|
مـن أجـل حركـة أمازيغـيـة تصحـيحـيـة تحت شعار »الامازيغية منطلق و هدف للجميع« بقلم :احمد بر طيع "بين الصلب والسيولة توجد الميوعة" بعد تفكير عميق في الأمر، وبعد تردد كبير، وجدنا أنه لا مناص من الوقوف من أجل التصحيح، قبل أن يستفحل الترهل ويسود الاستهتار، واللامبالاة، وتصبح الانتهازية مبدأ، والمبدئية تخلفا، وخوفا من أن تسقط القيم وتتماهى المرامي والأهداف، ويصبح الكل في سلة واحدة.. المبادئ والقناعات، والوصولية، والانتهازية، والارتزاق.. لا بد من التطرق إلى الوضع المترهل للحركة الثقافية الأمازيغية، دون أن نعود إلى كرونولوجية التأسيس الأولى، نرى أن الحركة فقدت وزنها كحركة احتجاجية اجتماعية في الساحة، بسبب الهرولة التي أحدثها خلق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية IRCAM، وبسبب مجموعة من الارتزاقيين الذين عملوا على تعويم المسألة الثقافية الأمازيغية وتمييعها. وبسبب غياب الوعي الكامل لدى الفاعلين الأمازيغيين وخاصة من الرعيل الأخير الذي سارع إلى تأسيس إطارات تافهة بمعنى الكلمة، بالإضافة إلى قلة الفهم الحركي، وغياب الحس النضالي لدى البعض. إن ما أحدثه المخزن من خلخلة داخل الصف الأمازيغي يؤكد أنه يتمتع بنوع من الحس ألاستباقي Anticipation، الذي تعدمه التنظيمات الأمازيغية الفاعلة، فتوالي مجموعة من المنح التي نعتبرها مكسبا يجب التعامل معها بحذر زائد، "زغلل" عيون المتربصين بالمقاعد الرسمية الشاردة و إن لم تكن مريحة، جعل الحركة تظهر بطابع الهشاشة مما أعطى مفهوما آخر للحركة، على أنها مجموعة من الأصوات المبحوحة التي تبحث عن مواقع متقدمة في المشهد الرسمي متناسين الجانب الشعبي، والجماهيري، والبعد الثقافي المتأصل في ساكنة شمال إفريقيا عموما والمغرب خصوصا. لا نضع الكل في سلة واحدة. بل هناك استثناءات. هذا الاستثناء هو الذي نراهن عليه في تأسيس حركة تصحيحية جماهيرية، ثقافية، أمازيغية، التي نتوخى أن يكون بصددها نقاش عميق وجاد دون أن يتعرض للميوعة، وسوء الظن. لا بد من الوقوف عند هذه الحركة التصحيحية.. وعند الشروط التي أنتجتها.. ودواعي ظهورها الآن؟ ولماذا لا من قبل؟ وما هدفها؟ وأبعادها الثقافية والاجتماعية والسياسية؟ ماذا يمكن أن يكون رد فعل الحاكمين اتجاهها؟ وما موقفها من المؤسسات الأمازيغية الرسمية؟ إلى آخره من الاستفهامات التي تقف عند القارئ العادي والمتمرس، والمناضل والمتعاطف والسياسي، والمثقف، هذا الأخير الذي نعتبره عصب هذه الحركة التصحيحية التي تنبثق من صلب MCA وتتجه نحو MCA دون أن نترك هامشا للتأويلات المغرضة لكي تعمق الشرخ الحاصل داخل الحركة. عبر التاريخ.. كل الحركات الانعتاقية، التحررية، الاحتجاجية تكون معرضة للإغراءات والاحتواء، والنسف من خلال الأعداء الطبقيين (الثقافة)، مما يجعلها تفقد مصداقيتها، ويفسح المجال للتفسخ والانحلال، فتضعف قوتها وتختفي، إلا أننا نستحضر هنا أن إمكانية اختفاء المعطى الأمازيغي ضئيلة جدا، بحكم أن مكونات المشهد العام، الفضاء، والفرد، والجماعة، والشارع والأسرة.. كلها أمازيغية، إذ يبقى هذا عنصر قوة دائم و مستمر، لكن الذي يمكنه أن يختفي أمام الإكراهات والإغراءات هو المناضل الذي يحمل مشروعا مجتمعيا متنورا، فنصبح أمام شعب أمازيغي يتقن البلاهة والتيهان.. إن الحركة التصحيحية التي نؤسس لها من خلال هذا النقاش تهدف إلى إعادة المصداقية إلى الفعل النضالي، وإلى المناضل كشخص بمشروع مجتمعي قد يكون بمحتوى سياسي استراتيجي. التصحيح لا يمكن أن يقوده الأميون، بل سيعتمد على المثقف أولا.. وأخيرا. على اعتبار أنه المرآة التي تعكس المجتمع وتتعايش معه، ولا نعني هنا كل المثقفين بل الذين يتبنون الشعب، وينظرون له من داخله... طيلة هذه الديباجة كنا نعمل على تمرير و تقريب المشروع الثقافي ألتصحيحي، وبعض الشروط التي دعت إليه. بعد ذلك سنعمل على وضع تصوراتنا للعمل. و هكذا نرى أنه لا يمكن لأية حركة تصحيحية أن تكون كذلك إلا بالاعتماد على مجموعة من المفاهيم التي يجب تطويرها وتحيينها مع الوقت وحسب الظروف الاجتماعية، والسياسية، والثقافية. وهكذا نرى ضرورة تسطير مجموعة من المبادئ العامة و طرحها قصد تعميق النقاش: 1) لا لتهميش اللغة الامازيغة: نعم لد سترة الامازيغية 2) لا للإقصاء: نعم للديمقراطية، انطلاقا من المعطى الاجتماعي الذي يؤكد أن المغرب بلد أمازيغي، فإنه يحق للكل الانخراط في الحركة الثقافية الأمازيغية بشرط احترام المصلحة الثقافية الأمازيغية، والهوية المغربية المتأصلة. لا أحد يملك حق الوصاية على الأمازيغية. وليتذكر الجميع أن التاريخ لا يرحم . إلا أن ذلك لا يعني أن الديمقراطية ستكون حصان طروادة الذي يمتطيه الانتهازيون. وأظن أن لا أحد يقبل على نفسه أن يكون إقصائيا. 3) لا للهجنة: الأمازيغية واحدة. ثقافة ولغة، وإن تعددت التعبيرات من منطقة إلى أخرى فإن الوعاء يبقى أمازيغيا، أن أستعير مفردة قبايلية أو سوسية وأدمجها في أمازيغية الأطلس خير من أن أقحم مصطلحا غريبا يصعب عملية الهضم والإدماج. 4) لا للنخبوية: الحركة جماهيرية، فأن نكون مثقفين لا يعني أن نعفي الشعب من الفعل، والتعبير عن رأيه، على اعتبار حتى الآن ما نقوم به هو نضال طوعي إيمانا منا بواجبنا النضالي وتقديرنا لمسؤوليتنا التاريخية في علاقتنا بالشعب، ولذلك نلح على إنهاء دور المثقف ألورقي، على اعتبار أن الفعل من الجماهير وإلى الجماهير والكل له الحق في الكلام عن الأمازيغية. 5) لا للرجعية: الرجعية هي الإيمان بالتقدم بشروط ماضوية. لذلك تسمى بالرجعية. ما نطمح إليه هو مجتمع أمازيغي حداثي يعمل على استثمار إمكانيات ومؤهلات المنطقة من ثقافة، وأعراف، وسلوك، وإرث... بهدف توحيد الرؤية لمجتمع حداثي متطور يستوعب كل التميزات والتنوعات بشكل تعايشي وليس صداميا. 6) لا للإرهاب: نعم للحوار، إن الحركة التصحيحية يجب أن تكون حوارية لا تؤمن بالإرهاب الفكري، أو الجسدي، بل هو حوار حتى التواصل. 7) لا للإلحاقية: نعم للاستقلالية، يجب أن يكون هناك تعاطٍ حذر مع المؤسسات الرسمية، وأن كل ما يمكن أن يمنحه المخزن هو بالضرورة فيه نظر.. فلا إطلاقية معه، ونعتبر كل ما يعطيه هو مكسبا يجب الحفاظ عليه، كما يجب العمل قدر الإمكان على تفادي الارتباط العضوي والتنظيمي مع التنظيمات السياسية. ولتقتصر هذه العلاقة على الدعم المعنوي والمادي، والتعاطي الإيجابي في المحطات الوطنية والدولية الحقوقية بخلفية إنسانية وحقوقية. 8) لا للتسييس المشبوه: نحن حركة ثقافية. ثقافة أمازيغية. قد تختلف المرجعيات المؤطرة، والمنطلقات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين الأيديولوجي مرورا بالوسط المائع والأصوليين القهريين، والإسلامويين الملثمين، ولكن حتى الآن هي حركة ثقافية أمازيغية احتجاجية وفقط. كما يجب التصدي للاستغلال الانتخابي للإنسان الأمازيغي و لغته وانتمائه. 9) لا للفئوية: نعم للثقافة الشعبية بشكل مجرد وعام، نحن لسنا في حاجة إلى الفصل بين الثقافة السوسية والريفية والأطلسية على اعتبار أنها واحدة وموحدة، وهذا التنوع هو غنى وعنصر قوة يعطي صورة كاملة للإنسان المغربي، وليس عنصر ضعف. 10) الحركة مناضلة وتنموية: لم يعد يقتصر الفعل الميداني على المظاهرات، والندوات، والبيانات والملتقيات بل تعدى ذلك إلى البحث عن مصادر مادية، وتعبئة تحتية من أجل إشراك المواطن المعني بالأمر أولا و أخيرا في تحسين ظروف عيشه و تحفيزه على التعاطي الايجابي مع القضية عوض الاكتفاء بالتفرج من على عتبات الرصيف نعلم أن ورقة مثل هذه لن تفي بالغرض لتوضيح وجهة نظرنا في التصحيح ولكن عملنا قدر ما يمكن أن يسمح لنا به هذا الفضاء المناضل من أجل الدلو بدلونا، غيرة منا على هذا الخفوت والتشردم الذي تعيشه الحركة الثقافية الأمازيغية هذه الأيام، الذي لا يخدم إلا النقيض الأول الذي يتربص بالحركة، وغيرة كذلك على هذا الإرث الغني الذي سجل في ذاكرتنا وبإرادتنا أننا شعب بخصوصية ثقافية يجب الحفاظ عليها، لنا هويتنا المتسامحة والحوارية. والتاريخ من قال هذا و لست أنا.. ندعو الإخوان إلى إبداء الآراء، والمساهمة في هذا النقاش مساهمة جادة بهدف تقويم حركتنا الثقافية الأمازيغية وتصحيحها. لا أقل و لا أكثر، ونحن على أتم الاستعداد لسماع كل الآراء وأن كانت تخالفنا ولكن بشرط أن يكون دافعها هو خدمة القضية الأمازيغية أولا و أخيرا.
|
|