| |
المقرر الجديد يستخف بتاريخ
المغرب ـ مقارنة بين المقرر القديم والجديد (المستوى الخامس)
بقلم:عمر نايت سعيد (أسف ن دادس ـ
ورزازات)
لقد استنكرت الفعاليات الأمازيغية وكذا الأمازيغ مقرر التاريخ
الذي يقدم لأبنائنا الأمازيغ في المدارس عبر مراحل تعلمهم ودراستهم لهذه المادة
طيلة السنوات والعقود الماضية.وأمام هذا الأمر الواقع، خاصة أن المقرر القديم كان
قد طوى الحضارة الأمازيغية الشامخة برمتها في جملة واحدة قائلا: «...إن سكان المغرب
الأقدمون هم الأمازيغ...». فكان أول درس يبدأ به التلميذ آنذاك هو شبه الجزيرة
العربية وتاريخها الغابر حتى ظن الكثير من أبنائنا آنذاك أنهم حفدة العرب وأن
جذورهم تنغرس في دمشق ولبنان وما والاهما.لينتقل ذلك المقرر القديم إلى الحديث عن
الأدارسة مباشرة. فكان بين الفينة والأخرى يذكر: قامت الدولة الإدريسية بفضل مبايعة
قبائل (البربر),واستعان الفاطميون بقبائل كتامة الأمازيغية لنشر دعوتهم بأفريقيا
الشمالية,والمرابطون وكل الدول التي قامت على شمال أفريقيا.
وأمام هذا الطمس والحيف الذي طال التاريخ الأمازيغي وعاداته وتقاليده, استنكرت
الجمعيات الأمازيغية في شتى بياناتها هذا الوضع الذي يقلب ويطمس الحقائق.وألحت هذه
البيانات على ضرورة ربطالمغرب بذاته وأرضه وترابه، وبالتالي بأجداده الأوفياء
والمخلصين.فمادة التاريخ التي يقدمها البرنامج القديم خاصة،في المدرسة العمومية (المستوى
الخامس) يمزج الدين بالتاريخ فيخلط بين المسلمين وتاريخ المسلمين وبين الوقائع
التاريخية المجردة من كل تزوير وحيف.
وأخيرا جاء المقرر الجديد لسنة 2004. فهل جاء بما ينتظره المغاربة؟ هل جاء
بالمصالحة مع الذات؟ هل جاء بالتغيير المنشود؟ هل حاول أن يصالح أبناءه بتاريخهم؟
لأنه، شئنا أم أبينا، فالتاريخ الصحيح والصريح هو الذي يستشرف المستقبل وبدون ماض
صلب لا يتأتى مستقبل أفضل.
فجاء المقرر الجديد، ويا ليته لم يأت، إلى الأسفل,لقد جاء في شكل كوميدي يندى له
الجبين.فإذا كان عنوان الدرس الأول من المقرر القديم هو "شبه الجزيرة العربية",فعنوان
الدرس الأول في المقرر الجديد هو "حياتنا بين الأمس واليوم:السكن".فالعنوان الأول
يطمس الحقائق والعنوان الثاني يتحايل ويراوغ في ذكر أي شيء يشير إلى حقيقة المغرب.وعموما
فجل الدروس التي أتت في المقرر الجديد تحدثت عن كل شيء سوى الإنسان بالرغم من أنه
موضوع التاريخ وجوهره وصانعه, فالعناوين التالية تشرح هذا:حياتنا بين الأمس واليوم:1-السكن,
2-اللباس, 3-المواصلات, 4-التجارة, 5-التعليم, 6-الماضي في مدينتي وقريتي...
وأخيرا أحيي بحرارة السادة المؤلفين الذين استعرضوا عضلاتهم في الصفحة الأولى من
كتاب المقرر, كما أحييهم على نبلهم وتفانيهم لتقديم تاريخ وطنهم, تسعة مؤلفين
متفاوتي الشهادات والدبلومات دون أن يظهروا حقيقة بلدهم ولا حتى التحدث عن إنسان
المغرب القديم.فأين هو التغيير في خطواتكم وميثاقكم؟ أين هو التفاني في خدمة
المعرفة العلمية؟ أين هي المادة التاريخية العلمية السليمة التي تودون تقديمها؟
|