|
لقد مللت هذه الاستفزازات بقلم: العشاوي حفيظ (بوميا) لقد مللت هذه الاستفزازات. لماذا يصر الجميع في المدينة على نكران ذاتهم والتكلم بلسان هو ليس لهم؟ لماذا يصر الجميع على ربط كل متكلم بـ"الدارجة" بكونه إنسانا واعيا، متحضرا مع العلم أن العديد هم غير ذلك؟ ولماذا يصر الجميع على أن الأمازيغية ليست لغة المدينة وكل من دخل المدينة وتكلم بها إلا واتهموه بكونه غير واع وغير متحضر رغم كونه ملما بالعديد من العلوم والعديد من اللغات الحية غير "الدارجة" التي لا تنفع ولا تضر؟ أيجب عليه أن يتكلم "الدارجة" كي يكون كذلك؟ هل الوعي والتحضر هو فهم ما يقوله التلفاز وليس فهم ما تقوله الكتب. عجبت لأخي وزوجته اللذين يصران على التحدث مع ابنهما بلغة التلفاز. والمضحك في الأمر هو أن أخي لا يتقنها جيدا ويصر إلا أن يتعدى الحقيقة ويتواصل معه بها. حتى أمي التي لا تعرف النطق بحرف من "الدارجة" أبت أمام إصرار الجميع، إلا أن تتحدى/تبين عنادها وتتكلم مع الطفل بها رغم الأخطاء الكثيرة التي تجعلها عرضة لسخرية العائلة. لكنني، من موقعي، لم أتنازل عن حقي النضالي مع الطفل. فأنا الفرد الوحيد في الأسرة الذي يعلمه ويحدثه الأمازيغية معتمدا في ذلك على العديد من الأشياء، من قبيل التركيز على ميولات الطفل، الإغراءات، والتهديد بالضرب في بعض الأحيان حين ينسى ويتحدث معي "بالدارجة". مع مرور الوقت، لاحظت كل العائلة أن الطفل يتعلم الأمازيغية بسرعة، بل أصبح ينطق كلمات وجملا لم أعلمها له، لكن أمه لم تقف مكتوفة الأيدي وأخذت تلجأ إلى العديد من الوسائل لكي تعوق مسيرتي المشروعة، فبدأت تشوه صورة الأمازيغية في نظر الطفل، فتقول له مثلا وهو يتكلم الأمازيغية معي "خايبة الشلحة"، ”الدراري غادي بقا يكولولك الشلح". فكرت قليلا في هذه النقطة فوجدت أن الآخر ـ "الدراري" ـ هو الذي يفرض علينا لغة غير لغتنا، ولكن من هو هذا الآخر؟ أليس هم أمازيغ؟ إلى متى سنبقى على غفلة من أمرنا؟ ولكن الخطأ ليس خطأ الآخر فقط وإنما هو خطأنا كلنا الأمازيغ لأننا لا ننتج وإنما فقط نستهلك، لأننا تركنا أطفالنا عرضة للموجات التي أصبحت تدور في كل مكان في المدرسة، في الشارع وحتى في البيت. لا أستغرب بعدها ما تقوله أمي كلما تكلمت مع الطفل بتامازيغت "تسخصرد لعيل – أدْجْ لعيل أو يسين تاعرابت، ماكرا تا شليحيت". نعم هذا رد فعل في محله لأننا لم نفرض الأمازيغية بالشكل الذي فرضت علينا الأخرى. وأخيرا أقول إنني جد متأكد أن الأمازيغية سيتعلمها بكل سهولة كل الأطفال "حتى الذين لا يتكلمون بها" كما تعلمها الطفل "حمزة" لأنها تسري في دمائهم كما تسري في دمائه.
|
|