|
|
اِحترافُ العنصريّة ضدّ الأمازيغيّة بقلم: محمود بالعشير كل من حاولَ استقراء التاريخ بحس موضوعي، لا ينطوي على نزعة إثنية أو دينية أو جنسية...، يتجلى له بالدلائل والحجج الدامغة أن مسلسل معاداة الأمازيغية قديم لدرجة أنه تأصل في ذاكرة الأمازيغ. وفي الحديث عن هذا ما يحتّم علينا استحضار ممارسات تعسفية قمة في الإقصاء للمكون الأمازيغي وموروثه الثقافي والحضاري، وتنمّ ــ هذه الممارسات ــ في ذات الوقت عن "شوفينية" غاية في الهمجية. أمازيغ المغرب لم ينسوا وقائع تاريخية ظل نحسها يطالعهم في كل صبحية وعشية. فهو ذا بنبركة الذي لم يتفلسف كثيرا في تعريفه للإنسان الأمازيغي، فقال عنه بكل طلاقة لسان بأنه الإنسان الذي لم تطأ قدماه حرم المدرسة. الرجل عينه ولحمه يصف انتفاضة الريف عقب اغتيال زعيم جيش التحرير الشهيد عباس لمساعدي، بأنها انتفاضة إقطاعية لا غير. وأمام هذه التصريحات التي يندد بها عقل كل حر عبر العالم، ويندى لها جبين كل من قرأ التاريخ وعلم عن الوجود الأمازيغي القديم والحديث بشمال إفريقيا عامة والمغرب خاصة، ولو قبسا في ظلمات يحسبه الضمآن ماء. إذن بهذه النبرة المتعصبة لعرق ولإثنية متغطرسة في حق الإنسان الأمازيغي من لدن حاملي الإيديولوجية العروبية الإقصائية والفكر الشوفيني البشع والبعيد تمام البعد عن ثقافة ساكنة ثامزغا الأصليين. ممارسات عهدناها حتى باتت الأمازيغية في شخوص مناضليها من المحظورين في وقت غير بعيد من تاريخ المغرب المعاصر، واعتُبر النضال في صفوف الحركتين الأمازيغية والثقافية الأمازيغية إجراما تَحَرَّكَ له المخزن بالعصا و"الزرواطة" في أكثر من واقعة، كما اتُّهم مناضلو الأمازيغية في غير ما محطة بأنهم متطرفون وعنصريون يرنون لإشاعة الفتنة والطائفية والمساس بوحدة المغرب، وهو ما كان خزعبلة وترهة مختلقة لتبرير الممارسة التعسفية التي تم تبنّيها من قبل جهات معروفة في كبح جماح النضال الأمازيغي. وبدون الوغول في تفاصيل وجزئيات هذا الملف الأسود الذي سيظل يشهد ويفضح المنادين في بلادنا بحقوق الإنسان، وما شاكلها من شعارات رنانة لا تكاد تجد لها تلميحا واحدا في الواقع يجعلك تصدق بها. ففي وقت ليس ببعيد عنا صرح عباس الفاسي قبل استوزاره بأنه سيعمل ما في وسعه لئلا يتم ترسيم الأمازيغية. الأدهى والأمر في هذا أن الدولة تبنّت هذا الموقف المعادي لأكبر مكون من مكونات المغرب من حيث العدد وأعرقها من حيث الأصالة والقدم، في شخص وزير داخليتها الذي أودع ملفا لدى رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 06 غشت 2007 يطالب فيه بحل الحزب الديموقراطي الأمازيغي استنادا إلى أحكام المادتين 53 و 04 من القانون 36-04 المنظم للأحزاب السياسية بالمغرب، وهو ما اعتُبر من لدن الأحرار من داخل المغرب ومن خارجه سلوكا لا يليق بجهاز رسمي ينتمي لمؤسسات الدولة، سلوك لا تبرره من القانون أية مادة. وقبل هذا تم توسيع دائرة الاعتقالات في صفوف مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية بأكثر من موقع جامعي (إمتغرن، أمكناس...) كما أقيمت محاكمات صورية، ولم يسمح للمناضلين بفرص أكبر للدفاع وشرح مواقفهم. تعددت إذن حلقات العداء للأمازيغية، وتضاربت الأوجه التي احترفت العنصرية ضد كل ما يمتّ لإيمازيغن. وفي الآونة الأخيرة انضاف إلى لائحة الفريق الرسمي الذي يتقن لعبة التهكم عاى القضية الأمازيغية، أحد أكبر الأمازيغوفوبيين في تاريخ المغرب الحديث. إنه محمد زيان أمين عام الحزب الليبرالي المغربي ونقيب المحامين بالرباط. فقد صرح هذا المنظر الجديد لليبرالية ـ وعلى الطريقة التي لا يتعاطى لها ديمقراطيو العالم ـ، صرح لجريدة "الأسبوع" في عددها الجمعة 07 دجنبر 2007 بأن فصيلة القرود ستسبقنا إلى التطور في حالة ما إذا تبنى المغرب مطالب الحركة الأمازيغية،كما أعلن عن مطالبته بعدم دسترة الأمازيغية، وقال بأن ترسيمها سيعيد المؤسسات الإدارية للدولة مائة عام إلى الوراء، ذات الرجل طلع على إيمازيغن المغرب عبر برنامج "تيارات" الذي تبثه القناة الثانية، في ماي 2007 ليكشف عن نواياه المعادية للأمازيغية، حيث صرح بأنه عاهد الله على أن لا تتم دسترة الأمازيغية. وما يجعلنا نقيم عزاء حارا وساخنا فيه من الخشوع ما يفتح أبواب السماء والأرض، كون هذه الممارسات المتعصبة ضد الأمازيغية صادرة عن رجالات ادعت المعرفة بحقوق الإنسان، وأكثر من ذلك رجالات تنتسب من حيث الجسد ـ وليس من حيث الفكرـ إلى الأمازيغية، فمحمد زيان ابن الأب الريفي والأم الملقاوية ووليد ملقا بإسبانيا. إذن اختلفت المتناقضات وتعدد التعسف، ولا شيء إلا التطاول على إيمازيغن، ليس إلا لأنهم إيمازيغن الأحرار والنبيلون، هنالك دعوى ينادي بها الوقت فورا وأكثر من ذي قبل: على الأمازيغ أن ينتموا إلى الأمازيغية وأن يتوحدوا فيها، وأن يدركوا يقينا أن المراهقة السياسية التي ينهجها ربان اللعبة ببلادنا، سحابة صيف، وأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ، وغضب الثوار إذا غضبوا أعظم، وأعظم... تذكر: أعظم.. |
|