| |
مسرحية "البيان الأمازيغي"
والمعهد كمطلب, من المؤلف...؟
بقلم: عمر زنفي (أسيف ن دادس, ورزازات)
بعد زوال الزوبعة وهدوء هبوب العاصفة واتضاح الراية فوق خشبة
المسرح, يحق لنا كأمازيغ تدقيق النظر في مؤلفي وممثلي هذا النص المسرحي "البيان"
وتمعن الأشياء وتسميتها بمسمياتها للوصول إلى مؤلفي القصة/الخرافة، وبذلك الوصول
إلى سبب هذا الركود والتعثر الذي تعرفه القضية الأمازيغية بعد صدور بيان الاستاد
محمد شفيق.فمنذ زمن قريب وبعيد كنا نتهم الأحزاب والتيارات القومية في الوقوف أمام
المشروع الحضاري الأمازيغي دون أن نستطيع أن نضيف إلى هذا القفص أمازيغيين مناضلين
وأمازيغيي المنفعة الذين كانوا من قريب أو بعيد السبب الحقيقي في تأزم حالة
الأمازيغ بحساباتهم الضيقة وتطلعهم إلى الشهرة والسمو ضاربين رصيدهم النضالي عرض
الحائط. فلا كتبهم ولا تضحياتهم لن تشفع لهم الآن ولا يوم الحساب المتمثل في
التاريخ.ولست أريد بهذا المقال إدخال الحركة في سلسلة نقاشات قد تدخل الجميع في
اتهامات شخصية قد تعصف بالقضية بقدر ما تدفعها إلى الأمام,إنما فقط لوضع الأصبع على
مواطن الخلل والثغرة لتفاديها في المناسبات القادمة ونحن نعلم أن هذا الطريق حافل
بالمعاناة والمتعة والأموال.
ربما قد يُقرأ هذا المقال على أنه إعادة صيغة ما جاء في مقال الاستاد بودهان في
العدد السابق من جريدة تاويزا. لكن هذا المقال جاء ليضيء ما بين سطور ذات المقال
الذي حاول التلميح فقط إلى منبع الداء الذي يحاول الكل عدم الرجوع إليه لما قد
يلحقه من اساءة لرواد القضية الأمازيغية منذ السبعينات ومنذ إنشاء المعهد.وقد يقول
البعض كذلك إن هذا المقال جاء متأخرا حيث إنه كان عليه أن يكتب وقت الحدث، الأمر
الذي لم يحدث، كي لا نظلم أحدا أي ألا نصدر الأحكام قبل الأوان.والآن والساحة على
ما هي عليه الآن من ركود وتلاشي أعمدة المعهد دون حصيلة تذكر ,أمكن لنا أن نتحدث
بكل موضوعية بما لدينا من أمثلة حية من الواقع.
عند إجرائنا لقراءة نقدية وموضوعية لمسار القضية الأمازيغية، وبالضبط مرحلة ما قبل
المعهد وذلك بسرد الأحداث والصدف,وتفكيك الرموز والغموض الذي يلف هذه المرحلة,نجد
أن لمؤلفي مسرحية البيان الامازيغي (بيان شفيق) يدا فيما آل إليه حال الحركة
الثقافية الأمازيغية بصفتهم أصحاب فكرة إصدار البيان كتمهيد للمعهد أولا ومعهم
تشكيلة إدارة المعهد والجمعيات التي طالما تساند هذا البيان والمؤسسة المترتبة عنه
ثانيا.لا أحد يختلف على أن مضمون البيان هو نفسه جزء من الهموم التي رفعها الأمازيغ
ولازالت ترفع, لكن ما يعاب على هذا البيان أنه أتى قبل أوانه ولم يكن ثمرة إجماع
وطني، بالإضافة إلى أنه أتى في وقت قد يفرز ما هو أقوى من البيان.فإدا رجعنا شيئا
ما إلى الوراء لسرد الظروف والأحداث التي سبقت هذا المولود المجهض والسابق لأوان
ه-البيان ـ نجد أنه قد جاء في وقت عرفت فيه الحركة الثقافية الأمازيغية مخاضا عسيرا
كان جوابا للمرحلة، وبالتالي حصادا لتراكمات النضال على مر سنوات الصراع والنقاش
بين ما هو ثقافي وسياسي في مرحلة ما بعد اعتقال مناضلي تليلي وما أفرزه الحدث من
نقاشات.
فبعد ما انتهى النقاش على ما هو ثقافي وعلى جميع المستويات, وبداية نقاش إشكالية
الانتقال إلى ما هو سياسي من خلال ظهور فكرة إنشاء حزب سياسي أو جمعية سياسية
أمازيغية على مستوى نخبة معينة وما تلاها من أسئلة أبرزها سؤال مأزق ما العمل, ظهرت
على الساحة اطروحات ونقاشات, أزاحت حاجز استحالة التنسيق الوطني والعالمي, من شأنها
دفع القضية الأمازيغية إلى الأمام إلى أبعد حد, بعدما تعالت أصوات تدعو إلى تسييس
القضية مرورا بمدخل القنوات الرسمية كالدسترة، وبذلك تعديل الدستور وزعزعة ثوابت
الدستور العربي وترسيخ مبدأ العلمانية وتنمية المناطق المهمشة التي ذنبها أنها
تتكلم الأمازيغية وتسكن الجبال والقصبات.
هذا الطرح كان من ورائه اختبار النوايا من جهة وقطع الطريق أمام من يرى القضية
الأمازيغية على أنها قضية لغة وثقافة ليس إلا.غير هذا المعطى وذاك ظهرت آنذاك
مشاريع تنسيق وطنية على مستوى الجمعيات والجامعات وكذا المؤتمر العالمي,كان هدفها
ومحور نقاشاتها توحيد الرأى والتفكير في تخطي عتبة سؤال ما يجب عمله أمام نفاذ قوة
التظاهر على شكل بيانات وتظاهرات على مستوى الجمعيات والجامعات, باعتبارهما الأقطاب
المحركة لعجلة الحركة الثقافية الأمازيغية منذ ظهورها إلى حد الآن.
وما يزكي تورط الأساتذة/النخبة الكرام ومعهم انتهازيو الفرص, هو حقيقة أنه خلال
المخاض واستمرار «القوى» السياسية في اعتبار اللغة الأمازيغية لهجة ولن ترقى إلى
اللغة وأن القضية مشروع استعماري, ظهرت على شاشة تلفاز القناة الأولى دون سابق
إنذار «نخبة» تشكل جزئيا الآن إدارة المعهد وهم يتحدثون عن الآداب الامازيغية
أسابيع قليلة قبل تقديم بيان محمد شفيق.أضف إلى ذلك كون البيان الامازيغي في الوهلة
الأولى يحمل اسم مقدمه محمد شفيق (بيان شفيق) على أن يتم تغييره إلى البيان
الأمازيغي بعد أن تنبهت إلى ذلك الجمعيات التي رفضت التوقيع على نفس البيان.غير هذا
وذاك إصرار الاستاذ العميد على إدارة المعهد لمدة سنة واحدة فقط نظرا لحالته الصحية
أم خوفا من تلويث رصيده النضالي بما قد يقدم عليه المعهد,ابن البيان, من قرارات قد
ترجع بالقضية إلى الوراء كما حدث في اعتماد حرف تفيناغ, أو ضدها تماما كما حدث الآن.أضف
إلى ذلك الشراسة التي تدافع بها النخبة الكرام عن دور المعهد وحصيلته في كل مناسبة
رغم أن الواقع لا يحتاج إلى استدلال يكذب الاستجوابات والردود التي ألفناها على
الجرائد والقنوات التلفزية وكذا في المحاضرات وعلى ألسنة رفيعة المستوى كمستوى
إدارة المعهد.
وخروج، بل انسحاب أحد المؤلفين من قاعة العرض المسرحي عادة يرجع سببه إلى أداء
الممثلين, فراغ القاعة من الجمهور المؤيد للنص وبذلك ضعف مدخول العرض, أو تعرض
المؤلفين للاستفزاز والضرب من الجمهور القليل الحاضر.وخروج أحد المؤلفين عن صمته
الذي دام أكثر من ثلاث سنوات بتصريحه الجرئ لجريدة «العالم الامازيغي وهو يتحدث عن
جديد قضية الصحراء المغربية إذ يعتبر أن الأمازيغ مازالوا مستعمرين,لتأكيد على ما
استخلص.إذ بتصريحه هذا حاول إعادة ماء الوجه بعد فوات الأوان، أي بعد نعت الجمهور
بالإرهابين وبعد صراع الممثلين عن حصتهم في التمثيل وفراغ القاعة من الجمهور
وانقطاع الاتصال المباشر مع مستهلكي الخرافة.وينزل الستار الأحمر مرة أخرى وينصرف
الممثلون إلى الكواليس للعمل على التدريب على نصٍ مسرحي جديد أحسن من الأخير من حيث
الواقعية والريع والمدخول...ترى هل ستحتفظ الفرقة بنفس الممثلين أم ستحاول
الاستعانة بخدمات الأشباح لدخول غمار مسرح l’absurde .
|