|
محاولة تزييف تاريخ المقاومة البشيري محمادي (ألمانيا) قبل فترات أجرت قناة الجزيرة القطرية لقاء مع د.عبد الكريم الخطيب حامي القصر الملكي كما يقول. وقد أثار انتباهي تصريحُه أن المقاومة المسلحة ضد الاحتلال بدأت مع أول رصاصة أطلقها محمد الزرقطوني سنة 1951. ولا أدري هل كبر سن د. الخطيب جعله ينسى الحقائق التاريخية ولا يتذكر إلا القصر وحاشيته مما يسمى الحركة الوطنية إن إهمال ونسيان د.الخطيب لفترة ما قبل الزرقطوني الغرض منه طمس كفاح أبناء البلد الشرعيين وتجريد المغرب من لونه الطبيعي. إن تاريخ شمال إفريقيا والمغرب خصوصا خير شاهد على مقاومة الأمازيغ للمحتل، منذ أن أرست السفن الفينيقية على سواحل المنطقة، مرورا بمقاومة الاحتلال الروماني والعربي، وصولا إلى مقاومة الاستعمار الفرنسي والأسباني في القرن 20. لقد اشتعلت حرب المقاومة ضد الاحتلال الأوروبي مع بداية القرن 20 وقبل إبرام اتفاقية العار سنة 1912 والتي قادها محمد أمزيان ضد الإسبان في منطقة الناظور، كما ظهر بعد ذلك أسد الريف محمد عبد الكريم الخطابي في منطقة الريف وأشعل جيش الثوار نار الكفاح في وجه المحتل الأسباني وكبدوه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في أكثر من معركة إلى أن جاءت ملحمة أنوال سنة 1921 لتقصير مجرى التاريخ في شمال إفريقيا حيث سيؤسس ثوار الريف، وعلى رأسهم محمد عبد الكريم الخطابي، أول دولة جمهورية في تاريخ البلدان المسلمة. ومع بداية الثلاثينات قاد بطل الأطلس موحا أو حمو الزياني المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي. وفي نفس المسار أشعل السوسيون نيران الكفاح ضد الاستعمار، وانتقلت شرارة الكفاح المسلح إلى كل أنحاء المغرب. ولا أدري ماذا يمكن للخطيب أن يقوله عن هذه المقاومة التي قاتلت الفرنسيين والأسبان طيلة فترت احتلالهم للمغرب، ربما هي مجرد أوهام في عقولنا ولم يكن لها وجود حقيقي على أرض الواقع وإن وجودها الفعلي اقترن بزمن آخر ومكان آخر. أعتقد أن الشعب المغربي كله يتذكر وسمع عن الملامح البطولية للمقاومة الحقيقية منذ بداية الاحتلال إلى نيل الاستقلال الناقص للمغرب واغتيال المقاومة من طرف أسياد البلد بعد سنة 1956. إن محاولة طمس الحقائق التاريخية وتزييفها يدخل في إطار الصراع القائم لإلغاء الهوية الأبدية للمغرب، وذلك بممارسة كل أنواع القمع والاضطهاد القومي والتزييف المعرفي. إن إرجاع المقاومة إلى ما يسمى بالحركة الوطنية ـ والخطيب جزء منها ـ هو ظلم للتاريخ. فهم يريدون تعريب كل شيء، حتى التاريخ والمقاومة . طبعا مادام تاريخ المغرب حسب رأيهم يبدأ بالغزو العربي أو ما يسمى بالفتح الإسلامي كأن المغرب كان مجرد صحراء خالية من السكان حتى يبدأ تاريخه بقدوم أمم غريبة عن أرضه، مثلما أن المقاومة المسلحة لم تبدأ إلا بطلقة رصاصة مسدس الزرقطوني. إن ظهور ما يسمى بالحركة الوطنية كان محددا ووظيفيا، مهمتها القضاء على المقاومة الأمازيغية التي استطاعت تأسيس جمهورية وخاضت الكفاح المسلح في الأطلس وسوس. ووظيفتها هو منع تكرار ما حدث. إن الذات الامازيغية التي يريد البعض إلغاءها وتهميشها فهي موجودة وفاعلة رغم الألآخطاء التي ارتكبتها في تاريخها الطويل، فهي اليوم تستعيد عافيتها وتناضل من أجل حقها في الوجود الفعلي والشرعي على أرض يوبا. كما يجب تجنب أخطاء الماضي، أخطاء أجدادنا: فعبر التاريخ كافحوا وضحوا من أجل حريتهم وأرضهم إلا أن ثمار جهدهم كان دائما يستفيد منها الآخر بسبب الإيمانية المطلقة وتقبل أوهام ومغالطات الآخر الدخيل. إن التاريخ القريب يذكرنا بالكفاح الأمازيغي من أجل استقلال البلد، إلا أن المخزن المغربي بعد الاستقلال الغير الكامل لم يعمل إلا على تهميش الأمازيغ وإخراجهم من التنمية وخلخلة التركيبة السكانية لمناطقهم وتسريع عملية التعريب والاستمرار في عملية الاستلاب الفكري القادم من الشرق، زيادة عن القتل الجماعي كما فعل بالحسيمة سنة 1958 ـ 1959.
|
|