| |
الأمم
المتحدة تحاكم الحكومة المغربية بسبب احتقارها للأمازيغ
بقلم: أنغير بوبكر
تعرضت الحكومة المغربية لامتحان صعب وإدانة
أممية بسبب التمييز الذي تمارسه ضد الأمازيغ بالمغرب، إذ ما تزال تتنكر في بياناتها
الوزارية وفي ممارساتها العملية للحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ بالمغرب. ففي
الدورة 36 للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي توصياتها
وانتقاداتها الموجهة للمغرب إثر مناقشة التقرير الحكومي المقدم حول تطور أوضاع حقوق
الإنسان بالمغرب وفق البندين 16 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية الذي يلزم الدول بإعداد تقارير دورية موجهة إلى لجنة العهد الدولي
الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تستعرض من خلاله الدول الأطراف
إنجازاتها وتطور أوضاع حقوق الإنسان ببلدانها.
تقرير اللجنة الأممية المؤرخ في 19 ماي 2006 ألزم الحكومة المغربية بجملة توصيات
تخص حقوق الانسان بالمغرب كالبطالة واستمرار وجود ظاهرة تعدد الزوجات وغياب تجريم
قانوني للعنف الزوجي واستمرار معاناة خادمات البيوت بدون مساءلة قانونية وجنائية،
بالإضافة إلى غياب إحصاءات دقيقة عن السكان بدون مأوى وعن غياب أرقام رسمية حول عدد
الأمازيغ بالمغرب، وكذا استمرار عمل الحكومة المغربية بعدد من الفصول الجنائية
المنافية لحقوق الإنسان، والتي تخرق مباشرة المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخاصة الفصل 288 الذي يعتبر نكسة قانونية في
الترسانة القانونية المغربية لأنه يجرم العمل النقابي من جهة ويعتبر مطية يستغلها
أرباب العمل لطرد العمال والتضييق على الحريات النقابية، لا سيما وأن المغرب ما زال
لم يوقع على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية، والتي تحمي العمل النقابي وتجعل
المس به جرما قانونيا يعرض الدولة للمساءلة. ملاحظات الخبراء الأمميين على التقرير
المغربي كثيرة ومتعددة، ومنها ما يتعلق بقضية الصحراء ومنها ما يتعلق بحقوق المرأة
والحريات النقابية. إلا أن التوصيات هذه المرة أنصفت الأمازيغ بالمغرب إذ لأول مرة
يطالب الخبراء الأمميون بتوصية مهمة وهي ضرورة ترسيم الأمازيغية في الدستور وضرورة
العمل على إدراج الأمازيغية كلغة فاعلة في مجال محاربة الأمية، حيث طالما انتقد
الأمازيغ بالمغرب إقصاء اللغة الأم في محو الأمية، بل هناك من اعتبر منهم محو
الأمية باللغة العربية بالمغرب محوا للهوية. كما أن التقرير ألأممي طالب المغرب بل
ألزمه بالتعامل بجدية مع مطلب تدريس الأمازيغية ولجميع المغاربة، وهي توصية من
شأنها أن تنقل تدريس الأمازيغية من حالتها الراهنة، والتي تعرف مهمتها محاصرة من
قبل بعض الأجهزة الحكومية التي باتت تعيش في القرون الوسطى، وأصبح كل ما يمت إلى
الأمازيغية مصدر إزعاج وأرق لها.
إن الاعتراف ألأممي بالحقوق اللغوية الأمازيغية، بقدر ما هو مكافأة مستحقة لنضالات
الحركة الأمازيغية في الداخل والخارج، فهو صك اتهام للقوى الحقوقية المغربية
المقصرة في حق الأمازيغ بالمغرب حيث إن بيانات مؤتمراتها ومواقفها لا تستطيع أن
تتجاوز سقف المطالبة بالحماية القانونية للأمازيغية، وهذه الحماية في حقيقة الأمر
لا تعني شيئا بالنسبة للاما زيغ ومطالبهم إذ أن الذي يجب أن يحميهم هو الدستور
وترسيم لغتهم كلغة رسمية وليس قوانين شبيهة بمسرحية تدريس الأمازيغية، التي شوهت
الأمازيغية وقزمتها كمطلب حقيقي وحيوي من مطالب الحركة الأمازيغية.
أما التقرير فهو إدانة حقيقية للحكومة المغربية التي مافتئت تمارس التضليل الثقافي
والفكري بتنظيمها ومساهمتها القيمة في تنظيم مؤتمرات القومية العربية على أرض ليست
عربية لا تاريخا ولا جغرافيا. فكلنا ننتظر كيف ستتعامل الحكومة المغربية مع هذه
التوصيات الأممية.
(أنغير بوبكر، عضو اللجنة الوطنية للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، المشرف
العام على مركز الجنوب للتنمية والحوار والمواطنة)
|