|
الأمازيغية أو اللامفكر فيه عند الصحافيين المغاربة بقلم: محمد بودهان في البرنامج الشهري ”حوار“ الذي أعادت بثه القناة الأولى يوم الإثنين 4 أكتوبر على الساعة الرابعة والنصف مساء، كان ضيف الحلقة هو وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة السيد نبيل بن عبد الله، الذي واجهه، لمدة ساعة وأربعين دقيقة، أربعة صحفيين (مقدم البرنامج مصطفى العلوي، إبراهيم الغربي عن إذاعة البحر الأبيض المتوسط، البشير الزناكي عن ليبيراسيون وتوفيق بوعشرين عن ”الأيام) بأسئلة حول مختلف الموضوعات والقضايا باستثناء الأمازيغية، نعم باستثناء الأمازيغية. تصوروا أن أربعة صحفيين مغاربة يسألون، لأزيد من ساعة ونصف، وزيرا مغربيا للاتصال والإعلام حول كل ما يتعلق بالإذاعة والتلفزة والإعلام دون أن يطرحوا عليه سؤالا واحدا حول وضعية الأمازيغية في الإعلام السمعي البصري. لقد تتبعت الحوار بكامله اقتناعا مني أن الأمازيغية ستكون أحد محاور الحلقة. وتبين لي في النهاية أنها كانت غائبة ومقصاة لدى هؤلاء الصحفيين أكثر مما هي غائبة ومقصاة من طرف الدولة ومؤسساتها. بل إن الوزير نبيل بن عبد الله قال في معرض حديثه عن العاملين بالإذاعة ”إن الكثير ممن يشتغلون بقسم الأمازيغية لم يتم ترسيمهم بعد“. فهو، على الأقل، أشار إلى الأمازيغية ودون أن يسأله عنها محاوروه كما كان منتظرا منهم أن يطرحوا عليه أسئلة كثيرة حولها بحكم أن الموضوع يهم الإعلام السمعي البصري، وبالتالي فقد كان من البديهي أن يُسأل الوزير عن مكانة الأمازيغية بهذا الإعلام، خصوصا أن نفس الوزير سبق أن وقّع اتفاقية شراكة بين وزارته والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تخص الاعتناء بالأمازيغية وتنميتها داخل فضاء الإعلام العمومي السمعي البصري. لكن الصحفيين ظلوا متجاهلين لموضوع الأمازيغية وساكتين عنه. عما ذا يدل هذا التجاهل والسكوت؟ يدل على أن موضوع الأمازيغية لا زال يسكن منطقة اللامفكر فيه عند هؤلاء الصحفيين، أي تنتمي إلى ”الموضوعات“ التي لا يمكن أن تخطر ببال الإنسان أو يتصورها ذهنه أو يفكر فيها عقله أو يتخيلها خياله. وإذا عرفنا أن هؤلاء الصحفيين يمثلون النخبة المتعلمة، ندرك أن الإنتلجنسيا المغربية لم تستطع الخروج من الإطار المرجعي العروبي الضيق الذي لا مكان فيه لغير مشاكل المشرق وقضايا العرب، وتتجاوز أمازيغوفوبيتها المتأصلة، رغم التقدم الكبير الذي عرفته الأمازيغية في السنوات الأخيرة. وهنا نفهم لماذا ربأ أمثال هؤلاء الصحفيين بأنفسهم أن يخبروا قراءهم، في بضعة أسطر، بوفاة الأستاذ علي صدقي أزايكو، في حين يملؤون صفحات جرائدهم بأخبار عن مقتل الإرهابيين الذين يسمونهم بالشهداء والمقاومين. موقف هؤلاء الصحفيين يفسر لنا كذلك، بما فيه الكفاية، لماذا لا تزال الأمازيغية مقصاة كنقاش وأسئلة ولغة وثقافة من الجرائد الوطنية، لأن هذه الأخيرة يسيرها ويكتب بها صحفيون لا يختلفون في تكوينهم وقناعاتهم الإيديولوجية والهوياتية عن هؤلاء الذي حاوروا الوزير دون أن ينبسوا ببنت شفة حول الأمازيغية. ليس من المستبعد إذن أن يعيش هؤلاء تجربة ”أصحاب الكهف“: سيستمرون في سباهم العميق داخل كهفهم العروبي المشرقي بعد أن يصبح المغرب مملكة أمازيغية مستقلة في لغتها وثقافتها وانتمائها وهويتها عن العروبة وجامعتها العربية. إذن ليلة سعيدة وأحلام لذيذة في كهف العروبة المظلم والسحيق!
|
|