|
”تـاعــكــورت“: جــرح أمــازيــغــي غــائــر بقلم: اعـزيـزو إدريسلم يعد مصطلح الأيديولوجيا –الماكرة طبعا- بحاجة إلى قواميس أو معاجم لشرحها و فهم مدلولها، فبالأمس القريب فقط، كنا نرزح تحت وطأتها، دون وعي منا بما تمارسه علينا من مسخ وسخرية، نحتضن عبر ما تقرره وزارة التربية الوطنية من برامج دراسية، وعبر ما تبثه التلفزة المغربية من مواد تكاد تخلو مما هو منتوج مغربي أصيل، نحتضن عبر ذلك وغيره كل منتوج أجنبي، ننخرط في الدفاع عن كل ما هو عربي في غفلة عن الذات، بل صار الإنسان المغربي عموما لا يحس بقيمته إلا وهو عربي، ولا يقدم نفسه إلا في إطار العروبة. آنذاك لم يكن لدى القوميين العروبيين أدنى مشكل. وعندما بدأت العودة إلى الوعي بالذات، وانقشاع الغيوم أمام الأعين، صار هذا الوعي بالذات يطرح قلقا مؤرقا لدى هؤلاء القـوميين الذين لم ولن يرضيهم إلا ونحن نسخة طبق الأصل لهم !؟ كنا مؤدلجين حتى النخاع في وقـت كان مبيد اللسان والكيان يرشنا بجـرعات سمومه، وبين اللحظة و الأخرى، قد ننعت بالعنصرية أو الإثنية أو غيرهما.. و أنت يا أخت ”تاعكورت ن تامازيغت“ تحملين رصيفك الأزلي رغيفا بين المناضلات في شمس يونيو الحارقة.. و برد دجنبر القارس. تاعكورت ن إمازيغن! أصغي باهتمام لنبضك إذ تعلنين بصوت مبحوح: من أجل البقاء توسلت الكفر حرفة، فما فتواكم وما حد اجتهادكم؟ تلك صرختي السرمدية التي طالما تكسر صداها على صخرة هذا النهر الذي حرف مجراه.. في خضم وله جنوني، ارتميت داخل قفـص. أحكمت صنعه عقلية الفقيه، و لم أكن أدري أن لمثل هذا الوله تداعياته الوخيمة! عقود طوال هي مساحة مليئة بشجرة السدرة، مسافة جرح هل يندمل؟ أذكر لجوئي إلى المداشر، و أنا حافية القدمين، ووجهي متورم من جراء طعنات معلومة، وأصوات تنادي من خارج البلدة: عودي لحفدتك.. تقرع العبارة أذني فأجدني حاضنة الأرض! وحيث لم يبال بي أهلي، لجأت لعرض منتوجات بالية على الأرصفة، و إذ لم يسعفني ذلك، لجأت لبيع الجسد الفاني! جعلت من جسدي سلعة، أعرضها للأفـرشة، أحمل قـدري التعس بين المناضلات اللواتي لا يعنين شيئا للسياسي كما المثقف. أرتدي أصباغا زائفة.. ولا أحد يئن لوجهي المنكسر! لذا سيظل جسدي خريطة جراح هذا الوطن الراكض بين العبث والخيانة.. كلمات تمازيغت تخرج مكلومة من فمي، غير أن ملاحتها تسمو على كل الأصباغ الزائفة.. تاعكورت! من يستطيع تصفح تاريخنا المغمور في لسانك؟ من يلملم جغرافيتنا لأجل دمعة سالت ساخنة على خدك؟ لأن التضرع أعياك، لم تجد بدا من طعم الضلال.. أتساءل فقط، لماذا تعهرت في موطنك؟ كم مرة نقشت بالوشم أسطورة حب، انتشرت بين ثقوب الجسد، حتى إذا ما تذكرت كل تلك النقوش بدت حروف تيفيناغ و كأنها وصمة تلاحقك.. طوال ليال، يرقص عشيقك على مزيج من الأغاني الأطلسية الحزينة، فيرميه العياء لقنينة نبيذ، لتشاركيه الشرب والرقص، وفي الأخير، تتحرر الأجساد تحت الأغطية، ويبقى الشريط الغنائي مسترسلا، يملأ الفضاء دفءا، يتمازج فيه لحن الوتر مع إيقاع البندير.. تنتشي الأرواح.. ترتخي الأجساد.. فيتراخى الزمن.. أيتها المقصية من مائدة البرلمان والحكومة، كل العالم يشهد عرسك بتيزي وزو والنواحي.. فاغتسلي من بقايا دنس الإيديولوجيا الماكرة و اعلمي ألا أحد يستطيع أن يجردك من الحلم أو يحرمك من عشق الحياة، فكلما تغرغرت عيناك يزداد وقعهما في وعينا وفي ذاكرتنا.. فعاجلا أو آجلا، سندخل الزمان لنرتكب مجـزرة الكينونة والحـرية، نحـمل الموت رداءنا اليومي، والحقيقة شعلة في وجه وهم تبين زيفه.. لذا كفكـفي دمعك أتاعكورت نغ، فحفدتك قادمون لا محالة.
|
|