|
نـظـريـة الـتـعـدد الإثـنـي لـشـل الـتـاريـخ الأمـازيـغـي بقلم: حــمــو بـوشــخـار «Savez-vous par qui l’on est lu? Par la canaille qui nous déchire», Diderot: Textes politique T6 ed.50. 1971.P208 الرؤية تفضح. و عـملية كتابة التاريخ تفرض وجـود رؤية تقود المؤرخ، فقط لأن التاريخ دوار. ولتفادي الخيبة في إيجاد هــذه الرؤية ومنحها القدرة على العيش والاستمرارية هو ما يطرح المشكل. على الرؤية أن تعرف كيف لا تتحرج من إظهار مؤخرتها عارية (رولان بارت). إن كل الإغراء يقوم في عملية وضع الزي عليها، مع الحرص على عدم الوقوع في استبدادها. قد يبدو على مظهر هذه الكلمات بعض الفحش. فقط أنها مهما تجرأت لن تستطيع أن تقول ما قام به التاريخ. التاريخ إذن هو أكبر كورس لتعاطي الفواحش. مع الانفراج الذي سيعرفه العالم عند نهاية ق XX، سيبرز صوت الأمازيغية، عاريا و فاضحا، لأن لا موقع فيه يسمح بجعله ذيليا. ولا حتى ربطه بالخارج أو المنظمات المخابراتية! و أمام هذه الوضعية، وجدت بعض الفعاليات نفسها محرجة، إذ كيف هي التي كانت تعد بتحرير المواطن، لم تلتفت إلى الأغلبية التي لم تطلب أو تستنجد بمن يقودها و يأخذ بيدها، إن لم يكن العمل على إخراسها. وهو ما كان يتم في غيابها و بتغييبها. وهي يمكن اليوم تصنيفها في الفئة التي تريد الإقرار بحق الاختلاف الذي لن يصل أبدا. أي إن القول به هو للمناورة فقط. و قل هو مجرد رد فعل لإخفاء الأهول. بعدما كان في السابق يقال: المغرب العربي، ولم تمنع الوزارة الوصية اسم: المغرب الفاسي (فريق رياضي)، سيكتشف بالعيان أنه ليس عربيا و لا فاسيا حتى. و لدرء هذا المكر و الخداع، انتهى الأمر إلى ابتكار نظرية جديدة، لم تجد من يسمها: بالاستعمارية، كما دأب الاتهام على ذلك. هذه النظرية ستظهر للبحث هذه المرة في أصول المغاربة: لكي تقول بتعددية الأعراق. سنبحث في هذه النظرية من خلال كتاب(1)يحمل عنوان: ”في المسألة الأمازيغية. أصول المغاربة“ (أما زيغ، عرب، زنوج و آخرون...). في جميع الحالات، سواء لما كان المغرب عربيا أو لما صار اليوم خردة إثنية، كان المقصود هو التقليل من ثقل الوجود الأمازيغي. هنا يظهر أن الاختلاف الذي يدفع به فارغ. و يقصد به تعويم الأساس الإثني للمغرب. حتى أني لن أنسى صرخة فرح، عبر عنها بصدد الإحصاء السكاني السابق، انه لأول مرة سيتجاوز سكان المدن أهل البادية. لأنه ثمة في مكان من اللاشعور أن البادية أمازيغية مع الجبل، فيما المدينة تمركز عربي. فبات الانتقال السحري قادر على الدفع للانسلاخ عن الموروث الذي يحركه كل يوم. الإقرار بوجود تنويعات إثنية في المغرب لا تزيد عن زخارف. و نحن لن نذهب إلى نكرانها، و لا في التفكير لإلغائها. دون أن يقود ذلك إلى التفكير في تساوي النسب. فالأقل نسمة هي صاحبة الامتيازات، تماما كما في تاريخ الصراع الطبقي. الالتباس الحاصل في مقابلة الأمازيغ بالعرب في كل شمال إفريقيا، لا يعود إلى أية نسبة في الحساب الخاص بالنسمة. و مهما حصل سيبقى الرأي الخلدوني مرجحا بالانتماء للأرض. و كما سبق لن يؤثر الانتقال في افتقاد وضياع الثقافة الأمازيغية. لأنه سيظل يحملها حيثما رحل. و هنا »لا يتعلق الأمر بتغيير الثقافة و إنما بالوضع« (2)، أي بالمكانة التي يتم إنشاؤها عن طريق حيل "الترهيب" والانتماء الميتافزيقي الذي يجد لهم أبوة مزعومة، تحررهم من اليتم. و تفتح لهم بابا، مشفوعة عند الرب. لقد اقفل الإيمان ليس باب الاجتهاد، و إنما باب السماوات، وشرع في تقليم الأجنحة حتى لا تأخذ في التحليق خارج السماوات المحفوظة الحقوق. إن أبواب التهريب contrebande لأكثر تسامحا من المشرعة عن طريق فرض الجبايات و الصلوات. لا مكان للاعتقاد في الفكر.(3) و الأمازيغية لا تزال تراوح فضاء الاعتقاد. لم تخمن بعد في تعليقه بالمعنى الفينمنلوجي. إن لم يكن هجرانه للخلوات. إنه الأمر الحقيقي الذي سيفضح الالتباس المتعمد في تزوير الأرقام التي صارت بلهاء. سأنقل حكاية تبين كـيفية صناعة و حـيازة الامتياز. ومن تم تحصيل و تحسيـن الوضع.Statut الذي يسمح بالـقفز على الواقعة السوسيولوجية. و تحقيق حلم ( إن فئة قليلة العدد غلبت شعبا كثير العدد) فكرة هزيلة في ذاتها. لـكنها صحيحة في الواقـع الملموس. هكذا تم تطويع الحزب (قـرآن) لتأطير الحزب ( التنظيم السياسي) (آيت احمد)، و بالتالي لتكميم الأفواه. والحكاية و ما فيها أنه: خرج السلطان اسما عيل للصيد... رأى أعرابيا يقطع صدره بشفرة.. عندما سأله رد: » أنتسب إلى قبيلة ودى... دخلنا السوس (ليس المنطقة فقط وإنما الحشرة التي تنخر الأضراس) كذلك بنجع كبير. فافترقنا« . فرد السلطان اسما عيل: » أنتم أخوالي و سمعتم بخبري، و لم تأتوني و الآن أنت صاحبي ... أقدم علي بمراكش... ثم ... قدم أبو شفرة على السلطان فكساه وحمله، وبعث معه خيلا يجمع بها إخوانه من قبائل الحوز« (4) . عن طريق هذه الصحبة يتم رد الاعتبار لمن هو أقل عددا. فيحوز الوضع الذي يمكنه من التسلط. و هي إستراتيجية تم إتباعها على طول تاريخ المغرب العقدي. و تتجلى كما ينتهي إلى ذلك د. العربي اكنينح كخلاصة لبحثه مع تحفظ هو أنه لا يتعلق الأمر بقبائل وإنما بأشخاص ممن كانوا دوما سباقين » إلى مبايعة سلاطين الأسرة العلوية «(5). لكن ما أن يشتد عودهم حتى ينقلبوا عليهم كما حدث على عهد ابنه ع. الرحمان. و يسقط الدرس المكيافيلي في إهمال إن: من يستنجد بمدافع المرتزقة، لن يتأخر في أن يجدها توجه إلى صدره ( الأمير لنقولاي مكيافيلي). هكذا يتم ابتكار تعدد الإثنيات. ليسهل تحريف الحيف الذي يطال ساكنة شمال إفريقيا التي لا تزال على مخيالها ولسانها الأمازيغي، وبلبلة استقرارها الشعوري. لكن إلى متى يستطيع الذي يبلبل ويثير القلاقل أن يعثر على من تنطلي عليهم الحيلة؟ حتى أنه يلزم الكثير من الوقت ليتضح الالتباس الذي يدفع إليه الوجود الأمازيغي، كي يمـد، الأبـوة، المقنعة والمتبناة، السلطة لحكـمه. و إذا ما طغى الإحسـاس باليتـم فليتـم اختيـار » يتامى الحضارات المنتمية للماضي العريق.[ أن ] نكون جميعا وبالضرورة حديثين«(6)، بدلا من التعثر في عتبات المفارق. ثمة وفاء في مراكمة الأدبيات التي تدعم نظرية تعديد الإثنيات، و من تم المثابرة في إخفاء واقعتها الحية. إن تقاطع عنوان الكتاب الذي استشهدنا منه، مع كتاب صدر في ثمانينات ق XX يتعلق الأمر ب: المسألة الأمازيغية ( علال الأزهر)، يبدو أكثر من صدفة. ولا يمكن أن يحدث التوازي عبثيا. و لو اختلفت المباحث والاستشهادات وحتى المنطلقات، الخلاصات الصريحة و الضمنية ستظل تحتاج لإضاءات تبين الأساس الذي تستند إليه. مكاشفة الذات تنتهي في أحيان إلى لحظة يأس. كذلك كتابة تاريخ تمازيغت. لقد أتت مناسبة كتابته من قبل الآخر إلى نهايتها. دون أن تستنفذ مبحثها كليا لأن الكثير منه يحتاج لنفض الغبار عنه ووضع برنامج لإعادة نشره وتعميمه. كما ستنفتح المناسبة على أفواج من الباحثين المحليين تعنى بكتابة تاريخ منقح. فقط إن التاريخ كحكاية بالرغم من ادعاء الموضوعية والعلمية في إخراجه، تبقى الحاجة فيه للحذر كبيرة في تلقي انقلاباته péripéties لأن هناك أصواتا، بل» وقبائل أمازيغية تجتهد في أن تغترب، و في إيجاد أصل بعيد لأجل التفاخر و التباهي «.(7) كما حصل مع maxyes التي ادعت إنها إغريقية. وقس على ذلك، اليوم، من يبحثون لرفع نسبهم إلى شجرة خليفية. ويتواصل النزيف بما يقوم به» أنبياء النفي«.(8) الذين يفرخهم التلوث.(9) هوامش: 1- د العربي اكنينح ط1، 2003 2- G Albergoni & F. Pouillon « Le fait Berbère … l’rxtreme-sud Tunisien » in le mal de voir 10/18. 1976. 3- Heidegger : chemins .. P448. 4- أنظر 1 م س . ص 825- نفسه ص 89 6- A. Cheddadi : Éducation et culture au Maroc, Femme 2003 P.39 7- H. Banhakeia: Imazighen de Herodote (3/3), Tawiza n° 83 ( Mars 2004), remarque n°4. 8- Arsène Lupin. Vifs 1996, Préface de J rumain. P22 9- … Peuple.. ce sont tes chromosomes infectes qui tuent. P312 Khair-ddin . cité par: Toso Rodonis, Texte et Prétexte, colloque NOV 1996.
|
|