|
|
الأمازيغية و مكر التاريخ بقلم: عمر شكري (خنيفرة) حري بنا أن نستوعب الدرس الكردي ونستخلص منه العبر تلو العبر. فوضع الكردي الذي يعيش تبعات لعنة الجغرافيا، أعقد وأصعب مقارنة مع وضعنا نحن أبناء مازغ. لقد عانى الكردي الأمرين جراء العيش بمحاذاة أكبر وأشرس القوميات الشوفينية على مّر التاريخ. فالقومية التركية في الشمال الغربي والقومية العربية في الجنوب والقومية الفارسية في الشرق، ورغم كل هذا ناضل ودافع واستمات بل واسترخص الغالي والنفيس في سبيل الوطن، واستطاع أن يحطم، وإن بعسر شديد، قيود أعتى الديكتاتوريات، ليرسم لنفسه ملامح خاصة وينزع لذاته مساحة وهوية وأنا وموطئ قدم. لعل الدرس الكردي يحوي الكثير من العبر والدروس التي وجب علينا استخلاصها. فقد أبانت القيادات الكردية وفي غير ما مرّة عن نضج سياسي وإيديولوجي ورصانة فكرية من الطراز الرفيع وهي تواجه أقوى وأعتى الدول إقليميا. ففي حربها الأخيرة مع القوات التركية المدججة بالعتاد الحربي والأسلحة المتطورة، وحراك ديبلوماسي رفيع المستوى، في خضم هذا الجو المشحون أظهر الشعب الكردي هو الآخر لحمة اجتماعية قل نظيرها وتجاوبا هوياتيا وجدانيا في منتهى الفطنة والذكاء ووقف الأكراد وقفة رجل واحد في كل أرجاء كردستان للتصدّي للعدوان التركي الغاشم واستطاعوا أن يزلزلوا أركان تركيا، حيث أربكوا أوراقها وحساباتها. إذن من حيث المعطيات فالوضع الكردي وضع لا يحسد عليه قيّاسا على وضعنا نحن الأمازيغ وإن كانت لعنة التاريخ تلاحقنا من كل جانب بحيث لا زلنا نجتر خطايا الماضي ممّا جعل عملية البناء في منتهى الصعوبة خاصة مع غياب الرؤية والبوصلة الفكرية والإيديولوجيا. تبدو الفرص مواتية جدا، إن على مستوى الوضع والمناخ الوطني والقطري أو على المستوى الدولي، والمطلوب هو أن نجيد استثمارها لصالح القضية الأمازيغية، بطرح جملة من القضايا المشروعة. فكيف لهذا النبيل الحر، كما تحكي ذلك أساطير الجدات وكما يحلو لنا أن نسمي أنفسنا، أي حرية هذه ونحن محرومون من أبسط الحقوق وربما من الحقوق الأكثر بدائية. والطامة العظمى أننا نتعرض للإبادة الثقافية والحضارية جهارا نهارا وفي عقر دارنا؟!! أي حرية هته وقنوات العالم الحر تثيرنا وتستفزنا في منح حق الإشارة للبكم، وحق الشواذ في ممارسة حياتهم كما تصورها لهم فلسفتهم... إن الوضع الدولي مناسب جدا كي يعلنها ابن مازغ ثورة حقوقية هوجاء لا تبقي و لا تذر، خاصة مع رفع دعوى قضائية ضد الحزب الأمازيغي الديمقراطي، إنّها دعوى قضائية في حق الشعب الأمازيغي واغتيال وإجهاز على حضارته وهويته الأمازيغية، أعتقد أنها فرصة ذهبية لقراءة اللطيف الأمازيغي، بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وفق منطق مكر التاريخ الهيجلي ( نسبة إلى الفيلسوف هيجل). فهل سيقف ابن مازغ وقفة رجل واحد؟ وهل سيكون في موعد مع التاريخ، و في مستوى الحدث ؟!!. إن أصنام العروبة الغاصبة آيلة للأفول وتشهد زمن الاحتضار، أما إيديولوجيتها البائرة فما عاد أحد يعبأ أو يؤمن "بعقيدتها" النرجسية، ولا أحد ينسحر بخطابات دجّاليها، حتى أهل الدّار فطنوا بعد طول غفوة استفاقوا على حجم غدر وظلم القربى. إن ملّة العروبة لشاهدة على بداية نهايتها، إنها تعيش خريف عمرها، فأضحت أوراق العبثية عفوا البعثية العفنة تتساقط تباعا. لقد آن الأوان أن تعود المياه إلى مجاريها بل آن الأوان أن تعود الطيور الكاسرة إلى جبالها الشامخة، إلى أوكارها، حان زمن العمل بالقول الأمازيغي المأثور: » «Amxib ur as ttighzi ughenbu nnesإن الخنزير البري Ilef (أبولخير) يؤمن وبقوة أنّه عبثا يرجو نتيجة مرضية إن هو أوكل غيره للحفر بدله، فالتعيس في نظره هو من يعتمد على غيره في أمور حاسمة، إن الاستقواء بالآخر ضعف وجبن، سنجني الريح، الموت المحقق إن نحن اعتمدنا على أعدائنا- و هم كثر- لإدماج الأمازيغية في التعليم أو لإنصاف الأمازيغية في الإعلام "الرسمي" أو... أعتقد أننا بفعلنا هذا إنما نمنح الخصوم الفرصة الذهبية لإقبار الأمازيغية بغير رجعة ودقّ آخر مسمار في نعشها. إن الأمازيغ أدرى بجسامة وثقل قضيتهم، إنهم أكثر وعيا وتوجّسا على كنزهم الوحيد في هذا الكون، فبقاؤهم رهين ببقائه وقوتهم رهينة بقوته. من هنا فالتّعويل على الآخر مضيعة للوقت والجهد وعربون على سذاجة ما بعدها سذاجة أو خيانة ما بعدها خيانة. إنه انتظار لما قد لا يأتي في زمن عالم معولم أو فكر معورب . من البلادة إذن أن نلسع مرّتين، أو أن نعلّق آمالنا أو أن نحلم في سرير الآخر الغاصب أيا كانت مبرّراته و أيا كانت إيديولوجيته، مهما وعدتنا بحور العين؟!! فالظاهر "فردوس" لكن الكامن كلّه جحيم. ألم يئن الأوان للثعابين المروّضة أن تستفيق من تخديرها و تتمرّد على Bu ifaghriwen الذي وضعها في صندوقه العجيب، بعدما اصطادها وأزال بطبيعة الحال سمّها وأجهزة دفاعها، ثم عرضها رسميا في حفل قران مخجل، إنه قران القوّة بالضعف، العنف والمهادنة. أسفر، وبعد ولادة قيصرية، على ازدياد مولود لقيط من نوع irkan عفوا Irkam فكان حفل عقيقته زوبعة فنجان ليس إلا، و بعد ستة أيّام من الباكور وافتضاض البكارة هدأت الأمور. وطرحت الثعابين أرضا كما يطرحها المروّض في ساحات جامع لفنا حيث يثيرها حسب نزواته بمزاميره وقرعات دفوفه، فترقص إن هو أرقصها، وتهدأ إن هو أهدأها. مستجديا السياح بها ومسترزقا من عروضها.أكيد جدا أن الثعابين المروضة لم تعد تخيف صاحبها، لكن ما أخشاه أن ينقلب السحر على الساحر وينقلب الهيام والعشق إلى قصة حب سرمدية تتجذر معها العلاقة في إطار سمفونية الرباط المقدس تجعل الثعابين تتمسح بأعتاب المروّض ووتتمسك بأهدابه وتحاول أن تخطب ودّه، خاصة بعد ما أذاقها دفء مملكته ونعومتها. فما أصعب حرّ الشمس زمهرير السراديب والجحور! إن المروّض إما أن يذيقك دفء ونعومة مملكته وإما أن يذيقك زمهرير الزنازن إن أنت ناوشته ونازعته في "شرعيته" ويبقى الطلبة خير ما يجسّد هذا النموذج لأنّهم فئة عصية على التركيع فما بالك بالترويض. أي تشرذم هذا وأي انحطاط هذا؟ ألم تزعزع الحركة الأمازيغية - قبل أن تؤرخ سنة 2001 لافتضاض بكارتها - عرش العروبية وهي تتحدث وتخطط لتاوادا، أياّم كانت الصقور تشعل نار الوعي في هشيم العربان بندواتهم الجريئة وتنظيرهم الثاقب. ماذا بقي من كل هذا؟ عويل في الشمال وعواء في الجنوب وصياح في الوسط. أتبخّر حلم تامزغا ؟ وهرول الرفاق بدون سراويل لقرع طبول الحكم الذاتي دون نظرة إستراتيجية. أليس هذا تطبيعا مع المخزن وتكريسا لواقع التّلهيج؟ أيهما أسبق، الديمقراطية الحقة أم الحكم الذاتي؟؟!! |
|