|
|
ضجة الصداقة الأمازيغية اليهودية بقلم: محمد الطيبي (أيث بوعياش، الحسيمة) لقد أثار موضوع إنشاء جمعيات الصداقة الأمازيغية اليهودية ضجة أضخم من الحجم الطبيعي لهذه المسألة. هناك جهات معروفة نفخت في الموضوع وجعلته تراجيديا حقيقية، جهات تستغل العاطفة الدينية للمغاربة لجمع ثروات على ظهور المتبرعين على الشعب الفلسطيني وتستثمر مآسي الشعوب لبلوغ مآرب غير معلنة، كما أن هناك أيضا من وجد الفرصة مواتية ليفتح نيران مدافعه الثقيلة على الأمازيغ والقضية الأمازيغية مستعينا بتأويل مغرض مفاده أن الأمازيغ يريدون عقد صداقة مع اليهود وهم بذلك يزكون ما تقترفه ″الدولة الصهيونية″ من مجازر في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وهذا غير صحيح بطبيعة الحال. علاقة الأمازيغ باليهود هي قديمة وتعود إلى زمن قدوم اليهود إلى شمال إفريقيا واستقرارهم فيها في إطار تعايش ساد فيه السلام والوئام بحيث زاولوا مهنا معروفة ومتميزة في المغرب وخارجه كصياغة المجوهرات وصناعة البرادع والسروج وغيرها، ولم تذكر كتب التاريخ وجود صراع أو تنافر بين الأمازيغ واليهود على امتداد تواجدهما في تمازغا (شمال إفريقيا)، بل على العكس من ذلك كان هناك انسجام وتوافق كبيران واشتركوا في الحضارة والثقافة والتاريخ، ويوجد من اليهود من يعتز بأمازيغيته لحدود الآن، وعند مغادرتهم نحو إسرائيل بقي الاتصال مستمرا بين الشعبين. وهذا أمر طبيعي ولا تستطيع أي قوة رادعة منعه. وهذه الجمعيات ما هي إلا نتاج طبيعي لسيرورة وتطور العلاقة بين الأمازيغ واليهود وأتت لتنظيم العلاقة القديمة الموجودة أصلا لا لتأسيس لعلاقة مولودة من فراغ أو ما يسمونه بالتطبيع وكما يروج المغرضون والمغتنون على حساب العداء المفتعل بين الشعوب في زمن يجب أن تشاع فيه ثقافة الحوار والمثاقفة وحوار الحضارات. تأسيس هذه الجمعيات ليس بالأمر الغريب، الغريب هو هذا التهافت الغير المفهوم لهؤلاء الذين يرغون يزبدون ويقيمون الدنيا ولا يقعدوها وكأنهم أصيبوا بمس غير معروف. فعندما سمعوا بمبادرات في اتجاه تأسيس الجمعيات السالفة الذكر قفزوا من مخابئهم المظلمة مشهرين سلاحا مهترئا لم يعد يهابه أحد اسمه محاربة التطبيع.هناك نزعة شيطنة اليهود والدفع نحو خلط متعمد بين الشعب الإسرائيلي العادي واليمين المتطرف والمسؤولين عن السياسات الصهيونية ومجازرها، الجميع يعرف أن هناك إسرائليين يتعاطفون مع الشعب الفلسطينيين وينبذون الحرب ويدعون إلى التعايش السلمي ولا يحق لأحد إدراجهم مع الجزارين، بتعبير آخر اليهود ليسوا لا ملائكة ولا شياطين هم بشر مثلنا ويجب معاملتهم حسب هذا المنظور. تقع فلسطين في قارة أخرى غير قارتنا وتبعد بآلاف الكيلومترات ومع ذلك تجد من يتحدث عن مجازرها متناسين أكبر مجزرة بحرية في التاريخ المعاصر المستمرة في البحر الأبيض المتوسط ويروح ضحيتها شباب مغاربة ـ وليسوا فلسطينيين ـ في مقتبل العمر. التضامن مع شعب يتعرض للتقتيل أمر مفروغ منه ولا جدال فيه، لكن لا يجب أن نتحدث عن فلسطين وكأنها جزء لا يتجزأ من التراب الوطني وننسى الوطن، أو نتحدث عن غزة و كأنها إقليم أو عمالة مغربية وننسى مشاكل أقاليمنا وولاياتنا. |
|