الدورة الثامنة للجامعة
الصيفية
ندوة علمية دولية حول موضوع: علي صدقي
أزايكو، المؤرخ والشاعر والمثقف الملتزم
تعلن جمعية الجامعة الصيفية عن فتح باب المشاركة في أعمال هذه
الندوة التي ستعقد بأكَادير أيام 29، 30، 31 يوليوز 2005.
وعلى الباحثين الذين يودون المشاركة في أحد المحاور الثلاثة (أنظر
الورقة التقديمية أسفله) أن يبعثوا قبل 20 يونيو 2005 بعنوان المساهمة وملخص لها
إلى العنوان الإلكتروني abouchtart@yahoo.fr أو باسم الكاتب العام للجمعية إلى
العنوان البريدي: عبد الوهاب بوشطرت، ص.ب.47 تاغازوت 70120 أكَادير.
وسيتم إخبار المشاركين من طرف اللجنة المنظمة بعد ذلك عن إجراءات الاستقبال و
الإيواء (للإشارة فإن الإيواء و مصاريف التغذية تتحملها الجمعية).
ويجب أن يرسل نص المداخلة مكتوبا على حاسوب pc تحت Word قبل 20 يوليوز 2005 إلى
العنوان الإلكتروني abouchtart@yahoo.fr
وكما اعتادت الجمعية ذلك، ستكون أعمال الدورة موضوع نشر.
وفي انتظار مساهماتكم، تقبلوا تحياتنا الخالصة.
عن مكتب الجمعية، الكاتب العام: عبد الوهاب بوشطرت
*****
ورقة تقديمية لموضوع الندوة
يعتبر الأستاذ علي صدقي أزايكو، أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية
بالرباط حتى السنتين الأخيرتين قبل وفاته (أكتوبر 2005)، من بين المثقفين المغاربة
الأفذاذ، ذوي العطاء المعرفي الغزير والقيمة الإبداعية المتميزة، والإرادة النضالية
الصلبة والصادقة...
1 ـ إنه المناضل الذي عانى خلال سنوات الرصاص ككل المغاربة الشرفاء، بعد أن اعتقل
وحوكم وسجن وقضي سنة نافذة وراء القضبان، بسبب مقالته الشهيرة ( في سبيل مفهوم
حقيقي لثقافتنا الوطنية) التي نشرها بالعدد الأول من مجلة أمازيغ سنة 1982 والتي
كان محورها الذوذ عن الحقوق اللغوية والثقافية لقسم كبير من المغاربة؛ ليكون بذلك
أول معتقل سياسي من أجل الهوية الأمازيغية.
لقد قاسى المناضل أزايكو بعد السجن ردحا طويلا من عمره يكابد ويلات انتقام السلطة،
ويعاني مختلف أشكال العسف والاضطهاد التي حكى بنفسه كثيرا من تفاصيلها المريرة في
إحدى حواراته مع مجلة ثقافية مغربية في بدء التسعينيات..
كان ذنب أزايكو في نظر السلطة أنه كان حالما وهو يبحث عن العدالة والمساواة والحرية
في زمن القمع وتكميم الأفواه..وأنه كان جريئا وهو يفكر بصوت مرتفع في قضية من
القضايا الوطنية الكبرى المهمشة والمسكوت عنها! وأنه كان قويا ومقنعا وهو ينتقد
سياسة التعريب الممنهج التي لا تستهدف الفرنسية بل الأمازيغية مدافعا عن حق
الاختلاف الهوياتي وسط هدير القومية العربية الشوفينية السائدة آنذاك في بدء
الثمانينيات..
كان ذنبه ـ في كلمة ـ أنه أبان التناقضات الثقافية الحقيقية وفضح العنف الرمزي وكشف
ديماغوجيا كثير من السياسيين وكتب في غير تردد أن العربية ليست اللغة الوطنية
الوحيدة مطالبا برفع الحيف ومنع الميز الذي لا تقره الشرائع ولا القوانين ولا
الأعراف في أي من ثقافات العالم.
2 ـ وإنه الشاعر المبدع المتميز، القوي الأثر في الفكر والوجدان، الواضح البصمات
على المبدعين الشباب في الربع الأخير من القرن الماضي..
هو عميد الشعر الأمازيغي الحديث بلا منازع، ورائد الكتابة الإبداعية الجديدة
والملتزمة؛ فمنذ الثمانينات اقتحم الشاعر أزايكو؛ ابن فضاء البادية الذي تؤطره لغة
أمازيغية تقليدية جزلة ومتينة ومهمشة وغير تجريدية غمار الكتابة الشعرية في مجتمع
الحضارة بأدوات العصر وخصائص الحداثة؛ مما يستوجب من المبدع بذل جهود مضاعفة لإنتاج
كتابة شعرية فريدة، تعبر عن الواقع الجديد وتحقق التواصل البعيد في آن؛ كتابة شعرية
تخترق كل الموضوعات من الذاتي واليومي إلى السياسي العام والتاريخي، بأسلوب سلس
وفكر تجريدي ورؤى عميقة وبلاغة منقادة.. الخصائص التي لا توفرها الأمازيغية إلا
بصعوبة لأسباب موضوعية؛ بالنظر لبنيتها التقليدية وصيغتها الشفوية.. الأسباب التي
فاقمها وزاد من استفحالها التهميش الذي طال الانسان الأمازيغي ولغته وثقافته عامة!
لقد كان تحديث الشعر الأمازيغي مهمة صعبة ومغامرة كبيرة، اضطلع بها المبدع أزايكو؛
غير أنها كانت مغامرة محسوبة العواقب، لأنها غدت مهمة مثقف كبير يسعفه تمكنه
واطلاعه الواسع على ثقافات ولغات مختلفة كما يرشده زاده العلمي وحدسه الفكري كمؤرخ
نقدي.
من هنا لم ينشغل أزايكو، كغيره من المناضلين من أجل القضية، بالكتابة الإبداعية
الأمازيغية كتحد نضالي موجه للخصوم، بل كتب الشعر بهذه اللغة الشفوية المهمشة تحديا
للذات أولا؛ بمعنى لواقع الأمازيغية نفسها ذاتيا وموضوعيا. لم يختر التحدي ويركب
الصعاب لأجل أن يثبت للآخر قدرة لغته على الوجود، ومن ثم يقنعه بحقها في البقاء
والتطور والنماء؛ بل لقد أخذ على عاتقه أن يبرهن على مصداقية ما يؤمن به وشرعية ما
يطالب به فنيا وإبداعيا لنفسه أولا ثم من خلال نفسه للآخرين خصوما ومناصرين..
وكذلك كان، لقد وفق الشاعر في مسعاه واستطاع أن يلفت الأنظار إلى الأمازيغية من
خلال شعره الاستثنائي. وما اختيار فنان قدير كعموري مبارك قصائد من دواوينه
لأغنياته ونسج كثير من الشباب على منواله، إلى جانب الاعتبار الرمزي الذي تحظى به
هذه اللغة والثقافة الأمازيغية اليوم حتى من الخصوم إلا من أكبر علامات ذلك النجاح.
وكيف لا ينجح أزايكو كشاعر وقد قام بتثوير معنى الشعر وبتطوير مبنى القصيدة، محاورا
الكلمة الموزونة في إيقاع جديد أخاذ، ومصيغا الصورة الفنية بحس جميل نفاذ، مراكما
تجارب شعرية متنوعة وفريدة منذ البدايات؛ ضمن بعضها ديوانه الأول الثمانيني "تيميتار"،
قبل أن يلحق بها أخرى آثر أن ينشرها بين دفتي ديوانه الثاني التسعيني:"ءيزمولن"،
فاتحا الباب على مصراعيه لتحديث القصيدة الشعرية الأمازيغية..
3 ـ ثم إنه المؤرخ الفذ الذي لا يكتفي باعتماد المصادر القيمة والعودة إلى الأصول
الموثوقة، بل يضيف توظيف العقل النقدي في البحث، الذي يعتبره أساس المعرفة
التاريخية التي لا تتحقق إلا بالمزيد من التنقيب وبالمزيد من الأسئلة وبالمزيد من
الاقتحام الشجاع للإشكالات الكبرى.
لا يقف أزايكو عند الرواية الرسمية للتاريخ؛ بل يصر أن يقارب الحقيقة من خلال الشك
في البديهي والبحث في المهمش واستنطاق المسكوت عنه؛ خاصة وأنه يضع في الاعتبار أن
كثيرا من عناصر مادة البحث في المنطقة؛ من وثائق ومصادر، قد فقدت لأسباب معروفة أو
مجهولة..
كان مؤرخنا الكبير ينطلق من أن التاريخ المكتوب عن شمال أفريقيا هو تاريخ يعكس في
الغالب وجهة نظر القوي الغالب؛ سواء أكانت هذه الوجهة نظر هي الإيديولوجيا العربية
الإسلامية أو ترهات المستعمر الأوربي؛ وسواء أكان ذلك التاريخ الكاذب والمتحيز من
إنجاز مؤرخي السلطة المغاربيين المنتسبين لفرق ومذاهب دينية وسياسية متناحرة
معروفة؛ تؤول الحدث أو تصطنع الخبر لأجل خدمة الأوهام والأساطير الإيديولوجية على
حساب الحقيقية العلمية، أو من صنع الكتاب الأجانب، شرقا وغربا، ممن لهم المصلحة في
تزييف الحقائق على أرض شمال أفريقيا وتزوير وقائعها التاريخي
كان دقيقا وصارما في تعامله مع الماضي من أجل الحاضر والمستقبل، من هنا، فدروسه
ومحاضراته التي ظلت تلقى باستمرار صدى طيبا لدى طلبته، وكذا كتاباه اللذان صدرا
سنوات قليلة قبل وفاته؛ "الإسلام والأمازيغ" و"تاريخ المغرب والتأويلات الممكنة"
بما ينطويان عليه من مقالات دقيقة ونصوص محكمة شاهدة بحق على منهج أزايكو في إعادة
قراءة التاريخ وتفسيره وتأويله التأويلات الممكنة.. هي جميعها نتاج هذا المؤرخ
الاستثنائي الذي حرص أن تكون كتاباته دقيقة العبارة رصينة التأويل عميقة البحث
مؤسسة على الإحالات حتى يجعل التاريخ نفسه ينطق علميا بالحقيقة وليس كما يفعل آخرون
ممن يطلقون عنان القراءة والتحليل لأهواء الذات ورغباتها المتخلفة.
وأخيرا،
إنها قبسات من عطاء المناضل والشاعر والمؤرخ الراحل علي صدقي أزايكو، أجملناها
واخترناها أرضية ومنطلقا ودعوة لجميع الباحثين ممن يودون المساهمة في هذه الندوة
العلمية حول المسيرة النضالية والإبداعية لهذا الرجل العظيم، فقيد الحركة الثقافية
الأمازيغية الذي يستحق كل تكريم.
|