|
في آخر تقرير للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان: انشغال عميق بالأمازيغية بقلم: رشيد نجيب سيفاو (أكلميم) كانت الحركة الثقافية الأمازيغية على صواب تام وهي تنقل أسئلة القضية الكبرى التي تناضل من أجلها إلى دهاليز وأروقة المنظمات الدولية المختصة، وخصوصا تلك المهتمة بحقوق الإنسان والديموقراطية. الشاهد على ذلك هو تخصيص الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان ـ وهي أكبر تجمع دولي لعصبات وجمعيات ومنظمات حماية حقوق الإنسان ـ أحد تقاريرها الأخيرة بالكامل للقضية الأمازيغية بالمغرب. وقد جاءت صياغة وبلورة هذا التقرير الدولي الهام أثناء مراجعة تقرير المغرب المقدم لدى لجنة محاربة التمييز العنصري بالأمم المتحدة، وهو أيضا خلاصة ما خرجت به زيارة مبعوثين خاصين من الفيديرالية الحقوقية إلى المغرب، وهما سامية سليمان المستشارة لدى عدة منظمات دولية للدفاع عن حقوق الإنسان، وإلين ورزونكي من مكتب المغرب والشرق الأوسط بالسيكريتارية الدولية للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان FIDH. اهتم التقرير بسرد مختلف الانتهاكات التي تتعرض لها الحقوق الغوية والثقافية الأمازيغية بالمغرب. وهي انتهاكات صنفها في إطار أعمال عنصرية وتمييزية تستهدف الشعب الأمازيغي. ولاحظ أن الانتهاكات تمس ممارسة الحقوق الثقافية، ومن ذلك تغييب اللغة الأمازيغية في النظام التعليمي رغم أن الملك الراحل ألح في خطاب له سنة 1994 على ضرورة تدريس "اللهجات" على الأقل في السلك الابتدائي. لكن اللجنة المكلفة بإصلاح نظام التربية والتكوين تغاضت الطرف عن ذلك الخطاب وأصدرت ميثاقا اعتبرت فيه الأمازيغية وسيلة أساسية تسهل تعلم العربية! ويتم كذلك منع اختيار أسماء أمازيغية للمواليد الجدد، إذ ترفض اللجنة العليا للحالة المدنية مجموعة من الأسماء الشخصية التي لها ارتباط بالأمازيغية مثل "إيدير" الممنوع في الدار البيضاء منذ 1998، "سيمان" بأكادير، "نوميديا" بورزازات، "سينمان" بالرباط، "ديهيجا" بكولميمة، "فازاز" بخنيفرة... وحيث إن اختيار الأسماء يضمنه الفصل الخامس من الاتفاقية الدولية المناهضة لجميع أشكال التمييز العنصري، فإن حق الأمازيغ مهضوم في هذا الصدد. في محور الانتهاكات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، أبرز التقرير أن الإدارة المغربية برمتها معربة وأن الإجراءات التشريعية تفرض مترجمين للأمازيغيين أمام جهاز العدالة وكأنهم أجانب في وطنهم! وعكس ما يثيره تقرير المغرب المشار إليه آنفا من أن هناك 11 جريدة تصدر بالأمازيغية، فإن هناك فقط 3 جرائد تصدر بطرق شبه منتظمة، وهي: "العالم الأمازيغي" (نصف شهرية)، "تاويزا" (شهرية)، أكراو أمازيغ" (شهرية)، وكلها تصدر في غياب الدعم الرسمي وبمجهودات شخصية نضالية بالدرجة الأولى. في المجال السمعي، هناك ثلاث محطات للإذاعة الوطنية خصصت إحداها للأمازيغية بمعدل 12 ساعة من البث على أساس 4 ساعات لكل لهجة. وتبث في الغالب أخبارا رسمية وأغاني فلكلورية تعود إلى سنة 1950، كما أن العاملين بها يعيشون في ظروف مهنية مزرية. والمعهد الذي يتخرج منه الصحافيون والإعلاميون يفتقر إلى شعبة خاصة بالأمازيغية، ولأن البث يتم على الموجات القصيرة، فإن التقاط هذه الإذاعة لا يتم على الصعيد الوطني بأكلمه. أما الإعلام المرئي بقناتيه الأولى والثانية فلا يقدم برامج بالأمازيغية وحول الأمازيغية باستثناء القناة الأولى التي تبث نشرة إخبارية باللهجات الثلاث ابتداء من الثانية والنصف زوالا على أساس ثلاث دقائق لكل لهجة. فيما يرجع لانتهاكات حرية تأسيس الجمعيات وحق التجمع، فقد أشار التقرير إلى أن العديد من الجمعيات الأمازيغية التي أسسها مناضلون أمازيغيون في احترام تام لمقتضيات قانون الجمعيات الملحق بظهير الحريات العامة، لا يتم تسليم وصل لها، الأمر الذي يعرقل عملها ودورها في المجتمع. ومن هذه الجمعيات "تاضا" أو كنفيديرالية الجمعيات الأمازيغية بالمغرب، "تامينوت"، الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة... منع مسيرة داعية لاحترام الحقوق الثقافية بكولميمة بالجنوب الشرقي ومضايقة مناضلين أمازيغيين هناك وهم علي حرش الراس، عدي ليهي وعمر الطاوس. كما تم منع اللقاء الثاني لموقعي "بيان من أجل الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب" الذي كان مقررا أيام 22 و 23 و24 يونيو 2001 ببوزنيقة. كما أن الدستور ـ وهو أسمى قانون في البلاد ـ لا يعترف باللغة الوطنية الأمازيغية كلغة رسمية. لقد ادعى التقرير الذي قدمته الحكومة المغربية بأن تنمية اللغة الأمازيغية تحظى بأهمية قصوى لديها. غير أن لجنة الفيديرالية لاحظت أن الأنشطة الثقافية الأمازيغية لا تحظى بتاتا بأي دعم رسمي، وأن الجمعيات الثقافية الأمازيغية لا تتمتع بمنح تقدمها الدولة المغربية على غرار باقي الجمعيات. في الأخير خرج التقرير بمجموعة من الخلاصات الأساسية، إذ دعت FIDH المغرب إلى ضرورة تجاوز جميع أشكال التمييز العرقي واعتبرت إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بداية لاعتراف رسمي بالبعد الأمازيغي، رغم ذلك عبرت الفيديرالية عن قلقها وأسفها لاستمرار انتهاكات الحقوق الثقافية الأمازيغية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعب الأمازيغي بالمغرب. وطالبت بالاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور والإدماج الفوري لها في جميع المستويات والأسلاك التعليمية. إنها إذن واحدة من المنظمات الوازنة عالميا والفاعلة دوليا في مجال حماية حقوق الإنسان، تدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بوضعية القضية الأمازيغية بالمغرب. فهل سيتم العمل بتوصياتها؟ |
|