| |
القضية ألامازيغية وإشكالية غياب النخبة ألامازيغية: أسيف
ن دادس نموذجا
بقلم:عمر زنفي (أسيف ن دادس, ورزازات)
Izgaren
n Dades ayd ikerrezen akal n Dades
لا يبدو هذا المثل ينطبق على واحة دادس، الواحة التي احتضنت أحفاد دادة عطا لسنين
عديدة،بمعطياتها الطبيعية الجذابة واحتضانها لساكنة أمازيغية كبيرة. كانت دادس ولا
تزال قبلة السياح من جل بقاع العالم للوقوف على ثقافة مهمشة وعلى وشك الاندثار.لكن
بعد جلاء المعمر واتضاح معالم المغرب النافع والغير النافع،ساءت أحوال الساكنة كما
ساء أحوال الامازيغ عامة بسبب التهميش والإقصاء.ظروف أدت بمعظم سكانها إلى الهروب
انفلاتا بجلدها بالهجرة إلى المدن في الوهلة الأولى ثم إلى الخارج بعد ذلك على متن
قوارب الموت أو عن طريق الزواج الأبيض أو الزواج قبل الأوان، تاركين مهمة الحفاظ
على الموروث الحضاري الأمازيغي لثلة بدورها انقسمتإلى شطرين: شطر قليل ظل يناضل من
أجل كرامة أمازيغية وشطر طالما يساند ويشكل قاعدة الأحزاب التي أسست لسياسة التهميش
وتعريب هذه المناطق الآهلة بالأمازيغ.وشاءت الأقدار أن يصبح الأمازيغ المهجرون أول
مورد اقتصادي للبلاد ويصبح المتمسكون بحضارتهم بدادس مصدر ارتزاق السياحة، ثاني
مورد اقتصادي وتحويل ما هو إرث ثقافي إلى فلكلور شعبي.
ظلت دادس تعيش هذا المأزق في الوقت الذي نجد فيه "النخبة المثقفة" يسيطر عليها إما
هاجس تحقيق مصالح شخصية،أو النضال تحت راية أحزاب ظلت تعجل بانقراضهم وذلك بالضرب
في صميم هويتهم و ثقافتهم.يحدث كل هذا والكل منشغل إما بتلميع صورته في المشهد
السياسي والحزبي أو بصنع اسم أو خيال له بين عشيرته أو جماعته أو تنمية مشاريعه أو
البحث على كرسي أعلى من كرسيه في مدرسته أو في المؤسسة التي تؤويه...وهلم جرا من
الانشغالات التي تعمي وتنسي الشخص أقرب الاهتمامات إليه كمعاناة الآخر والكرامة...فالعمل
الجمعوي على سبيل المثال، باعتباره نشاطا مستقلا تمام الاستقلال عن الأحزاب
السياسية، وباعتباره القناة الوحيدة السليمة المؤدية إلى التعامل مع المجتمع المدني
والتعامل مع انشغالاته الثقافية الاقتصادية والسياسية بعيدا عن وعود الانتخابات
الهارمة دون أن تتحقق، نجده بدادس، كما في المناطق الأمازيغية، عملا جد فاشل بالنظر
بالدرجة الأولى إلى نقص عدد المنخرطين، ومن ثمة نقص الموارد المالية والفعاليات
البشرية.ولعل الجمعيات القليلة النشيطة شكلا، والتي لا تحمل هموم المنطقة ولا تمت
أفكارها بالمنطقة بصلة، جمعيات نخبوية تخدم مصالح نخبة ذات مصالح شخصية لصالح أحزاب
أو تيارات كانت ولا تزال وراء معاناة ساكنة دادس الثقافية السوسيو اقتصادية
والسياسية، بدء بسياسة المغرب النافع وصولا إلى سياسة التعريب وفلكرة الموروث
الثقافي الحضاري ألأمازيغي، بدل الحفاظ عليه ودسترة لغته.
ويستمر هذا الدعم الأعمى "لنخبة" دات أصول دادسية لهذه الجمعيات القومية العروبية
التي تناضل من أجل فلسطين والعراق، في الوقت الذي تعاني فيه جمعيات غيورة على دادس
من نقص في عدد المنخرطين والموارد المالية.ويرجع ذلك بالإضافة إلى ما سبق ذكره، إلى
انعدام الوعي بالعمل الجمعوي الثقافي الأمازيغي. كل هذه معطيات تجعل من صورة إنشاء
جمعية أمازيغية، كنوع من الثورة أو الدخول في صراعات مع السلطة بدل النظر إليه كحق
وإطار قانوني تضمنه المواثيق والعهود الدولية.وضعية ساهمت فيها بشكل أو بآخر لوبيات
سياسية ظلت تحتكر التناوب على مصالح دادس، ساعية دائما إلى مواجهة أي عنصر يتحرك في
أراضيها أو أي عمل يهدد مصالحها وحساباتها الضيقة من خلال إشاعة „أفكارها“ عبر
قنوات من شأنها تشويه صورة الجمعيات في نظر الساكنة التي عاشت وهرمت على إيقاعات
أكاذيبها ووعودها.معطيات تاريخية متراكمة تحول دون نجاح العمل الجمعوي (باستثناء
تجربة جمعية أزمز للثقافة)وتغيير الوضع السائد في دادس وفي مناطق أمازيغية أخرى.
والحالة هذه، وجب على الجمعيات الثقافية الأمازيغية والتنموية إجراء نقد ذاتي
ومراجعة أعمالها لإيجاد مناطق الخلل،من خلال اتخاذ قرارات قد تبدو لا تناسب بحكم
الوضع أو الظرف وذلك باكتساح جل شرائح المجتمع وتطوير أساليب خدمة همومه الثقافية
السوسيو اقتصادية والسياسية.ولن يتأتى هذا إلا بتضافر الجهود لتوعية الساكنة بذاتها
الأمازيغية وأحقيتها في الكرامة وإعادة الاعتبار بعيدا عن المهرجانات التي لا تخدم
سوى مصالح منظميها وبعيدا عن الحسابات الضيقة وصناعة شخصيات تاريخية مزيفة.
ولعل المصالحة مع الذات وتوحيد الرؤى أنجع إجراء أولي لسحب البساط تحت تماثيل ظلت
تستغل وضع دادس المثمتل في انعدام الوعي وهجرة الشباب التي ظلت المورد الاقتصادي في
ظل التهميش وانشغال النخبة بولوج محور الكراسي السياسية والمهنية والمشاريع
الاقتصادية كمتنفس وحيد أمام فشله في إسعاد عشيرته وتحسيسها بالكرامة والعيش كما
أراد لهم دادة عطا أو دادة أمازيغ.
|