|
|
وثائق تاريخية: الحلقة الخامسة رسائل سرية في شكل تقارير مخابراتية بين محمد الحضري[1] ورجال المخابرات الفرنسية إعداد : د. مصطفى الغديري، أستاذ باحث كلمة تقديميةنقدم لقراء"ثاويزا" مجموعة من الرسائل تعود إلى قرن ونصف تتضمن ملامح من الديموغرافيا التاريخية لتوافرها على مجموعة من الأشخاص بصريح أسمائهم وآخرين بالإشارة إليهم، وفئة ثالثة ذكرت بالرمز الذي يمثل شبه شفرة سرية. من هؤلاء القنصل الفرنسي جاجير شميث ونائبه كتيل فري والداهية الفرنسي"ليون الروش" وقدور السعيدي الطنجاوي، وقائد تازة السيد أحميدو، وأولاد القائد محمد أشعاش، والحاج ميمون اليزناسني. بالإضافة إلى الأسماء الصريحة نجد إشارات عامة إلى آخرين بدون تسميتهم في صيغة الإفراد تارة، وفي صيغة الجمع تارة أخرى، منهم الطبيب الفرنسي وقائد الباخرة الفرنسية التي زارت السيد محمد الحضري بقريته لحضارة بفرقة إزعوماً ببني سعيد، وأخوة المسجون القلعي الذي كان بتطوان، وجماعة من الأشخاص من قرية إعزاناً، وسبعة أشخاص أجانب ينتسبون إلى مالطه سقطوا في أسر قرية إعزانا حين قام سكان هذه القرية بإلقاء القبض على سفينتهم بشواطئ بني بوغافر بقلعية، وتم ذكر قائد مليلية وصبي وجد داخل هذه السفينة،كنا ذكر جماعات من فبائل مختلفة بالريف الشرقي وإقليم وجدة من ذلك : عرب أنكاد وأولاد منصور والمزاور وأولاد الصغير والسجع وبني بوزكو وأولاد ستوت وكبدانة. وإذا كان الجانب الديموغرافي يتوافر في هذه الرسائل فإنها تكشف أيضا عن جوانب أخرى تتعلق بتسريب معلومات تتعلق بالتراب الوطني في القرن التاسع عشر حين كانت فرنسا تتهيأ لاستعمار المغرب على غرار فعلتها في الجزائر، كما تكشف من جانب آخر على هشاشة الأمن الداخلي للمخزن المغربي، وسهولة اختراقه من لدن رجال المخابرات الأجانب الذين كانت مختلف مناطق المغرب تعج بهم؛ فالسيد محمد الحضري الذي كان سلاطين المغرب في القرن التاسع عشر يتعاملون معه بطريقة مباشرة على أساس أنه محبهم الأرضى، ويسمونه السيد البركة والقدوة الحسنة، ويعتبرونه عين المخزن المغربي في المناطق الشمالية الشرقية (كما سبق ذلك في الوثائق التي نشرناها على صفحات تاويزا) ونجده أيضا من كبار المخبرين ـ كما توضح وثائق هذه الحلقة ـ إذ يقوم بتسريب معلومات عن الوضع الداخلي للمخزن المغربي ويقدمه لمخبري الدول الأجنبية التي تجس نبض المغرب استعدادا لاستعماره، منها فرنسا خاصة، كما أن هذه الرسائل التي أرسلها إلى قنصلها جاحير شميث ونائبه كتيل بالمغرب،وقد كان الأول يقوم بدور رجل المخابرات فضلا عن المخبر المحترف"ليون روش" الذي كان يتجول بمختلف الدول العربية للقيام بالمهمة نفسها،الأمر الذي يكشف عن قدم نظام التجسس لصالح من يعطي أكثر من الدول الأجنبية، كأنما كان قدر المغرب أن يكتب عليه هذه الآفات التي كانت تنخر جسمه منذ القديم. ولعل أسلوب هذه الرسائل يكشف عن ذلك بوضوح كقول السيد الحضري الموجه إلى هؤلاء المخبرين (وهو من أعيان السلطان في المنطقة)"اكتم سرنا لأن المخزن يتجسس علينا وعلى أمرنا معك""وقالوا الحضري له كلام مع الفرنسيس" وسرنا يبقى معكم"،"وإن كانت حاجة في ناحيتنا فأشرنا عليها تقضى المراد"،"وأخبرنا أن فلانا الروش"، وتراني لا نثق في المخزن أبدا" ويتوصل بهداياهم ورسائلهم،ويمدهم بمعلومات دقيقة عن الصراعات والخصومات بين مختلف القبائل والفرق… وغيرها من التعابير التي تدل على تسريب المعلومات عن الأوضاع الداخلية. ومما يستغرب له أن هذا الرجل كانت له مراسلات مباشرة مع سلاطين المغرب الثلاث الذين عاصرهم: عبد الرحمان بن هشام، ومحمد الرابع، والحسن الأول كما تشهد على ذلك مراسلاته التي نتوفر على نسخ مصورة منها. وبالرغم من أن أسلوب هذه الرسائل يكاد يكون عاميا في عباراته لكنه يمثل نموذجا راقيا من التعامل المخابراتي مع الأجانب، وبخاصة أن هذه الرسائل لم تكن بعيدة عن وقت حدوث معركة إسلي بوجدة واحتلال جزر كبدانه (أو جزر الشّفّارة على الأصح كما سبق أن أوضحنا في أكثر كم مناسبة)، إلا ببضع سنوات، وهذا له دلالات أخرى على أطماع فرنسا في احتلال المغرب. وهذه الرسائل الخمس تأتي كلها في سياق إمداد فرنسا بمعلومات عن الوضع الداخلي للمغرب. وغايتي من وراء نشرها هي تقديمها للباحثين الذين يعتمدون الوثائق في ترميم تاريخنا في القرن التاسع عشر، منه تاريخ منطقة الشمالية الشرقية خاصة. والحمد لله أولا وأخيرا.
********************************* الوثيقة السابعة والعشرون [2] الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما المحب الأود الذي اشتاقت له القلوب،وحال بيننا وبينه علام الغيوب مـــزز[3] أعانك الله ووقاك وحرصك. وبعـد؛ فقـد غـاب عنـا خبـرك، وهـذه أيـام وشهـور وسنيـن ودهـور لـم يظهـر عندنـا كتابـك ولا خبـرك، وكنت أظن ألا ينقطع علينا كتابك ولو تكون من وراء سبعة أبحر. وصاحبنا قدور السعيدي [4] قطع علينا رجله وخبره، وأرسلت لك بطاقات ولم يظهر عندنا جوابه،وكذلك بلغني خبرك أنك في مدينة الجزائر، وأرسلت لك بطاقات ولم يظهر عندي الجواب إلا رجل قدم علينا يوما وقال لي: فلان الــروش[5] يسلم عليك، لقيته في مدينة أبليدة [6]، ولا بد لك من الجواب يصل إلى صاحبك موزي يمكنه لصاحبنا قدور السعيدي الطنجاوي. فإن سألت عنا فنحن والحمد لله في عافية ونعمة من الله شاملة، وبلادنا وجميع ناحيتنا لا بأس عليها، وأعطى الله الخير الكثير في هذا العام، وأصلح فيها الربح والزرع والنحل والفجل [7]، ولم يخص بلادنا سوى شيء من أحكام المخزنية[8] ترى قبائلنا فاسدين لم تصل إليهم الحكومة[9]. ترى قبيلة لحلاف[10]فاسدين ليس عندهم مخزن، والسيد أحميدُ عامل تازة لم يظهر له حس[11]، وأصحابنا أولاد القائد محمد عشعاش حبسهم السلطان وطلّعهم إلى فاس[12]، وقد تغيرنا من أجلهم غاية، فالله يطلق سراحهم عن قريب إنه سميع مجيب، والسلام. في 25 جمادى الأولى عام 1261 هـ ويوافق هذا التاريخ 27 أبريل 1851م [ بدون إمضاء مغلق ولا مفتوح ] ********************************* الوقيفة الثامنة والعشرون * الحمد لله وحده صلى الله على سيدنا محمد وآله محبنا وغاية ودنا قونص الافرنسيس[13] أعانك الله، وسلام عليك السلام التام. وبعد؛ بلغنا أنك سائل عنا وعن كافة إخواننا، ونحن كذلك سائلا عنك وعن حالك أجرها الله على وفق مرادك. وإني نحب الدولة الافرنسيس لما فيهم من الصدق والعهد الصالح الذي ليس فيه شك ولا خلاف، وسلم على قونص طنجة أشميث[14] وعلى خليفتهُ كتيل[15] سلاما كثيرا،وقل للخليفة كتيل إن المكحلة[16] التي أعطيتَ لإعزانا [17] فتراها عندي في داري وكانت باعوها، وبحثت عليها حتى رديتها من حوز تازة، وتراها عندي. وغير هذه الساعة نرسلها لك مع الذي نثق به، وكن مطمئن البال. وأما القدوم الذي قدم عندي الخليفة كتيل فرَيْ بلغ الخبر ولد السلطان[18] بلغوه الحساد كالذين يأخذون الأجرة عن الكذب، ولا يخفى عليكم، وقالوا له الحضري[19] له كلام مع الافرانسيس ويقدمون عنده إلى داره[20]. وتراه باحث على هذا الأمر؛ فالله يحل بيننا وبين شرهم، ونحب محبتنا معكم تكون مستورة [21] وسرنا معكم كذلك، ولا يخفى عليكم أمر الناس والمكحلة التي عندي حتى يسرح البحر مع الصبانوا[22] نرسلها لكم، لأن الصبنيول لم يجوز المكاحيل في البحر في هذه الساعة،وإن كانت حاجة في ناحيتنا فأشرنا عليها تقضى على المراد[23] بالله تعالى، وعلى محبتك والسلام. محبكم محمد الحضري السعيدي وفق اللهبدون تاريخ [24] ********************************* الوثيقة التاسعة والعشرون
الحمد لله وحده صلى الله على سيدنا محمد وآله محبنا في الله وأعز ما لدينا القونص [25] نائب دولة الفرنسيس ومحبنا خليفته[26] أعانكم الله وأرشدكم وأعزكم وسلام عليكم تام معطر بالمسك الأصفر وعنبر الخام. وبعد؛ حين قدمتم علينا إلى دارنا فاستعظموا ذلك أهل بلادنا وسار ذلك عند الخاص والعام [27]، ومنهم من عظم ذلك ونسبوا لنا ما لا يليق بذكره، وأخذ علينا العامل، وكتبوا بنا إلى السلطان حتى ضاق بنا الحال غاية، وكانت المحلة قادمة من فاس على هذا الأمر، وباقي لم يظهر عندنا شيء منها. وأما أهل إعزاناً فقد كانت قبيلة قلعية اجتمعت عليهم بنية يأخذوا لهم ويخرجوهم من مكانهم، ويسكنون في موطنهم أحد آخر[28]، وقالوا لهم حين قدم عليكم بابور الفرنسيس لم تعطونه البارود وذلك بأمر المخزن [29]، وكتبنا للمخزن وقلنا له لا فائدة لك في أكل أعزانا [30]، واترك سبيلهم وأنا الضامن فيما يلزمهم، وقد كتبوا لنا إعزانا بذلك وقالوا لي بالفضل منك تكتب للقونص لا يرجع عندنا في هذه الساعة، فتراه إن قدم لمرستنا [31]يضربوه ناس القبيلة بالبارود، وذاك أغُنَانَ فيها[32]،ولقد حركت القبيلة بأجمعها، ودخلنا في بعض من يحبنا منهم وخلوا القبيلة ورجعوا عنهم، ولم يأخذوا منهم شيئا، وتراهم يسلمون عليك غاية السلام، وأما أنا باقي لم يظهر أمرنا مع المخزن[33]، وتراني لا نثق به أبدا [34]، وقد نسبوا لنا أهدى لنا القونص مالا كثيرا وعنده كلام بينهم، واليوم نحبك تغفل عن القدوم إلينا حتى يظهر ما يظهر، وإن كان لك كلام معنا أرسله مع ولد أخينا حامل الكتاب، تراه قادما إلى ناحيتكم، وسلم منا على الرايس[35] الذي قدم معك إلينا وعلى الطبيب الذي كان معكم. وأما الإنجليز فقد قطع الطريق على فلوكتنا[36] كانت مسافرة لتطوان في موضع يقال له الجبهة[37]، وضربوهم بالبارود، وضربوه أيضا بالبارود وهربوا له إلى البر، ولم يأخذ منه شيئا، والحاصل اترك عنك سبيل الإنجليز حين لم يقبل كلمتك، فتراه يفتش عليك. ولا بد لك تكتب كتابا لإعزانا وأنت معهم على عهد،وعلى محبتك والسلام.في 12 محرم الحرام عام 1271هـ. محبكم محمد الحضري السعيدي وفقه الله
ونحبك تكتم سرنا على المخزن ولا يطلع علينا لأني أخاف من ضرره كما لا يخفاك [38]. ويوافق التاريخ أعلاه 5 أكتوبر لسنة 1854 م. ********************************* الوثيقة الثلاثون[39] الحمد لله وحده ولا يدوم إلا وجهه وصلى الله على من لا نبي بعده محبنا وغاية ودنا قونص الافرنسيس [40]وخليفته[41] أصلحكم الله وسلام عليكم ألف سلام وألف من التحية والإكرام وبعد؛ فالأمر الذي نعلمكم به بأن القائد متاع مليلية وهو الصبانيول يقطع الطريق في البحر على المسلمين، والمسلمين كذلك، وترى في هذه الساعة طلعوا بعض من قلعية إلى مركب كان في البحر وهو إخوة المسجون[42] الذي هو في تطوان على يد الإنجليز، وحين رآهم جماعة إعزانا[43] تبعوهم ووجدوا حبسوا المركب، ووجدوه موسوقا بالفحم متاع الحجر، وفيه سبعة رجال وأخذوهم، وخلطوا عليهم جماعة إعزانا بقوة عظيمة ووجدوهم أخذوا ما في المركب وتركوا المركب في البحر، وقالوا لهم ترجعوا معنا إلى المركب وإلا تعطون ما أخذتم منه من المتاع، ووقفوا على القتال في البحر وفكوا لهم السبعة رجال الذي وجدوهم في المركب، وقدموا إلى المركب ولم يجدوا فيه سوى الفحم، واشتغلوا يجرونه وقام عليهم الريح حتى قربوا على مليلية وخرج معهم الصبانيول من أمليلية وتركوا المركب في البحر وأخذه الصبانيول، والرجال الذين وجدوهم في المركب نسبوا على مالطة، حتى خرجوا إلى البر وتكلموا مع الرجال فامتنعوا عن الكلام وظنوا الرجال المذكورون بأنهم العدو الذي يتقاتل معهم الافرانسيس، وخافوا وامتنعوا عن الكلام حتى أخذوا منهم الصرف، وتكلموا معهم فوجدوهم افرانسيس، وأرسلوا إعزانا عندي، وأنا كنت مسافرا في تمسمان، وقالوا لي تقدم علينا عزما، لأننا حبسنا مركب وجرج[44] للافرانسيس وأرسلت لهم رقاص[45] يردون الرجال إلى مركبهم الذي أخذه قائد أمليلية، وحين رجعت إلى داري وجدتهم ردوهم إلى مليلية إلى مركبهم، في الثاني من الأيام الذي قدمت إلى داري كتبت لك هذا الكتاب لتكون على بصيرة بهذا الأمر،مخبرا لك فترى إعزانا مع فرقة أخرى وقفوا على القتال كانوا أخذوا صبيا من الذين وجدوا في المركب وامتنعوا عليه، وكانوا لم يريدون أن يردوه وحركوا إليهم إعزانا وفكوه لهم على الدَّرْع [46]وردوه إلى مليلية إلى إخوانه وهذا ما نخبرك به، وعلى محبتك والسلام. محبكم محمد الحضري السعيدي وفقه الله فاعلم لا بد تكتم سر هذه البطاقة لأن المخزن تراه يجسس علينا[47]وعلى أمرنا معك والسلام. [ جاءت الرسالة خالية من التاريخ في سياق هذه الرسائل] ********************************* الوثيفة الواحدة والثلاثون الحمد لله وحده صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
محبنا وغاية ودنا" جاجر أشميث" [48] أعانك الله وحفظك وأعلى مقامك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته بوجود مولانا أيده الله وأعز نصره، وبعد. ورد علينا أعز كتابك وأطلعناه بفرح وسرور، وقد طلع علينا كطلع أهلة الأعياد، مع الشوق في القلب يزداد، وسرت أتردد في خطابكم القويم ولفظ أدبكم المستقيم وحسن عقلكم السليم، وقد استعدنا منه سلامتكم وعافيتكم التي عندنا غاية المراد. وقد بلغنا مع الحامل هديتكم وما يدل على محبتكم إلينا واشتياقكم، وهم أربعة قوالب سكار ومثل ذلك أرْتَايَل من الأتاي، وطرف لمَلَح. وإني لم أكن أهلا لذلك، فالله يكثر خيركم ويمتعنا بطول حياتكم، لأن محبتنا لله لا يغيرها طول الزمان ولا بعد المكان، وما ذكرت لنا سار في البال[49]. وقد أخبرنا صاحبك الحامل ويثنيان عليك الخير غاية، وقد سألته عنك، فإن تفضلت علينا بحسن سؤالك فنحن والحمد لله على خير وعافية، ونطلب من الله أن يلاقينا معكم في ساعة سعيدة عن قريب إنه سميع مجيب، لا زلنا على العهد والمحبة على الدوام، من كان لله كان الله له، وإن سألت على بلادنا فلا بأس عليها. وقد وقعت عندنا في هذه الساعة واقعة مع بني يزناسن ومع قبيلة العرب يسمونها أولاد ستوت [50]، قبيلة صغيرة ساكنة بين بني يزناسن وقلعية، وقد حرك إليهم الحاج ميمون [51] بقبيلة بني يزناسن وعرب أنكاد، مثل أولاد منصور،والمزاور،وأولاد الصغير، والسجع،وبني بوزكّو وقبائل كثيرة من العرب، وقدم على أولاد ستوت وهربوا إلى طرف من قلعية، ولحقهم بمحلة كثيرة بلا بارُود[52] ولا شيء، واتبعوهم العرب، يعني أولاد ستوت، في نحو أربعين أو ثلاثين من الخيل وما نهبوا لهم وقتلوا فيهم نحو الثلاثمائة ونصف[53] وأكثر من ذلك، وعفوا عن كثير فيهم ورجع ميمون لأولاد ستوت مزءوما مدحورا، ووقعت الإخانة [54]من قلعية وأخذوا لهم متاعهم وفضحوا النسا؛ وقلعية الناس غرارة، لا دين لهم، ولا عهد لهم، وهربوا إليهم العرب ودخلوا في حرمهم، ولم يضربوا عليهم عمارة واحدة[55]، وقدموا علينا العرب وذبحوا على دارنا وعملنا معهم ميعاد،وقضينا لهم ما أرادوا، وقام النفس في قبيلة لحلاف وضربوا على بني يزناسن، وأخذوا لهم قافلة، وقتلوا فيهم،واما أولاد ستوت ماتت منهم نحو اثنا عشر رجلا أو خمسة لا غير، والحاج ميمون تراه يريد الرجوع إليهم ولم يتبعوه العرب وبني يزناسن، وكبدانة [56] لا تحصل منهم فائدة، وترى الناس اليوم يحرثون كل واحد مشغول بنفسه، ولم يلتفت أحد للآخر، ونطلب من الله العافية لجميع العباد، ويهنينا وإياكم بعافية الله لا رب غيره ولا معبود سواه. ونعود سلامنا على محب الجميع لب الألباب وغاية الأحباب، خليفتك كُتَل [57] سلاما كثيرا على الدوام وعلى محبتكم، والسـلام. في شهر الله صفرفي 20 منه عام 1270 هـ. ويوافق التاريخ أعلاه 22 من نوفمبر لسنة 1853 م إمضاء : محبكم محمد الحضري السعيدي وفقه الله وبطرة هذه الرسالة على يمين متن نصها" وأيضا صاحبكم وأخاكم فرٌمن[58] الذي كنتم كتبتم لنا عليه ولعله ظهر أمره،وإني كنت أرسلت رجل من أصحابنا وهو من قبيلة، وقال لي وجدته تزوج امرأتين من العرب، وقال : وجدته كان مكسور من أكتافه، وفيه إمارة على يمينه، وإني لم أثق بقوله، وإني باقي نصحح في أمره حتى نتحقق ونرسل إليك رقاصا، وإن أردتم تكتبوا له ببطاقة ويرد عليكم الجواب، إن كان هو أو غيره، ولا بد أنتم تعرفون خطه وستصل بطاقة صاحبنا الذي أخبرنا به، وإني لم أردت أن ندفع له المال حتى نتحقق بأمره". ********************************* الهوامش: [1] ـ سبق أن ترجمنا لهذا الرجل في الحلقة الأولى من هذه السلسة في شهرية تاويزا عدد: 32 دجنبرمن سنة 1999 ص:9.ولكن لبعد العهد وتقادمه نعيد ترجمته ليتعرفها القارئ تعميما للفائدة وهي كالآتي: السيد محمد الحضري صاحب هذه الرسائل: هو من قبيلة بني سعيد بإقليم الناظور، وبالضبط من قرية حضرية أو إحْضارياً (أو إحْطَارياً، بالطاء المهملة، كما ينطق بها أهل القبيلة). وهذه القرية تقع بمشيخة إزْعوما،حاليا،على ساحل البحر الأبيض المتوسط.ويبدو _من خلال الوثائق الموجودة بين أيدينا _أن هذا الرجل كان من أعيان منطقة الريف، وكان السلاطين العلويون الذين عاصرهم يسندون إليه النظر في الأمور المتعلقة بالريف عامة، بل امتد نفوذه إلى كافة الناحية الشمالية والمغرب الشرقي. إذ نجد هؤلاء السلاطين يستشيرونه في شؤون أحواز وجدة،وقبائل بني يزناسن وأنكَاد،كالقيام بالصلح بين القبائل المتخاصمة أو استشارته في سلوك بعض القواد والأمناء مع الرعية في إيالاتهم،أو القيام بإجراء تحقيق في قضية معينة عندما يقع اللبس في حقائق بعض الوقائع، كقضايا الأحداث البحرية التي كانت تقع بين سكان الريف وبين النصارى على سواحل المغرب الشمالية، تلك التي كانت تعرف الاصطدامات البحرية،وسقوط الأسرى في أيدي سكان المنطقة. وأقدم وثيقة اطلعنا عليها في الموضوع هي رسالة سلطانية وجهت إليه كجواب عما كان الحضري قد ذكره في مراسلة له إلى السلطان يخبره بأن القوات الإسبانية قد نزلت في جزر كبدانة واحتلتها. وهذه المراسلة لا تحمل تاريخا محددا،ولكن نفهم من الحدث أنها وجهت إليه في بحر سنة 1264 هـ/ 1848 م (أي بعد احتلال الإسبان،مباشرة، هذه الجزر في شهر يناير سنة 1848 م) على عهد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام. كما وجهت إليه رسائل عديدة في عهد هذا السلطان تحمل خاتمه السلطاني، وأخرى من ابنه الأمير المولى محمد بن عبد الرحمان وأخرى من وزرائه. والشيء ذاته نجده على عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان بعد توليه الملك من بعد أبيه، ثم رسائل أخرى من السلطان الحسن الأول. وقد نشر الأستاذ عبد المجيد بنجلون كثيرا من صور هذه الوثائق (التي توجد أصولها عند السيد حسن أوشن) في كتابه المنشور بالفرنسية: Fragments D’histoire Du Rif oriental, et Notamment Beni Said Dans la deuxieme Moitie Du XIX e Siecle, d’Apres Documents De Mr. Hassan Ouchen. Ed. Rabat 1995. إلى جانب هذا له مراسلات عدة مع قناصل وممثلي الدول المعتمدين بطنجة، من أمثال القنصل الإنجليزي الداهية John Drummond Hay (الذي امتدت مدة تمثيله للتاج البريطاني بالمغرب من سنة 1845 _1886 م)، كما له مراسلات مع شارل جاجير اشميث (Jagers Chmid) قنصل فرنسا بطنجة، ومع نائبه (Mr. Cotelle) تارة يراسلهم بتوقيع صريح، وتارة أخرى بتوقيع رمزي يمثل شفرة سرية بينهم، كأن يمضي بهذا الرمز » محبكم Xˆ … Xˆ «. إذ نجد عبارات في مراسلاته مع هؤلاء الأجانب تنم عن أسرار مخابراتية، وهو ما يجعله يخفي اسمه وإمضاءه الحقيقي، كما نجده يطلب منهم عدم إفشاء الأسرار التي بينهم،حتى لا يؤذيه المخزن … وبالإضافة إلى كل هذا نقف في كتابات بعض المؤرخين الإسبان تشير إلى أن هذا الرجل كان صديقا لإسبانيا، في وقت كانت الدولة الإسبانية تستفز المخزن المغربي وتبحث عن ذريعة للاستيلاء على أهم الثغور المغربية الإستراتيجية. (انظر على سبيل المثل كتاب المؤرخ الإسباني Jeronimo Becker: Historia de Marruecos Madrid 1915 حيث يقول عنه في ص:233 « Morabito Sid Mohammed el-Jadri antiguo amigo y confidente de nuestra plaza…. ». وترجمة هذه العبارة:' المرابط السيد محمد الحضري صديق قديم وأمين السر لحصوننا". ولا ندري كيف نفسر هذه التناقضات في هذه الشخصية ؛ فهو المحب الأرضى للسلطان، والصديق الودود لممثلي الدول الأجنبية، وأمين السر للإسبان، وعين المخزن على منطقة الريف والمغرب الشرقي … إنها شخصية جد معقدة للمحلل والدارس. ونظرا إلى الأدوار التي لعبها هذا الرجل بالمنطقة في القرن التاسع عشر وإلى الملابسات التي تحيط بحياته فإنني بصدد إنجاز دراسة شاملة للكشف عنه من خلال الوثائق التي وصلت إلينا. أما وفاته فقد كانت في شهر ربيع الثاني عام 1301 هـ/ فبراير سنة 1884 م. وقد ذهب الباحث الأستاذ عبد الوهاب بنمنصور إلى أن وفاته كانت سنة 1309هـ. ويبدو أن فيها خلطا بين محمد الحضري هذا وبين ابن أخيه المقدم محمد أحضري الذي ولي مكانه، وقد قتل هذا الأخير على تراب قبيلته بني سعيد في التاريخ الذي حدده الأستاذ عبد الوهاب (وردت إشارة الأستاذ بنمنصور في الوثائق الإدارية ج7/345 رقم الوثيقة 981 هامش 106).وسنوضح، إن شاء الله، بتفصيل كل ما يتعلق بحياة هذا الرجل والأدوار السياسية والمخابراتية في منطقة الريف في القريب حين نستكمل العدة من الوثائق والمعلومات العلمية. [2] _ أصل هذه الرسالة نشر صورته الشمسية الأستاذ عبد المجيد بنجلون في كتابه باللغة الفرنسية والموسم بـ: Fragments d’histoire du Rif Oriental ,et notament des Beni Said ,dans la deuxième moitie de XIXe siècle … P:414. وقد أمدني المؤلف _ مشكورا _ بقصاصة مكتوبة بالانجليزية توضح مصدرها حيث توجد نسخة مصورة منها بالأرشيف الدبلوماسي بنانت الفرنسية وترجمة مقدمتها بالفرنسية، أوردها كما هي: A.D.N. Tanger A.F.77 6bis , Muhammad al-Hadary to [Jagerschmid ? ] 25 Jumada I 1276 /28March 1851[Photocopied: Arabic Original and French. Marabout du Riff NN (signe de convention avec la Mission de France) ]. Louange au Dieu Unique etc. A l’ami que notre cœur désire ,et de qui nous sommes aujourd’hui séparé NN que dieu vous aide, vous favorise et vous protège. Nous sommes privé de vos nouvelles et voici des jours , des mois des années et des siécles que nous ne recevons de vous ni lettre ni nouvelles. Nous avions …. كما أورد نفس المؤلف ترجمتها كاملة في الكتاب نفسه ص: 221 من السطر 48 إلى 52، مضيفا أن هذه الرسالة توجد مترجمة إلى الفرنسية في الأرشيف المشار إليه وقد صحح كثيرا من أخطائها في ترجمة النص العربي. [3] _ هكذا كتبت الكلمة، وهي تمثل، بدون شك، شفرة في الرسم لم نوفق في فك هذا اللغز أو الاسم الشفرة الذي يورده على هذا الشكل، وتارة أخرى يسميه موزي كما هو في الرسالة المخطوطة في آخر السطر: 12، ومما يزيد تعقيدا أنه يسميه أيضا في الرسالة بـ"فلان الروش " كما يوحي سياق الرسالة إذن فـموزي أو مـNـزز إشارة ورمز إلى الشخص ذاته، وقد يكون كاتب الرسالة لا يحسن التعبير ولم يستطع أن يوضح بأن صاحب هذا الاسم هو الواسطة بين محمد الحضري وبين الروش عن طريق قدور السعيدي، كما سنوضح لاحقا. [4] _ اسم قدور السعيدي يتردد كثيرا في رسائل محمد الحضري حين يراسل رؤساء البعثات الأجنبية بطنجة، فمن خلال اسمه يدل على أنه بلديّهُ من قبيلة بني سعيد من إقليم الناظور. ومن خلال ورود اسمه في هذه الرسائل التي بين أيدينا يدل على أنه كان يقوم بدور الوسيط بين قناصل الدول الأجنبية وبين محمد الحضري، وهو الذي يبلّغ الرسائل بينهما، كما نجده كان مقيما بطنجة. [5] _ لعل هذا الاسم هو مجرد شفرة سرية، فالروش هذا قد يكون هو موزي الذي سيرد بعد هذا، أومـŅـــزز الذي سبقت إليه الإشارة. ويذهب بنا الظن _ بحسب القرائن التي سنوردها _ أن روش هذا هو الداهية العسكرية الفرنسية ليون روش Léon Roches المولود بمدينة غرونوبل بفرنسا 1809 م وامتد به العمر إلى ما بعد 1899 م، وقد بدأ حياته بانخراطه في الجيش الفرنسي في الجزائر عقب احتلالها سنة 1832م، وفي سنة 1937 خلال فترة الهدنة استطاع أن يخترق مناضلي الأمير عبد القادر الجزائري وصار الكاتب الخاص لهذا الأمير واتخذ لنفسه اسما عربيا " عمر بن الروش ". وفي 1839 التحق بحاشية السفاح الجنرال بيجو "Bugeaud "، ثم ما لبث أن تحرر من الزي العسكري ليصبح مخبرا بزي مدني على الدول الدول العربية عامة منها دول شمال إفريقيا خاصة، وعلى المغرب بصفة أخص، لأن فرنسا كانت تعد العدة لاستعماره، وقام بعدة رحلات إلى العالم العربي، منها رحلة إلى الحجاز سنة 41/1842 م، ويبدو من خلال رحلته أنه حضر موسم الحج في زي حاج مسلم، مدعيا أنه اعتنق الإسلام ليقوم بمهام الاستخبارات لصالح فرنسا، وكتب عدة مذكرات منها: Trente deux ans à travers L’Islam اثنان وثلاثون عاما في بلاد الإسلام.ولإتقانه للعربية ومعرفته بعادات العرب وتقاليدهم عينته فرنسا قنصلا عاما بتونس واستمر في هذا المنصب مدة عقد كامل من الزمن(1853_1863م) وهي كانت تتهيأ للانقضاض على تونس للاستيلاء عليها , وقد أثبت الشيخ التونسي أحمد بن أبي الضياف في تاريخه الكبير _ وهو معاصر له _وهو القائل في حقه: "كان يتكلم العربية بل يحسنها نطقا وكتابة ويستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية،جال في الأقطار المغرب وركض في كل ميدان وهب مع كل ريح" (ينظر مجلة حوليات الجامعة التونسية / كلية الآداب بتونس عدد 28/1988 م ص:14),وفضلا عن ذلك كانت علاقته بالباي أقوى من علاقات غيره وتدخله في الشئون الداخلية لتونس أكثر من كل القناصل السابقين له تمهيدا للاستيلاء عليه.بالإضافة إلى فعلته بتونس نجده لعب دورا كبيرا في الاستخبارات عن أوضاع المغرب في أواخر العقد الخامس وبداية النصف الثاني من القرن 19 م، كما كانت له علاقات واسعة بأعضاء حكومة المخزن المغربي، منهم محمد بن إدريس اليماني الذي كان صدرا أعظم على عهد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام، وقد ساهم في اقتراح تعيين بعض سفراء المغرب لدى الدول الأوروبية وبخاصة لدى الحكومة الفرنسية، ومن جملتهم "الحاج عبد القادر أشعاش أو عشعاش" كما هو ثابت أسفل هذه الرسالة. ويتضح في آخر الرسالة العلاقة الوطيدة التي كانت قائمة بين محمد الحضري وبين أولاد عشعاش من خلال إخبار "الروش" بسجنهم والتعاطف معهم، وهو ما يؤكد أن الروش هذا هو "ليون الروش" الذي تحدثنا عنه. (ولمزيد من المعلومات عن الرجل الفرنسي والدور الذي لعبه في السياسة المغربية لتكون منقادة لفرنسا في هذه الفترة يراجع ما يلي: رحلة الصفار إلى فرنسا 1845_1846 م دراسة وتحقيق سوزان ميلر وخالد بن الصغير. منشورات كلية الآداب بالرباط 1995 سلسلة نصوص وأعمال مترجمة رقم: 2، ص.ص. 22 _31 وفيها إحالات كثيرة على مصادر أخرى.ومقال للفرنسي جيل-جرفيه كورتلمون Courtellemont , Gervais: Mon Voyage à la Mecque رحلتي إلى مكة ترجمه إلى العربية د. محمد خير البقاعي.مجلة العرب الصادرة بالرياض عدد أبريل / ماي 2002 ص.ص. 342 _361 هامش: 24). [6] _ يقصد مدينة البليدة الجزائرية الشهيرة. ويدل هذا على تحرك هذا الشخص الأجنبي على طول وعرض أقطار المغرب الكبير، كما تدل هذه الإشارة إلى قوة التواصل لمحمد الحضري من خلال الرسل والمخبرين الذين يتعامل معهم، من مثل قدور السعيدي المذكور، وهذا الرجل الذي يشير إليه بدون تسمية. [7] _ كل هذه العبارات تدل على جودة المحصول الزراعي لهذه السنة، لأن الفلاحة كانت بمناطق الريف هي المورد الوحيد للسكان وعباراته يقصد بها الماشية والزرع وعسل النحل والخضر. [8] _ هذه الإشارة تدل على مد المخاطب بمعلومات تتعلق بالوضع السياسي والإداري للبلاد، وهي التي كانت وما تزال الشغل الشاغل لرجال المخابرات الذين يجمعون المعلومات عن البلدان التي يتحركون فيها، وبخاصة وضع المغرب الذي كان مستهدفا من قبل الدول الأوروبية التي كانت تتسابق على احتلاله. ثم لا ننسى أن هذه الرسالة كتبت بعد مضي زمن قليل عن معركة إيسلي الشهيرة (سنة 1260 هـ/1844م) التي حاولت فيها فرنسا التعرف على قدرات المغرب الدفاعية، وكشفت لها هذه المعركة عن ضعف وهشاشة قوة جيش المخزن المغربي.
[9]
_ في هذه الإشارة تأكيد للمخاطب على ضعف المخزن المغربي إلى درجة أنه لا
يستطيع التحكم في الأوضاع الداخلية بمختلف المناطق.
[10] _ لم يكتف محمد الحضري بمد مخاطبه هذا بالمعلومات عن مناطق الريف، وإنما وصل إلى مناطق من شرق المغرب المتاخم للحدود الجزائرية الذي تحتله فرنسا، لأن قبائل لحلاف كانت تقيم بالشريط الحدودي من أحواز عمالة وجدة آنذاك. [11] _ ها هو يعرج على وسط المغرب ليقدم له بطاقة عن إقليم تازة الذي يتولى قيادتها العامل أحميدو في هذه الفترة، وحميدو هذا احتفظت أسرته بقيادة هذا الإقليم على مدى ما يقرب من قرن من الزمن، إذ نجد أحد أبنائه عمرو حميدو هو واحد من القواد الذين استعانت بهم فرنسا في محاربة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى جانب القائد المذبوح والقائد أوفقير… كما استعانت إسبانيا بقواد آخرين من نواحي الريف لمحاربته، ويصبح ابنه محمد عمرو حميدو عاملا على إقليم وجدة لعدة سنوات بعد استقلال المغرب 1956م. وتؤكد هذه الإشارات أن محمدا الحضري كان من الرجال المخبرين الذين كانت لهم اتصالات قوية مع فرنسا ومدها بالمعلومات عن أوضاع المغرب عامة، وعن الشمال والشرق بصفة خاصة. وما بين أيدينا من مراسلاته مع مختلف الهيئات القنصلية الأجنبية، منها الإنجليزية خاصة، لا يدع مجالا للشك بأنه كان من رجال المخابرات، رغم المكانة التي كان يحظى بها لدى المخزن المغربي، على مدى ما يقرب من نصف قرن، إذ عاصر الملوك الثلاث: عبد الرحمان بن هشام، وابنه محمد الرابع وحفيده الحسن الأول وبين أيدينا مراسلات عدة بينه وبين هؤلاء السلاطين.
[12]) _ آل أشعاش، أو آل عشعاش، كما يرد في المصادر الأجنبية والمغربية التي تنقل عنها، أسرة تطوانية من الأسر التي اشتهرت في القرن التاسع بالثراء وتقلد مناصب الباشوية والقيادة على تطوان، ومن أشهر أفرادها الحاج عبد الرحمان أشعاش الذي كان عاملا للمخزن المغربي على تطوان ثلاث مرات ثم تولى ابنه الحاج محمد أشعاش نفس المنصب الذي تقلده والده وبقي فيه سنين عددا إلى أن توفي سنة 1845 م، وبعده تولى المنصب نفسه ابنه البكر الحاج عبد القادر أشعاش ولم يطل في هذا المنصب طويلا حتى عين سفيرا للمخزن المغربي بباريس بتاريخ 16 سبتمبر من نفس السنة وغادر المغرب بتاريخ: 13 دجنبر 1845م صحبة طاقم البعثة الديبلوسية تضم مجموعة من أقارب السفير الحاج عبد القادر أشعاش والحاج محمد الصفار _ كاتب الرحلة إلى باريس _ وبمعيتهم "ليون الروش" الذي سبق أن ذكرنا أنه كان من وراء تعيينه أشعاش في هذه المهمة الديبلوسية. واستمرت سفارته إلى غاية 27 فبراير 1846 م ليعود السفير أشعاش إلى تطوان ليستمر في منصبه عاملا على المدينة إلى أن تمت إقالته بشهر رمضان 1267 / 1850م، وقبل حلول عيد الأضحى استدعاه السلطان إلى فاس لتقديم هدية العيد كما جرت العادة بذلك. ولما وصل إلى دار المخزن بفاس زج به في السجن هو ومن معه من إخوانه وأقاربه وصدر قرار السلطان بمصادرة كل ممتلكاته بتطوان وبيعت لتعود أثمانها إلى بيت مال المخزن. ويذهب الأستاذ محمد داود إلى أن السبب في سجن أشعاش هي ضخامة ثروته وثروات أسرته، وربما أغرى ذلك السلطان لتنتقل إليه هذه الثروات. وانتهى الحال بالسيد عبد القادر أشعاش ليصبح موظفا مخزنيا بسيطا على عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان بمدينة مكناس إلى أن توفي بها سنة 1282هـ/ 1866 م (وللمزيد ينظر رحلة الصفار إلى فرنسا _ مقدمة المحققين: 44 _ 57، تاريخ تطوان لمحمد داود 3/263، 303_ 334). لعل محمد الحضري يقصد هذه النكبة التي حلت بآل أشعاش أو عشعاش. وبين يدينا عدة رسائل متبادلة بين أعضاء أسرة آل عشعاش والسيد محمد الحضري، منها رسالة مؤرخة بتاريخ: 14 ذي القعدة 1263هـ /1846 م، ومن خلال نصها نستشف أنه كتبها إثر عودته من سفارته بفرنسا صحبة الكاتب محمد الصفار، وأخرى مؤرخة بتاريخ 29 جمادى الثانية 1264 هـ يخبره فيها برجوع أخوية عبد السلام ومحمد من الديار المقدسة بعد أداء فريضة الحج . إذن العلاقة التي كانت بين محمد الحضري وبين آل أشعاش من جهة، وبين محمد الحضري والمخبر الفرنسي ليون روش من جهة ثانية، وبين ليون روش وبين آل أشعاش من جهة ثالثة تجعلنا نتأكد مرة أخرى بدور محمد الحضري في نقل المعلومات الخطيرة عن المغرب، كما تجعلنا نتيقن بأن المخاطب في الرسالة الذي أشار إليه بـ" فلان الروش " هو المخبر الفرنسي السالف الذكر.
*_
توجد صورة هذه الرسالة في كتاب عبد المجيد بنجلون المشار إليه سابقا ص: 420
أما مصدرها فهو نفس الأرشيف الذي توجد فيه الرسالة السابقة:(:
115 Archives
Diplomatiques des Nantes)
ويقدر الأستاذ عبد المجيد بنجلون أن الرسالة كتبت في بحر سنة 1854 م بناء
على مراسلة القنصل العام جاجير شميث إلى المسئولين الفرنسيين بباريس في 6
نونبر 1854 في الموضوع الذي تتحدث عنه رسالة أحضري هذه (ينظر كتاب عبد
المجيد بنجلون المشار إليه من قبل ص: 225).
[13]
_ يقصد القنصل العام الفرنسي
Jagers chmidt
الذي كان
يقوم برعاية الشؤون القنصلية الفرنسية بطنجة، كما كان يقوم بدور المخابرات
الفرنسية في المغرب، على عادة رجال الهيئات القنصلية للدول الأوروبية في
هذه الفترة وامتد ذلك لعدة سنوات إلى غاية شهر ماي 1845م، ونجد مجموعة من
المراسلات المتبادلة بينه وبين الحضري على مدى خمس سنوات (من 1850_ 1855 م)
(انظر كتاب عبد المجيد بنجلون، ص: 223)
[14]
_ لعله خطأ في تعبير الكاتب في هذا التكرار، فهو نفسه المقصود سابقا "
القنصل الفرنسي، وكل ما فعل هنا أضاف اسمه الحقيقي.
[15]
__ كتيل فري أو Fray
Cotelle
نائب القنصل العام الفرنسي " جاجير شميث " المشار إليه في الهامش رقم:
(13). ومترجما بالقنصلية الفرنسية بطنجة وكان لهذا الديبلوماسي علاقة وطيدة
بالسيد محمد الحضري، وقد سبق أن زاره بمنزله ببني سعيد على ظهر مركب رسا
قرب داره بمرسى " سيدي أحساين " مما أثار ضجة كبيرة وبلغ الخبر إلى السلطان
عبد الرحمان بن هشام، وكاتبه نجله الأمير مولاي محمد في الموضوع (كما توضح
مجموعة من الوثائق بين يدينا).
[16]
_ تعبير عامي يقصد به البندقية.
[17]
إعزاناً فرقة كبيرة من خمس بني بوغافر بقبيلة قلعية، اشتهر سكان فرقة
إعزانا بممارستهم الصيد البحري منذ القديم وهم أصحاب خبرة بالبحر قديما
وحديثا، كما اشتهروا بالجهاد البحري ضد الغزاة الأجانب الذين كانوا يقصدون
شواطئ منطقتهم، وكانوا باستمرار يقومون بحجز السفن وطاقامها التي تقصد
شواطئهم مما سبب لهم كثيرا من المتاعب مع المخزن المغربي، إلى حد أن قام
المخزن بتهجير كثير منهم وتغريبهم، كما تشير بعض الوثائق التي بين أيدينا
(وللمزيد ينظر مقالتنا الموسومة بـقضية الأسرى المحتجزين لدى قبيلة قلعية
المنشورة بجريدة ثاويزا، في عدديها: 35 /مارس 2000، 36/ أبريل 2000 وهي
عبارة عن إحدى عشرة وثيقة تتعلق بالجهاد البحري الذي كان يقوم به سكان بني
بوغافر بقلعية ضد السفن الأوروبية).
[18]_
يقصد به الأمير محمد بن عبد الرحمان بن هشام الذي كان وليا للعهد وخليفة
السلطان.
[19]
_ يعني نفسه، وقد
ترجمنا له في الهامش رقن:1 كما سبقت الإشارة في هذه الحلقة.
[20]
_ يقصد أن رجال المخابرات الفرنسية يقصدون السيد محمد الحضري بمنزله بفرقة
إزعوماً بقبيلة بني سعيد، حيث توجد مرسى سيدي أحساين. والحقيقة أن هذا
الأمر صحيح من خلال كتابات أصدقائه الفرنسيين فضلا عن أصدقائه الإنجليز،
ويؤكد هذا الزيارة التي قام بها رجال من القنصلية الفرنسية بطنجة أثناء
الجولة التي قاموا بها إلى المنطقة منهم: كتيل نائب القنصل الفرنسي بطنجة،
الذي ورد اسمه في هذه الرسالة والرسالة المقبلة، والسيد دو كايي للتفاوض في
شأن تعرض إعزاناً للسفن الفرنسية بسواحل بني بوغافر (ينظر مضمون الرسالة
اللاحقة رقم:3 التي توضح أن هذه الزيارة قد تمت باعترافه في هذه الرسالة،
وما نقله الأستاذ عبد المجيد بنجلون من مقتطفات رسائل أفراد القنصلية
الفرنسية في كتابه السالف الذكر (Fragments
d’histoire du Rif ,p: 226
) فضلا عن
القرائن التي نجدها في مختلف رسائله مع الأجانب الإنكَليز منهم والفرنسيون.
[21]
_ هذا وجه من وجوه العمل المخابراتي الذي لا يدع مجالا للشك، وهو نفس
الأسلوب الذي يتعامل به مع مختلف الأجانب ومع رجالات المخزن المغربي بمن
فيهم السلاطين الذين عاصرهم، كما توضح ذلك رسائله التي هي بين أيدينا.
[22]
يعني الصبنيول (الإسبان).
[23]
_ وهذا الكلام يزيد تأكيدا لما سبق أن أشرنا إليه، وإلا فما هو هذا المراد
الذي سيقضيه الحضري للقنصل الفرنسي بدون إخبار السلطات المركزية للمخزن
المغربي الذين يعدونه عين المخزن على نواحي الريف.
[24]
_ ونرجح أن يكون تاريخ هذه الرسالة في بحر سنة 1854 م كما أورد عبد المجيد
بنجلون في سياق عرضه لمجموعة من الرسائل المتبادلة بين الحضري وبين القنصل
الفرنسي (ينظر كتابه السابق الذكر: 225 _226).
[25]
_ هو نفسه الذي أشرنا إليه في الهامش رقم: 13
[26]
_ يقصد نائب الفنصل السيد كتيل الذي أشرنا إليه في الهامش رقم15
[27] هذا تأكيد صريح لزيارات أفراد القنصلية الفرنسية لدار الحضري، كما سبقت الإشارة.
[28]
_ ولعل هذا التغريب أو التهجير لأهل إعزانا يأتي من ضغوط فرنسا على المخزن
المغربي، وهو ما سنجده سينفذ في حق هذه الفرقة نتيجة حراستهم شواطئهم
والدفاع عن حوزة قبيلتهم ومطاردة السفن الدول الأوروبية التي تتجول في
سواحل المياه الإقليمية لقبيلتهم.
[29]
_ هذه الإشارة تفيد أن المخزن المغربي يمنع كل هجوم على السفن الأجنبية من
شواطئ خمس بني بوغافر، وبالضبط قرب إعزانا، فبدل الإشادة بهؤلاء في الدفاع
عن أرضهم وشواطئهم أصبحوا يعاقبون على حراسة شواطئهم بالغرامات تارة
وبالتغريب والنفي عن موطنهم وقبيلتهم تارة أخرى.
[30]
_ تعبير عامي مترجم من التعبير الأمازيغي، يقصد به هنا تأديبهم وعقابهم
بفرض الغرامات ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم.
[31]
_ الرسالة تعني مرسى إعزانا وهو المرسى المعروف بسيدي لحسن أو مرسى القالات
الذي يقع في المجال الساحلي لفرقة إعزانا.
[32]
_ هي كلمة أمازيغية ودرجّها الكاتب في اللهجة العامية للعربية ومعناها
تحديا لهذه الزيارة إن تكررت.
[33]
_ يشير هنا إلى قرار المخزن من الزيارة المشبوهة التي قام بها أفراد
القنصلية الفرنسية لمنزل الحضري.
[34] _ هذا وجه من وجوه العملة التي يتعامل بها الحضري مع كل مخاطبه، ليقول له: لا أثق إلا فيك.
[35]
_ يقصد هنا قائد الباخرة البخارية " نيوتن (Newton)
" التي حملت البعثة إلى الريف الأوسط عند زيارة أفرادها لمنزل السيد
الحضري، وهو الكومندار دوكايي (Le
commandant de Chaillé)
(ينظر كتاب عبد المجيد بنجلون:226).
[36]
_ يقصد هنا القارب الذي كان في ملكيته منذ 1268هـ/ 1851 م يحمل اسم " ميمون
"، وكان يقوم برحلات بين منطقة الريف وبين طنجة، بل نجد محمد الحضري يطلب
في رسالة له، بين يدينا، إلى بعض المتعاملين معه من الفرنسيين بالقنصلية
الفرنسية بطنجة (دون أن يسميهم بأسمائهم مكتفيا بإشارة رمزية تمثل شفرة
سرية رسمها على هذا الشكل تقريبا (صديقنا
ζX
X)
المطلوب من مقامكم التدخل لدى السلطات الإسبانية حتى لا تتعرض لقاربنا في
عرض البحر لأنه ينوي إرساله إلى بعض الموانئ بالجزائر من مثل غزونة ووهران،
وكذلك إلى تطوان وطنجة، ربما كان هذا القارب يحمل مواد مهربة أو يحمل
أشخاصا للهجرة السرية إلى الجزائر. ويورد المؤرخ الإسباني خ.بيكر أن هذا
القارب كاد أن يسبب أزمة بين إسبانيا وبريطانيا حينما حجزته إسبانيا في عرض
سواحل البحر الأبيض المتوسط في النصف الثاني من أكتوبر 1858 م (ينظر كتاب
تاريخ المغرب: 233_235 لخرونيمو بيكر (
Historia de Marruecos , Jeronimo Becker , ed .Madrid 1915 )
. من هنا
نفهم أن قوارب الهجرة السرية ليست وليدة اليوم بل كانت منذ القديم، وبخاصة
بعد استعمار الجزائر حيث وفرت القوة الاستعمارية مناصب شغل موسمية
للمغاربة، وبخاصة أبناء منطقة الريف , وكانوايتوافدون على الجزائر باستمرار
على مدى مدة تزيد على قرن من الزمن ,وبالأخص من منطقة الريف التي جوعت
إسبانيا أهلها بعد الاستيلاء عليها بالحديد والنار والغازات السامة التي ما
يزال أبناء الريف يئودون ضريبتها بكثرة ما يصيبهم من أمراض السرطان دون
غيرهم من مناطق المغرب.وبحسب ما نتوفر عليه من وثائق يمكن اعتبار قارب محمد
الحضري هذا أقدم قوارب الموت التي كانت تتاجر في أبناء الريف قصد الفرار من
الجوع وقهر الاستعمار (ولنا عودة إلى هذا الموضوع في حلقة خاصة لأهميته).
[37] _ يقصد منطقة الجبهة الواقعة على ساحل البحر بإقليم شفشاون حاليا.
[38]
_ هذا تصريح آخر لتعامله مع القوى الأجنبية .
[39] - هذه الوثيقة يوجد أصلها بالأرشيف الديبلوماسي الفرنسي بـ " نانت " Nantes وأورد صورتها الأستاذ عبد المجيد بنجلون في كتابه المشار إليه، ص: 421.وينظر تعليقه على هذه الوثيقة بالكتاب نفسه، ص: 225 _ 226
[40]
_ هو القنصل الفرنسي المقصود في هذه المراسلة هو جاجير شميث "
Jager Schmidt
"الذي أشرنا إليه من قبل.كان ممثلا لفرنسا بطنجة إلى غاية شهر ماي 1855 م،
مما يفهم أن الرسالة كتبها محمد الحضري قبل أن تنتهي مهمة جاجير شميث
الديبلوماسية ويغادر طنجة. ثم إن هذه الرسالة جاءت بعد عدة مراسلات بين
الحضري وبين هذا القنصل على مدى عدة سنوات (1850 _ 1855 م)، كما تبين
مجموعة من المراسلات توجد بين يدينا، سنعمل على نشرها في الحلقة المناسبة.
[41] _ والمقصود بخليفته، أي نائب القنصل الفرنسي السيد: كتيل Mr Cotelle، الذي أشرنا إليه من قبل
[42]
_ لعله يقصد إخوان المسجون المدعو " بونيكولا " البوغافري، كما جاء في
إحدى الوثائق التي بين يدينا.
[43]
_ إعزاناً في أصلها فرقة من بني بوغافر كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
[44]
_ لم نفهم دلالة هذه الكلمة هل هي اسم لمركب فرنسي " وجرج "، أم أن الكلمة
عامية في دلالتها تعني الجر أو شيئا من هذا القبيل.
[45]
_ والرقاص هو الرسول أو المبعوث (بالأمازيغية) أو حامل الخبر والبريد
اليدوي أو الشفوي.
[46]
_ يقصد أمهم أخذوا بالقوة والغلبة.
[47]
_ أحسب أن هذه العبارة لا تحتاج إلى تعليق على الدور المزدوج أو المتعدد
الذي كان يقوم به محمد الحضري.
[48] _ جاجير أشميث Jagers Schmidt كان يقوم برعاية الشؤون القنصلية لفرنسا بمدينة طنجة إلى غاية شهر ماي 1855 م، وكانت له عدة مراسلات مع المدعو محمد الحضري. كما أن هذه الرسالة جاءت في سياق عدة مراسلات بينه وبين الحضري على مدى خمس سنوات (1850 م _ 1855 م)، كما تبين مجموعة من المراسلات الموجودة بين يدي، وسأعمل على نشرها في الوقت المناسب.(وللمزيد من المعلومات عن هذا القنصل الفرنسي ينظر كتاب عبد المجيد بنجلون المكتوب بالفرنسية والمشار إليه من قبل ص. ص. 223 وما بعدها).
[49]
_ كثيرا ما نجد مثل هذه العبارة بينه وبين ممثلي الدول الأجنبية كما هو
الشأن بينه وبين القنصل الإنجليزي الداهية " السير جون دراموند هاي "
Sir John Drummond Hay
" مما يدل على أسرار خطيرة لا يريد الإفصاح عنها مخافة أن ينكشف أمره
للمخزن، وهو ما عبر عنه صراحة في وثائق أخرى بين يدينا.
[50]
_ أولاد ستوت قبيلة كانت تتحرك باستمرار بسهل صبرا ابتداء من حاسي بركان
إلى غاية نهر ملوية لأن سكانها كانوا من الرحل لا يقيمون مساكنهم في مكان
معين إلى أن استقرت في العقد الثاني من القرن العشرين بمنطقة " عين زايو "
التي صارت مركز إداريا لهذه القبيلة وتعرف ب" زايو ".
[51] _ الحاج ميمون ابن البشير بن مسعود اليزناسني من أبناء البشير أُومسعود المشهور ببني يزناسن،كان أبوه من قواد بني يزناسن في النصف الأول من القرن 19م، ثم تولى مكانه ابنه ميمون هذا ؛ إذ نجد السلطان عبد الرحمان بن هشام يعينه بظهير قائدا على كل قبائل بني يزناسن سنة 1851م. وفي 1852م قاد عدة حملات ضد الفرنسيين على الحدود المغربية /الجزائرية، ثم صار مساعدا مقربا لعامل وجدة. وقد قاد عدة حملات على قبائل لمهاية بالمنطقة الشرقية، وعلى أولاد ستوت وقلعية بالريف الشرقي. ونجد في هذه الوثيقة التي بين أيدينا أنه قاد حملة على أولاد ستوت في خريف 1270هـ/ 1853 م إلا أنه رجع إلى بني يزناسن مهزوما بسبب تحالف وقع بين هؤلاء وقلعية. كما تردد اسمه في كثير من وثائق المغرب الشرقي في شأن نزاعات عقارية بأحواز وجدة. وآخر حملة قادها إلى منطقة قلعية بأمر من السلطان كانت بشهر مارس من سنة 1859 م بغية تخليص مجموعة من الأسرى الإسبانيين كانوا محتجزين ببني شيكر، وقد تم له ذلك بتاريخ 2 مارس 1859 م، وتم تسليمهم للقنصل الإسباني بطنجة يوم 16 مارس من نفس السنة. (المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر لخالد بن الصغير،ص:138). وللإشارة فإن هذا القائد اغتالته جماعة من قبيلة لمهاية بتاريخ 4 شتنبر 1863 م على ضفة وادي إسلي قرب مدينة وجدة. وللمزيد من المعلومات عن هذا الرجل وأسرته ودوره في قبائل بني يزناسن ينظر المراجع الآتية:.. Oujda et Amalat ed. Oran 1912 P:214” “، للوي فوانو ومقالة بعنوان قصبة أولاد البشير أُُومسعود ودورها السياسي في تاريخ المنطقة الشرقية من المغرب لمحمد العسري، مجلة جمعية تاريخ المغرب الصادرة بوجدة سنة 1993، العدد الأول ص.ص: 86_97.
[52]
_ أي بدون حرب ولا إطلاق الرصاص.
[53]
_ أي نحو ثلاثمائة وخمسين قتيلا.
[54]
_ يعني الخيانة وعدم الوفاء بالعهد.
[55]
_ تعبير دارجي يقصد به لم يطلقوا رصاصة واحدة
[56]_
قبيلة أو قبائل كبدانة كانت وما تزال تقيم بجوار قبائل بني يزناسن على
الضفة الشمالية لنهر ملوية وتمتد إلى البحر الصغير أو سبخة بوعركَ، كما كان
يسمى
هذا البحر على حدود قبيلة قلعية.
[58] _ فرُوَمن أو Froment Coste شخص فرنسي اختفى على أرض المغرب في بحر السنة 1852م(1268هـ) مما جعل القنصل الفرنسي السيد جاجير شميث يكاتب السيد محمد الحضري بعدة رسائل يطلب منه المساعدة في البحث عنه، ويوضح بعضها الذي بين أيدينا أن السيد محمد الحضري سخر مجموعة من الناس في مختلف أرجاء الريف وقبائل الناحية الشرقية إلى أن تمكن من العثور عليه، كما توضح عبارته في هذه الطرة المستدركة (وللمزيد ينظر كتاب عبد المجيد بنجلون المشار إليه من قبل، ص. ص. 221 _22).
|
|