|
هل ستحسم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في موقفها من الأمازيغية خلال مؤتمرها الوطني السابع؟ بقلم: أوشيخ أحمد (الحسيمة) تعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من الجمعيات الوطنية الجادة ذات المواقف الجريئة من بعض القضايا التي تهم هذا الوطن. فشعار مؤتمرها السادس: "عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والسياسية شرط للديمقراطية والتنمية" الذي انعقد ببوزنيقة أيام 30 و 31 مارس و فاتح أبريل 2001، تعبيررواضح عن نوعية الملفات الحساسة / الطابوهات التي تطرحها الجمعية بكل جرأة. ومرد طرح مثل هذه الملفات/القضايا، راجع إلى المكونات الحزبية والتيارات السياسية اليسارية المختلفة المشكلة للجمعية(1). إلا أن هذه الجمعية المناضلة، بالرغم من الديناميكية الداخلية التي تمتاز بها، لا نعتبرها صائبة المواقف اتجاه جميع القضايا المرتبطة بهذا الوطن. فموقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وطنيا من الأمازيغية لا يزال متخلفا، ولو في إطار التطور النسبي الذي عرفته هذه القضية. ونلمس ذلك من خلال البيان العام الصادر عن مؤتمرها السادس، والذي اكتفى في النقطة المطلبية المتعلقة بالحقوق الثقافية بما يلي: "... مطالب الجمعية المتعلقة باحترام الحقوق الثقافية واللغوية لكل مكونات الشعب المغربي وبشكل خاص تطبيق قرار تدريس اللغة الأمازيغية بدون تماطل وتمكينها من نصيبها في الإعلام وفي التعليم وإخراج معهد الدراسات الأمازيغية للوجود. وتطالب بحماية مختلف المكونات اللغوية والثقافية للشعب المغربي من أمازيغية وعربية بما يعزز الهوية الثقافية المغربية المتعددة الأبعاد".(2). والسؤال المطروح، كيف لجمعية مغربية حقوقية كونية جماهيرية، تقدمية، ديمقراطية ومستقلة... غضت أو تغاضت النظر عن مطلب طبيعي / مشروع كهذا؟... ألا وهو دسترة الأمازيغية !!؟ إن الجواب على هذا السؤال يكمن في حقيقة أمره في مواقف التوجهات والتيارات السياسية الأساسية المكونة لهذه الجمعية اتجاه الأمازيغية(3). وفي شمولية مواقف هذه التوجهات لا يخفى علينا أنه يوجد مناضلون غيورين عن أمازيغيتهم المغربية، ينتمون مثلا إلى تيار حزب الطليعة، في حين يوجد العكس في التيارين الآخرين اللذين يعاديانها، مما أعطتنا الجمعية المواقف السالفة الذكر اتجاه الأمازيغية. إذ نتمنى لهذه الجمعية العتيدة المناضلة في سبيل إقرار حقوق الإنسان الكونية المتعارف عليها دوليا اعتمادا على المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، إعادة نظرها جذريا في موقفها من الأمازيغية، خاصة وأن مؤتمرها الوطني السابع على أبواب الانعقاد(4). وتفاديا لما وقع في المؤتمر السابق حول الموقف من الأمازيغية، حان الأوان للجمعية أن تحسم في هذا الموقف وتعبر بوضوح عن موقفها الحقوقي (وليس السياسي) من الأمازيغية، وهي الآن أمام خيارين: إما أن تعلن عن انتمائها الواضح لهذا الوطن باعترافها على الأقل – وذلك أضعف الإيمان – بأن الأمازيغية لغة وطنية – بالرغم من أن هذا الموقف يبقى خجولا وكسولا، كالذي يطالب بأن تكون المرأة جزء من المجتمع- (5)، أو تستبدل اسم " الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" باسم "الجمعية العربية لحقوق الإنسان" وتبحث عن مقر يناسبها ببغداد أو دمشق بدل الرباط. تجدر الإشارة إلى أن الأوراق التي أعدت والأوراش التي نظمت استعدادا لعقد المؤتمر السابع تشير فيما يتعلق بالحقوق الثقافية إلى ما يلي: ".. تنمية اهتمام وتتبع الجمعية للحقوق الثقافية بشكل عام والحقوق الثقافية الأمازيغية بشكل خاص في اتجاه تطوير موقفها في هذا المجال وتفعيلها سواء من طرف الجمعية أو في إطار التنسيق والعمل الوحدوي مع مكونات المجتمع المدني المتخصصة في هذا المجال ومع كل الإطارات المهتمة ...". يتضح جليا من خلال هذه الفقرات أن الجمعية ليست على استعداد لتطوير موقفها اتجاه الأمازيغية، فلم يذكر قط مطلب الدسترة ولم تفصح عن ماهية مكونات المجتمع المتخصصة في مجال الأمازيغية: فلا يوجد في نظرنا أي إطار في المغرب يدافع عن الأمازيغية ويطالب بترسيمها في الدستور إلا الحركة الأمازيغية التي تطالب أكثر من ذلك بإقرار دستور ديمقراطي حداثي. فهل يعتقد منظرو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باكتفائهم بهذه الإشارة الخجولة اتجاه الأمازيغية أنه قد تحققت في نظرهم المطالب التي فرضوها في المؤتمر الوطني السادس الآنف الذكر، والتي اختزلت في النقط الأربع التالية: ـ تطبيق قرار تدريس الأمازيغية: لقد بدأ تدريس (الأمازيغية) خلال هذا الموسم الدراسي (2003/2004) بأشكال معروفة لدى الغيورين عن هذه اللغة (غياب الإرادة السياسية لدى الدولة لتطبيق هذا القرار – تم تكوين بعض المعلمين لتدريس هذه اللغة في مدة أسبوع – غياب الكتاب المدرسي للتلميذ الخاص باللغة الأمازيغية ...) ـ إخراج معهد الدراسات الأمازيغية للوجود: فهل تحقق هذا المطلب في نظر هؤلاء المنظرين بتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في حين لا تزال الحركة الأمازيغية تناضل وتطالب بمعهد يكون مستقلا. ـ نصيب الأمازيغية من الإعلام: يظهر جليا أن هذا المطلب لم يتحقق بعد، سواء بالنسبة للشعب المغربي أو بالنسبة لمنظري الجمعية:( نشرة اللهجات المستفزة وكذا بعض البرامج الخاصة بالأمازيغية والمشوهة لها ، وبعض الأغاني الأمازيغية غير الجادة التي تقدمها القناتان "الوطنيتان" ومدة زمنها، غير كافية ولو بهذه العيوب لإنصاف الأمازيغية على المستوى الإعلام البصري). أما مطلب حماية الأمازيغية: سنترك التعليق فيه للقارئ الكريم إذا رأى أن بناء متحف لحماية مختلف المكونات اللغوية والثقافية للشعب المغربي ضروري لذلك...!! إن ما سيجعل حقا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في موقف حرج – أو على الأقل مناضليها الغيورين عن الأمازيغية – هو إعلان الدولة المغربية لا محالة اعترافها دستوريا بـ"وطنية الأمازيغية" ، قبل إعلان الجمعية عن مطالبتها بذلك،ولإنقاذ ماء وجه هذه الجمعية، نقول بكل صدق لمنظريها: حذار ثم حذار من التعنت في مثل هذه المواقف، ونهمس في أذنهم ونذكرهم ونقول لهم : "بأن المغرب بلد ينتمي لبلدان تامازغا= شمال افريقيا، شعبه شعب أمازيغي عُرّب البعض منه لأسباب معروفة تاريخيا ..." فنأمل من الجمعية أن تكون واقعية وتفكر بعقلية مغربية وتطالب في القريب العاجل بدسترة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية ، لأنها لن تخسر شيئا (6)، بل ستربح انتماءها الفعلي لهذا الوطن وتكسب منخرطيها الأمازيغ الذين يشكلون القاعدة الأساسية للجمعية على المستوى الوطني. ومرة أخرى وأخيرة نتمنى للجمعية أن تستيقظ من نومها وغفلتها اللذين استغرقا أكثر من ربع قرن(7). الهوامش: 1 ـ إن التنظيمات السياسية الرئيسية المشكلة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى حدود انعقاد مؤتمرها السادس، إلى جانب بعض مناضلي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وبعض مناضلي الحركة من أجل الديمقراطية وكذا بعض المناضلين الحقوقيين اللامنتنين هي: حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، النهج الديمقراطي والديمقراطيون المستقلون. 2 ـ إبان انعقاد المؤتمر السادس للجمعية كانت النقطة الوحيدة الرئيسية التي كادت أن تؤدي إلى إفشاله هي مطلب إدراج دسترة الأمازيغية في البيان العام بعد نقاش طويل بين توجه يقول بالدسترة وآخر يرفض. سأعطي فلاشات/مواقف موجزة جدا جدا لهذه التنظيمات من القضية الأمازيغية: ـ حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي: انشق عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كان يسمى باللجنة الإدارية لهذا الحزب أو بالرفاق الشهداء على المستوى الجامعي، ذو توجه عروبي بعثي شرقاني. ـ النهج الديمقراطي: هو امتداد لمنظمة "إلى الأمام" المنتسبة للحركة الماركسية الليننية المغربية فترة السبعينات، مناضلوها معروفون بالنهج الديمقراطي القاعدي على مستوى الجامعة، يدعون أنهم السباقون لطرح وحل المسألة الأمازيغية، ويعلنون بشكل محتشم مطالبتهم بدسترة الأمازيغية كلغة وطنية في شكلها الجهوي التي تقسم اللغة الأمازيغية إلى لهجات محلية. ـ الديمقراطيون المستقلون: هم مجموعة من المناضلين اليساريين كما كانوا يدعون، ليست لديهم علاقة باليسار السبعيني، يقولون بأنهم امتداد كذلك للطلبة القاعديين على مستوى الجامعة، يعلنون بشكل محتشم بدسترة الأمازيغية كلغة وطنية من دون أن يقدموا أي شيء اتجاهها على المستوى العملي... ما عدا محاولة "انسحابهم" أثناء انعقاد المؤتمر السادس للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسبب الموقف المتقدم نسبيا الذي ظهروا به اتجاه الأمازيغية من التنظيمات الأخرى. التحق أغلب المنتمون لهذا التيار بحزب اليسار الاشتراكي الموحد. 4 ـ تم الاتفاق على عقد مؤتمر الجمعية أيام: 10 – 11- 12 أبريل 2004. 5 ـ بصدد وطنية الأمازيغية، قد تفكر مستقبلا بلجيكا و هولندا بشكل جدي الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية، نظرا للنسبة المئوية المرتفعة للجالية المغربية التي تتحدث بالأمازيغية في هذين البلدين الأوروبيين. 6 ـ من المؤكد أن اللغة العربية لا بتكلمها أحد من الشعب المغربي – ماعدا النخب المثقفة التي تظهر على شاشة التلفزيون – فالشعب المغربي يتواصل إما بالأمازيغية أو بالدارجة المغربية التي يؤكد اللسنيون أن بنيتها اللسنية أمازيغية. 7 ـ لا ننسى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،حين تأسست في 24 يونيو 1979، فترة القمع المظلم في تاريخ المغرب المعاصر، ساهم في تأسيسها مناضلون يساريون أمازيغ – أعتقل أحدهم لمجرد تعليقه لوحة مكتوبة بحروف تيفناغ على باب مقر عمله.
|
|