|
|
حوار مع الفنانة الأمازيغية «تيفيور» حاورها: سعيد بلغربي تمهيد: في متاهات الريف العميق، من جبال آيت الطيب ينطلق صوت طفولي يحمل في أنفاسه رسائل بحلم أمازيغي كبير وحنجرة شجية صغيرة، رسائل مشحونة بمبادئ إنسانية راقية، تحكي أمجاد التاريخ من خلال أسئلة حزينة (أثيشظين ؤييس، أبريذ ن مولاي موحند مانيس؟) وأخرى تدعو إلى تحريك النازع الإنساني في الطفل الأمازيغي لكي ينخرط في اكتشاف المكونات الحضارية لثقافته ولغته الأمازيغية. "تيفيور" وهو الاسم الفني والنضالي للفنانة الأمازيغية إيمان بوسنان والتي تبلغ من العمر 15 سنة، اختارت الأغنية والأنشودة الأمازيغية كفضاء ملتزم وهادف لتفجير طاقاتها الإبداعية والغنائية، وذلك ضمن فرقة تيفيور التي تأسست سنة 2003 في أحضان جمعية بويا بآيت الطيب بالريف المغربي، هذه الجمعية التي ساهمت بشكل فعال في اكتشاف وصقل موهبتها الإبداعية. شاركت تيفيور في العديد من الأنشطة الثقافية والفنية التي تنظمها مجموعة من الجمعيات الأمازيغية وفي أنشطة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمواقع الجامعية بكل من الناظور، الحسيمة، طنجة، وجدة، مكناس، تازة والرباط... كما شاركت في مهرجان الحسيمة وفي المهرجان الدولي لأغنية الطفل بالرباط والذي حازت فيه على المرتبة الثالثة وطنيا. سؤال: كيف جاء اختيار تيفيور لأغنية الطفل الأمازيغي كمجال للتعبير وكفضاء للتواصل مع مخيلة الطفل الأمازيغي؟ جواب: يعتبر فضاء جمعية بويا بآيت الطيب المكان الذي كنا نرتديه أنا ومجموعة من الأطفال حيث كنا نمارس أنشطة ثقافية وفنية كالغناء والمسرح... إلا أنني وجدت راحتي في مجال الأغنية الأمازيغية الهادفة. س: أنت كمبدعة أمازيغية ما هي الرسالة التي تريدين تبليغها للطفل عبر الأغنية الأمازيغية؟ ج: الرسالة التي أود إرسالها للطفل الأمازيغي وهي أن يكون هذا الأخير واعيا بهويته الحقيقية وأنه ينتمي إلى ثقافة غنية يجب أن يهتم بها. س: أغاني تيفيور تناقش الهم الهوياتي والتاريخي بحمولة قوية ... في نظرك هل الطفل الأمازيغي مستعد لتجاوب مع الرسالة التي تودين تبليغها عبر أغانيك الملتزمة؟ج: طبعا لا يمكن للطفل في هذه المرحلة أن يستوعب مضمون هذه الأغاني لكنه سيكون مستعدا للتجاوب معها، ومن الأساليب التي أرى شخصيا أنها أساسية لخلق تواصل مع الطفل وذلك باختيار المواضيع البسيطة التي يمكن للطفل أن يستوعبها بسرعة من خلال توظيف الشخصيات والأحداث الأسطورية وتوظيف الحكاية الشعبية بالريف مثلا. س: في ظل غياب اهتمام إعلامي سمعي بصري بأغنية الطفل وبانشغالات الطفل الأمازيغي عامة، ما موقفك من هذا التهميش الممنهج؟ ج: الطفل الأمازيغي يعاني التهميش من جميع النواحي وهذا ناتج عن إهمال المهتمين والإعلاميين لهذا المجال الحيوي، في رأيي يظل الطفل من أهم الشرائح المجتمعية التي يجب الاهتمام والإعتناء بها، لأن البناء السليم لتربية وثقافة الطفل هو في نفس الوقت بناء لغد أفضل. إذن في ظل غياب أوراش حول الطفولة بالريف تقف كثير من العوائق في طريق الدور التربوي والتثقيفي لأغنية الطفل الأمازيغي، لكن هذا ليس مبررا لكي نقف مكتوفي الأيدي. س: هل تعتقدين أنه في الريف بدأنا نؤسس لأغنية الطفل الأمازيغي من خلال تجربتك الغنائية الملتزمة إلى جانب تجارب أخرى تحتفي بأغنية الطفل، أم هناك شروط أخرى لا بد منها لتحقيق هذا التأسيس؟ج: من الصعب القول بأننا بدأنا نؤسس لأغنية الطفل الأمازيغي، على الرغم من بروز بعض المحاولات في الساحة الفنية بالريف من حين لآخر، هناك مجموعة من الإكراهات تعيق المواصلة والاستمرارية وغياب مجموعة من الشروط الأساسية لإنجاح هذه الأغنية مثل افتقار الساحة الإبداعية بالريف إلى القصيدة الأمازيغية الموجهة بالخصوص للطفل وغياب الملحنين المحترفين والأوراش المهتمة بالطفل. كل هذه العوامل تعيق شروط التأسيس، ولهذا يجب على المهتمين التفكير بجدية في خلق حلول ناجعة للنهوض بالطفل الأمازيغي. س: أصدرت فرقة تيفيور مؤخرا شريطها الغنائي الأول الموجه للطفل الأمازيغي، ما هي انطباعاتك حول هذا العمل الفني وهل هناك مشاريع أخرى لدى الفرقة تنوي إضافتها للمكتبة الصوتية الأمازيغية؟ ج: نعم، الشريط الغنائي الأول الموجه للطفل كان أول عمل تصدره مجموعة تيفيور، وهو عمل متواضع لم يكن في مستوى طموحات المجموعة نظرا للعديد من المشاكل التي صادفتنا، ولكن على العموم يضل الشريط كتجربة أولى ولكل بداية عثرات. وهناك أعمال مستقبلية أخرى نتمنى أن تكون عند حسن ضن الجميع. س: في نظرك هل يؤثر غياب اختصاصيين وشعراء أمازيغ في مجال أدب الطفل الأمازيغي بالريف على مسار الأغنية الأمازيغية الموجهة للطفل؟ ج: كما قلت لك سابقا من بين العوامل الأساسية لإنجاح الأغنية الأمازيغية الموجهة للطفل هو العمل على توفير القصيدة والتلحين لأنه لا يمكن تحقيق أي نجاح لأغنية في ظل غياب لهذه العناصر الأساسية بالإضافة طبعا إلى جانب أصوات في المستوى تجيد الأداء. س: كل تجربة إبداعية تعترضها مجموعة من المشاكل والعوائق، تيفيور الفنانة وتيفيور الفرقة ما هي العوائق والصعوبات التي تواجهها؟ ج: ما أكثر هذه العوائق! أذكر على سبيل الجرد لا الحصر، غياب دار للشباب، دار للفتاة، مراكز وأندية ثقافية وموسيقية... بآيت الطيب والريف عامة، حيث يمكن توفير مجالات وفضاءات محترمة للتداريب والتمارين، أضف إلى ذلك الغياب التام للدعم المادي والمعنوي من طرف المسؤولين من أجل التنقل لحضور مختلف الأنشطة والمهرجانات خاصة وأن الجمعيات الثقافية لا يمكن لها تغطية جميع المصاريف من أجل إنجاح أنشطتها. س: في كلمة أخيرة، ماذا تود تيفيور أن تقول للمهتمين بأغنية الطفل بالريف؟ ج: ما أود قوله للمهتمين بأغنية الطفل بالريف هو أن يكثفوا اهتماتمهم بهذا المجال الحيوي، لأن الطفل الأمازيغي بالريف في حاجة ماسة لأيادي وقلوب نظيفة ترد له الاعتبار. (حاورها: سعيد بلغربي، Amazigh31@hotmail.com، 15/01/2008)
|
|