تيميتار: لا
لمهرجان أمازيغي بالاسم فقط
بقلم: محمد أحمو (أكادير)
مما لاشك فيه أن مدينة أكادير غير محظوظة، وهي لم تختر هذا
الوضع، بل هو نابع من إملاءات لها مرام وأهداف، فرغم كونها عاصمة لجهة تعتبر أول
منتج اقتصادي بفضل خيرات المنطقة عموما، لكنها من حيث البنى التحتية تفتقر إلى
العديد من الأشياء، ترفعها إلى مصاف المدن الحديثة والعصرية، وهي جديرة بأن تحظى
بكل مقومات المدينة المشكلة لقطب اقتصادي مهم سياحيا، فلاحيا، بحريا… الخ.
من بين ما جد في الآونة الأخيرة بالمدينة، مهرجانها الفني، الذي عرف تحولات كبيرة ،
شكلا ومضمونا. فمن مهرجان أكادير للأغنية العربية… الخ، إلى مهرجان الرحل، إلى
مهرجان تيميتار أو علامات أو signes… هذه المحطات لا يربط بعضها ببعض أي شيء.
فالمهرجان الأول اتفق أكثـر الناس تقدمية وأكثـرهم تزمتا على أنه مهرجان منحط
أخلاقيا، غايته وهدفه استقطاب شريحة سياحية شرقية، خلقت من تلقاء نفسها وبدون
مهرجان أوكارا للدعارة بالعديد من مدن المغرب وأراد منظمو ذلك المهرجان تشجيع
السياحة الجنسية واستقدام فساق وفجار المشرق، الذين لن يضيفوا شيئا إلى المنطقة،
اللهم إذا استثنينا بعض الفنادق المعتمدة أصلا في دخلها على "يا هلا" و"فين البنات
الحلوين؟!"، مهرجان تم فيه تحقير الفنان المحلي الذي شارك راضيا بالفتات رغم كل
الانتقادات والتدخلات. كانت تلك مرحلة اتفق الكل على دناءتها ورذالتها، مرحلة التهم
فيها المشارقة الملايين وأقاموا في الفنادق الفخمة ورافقوا "البنات الحلوين"، وفي
ذات الآن تحمل فيه الفنان المحلي كل أشكال الإهانة بدء من النقل في وسائل الحشر
الجماهيري، وصولا إلى فلكلرة العروض، وانتهاء بالأجر الزهيد. انتهى مهرجان المسخ
ومات في المهد، بعده أتى مهرجان الرحل! وأغرب ما فيه تسميته: ما المقصود بالرحل؟
وهل مازال هناك رحل؟ ولماذا مغنٍّ قومي في المهرجان؟ سهرات مؤداة وغيرها مجاني، لغط
كثير، تبذير وسوء تنظيم، مهرجان لم يشم ذاكرة المدينة بأي شيء يذكر، لذا لا يمكن أن
نكتب عنه شيئا سوى أنه سار على نفس نهج سالفه في تهميش الفنان المحلي…
بعد هذا كله، بدأ التفكير بجد وتدخلت جهات نافدة في إصلاح حال المهرجان، خصوصا وأن
ثقل تلك الجهات معروف وطنيا ومعروف بحسمه في المشهد الثقافي للمنطقة بمجهود أثمر
مهرجان (تيميتار)، مهرجانا استوحى ذاته واسمه من المنطقة، مهرجانا أمازيغيا، لأن
أكادير مدينة أمازيغية بامتياز، مهرجانا افتتح رسميا بحضور وزراء وأمراء وشخصيات
وازنة، وقفت على أمازيغية المدينة وعلى التجاوب الكبير بين الفنانين الأمازيغيين
والجماهير الأمازيغية، مهرجانا خلخل مفاهيم العديد من مسؤولي الجهة. أكيد أن الكل
أجمع على أن أكادير أصبح لها مهرجانها بحيث صار صعبا التنقل في المدينة ليالي
المهرجان، كل شيء كان رائعا ولكنه كان مخيفا خصوصا وأن IDIR عانق عبد الهادي
إزنزارن، وكلاهما من المعيار الثقيل، فقد كانت الساحة ليلة سهرتهما شبيهة بعروض
أوروبا، غاصة بآلاف الجماهير.. مهرجان التحم فيه الجمهور بالفنانين، مهرجان امتزجت
فيه الكلمة الشعرية بالنغمة الأصيلة، حضره الكتاب والمؤلفون والشعراء والمطربون
والراقصون… الخ، مهرجان وشم ذاكرة المدينة ورفع مكانة الفنان الأمازيغي محليا وطنيا
ودوليا، وكان من دواعي فرح أهل مدينة أكادير أنهم سمعوا بتأسيس جمعية لهذا المهرجان
كدليل على استمراره، نقطة حسنة إذن!.
تأكد أن للمهرجان جمعيته هذه السنة حيث تم استدعاء الصحافة للقاء منظمي المهرجان،
عموما هذا اللقاء عرف الحاضرين ببعض الانفلاتات التي تعتري مهرجان هذه السنة بدء
بالملصق الذي لا يحمل حرفا واحدا من الكتابة الأمازيغية تيفيناغ، وهذا ما لاحظه
الصحفيون الحاضرون ليعقب المنظمون على أنه خطأ سيتم تداركه. هذا صحيح، لكن كيف يمكن
لخطأ كهذا أن يوجد أصلا؟! عموما هذا شيء بسيط، لكن أن نسمع بأننا لا نريد مهرجانا
إثنيا بأكادير، فهذا ما لا نريده، لأننا سنعود مرة أخرى إلى نقطة الانطلاق، فإذا
كان لا بد من حضور البعد العربي في المهرجان فليكن حضورا مغربيا. فلتؤدّ المنطقة
ألوانها الغنائية بالدارجة المغربية، كفانا استلابا وتمجيدا للآخر وتحقيرا لأبناء
المنطقة، فليكن مهرجان تيميتار مهرجانا لجهة سوس، لثقافة سوس الأمازيغية الأصيلة
ولا داعي لاختلاق الأعذار. فلن ينجح مهرجان بأكادير إلا إذا كان أمازيغيا صرفا.
ولابد من الاهتمام بالفنان المحلي وصون كرامته، فهو الأولى بالملايين التي تصرف لكي
يطور أداءه وينتج أكثـر وأحسن، فرقنا المحلية تطرب أكثـر وجماهيرها أكبر، اسألوا
جماهيرنا عن ازنزارن، إينرزاف حميد، عموري مبارك وغيرهم كثير؟!.
|