|
عن محكات المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بقلم:أعزيزو إدريس كما هو معلوم، استقبلت أغلب الجمعيات الثقافية الامازيغية الإعلان عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بارتياح ملحوظ، واعتبرته مكسبا ثمنته عبر بياناتها, على الرغم من طبيعته الاستشارية التي أثارت تحفظات حول خلفيات تأسيسه. وقد زكى ذلك الارتياح, الاعلان عن تشكيل أعضاء مجلسه الإداري, الذين عرفوا كمناضلين داخل الحركة الامازيغية قبل التحاقهم بالمعهد, واعتبرت نتائج تشكيل المجلس الإداري خطوة إيجابية لصالح الامازيغية. وقد كان المحك الأول بالنسبة لهذا المجلس, هو إشكالية الحرف الذي ستدرس به اللغة الامازيغية. وكما تتبع الجميع, فقد حسم المجلس الإداري المعركة لفائدة حرف تيفناغ, لاجل توافق سياسي يرضي جميع الأطراف. والسؤال الذي بقي عالقا هو هل هذا الاختيار/ التوافق السياسي سوف يكون في خدمة اللغة الامازيغية, أم انه كان بمثابة فخ سيعمل على تأخير ـ وربما إفشال ـ مشروع تقدم اللغة الامازيغية؟ وربما زكى هذا التوجس المنع الذي تعرض له حرف تيفناغ, عندما قرر المجلس البلدي بالناظور, كتابة علامات المرور بهذا الحرف. و مما أثار الانتباه حقا, هو عدم تحرك المجلس الإداري لـ "اركام" في هذا الشان, خصوصا وأن هذا المنع لا زال ساريا إلى يومنا هذا؟؟. "فمن الأمور التي تجعل أمر تدريس ألامازيغية أكثر صعوبة ـ كما قال محمد أقضاض ـ هي انعدام حرف تيفناغ في فضاء التلميذ والمدرس, فلا إعلانات ولا لافتات على واجهات الإدارات والدكاكين والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية... تجعل ذلك الحرف مألوفا ولو بالتدريج"(1). أما الجمعيات الثقافية الامازيغية, تجاه حدث المنع الذي تعرض له قرار المجلس البلدي بالناظور, فقد انقسمت ردود أفعالها بين الإدانة والصمت, وهناك من كانت لديه قراءة سياسية لحدث المنع, تدرج حتى قرار المجلس البلدي بالناظور, في سياق لعبة سياسية, تستهدف جس نبض ردود فعل الحركة الامازيغية, ومدى تقبلها لقرار تبني حرف تيفناغ. لكن, بنظرنا, حتى ولو صحت مثل هذه القراءة يبقى حرف تيفناغ رمزا لهويتنا الامازيغية, ودفاعنا عنه على هذا المستوى على الأقل, هو دفاع عن هذه الهوية. عن حرف تيفناغ دائما, أتساءل: هل الأبجدية المعتمدة من طرف المعهد الملكي للثقافة الامازيغية تبقى أبجدية قارة ومحسوما في أمرها أم أنها مفتوحة وقابلة للتعديل, خصوصا وأن عملية تدريس الامازيغية ـ كما تقرر ذلك ـ ستبدأ من منطلق اللهجات الثلاث في مراحلها الأولى, في أفق معيرتها وتوحيدها. فبالنسبة للطفل الذي يسكن بالريف, لا ينبغي حذف حرفي "الثاء" و "الذال" اللذين يعتبران أساسيين في المنطقة الريفية, فالثاء هي أداة تأنيث ضرورية في الريفية ولا يمكن لحرف "التاء" التي استبدلتها, أن تقوم بوظيفتها تلك... وكذلك الأمر في حرف الذال الذي يمثل عنصرا أساسيا في الإشارة... وفي تصريف الأفعال, وقد استبدل بحرف الدال الذي يعجز أيضا على أن يؤدي تلك المهمة"(1). لقد سجلت ملاحظات كثيرة حول عملية إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية خلال هذه السنة, أهمها التسرع والاستعجال وغياب الكتاب المدرسي وضعف تكوين المدرسين في هذه المادة الجديدة وعدم إشراك الفعاليات والمكونات الامازيغية, وعدم مرافقة هذا الإدماج بحملات تعبوية وتحسيسية للآباء والتلاميذ والقائمين بعملية التدريس بأهمية ومضامين مشروع تدريس الأمازيغية... لذلك, يمكن اعتبار هذه السنة تجريبية فقط بالنسبة لتدريس الأمازيغية, لكن هذا يستوجب, ومنذ الآن, العمل على تفادي كل الهفوات والملاحظات بالنسبة للسنة المقبلة, وبالخصوص العمل على فتح ورشات تكوينية طيلة هذه السنة, في وجه كل الراغبين والذين ينتظر منهم تدريس اللغة الأمازيغية مستقبلا. فإعداد الموارد البشرية بالشكل المطلوب, جانب أساسي لانجاح عملية تدريس الأمازيغية. إلى جانب ذلك, ينبغي اعتبار حملات التحسيس بأهمية تدريس الأمازيغية باعتبارها اللغة ألام, مسالة غير مرتبطة بموسم الدخول المدرسي, بل عملا دائما واستراتيجيا, يتعلق بالمصالحة مع الذات الامازيغية, ويفتح آفاق التنمية والتقدم بالنسبة للمجتمع كله. لذلك, لا ينبغي أن يقتصر تدريس اللغة الأمازيغية على الصغار وحدهم, بل يجب أن يهم الكبار أيضا, وبالنسبة للمناطق الأمازيغوفونية, سيعتبر تفعيل محو الأمية بالامازيغية عملا مهما ورهانا ناجحا بلا شك.... وبالموازاة مع ذلك, وفي إطار الإدماج المرتقب للأمازيغية في الإعلام السمعي البصري يمكن تخصيص برامج تهم تعليم الامازيغية لفائدة الصغار والكبار حيث ان الغلاف الزمني (3 ساعات) المقرر للامازيغية بالمدرسة، خلال هذه السنة, يبدو غير كاف, وينبغي أن يكون غلافا زمنيا مؤقتا, في أفق إضافة ساعات أخرى, تستوجبها أية لغة أخرى. فالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أمام محك عسير, وأمام لحظة تاريخية دقيقة, يتطلب تجاوزها بنجاح, استحضار أعضائه للروح النضالية التي تتطلبها القضية الامازيغية, والإصغاء لكل الملاحظات والانتقادات التي توجه إليه، والندوة التي سينظمها المعهد حول مسألة تدريس اللغة الأمازيغية يمكن اعتبارها وقفة إيجابية, تناقش خلالها الهفوات, وتتوضح الرؤيا والآفاق المنتظرة.. أما الحركة الأمازيغية, في حدود علمنا, الآن, لا تملك مشروعا بديلا عما يقدمه المعهد الملكي للثقافة الامازيغية, فهي لا تملك إلا المتابعة النقدية لهذا المعهد, والذين يرفضونه ـ اي المعهد ـ لا يقدمون بديلا عنه, أو بالأحرى, لا يفعّلون نضالهم من أجل فرض بديلهم. لأن تصريف المواقف عبر البيانات فقط, لا يجدي شيئا. (1) السياسة الجديدة العدد 454 الجمعة 10 أكتوبر 2003. |
|