|
|
قداسة الشيخ الكتاني بقلم: علي أمصوبر
(29 ـ 04 ـ 2013) حذاري !حذاري ! أيها المغاربة إياكم أن تخالفوا أفكار وأراء قداسة الشيخ الكتاني . إذ بذلك ستكونون مجرمين وأعداء الله. إنه الوصف الذي أسدله على الأستاذ عصيد لأنه نادى إلى معالجة أشكال تناقض الفكر الموجود في المقررات الدراسية، مثل الرسالة التي وجهها النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى ملوك وحكام ذلك العصر والتي يدعوهم فيها إلى الإسلام مع التهديد بالحرب. ألا تتعارض مع فكرة أن الإسلام انتشر سلميا بالعقل والحوار؟ ومثل الحديث الذي يقول "تناكحوا تناسلوا إني مباهي بكم الأمم يوم القيامة" في الوقت الذي يرد في نفس المقرر الدعوة إلى تنظيم الأسرة. أليس ذلك تناقضا؟ ولا يمكن كذلك الدعوة إلى حوار الأديان والقول في نفس الوقت إن الإسلام وحده الدين الصحيح، بينما الديانات الأخرى كلها محرفة، مع أن الحوار يقتضي الندية والاحترام والمتبادل. أليس في ذلك تعارض ؟ ألا يمكن أن تؤدي هذه التناقضات إلى تكوين مواطن مصاب بمرض اسكيزوفرينيا؟ مما يؤدي به إلى فقدان توازنه الذهني والفكري فيصبح بذلك غير مدرك إلى أية وجهة يتجه وأي طريق يسلك فيهيم على وجهه متخبطا خبط عشواء. فعوض أن يناقش سماحة الشيخ هذه الأفكار المتناقضة ويقترح حلولا لإنقاذ أولادنا، يتوجه بالسب والشتم إلى الأستاذ عصيد الذي طرحها للنقاش . فهاهو يصفه بالحقير والمجرم وعدو الله . فقد أصبح يتكلم باسم الله وكأنه سبحانه وتعالى فوض له ذلك . إنه الغرور والعجرفة وعدم القدرة على مواجهة الحجة بالحجة . ثم ألا يدري سيدنا الشيخ عاقبة من افترى على الله كذبا حتى يتكلم باسمه ؟ لعل الحقد والكراهية أعميا بصيرته. إن شيخنا الجليل وأمثاله يخافون من النور ويفضلون الظلمات . فكلما اشتعلت شمعة إلا وثارة ثائرتهم وبذلوا كل ما أوتوا من جبروت لإطفائها حتى لا تنير الطريق أمام الناس ، مستعملين في ذلك كل الوسائل الدنيئة والحقيرة . فقد كفروا شيخ الأزهر علي عبدالرازق وجردوه من شهادته العلمية ووظيفته في القضاء وطلقوه زوجته ( أليس الشيطان هو الذي يفرق بين المرء وزوجه )؟ لا لشيء إلا لأنه أصدر كتابا تعرض فيه لنظام الحكم في الإسلام أشار فيه إلى بعض التجاوزات واستغلال النفوذ التي صدرت عن بعض القادة العرب. وثاروا كذلك في وجه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لأنه دعا إلى إجبارية تعليم الفتاة أيام كان وزير التعليم في مصر، فتجمعوا أمام مقر الوزارة وهم يرددون " فليسقط الوزير الأعمى " فأجابهم ( الحمد لله أنني أعمى حتى لا أرى وجوهكم ) وكيف لا وهو الذي عانى الأمرين من سوء معاملاتهم عندما كان طالبا في الأزهر ، حيث كانوا لا ينادونه إلا بالأعمى ، لأنه كان يتجرأ ويدخل معهم في نقاش حول ماكانوا يلقونه من دروس ، فأصبحوا لا يطيقون وجوده فحرموه هو كذلك من شهادته . وهاهم يكفرون المفكر المصري حامد أبو نصر فطلقوا منه زوجته ، مما دفعه إلى الهجرة إلى هولاندا حيت استفادت الكليات من محاضراته القيمة . ولم يقفوا عند هذا الحد ، بل انتقلوا إلى جرائم القتل، مع أن الإسلام الذي يتمشدقون به يحرم ذلك قطعا: "من قتل نفسا بغير حق كأنما قتل الناس جميعا ". وهكذا أقدموا على اغتيال عمر بن جلون وفرج فودة ، وهاهم يذبحون صاحب جائزة نوبل للسلام الكاتب المصري نجيب محفوظ لكن عناية الله سبحانه وتعالى نجته من موت محقق. وأخيرا أقدموا على اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد . وأعمالهم الإجرامية كثيرة ومتعددة . فمن هو إذن المجرم وعدو الله ، أليس هو الذي يزهق أرواح الأبرياء ويكفر الناس ويفرق بين الأزواج مما يؤدي إلى تشريد الأسر ؟ وهاهو شيخنا الجليل الذي يعتقد أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يدعو إلى وقفات احتجاجية ضد الأستاذ احمد عصيد بدعوى إهانة المقدسات . أي مقدسات يا سماحة الشيخ ؟ إن الأستاذ عصيد يدعوكم إلى مناظرة وطنية حول نسب الأدارسة . فعوض أن تستجيبوا إلى هذا الأسلوب الحضاري وتأتوا برهانكم ويأتي برهانه انبريت لتجريمه وتكفيره ....الخ. وتستنجد بالمغاربة وكأن الأمر يهمهم جميعا . إنه أسلوب الجبناء .لعل الدافع إلى عدم الاستجابة لهذه الدعوة هو الخوف من انكشاف العورات أمام الملأ واطلاع المواطن المغربي على حقيقة الأمر . إني لمقدر وضعكم والله. فالحقيقة مرة ، لذا تخافون الضوء فتلجأون إلى الظلام ، ومنه ترمون بسهامكم السامة . أليست الخفافيش هي التي تفضل الظلام لتمتص دماء طرائدها في غفلة عن أعين الناس ؟ إن من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة . إن الأستاذ عصيد يؤمن بالحوار وحرية الفكر والرأي ، فقد كان من الأوائل الذين دافعوا عن الزعماء السلفيين عندما تم اعتقالهم ، مؤكدا على حقهم في التعبير عن آرائهم حتى ولو كانت عنيفة . إنه موقف نبيل من مفكر متنور. يضيف قداسة الشيخ أن المفكر عصيد أهان المجاهدين الذين فتحوا المغرب فأخرجوه من الظلمات إلى النور . أقول له إذا سبق للمغرب أن كان في الظلمات فلماذا فر إليه إدريس الأكبر مستنجدا بالأمازيغ من بطش إخوته في المشرق. إنه العجب العجاب ، فكيف يفر المرء من بلاد النور إلى أرض الظلمات ؟ لا أدري عن أي نور يتكلم سماحة الشيخ؟ فهل الفتنة الكبرى التي قامت بين العرب والاقتتال بين الصحابة على كرسي السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر نورا ؟ هل تدري ما تقول يا أخ العرب ؟ ففاقد الشيء لا يعطيه . إذا كنت تقصد الإسلام ، فهو دين الله وليس لأي كان أن يمن به على أحد ، أما إذا كنت تقصد أنه دين العرب فتلك هي طامتكم الكبرى ، ثم أدعوك إلى تصحيح كلمة. " الفتح" ووضع مكانها عبارة " الغزو" لأنها هي الملائمة وأستدل بالتاريخ على ما أقول : إن الجيوش الأموية دخلت بلدان شمال إفريقيا ، غازية وليست فاتحة . بالله عليك متى كان الأمويون يهمهم الإسلام ؟. إنه آخر ما كان يشغل بالهم. كيف تتجرأ وتقول إنهم أخرجونا من الظلمات إلى النور ؟ مع أنهم نكلوا بأهل البيت الكريم، وقتلوا الصحابة والحسن والحسين حفيدي النبي ونهبوا المدينة المنورة واستباحتها جيوش يزيد بن معاوية ثلاثة أيام وقتل فيها خلق كبير من الناس ، ثم اتجهت هذه الجيوش إلى مكة المكرمة فرمت الكعبة بالمنجنيق حتى انهدمت . هذا وفاق الوليد أباه اليزيد ، فقد اشتهر بالمجون وبالشراب وباللواط ، وصدق أو لا تصدق برشق المصحف الكريم بالسهام . أين هؤلاء من الإسلام والفتوحات يا سيدنا الشيخ ؟ أليست هذه هي المقدسات الإسلامية التي كان يجب عليك الدفاع عنها بدل الانشغال عنها بإحاطة شخصك بهالة من القدسية . ولكي يزداد قلبك اطمئنانا ، أزودك بأمثلة أخرى عن أولائك العرب الذين تزعم أنهم دخلوا هذه البلاد فاتحين : كتب هشام بن عبدالملك إلى عامله على إفريقيا : " أما بعد ، فان أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى ابن نصير إلى عبدالملك - رح - أراد مثله منك ، وعندك من الجواري البربريات المالئات للأعين، الآخذات للقلوب ما هو موعز لنا بالشام وما والاه. فتلطف في الانتقاء وتوخ أنيق الجمال وعظم الأكفال وسعة الصدور ولين الأجساد ورقة الأنامل وسبطة العصب وجدالة الأسوق وشطط الأجسام واعتدال القوام ورخامة الكلام ....." ولما دخل الأمازيغ الإسلام ، أصبحوا غير خاضعين للجزية – وهذه أحكام الشريعة الإسلامية – كتب الخليفة الأموي إلى واليه بالمغرب يسأله عن سبب تناقص الأموال عما كان يبعث به سابقا . فأجابه إن البربر اعتنقوا الإسلام وبالتالي رفعت عنهم الجزية . فجابه أمير المؤمنين " لا يهمنا إسلام البربر ابعث لنا بالجزية " . ما رأي سماحة الشيخ ، هل هؤلاء جاءوا لإخراجنا من الظلمات إلى النور ، هل جاءوا فاتحين أم غزاة ؟. لقد شهد شاهد من أهلهم . فرسالة أمير المؤمنين بين يديك فانظر ما ذا ترى ؟
|
|