|
الشاعر ”ليسيور"يغني تعاسة الحياة Par: lahcen ouniam يرصد الشاعر في هذه القصيدة مجموع التحولات التي عرفها المجتمع الأمازيغي في العقود الأخيرة. إنها مقاطع شعرية تشبه، إلى حد ما، تلك الوثائق التاريخية التي عادة ما يستند إليها الباحث التاريخي في إعداد دراسته. وهي وثيقة يمكن أن تحظى بالكثير من المصداقية لأنها "كتبت" من قبل أحد المعنيين بهذه التحولات، أحد الذين عاشوها وربما هو من الذين"اكتووا بنارها". وكأن الشاعر يؤدي وظيفة المؤرخ والموثق. فهو يعاين ويرصد ويتأمل ثم يخرج بخلاصات على شكل انطباعات وتأملات، هي في العمق تحليل وتدقيق. في القصيدة يصف الشاعر الأوضاع بدقة الباحث المتتبع. وعبرها يقترح و ينتقد.وهو يؤدي مهمته بدون تردد أو مجاملة أو تملق أو خوف. في هذه القصيدة يرصد الشاعر التحولات، وأهم مظاهرها تلك التعاسة التي تطبع الجباه، وخصوصا جباه الشباب، رغم رغد العيش مقارنة مع ما كانت عليه الأوضاع في السابق. لقد زالت الفرحة من الوجوه وسيطر الحزن وعم السواد. ومن المعروف أن الشاعر يوصف في المجتمع الأمازيغي بالحكيم. فهو المرجع في المحاجة، وشعره يعتبر بمثابة الزاد في كل النقاشات الفكرية. وعادة ما يبدأ الاستدلال الشعري بمقولة: Ad irhem Rebbi amdeyaz inna وهو ما يفيد بأن الشاعر له وزنه الثقيل في المجتمع. والشاعر نفسه يعي هذه المكانة ولذلك نجده دوما يشير، عبر أبيات شعرية، إلى أنه قبل أن يقول الشعر فهو يحرص الحرص الكبير، على إنضاج أفكاره وتثبيت ما يود إنتاجه. لقد شبه الشاعر الأمازيغي وظيفته بالبنّاء ووصف نفسه بعامل البناء الذي يحرص على التصميم والتهيئة قبل أن يبدأ في التشييد. وحتى عندما يقوم بعمله، فهو يراعي دوما حسن البناء وتناغمه وجودة المادة وغيرها من الاعتبارات المهنية التي تتضافر لتعطي في نهاية المطاف بيتا جميلا يأوي الأسرة ويسر الناظرين. ومن المؤكد أن الشاعر"ليسيور" قد راكم التجربة التي تمكنه من النطق بالحكم وإصدار تأملاته حول مجتمع لا يغادره إلا لماما. بقي أن نشير إلى أن القصيدة جمعها الزميل موحى موخليص، وله منا كل الشكر والتقدير. تقديم وترجمة لحسن والنيعام تعاسة كلها الحياة باسمك بدأت اجعل الدنيا رحبة من حولي الهي، أغثني يا من بقوته يمشي البعير كم الدنيا نتنة سيدي يا محمد كلما تأملت ألفيت أننا في اليسر نعيش وكلما جددت التأمل ألفيت أننا في الغلاء نعيش زالت الابتسامة من على الوجوه وعم الحزن كل الديار تعس البعض رغم العيش الرغيد والقلوب، قلوبنا، غدت تعبة كالماشية وقت الحرارة فماذا حدث؟ من كثرة ما ألم بنا انتعش الاكتئاب أعياني ثقل التفكير كلما أنصت للغريب ألفي معاناتي في الحدة أقل لقد أتعست الناس أيتها الدنيا أرى الشاب بوجهه الجميل لكن القلب حزين كالسواد قال أحدهم: الدنيا أنهكتني والغلاء يعم الفقراء يحبهون الإنجاب والمدارس مكتظة بالأبناء أما الغني فلم يعد يجد من يخدم البيت الماشية فقدت راعيها والأولاد لا يمنحون إلا لمن أنهكته الدنيا وأنا سأعود لأذكر بما قاله الرب: الله يرزق كل العباد إلى أن يرحلوا المولود يأتي والرزق معه ثم انظر إلى دورانك أيتها الدنيا كم من غني فقد كل ما جمع ذهب كل شيء وكأن النهر ابتلعه كان مختالا فخورا متعجرفا والله لا يحب المختالين المتعجرفين انتزع منه الثراء ومنحه لمن يستحقه التواضع قيمة والمياه أعطت لنا الدرس فيما مضى ثم انظر إلى دورانك أيتها الدنيا في السابق كان الخبيث مبعدا من الجميع كان ملعونا من قبل الجميع لا يصاحبه سوى أصحاب القلوب الخسيسة الآن انقلبت الآية وعلت كلمة الخبثاء وانتصر الشر هم من أعطى رائحة النتانة للدنيا هشم الحق وسقط على الأرض كالشجر وهل يستطيع ما هشم أن يداوى؟ هل يستطيع ما اقتلع من الجذور أن يعافى ثم انظر إلى دورانك أيتها الدنيا ما منبع كل هذا الشقاء؟ وحياة العصر أحسن من السابق رغم الغلاء كلكم أغنياء ولا شيء ينقص الدنيا المحاكم تستقبل اللصوص للحاكم تقول: أمسكوه، سيدي، فإنه قد سرقني أمسكوه كي لا يعيد الكرة وإذا أطلقتم سراحه فعائلات أخرى ستتضرر ثم يسألك عن الشهود هل حضروا فبدون الشهود لا يمكن أن أحسم وهل سيعلن السارق أنه سيرتكب الجرم حتى يقدم الناس للشهادة؟ آه، من سرق لن يسترجع ما فقد لقد زال الحق من الوجود ثم انظر إلى دورانك أيتها الدنيا بسرعة البرق بسرعة البرق والملفات لا تتراكم أما عندنا فلا غير التراكم وفي كل يوم استدعاء أحكموا بما شئتم فقط دعوني وليكن هو الإعدام، فقط أريحوني أم أنكم تنقبون عن "الهدايا"؟ عن صدهم أنا عاجز هؤلاء العميان منعدمو الضمير لا يقنعون الملك من أطيب خلق الله لكن أهل الثقة ليسوا أهل ثقة الذين يرعون الغنم هم من المسؤولين عن ضياعه أما المالك فهو لن يرضى عن الضياع بدأت باسمك الهي اجعل الدنيا رحبة من حولي.
|
|