع نشطاء حراك الريف، معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وجبر الضرر، والإصلاح السياسي، ووضع آليات تمنع تكرارا مثل تلك الانتهاكات، وإنما تعني بالفعل "الانتقال" ـ كما يدلّ على ذلك المعنى اللغوي في العربية لكلمة "انتقال" ـ إلى ممارسة نفس الانتهاكات التي من أجلها استحدثت تلك "العدالة الانتقالية". يعرف المغرب إذن "عدالة انتقالية" بهذا المفهوم، الذي يعني العودة إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي حفل بها عهد الراحل الحسن الثاني. والدليل على هذه العودة و"الانتقال" إلى نفس التجاوزات المنتهكة لحقوق الإنسان، والتي أنشأت الدولة هيئة للإنصاف والمصالحة لمعالجة مخلّفاتها والحيلولة دون تكرارها، هو أن الأسلوب الذي يُعتقل ويُحاكم به نشطاء حراك الريف، هو نفسه الأسلوب الذي اعتقل وحوكم به، في سنوات القمع والرصاص، الأبرياء الذين أدانتهم محاكم المملكة الذين عُرضوا عليها طبقا للمساطر القانونية والإجراءات القضائية ـ والذين لا علاقة لهم بضحايا ممارسات خارجة أصلا عن أي قانون أو مسطرة قضائية، مثل المقتولين أو المختطفين مجهولي المصير أو الذين كانوا محتجزين بأماكن اعتقال سرية... ــ، والذين ستعترف الدولة أن محاكماتهم كانت ظالمة وتسلطية، وإدانتهم بالسجن كانت جائرة وانتقامية. ما هو مصدر الظلم والتسلط، والجور والانتقام في هذه المحاكمات؟ مصدره هو التهم الملفقة والمحاضر المفبركة، حسب العقوبة التي يريد المخزن إنزالها بمن يعتبرهم متطاولين على "هيبته"، مما يستوجب تأديبهم وعقابهم حتى يكونوا درسا وعبرة للأخرين. نفس الشيء يتكرر اليوم مع محاكمات نشطاء حراك الريف: فكل الحقوق التي تتطلبها "المحاكمة العادلة"، أثناء جلسات الحكم، مضمونة ومتوفرة. لكن موضوع هذه المحاكمات، يتشكل، كما في محاكمات فترة سنوات القمع والرصاص، من محاضر ظالمة، وتهم ملفّقة، ووقائع مفبركة قصد توريط المتهمين. ولا يجدى نفعا إثارة الدفاع لعيوب هذه المحاضر ولا للطابع المفبرك للتهم، مادام أن المحكمة قد لا تساير المحامي في ملاحظاته ودفوعاته. والمهم هو أنه يُفترض في القاضي أن يُصدر الحكم حسب قناعته. وهو ما يجعل الحكم "عادلا"، لأنه مطابق للقانون الذي ينصّ على أن القاضي يحكم «حسب اقتناعه الصميم» (الفصل 286 من قانون المسطرة الجنائية). هكذا كانت وظلت تلك المحاكمات، التي أدخلت المئات من الأبرياء إلى السجن في سنوات القمع والرصاص، "عادلة" لأن القضاة أصدروا أحكامهم وقراراتهم حسب اقتناعهم الصميم، كما يقتضي ذلك القانون، إلى أن أقرّت الدولة نفسها أنها كانت محاكمات جائرة، وأن العدالة التي أدانت أولئك الأبرياء كانت ظالمة. علينا إذن أن نتوقع أن الدولة ستنشئ من جديد، بعد مدة قد تطول أو تقصر، هيئة جديدة للإنصاف والمصالحة، وتنظّم جلسات استماع عمومية لمعتقلي الريف ليتحدّثوا فيها عما صرّحوا به من تعرضهم للضرب والإهانة والتنكيل والمعاملة القاسية وتصويرهم شبه عراة، وعما صدر في حقهم من أحكام ظالمة وقاسية...، تعترف الدولة، من خلال تلك الهيئة، أن المدانين من نشطاء حراك الريف هم أبرياء كانوا ضحية ظلم وتسلط وانتقام وشطط. وهكذا أصبح ملف حقوق الإنسان بالمغرب يشبه "صخرة سيزيف" Le rocher de Sisyphe، نسبة إلى "سيزيف" الذي تقول الأسطورة اليونانية إن الآلهة حكمت عليه بنقل صخرة إلى قمة جبل عالٍ. فكان كلما أوصلها هناك، تتدحرج وتنزل إلى الأسفل، فيعاود نقلها من جديد إلى الأعلى. فاستمر على ذلك إلى ما لا نهاية. فأصبحت عبارة "صخرة سيزيف" تستعمل للدلالة على كل عمل فيه تكرار وعودة، كل مرة، إلى نقطة الصفر دون إنجاز أي تقدم حقيقي. وهذا ما يحصل لملف حقوق الإنسان في المغرب: فبعد أن اعتقد الكثيرون أن الدولة قطعت مع ممارسات سنوات القمع والرصاص، ها هي تعود إلى نفس الممارسات، وبغير قليل من الحماس والاندفاع والتعبئة.
|
|