|
في معنى كلمة "أمازيغ" بقلم: دمامي الحسين (ورزازات) انطلاقا من نزعة أنوية أنثروبولوجية تعتبر كل الأمم نفسها الوحيدة التي تنتمي إلى صنف البشر، فيما بقية الشعوب تصنف ضمن خانة "الغير" المقصي من الوجود الثقافي، والذي يظل منتميا إلى عالم الطبيعة مثل بقية الكائنات الحية وخصوصا الحيوانات. وحتى عندما يتم الاعتراف بهذا الغير الغريب يكون موقعه من درجة ثانية، مطاردا دائما في هويته بتصنيف الآخر له، إن لم يتم إلحاقه بالهوية المسيطرة إيديولوجيا لأهداف براغماتية عندما تنمحي يتم تذكيره بوضعه ضمن التراتب الرمزي، خوصا عندما يتعلق الأمر بمجتمعات تقليدية محكومة بمنطق الجاه والشرف أكثر ما هي محكومة بمنطق النقد والرأسمال المادي. ولم يسلم الأمازيغ من هذا التصور، سواء كانوا في وضعية قوة وضعف، حيث يظهر الاعتداد والافتخار بالهوية، أو الاحتقار والتدمير الذاتي في ظل وضعية الاغتراب وصراع النماذج، خصوصا عندما يتعلق الأمر بذهنيات تقليدية ذات أصول زراعية رعوية. وإذا كان الإخباريون العرب يجعلون الأمازيغ منحدرين من جد اسمه أمازيغ، أو باختصار اسم علم يرد في بعض شجرات الأنساب وفق الإيديولوجيا القرابية الدموية، فإن البحث اللغوي في كلمة أمازيغ تفتح إمكانية التعرف على دلالة الكلمة. ففي الأمازيغية كلغة نجد فعل "ءيزغ" الذي ينطق كذلك –بمنطقة دادس بإقليم ورزازات- "ءيزخ"، حيث يعوض حرف الخاء حرف الغين، ومعنى هذا الفعل هو: بنى أو شيد. مما يجعل لفظة أمازيغ تعني البناء أو المشيّد. ومما يزكي هذا التصور –أي ربط فعل "ءيزغ" المتضمن في لفظة أمازيغ بفعل البناء والتشييد- المثل التالي لوادي دادس، والقائل: Merda izzagh oebbu ghes izzegh tinnesأي: "لو كان عبو يبني لبنى منزله"، علما أن "عبو" تستعمل هنا بمعنى الأحمق. مثلما تعني اللفظة البصل الذي لم يعد صالحا للأكل وأصبحت أوراقه غليظة. وفيما يخص ارتباط جذر الكلمة أمازيغ بالبناء، نجد لفظة "ءيزغي"(1) التي تعني المطبخ، مثلما تعني الغرفة. كما تعني صيغة الجمع "ءيزغان" غرفا لم تحط بسور عكس ما هو عليه الوضع في حالة المنزل (تيكمي-تادارت). وتعني صيغة الجمع "ءيزغان" كذلك بيوتا يبنيها الرحل لمبيتهم وماشيتهم، ولا تكون هاته البيوت مريحة بما فيه الكفاية، ويمكن إضافة معطى أركيولوجي هو وجود أماكن في عدة مناطق بإقليم وارزازات تسمى بـ"تازاخت"(2)، وهي عبارة عن مغارات تكون في أماكن مرتفعة ومنيعة، أبوابها أو نقط الدخول إليها تكون عبارة عن ثقوب تلزم الداخل إليها بالانحناء. وهاته المغارات منحوتة في الصخور، وجراء الجهل ببناتها تعزى إلى البرتغاليين. وهذا النمط المعماري من حيث جذر الكلمة يعنى البناء الذي يحيل إلى الاستقرار ولو المؤقت. مما سلف يمكن القول إن ”الأمازيغي“ تعني البناء، وتعكس اللفظة نمطا في العيش مرتبطا بالاستقرار أو بناء المغارات ذات وظائف دينية(3) عند ساكنة يظهر أنها اندثرت أو انتقلت من مجالها الأصلي(4). وقبل الختم لابد من الإشارة إلى معنى –يظهر أنه مجازي- لكلمة أمازيغ- ففي أحد المقاطع الشعرية من شعر "لحضرت" الذي يقال غالبا في ليلة السابع والعشرين من رمضان من طرف النساء ترد لفظة "أمازيغينو" بمعنى "إلهي" أو "ربي". هوامش وإضافات: 1- للفظة علاقة بالحرارة. والمطبخ يستغل شتاء للتدفئة، ولفظة izegh تعني الأيام الشديدة الحرارة في الصيف (La canicule)، وهاته الفترة في اليومية الفلاحية هي لحظة انقلاب السنة حيث يتراجع الصيف ويتقدم الخريف. 2- توجد –مثلا- بالمناطق الآتية: أمرزكان، قرب واد أناتيم بمدينة ورزازات قرب المطار. بمنطقة غسات حيث يقال إن بها نقوشا قد تكون حروف تيفيناغ، بأيت إيجيا السدراتيين، بقرية أيت عربي بقبيلة آيت سدرات الجبل، وكذا بتلوات. 3- في برنامج وثائقي بثته القناة الثانية حول مومياء جزر الخالدات تم تقديم هذا التفسير. 4- هناك مؤشرات على تقنية الحفر في الصخور من نوع "أغوليد"، بقرية أيت إسحاق بقبيلة سدرات الجبل من خلال ما يظهر بالحفر في الصخر بدل تمرير الساقية من طريق ملتوية، وبقرية تاملالت بمنطقة "ءيليمزي" هناك ثقب بالجهة الشرقية كانت تمر به ساقية. ويقابله ثقب آخر تمر منه الساقية إلى الآن. وهذا الأخير يعتبر مزارا نسويا.
|
|