|
تحية للمرأة الأمازيغية في عيدها الأممي بقلم: عسو بحاج في ذكرى العيد الأمي للمرأة، الذي يحل كل عام في الثامن من مارس، أوجه تحية احترام وتقدير لهذا الكائن الإنساني الكامل الكينونة، بيولوجيا وقانونيا وإنسانيا... فالمرأة نصف المجتمع، تقوم بمجهودات كبيرة داخل مجتمعها، وهنا لا أقصد فقط –كما تواترت على ذلك أقلام الصحفيات والصحفيين- الحركة النسائية المغربية التي عرفت انطلاقتها وتحولاتها مع ”أخوات الصفا“ المقربة من حزب الشورى والاستقلال إلى اليوم، أي تحولات نخبة نسائية مدينية التصقت همومها وانشغالاتها بهموم الأحزاب التي ترتبط عضويا بها أو بتوجهات المخزن. هذا المخاض الذي سيفرز منذ عقد الثنمانينات فئة من الجمعيات النسائية الجادة التي ارتبطت مطالبها بالنضال الحقوقي أو الجمعوي، أي اللائي يناضلن في صفوف المجتمع المدني من أجل الديموقراطية والاعتراف بمكانة المرأة داخل المجتمع. كما تجب الإشادة هنا بنضالات النساء في صفوف MCA لرفع الحيف والتهميش عن المرأة الأمازيغية في كل المجالات وأينما كانت أو وجدت، وهذا كله يصب في درب بناء مجتمع حداثي ديموقراطي يحترم التعددية الثقافية والسياسية. لقد كانت وضعية المرأة داخل بنية المجتمع التقليدي، مثالا للذل والتحقير، تدعو إلى الشفقة، كانت اسما لا محل له من الإعراب، تعاني من الدونية، فهي شيطان ومصدر للغواية... تمارس كل أنواع الحيف والحكرة –والتي لازالت تمارس عليها- باسم العادات والتقاليد والدين! ورغم ذلك فلابد أن نشير أنه في Izerfan n tamazight، تحظى المرأة بمكانة متميزة، فهي تسمى tamghart مؤنث لها Amghar أي الحاكمة، فلقد كانت تستشار، وكانت تسير وتدبر أمور البيت، وكانت لها الحظوة المتميزة داخل المجتمع. ثامن مارس مناسبة لتحية المرأة التي تسكن المداشر في الجبال وفي القرى النائية... المرأة التي تستيقظ منذ بزوغ أول خيط للنور وهي تحمل رضيعها على ظهرها، لتهيئ الإفطار لأبنائها، ولتجلب الماء الصالح للشرب للبيت... المرأة التي ترعى قطيعها بإخلاص، والتي تحلب البقرة وتنظف الكوخ، وتساعد زوجها في أشغاله. تحية للمرأة التي قاومت عنف الزلزال بمنطقة الحسيمة، tamghart التي تقوم بتسيير بيتها، التي تكابد الفقر والحاجة، وتقاسي من صعوبة ظروف العيش ومن قساوة الزمان. هذه المرأة رغم أنها لا تحسن القراءة والكتابة، إلا أنها مثقفة من الطراز الأول، مثقفة بلغتها الأم، خبيرة بأمور الحياة وأسرارها، تحمل على وجهها وجسدها وشما يفوح منه عبق تاريخ مجيد. فقد ساهمت هذه المرأة المتواضعة في رسم معالم تاريخ هذا الوطن، ببطولات ومقاومات باسلة، عملها لا يعكس ضوء عدسات الكاميرات، ولا تسوده أقلام الصحفيين، تعمل في خفاء وراء الظل. فلما لا تهتم بها وسائل الإعلام لتنفض عنها غبار النسيان؟ نساء يبنين في القاعدة، لكن لاحظ لهن ليبرزن في الواجهة. لقد هللت النساء وكبرن، ومعهن كل الغيورين على ضوء كرامة المرأة –على عكس مناهضي المساواة الذين يقبعون وراء أقنعة ماضوية متكلسة- بالتعديل الجديد لمدونة الأسرة، التعديل أعطى دفعة جديدة للمرأة في درب صيانة كرامتها وحفظ حقوقها. فلم تعد المرأة –بلغة الرياضيات- كسرا أقل من واحد، لقد غدت ولو على المستوى النظري رقما طبيعيا يساوي واحدا. إلا أن ما يعيق هذه المعادلة، أن الممارسات الاجتماعية لا يحسم في تغييرها القانون بمفرده، وإنما يحتاج في ذلك إلى كل المجالات من تربية، وإعلام، وقضاء... وهذا ما يستدعي بناء تربية هادفة تقيم ثورة هادئة على كل ما يكبل المجتمع المغربي من أغلال وقيود تتنافى مع كرامة الإنسان. فقد حان الوقت من جهة أخرى لفك العزلة عن هؤلاء النساء –الميتات في جلدهن- المنسيات من المخططات التنموية، والتفكير بجدية في إنتاج ثقافة تدبيرية للشأن النسائي في العالم القروي، وذلك عبر برامج مستعجلة تستهدف حفظ صحتهن وتعليمهن بلغتهن الأم، وأيضا عبر خلق أوراش تنموية لتحسين مستواهن الاقتصادي والاجتماعي. وإجمالا رفع كل أشكال ”الحكرة“ والتهميش على المرأة القروية.
|
|