|
مفهوم النخبة الأمازيغية في المغرب بقلم: عمر إفضن من أهم الموضوعات التي أصبحت تثير الاهتمام وتتداولها الألسن الحديث خاصة عند الأمازيغ، مفهوم النخبة الأمازيغية، والتي يذهب بعض من هؤلاء الأمازيغ إلى حد تصنيفها واقتصار معناها ضمن مصطلح رواد الحركة الأمازيغية كنتاج لمرحلة نضالية كافحت من أجلها فئة من الأمازيغ من أجل إقرار المطالب الثقافية الأمازيغية وتوجت بمعهد ثقافي كحقيقة موضوعية، ولم تكن تأخذ بحقائق ومعطيات سياسية للأمازيغ، بل انسجمت وفق دمج لسياسية مشرقية تسلطت على ثقافة المغاربة وفرضت على حساب الرصيد التاريخي وواقع المجتمع المغربي ذي الحضارة العريقة. ومن خصوصيات واقع المجتمع المغربي بعد أن تم نهج سياسية التعريب وجود أقلية حاكمة ذات طبيعة فكرية مشرقية، تحتكر أهم المناصب السياسية والاجتماعية، وبيدها مقاليد الأمور، وأغلبية أمازيغية محكومة ومهمشة ليس لها صلة بصنع القرار السياسي بشكل عام. ومع أن تبلور هذه النظرة أو بالأحرى هذه النظرية قد بدأ إبان فترة ما سمي بحكومة الاستقلال، إذ أن اللبس والغموض صاحبها من جوانب كثيرة ومهمة، منها علاقتها مع النظم الأمازيغية التي كانت سائدة، والتي كانت تعتمد الديمقراطية الأمازيغية-القبائل الأمازيغية-، بينما كان الفكر ذو البرنامج الدخيل المشرقي آليات اختيار وعمل هذه النخبة، وكرس العلاقة ما بين النخبة السياسية والاجتماعية. ومن هنا يمكن طر ح مجموعة من الأسئلة حول النخبة العروبية والاجتهادات النظرية التي قامت بها للظفر بمغرب الاستقلال تاركة الإجابة على كثير من الإشكالات للزمن الذي تبلور فيه هذا النهج وأفقد المغاربة خصوصيات حضارية عريقة أوصلت المغرب إلى قمة العطاء في مراحل معينة من التاريخ وسنجد الإجابات على التخلف اللاحق بعدما اقتصرت آليات عمل الدولة على الإيدولوجيا المشرقية. ومن رواد نظرية هذا الفكر التيار السلفي الذي كان يتزعمه حزب الاستقلال ، وهو الذي كان له دور في صنع النخبة. وهم أولئك الذين تفوقوا في الظفر بالمغرب وفق مقاربة المغرب "لنا لا لغيرنا". وحين نجد أن هذا الشعار ظل قائما إلى حدود اليوم يدرك المرء المجال الأضيق في تعريف النخبة بالمغرب، فيقوم بربط مفهوم النخبة الاجتماعية بقدرة هؤلاء المتفوقين على احتكار وممارسة وظائف سياسية أو اجتماعية تخلق منهم طبقة حاكمة ليست بحاجة إلى دعم وتأييد جماهيري لأنها تقتصر في حكمها على مواصفات عائلية، وهذا ما يميزها ويؤهلها لاحتكار المناصب. إن من أهم أسباب تميز الطبقة الحاكمة المشرقية، برنامجها الخاص عن الطبقة المحكومة الأمازيغ -هو قوة تنظيم الأولى، ووجود دافع وهدف يكمن في ترسيخ فكرة تعريب الإنسان والمكان. فهي تسعى إلى مواجهة أغلبية أمازيغية غير منظمة بعدما أن تم تفكيك تنظيماتها، وتأخذ شرعنة الحكم من انتخابات مزورة أو مقاطعة الانتخابات دون مشاركة ورضا الجماهير، وهذا الطرح يبعد ما بين نظرية الايديولوجيا العروبية المفروضة والديمقراطية الأمازيغية المفككة. ويمكن الانطلاق في تعريف النخبة السياسية في المغرب من خلال واقع عمل الأحزاب السياسية أيضا ليكتشف بأن هناك عوامل تحدد طبيعة عمل التنظيمات بدءا من الحزب إلى الدولة، فأعتقد أن تعدد للأحزاب ذات طبيعة برامج سلفية ومشرقية وإقصاء سياسية الأمازيغ إنما تحول بمرور الزمن إلى تنظيمات خاضعة إلى حكم قلة من الأفراد، ذلك التنظيم يفرض أقلية عائلية، وهذه الأقلية تستحوذ على السلطة من خلال موقعها في مركز اتخاذ القرار، لقد كان مفهوم النخبة في حضارة الأمازيغ يؤديها مفهوم "انفلاس" إذ أن لها قدرة على التحكم بموقع اتخاذ القرار في التنظيم الأمازيغي، فهي نتاج للبناء المؤسساتي للدولة القبلية، وقد وجد أن مؤسسات القبيلة هي المتحكمة في المغرب ألأقصى وهي مؤسسات عسكرية وسياسية واجتماعية..، وهذا معناه أن النخبة "انفلاس" تتشكل من أولئك الذين يشغلون مواقع قيادية في هذه المؤسسات. إن هذا التباين والاختلاف في تعريف النخبة بين الثقافات، يمكن أن يعطي تعريفا متميزا،، حيث يميز بين مصطلح (النخبة) بشكل عام، بين نخبة الأقلية العروبية التي تحكم المجتمع، لذلك لا يجوز أن نقول إن الاصطلاح العام (النخبة) ينطبق على تلك الفئات ذات الوظائف، فإننا عندها نحتاج إلى مصطلح نطلقه على تلك الأقلية التي تحكم المجتمع، وهي ليست فئة وظائفية بالمعنى الذي تستعمل فيه هذه الكلمة، ولكنها في أية حالة من الأحوال ذات أهمية اجتماعية عظيمة مما يجعلها جديرة بأن يكون لها اسم خاص مميز، سأستعمل هنا مصطلح الوبيات (القبيلة السياسية لدى ابن خلدون) للإشارة إلى كل تلك الفئات التي تمارس السلطة أو تسيطر على الدولة أو التأثير السياسي (دار المخزن)، والتي تدخل في صراعات مباشرة في أي مشروع أمازيغي محسوب على القيادة في ما يسمى بلاد السيبا، ويمكن تمييز فئة صغرى ضمن الطبقة السياسية، وهي النخبة السياسية الشاملة للأفراد معربة كانت أو أمازيغية التي تمارس السلطة السياسية في المجتمع في وقت من الأوقات من أجل أداء أدوار معينة "لدار المخزن ". وهذا يعني أن المغرب يعرف هرما ليس طبقيا بل مرجعيا واديولوجيا بين "دار المخزن "وبلاد السيبا"، هرما نخبويا داخل المجتمع في قمته الممارسون للسلطة السياسية أو من نسميهم بالنخبة السياسية، وفي قاعدته المجتمع المهمش، وفي وسطه النخبة الاجتماعية "الأعيان"، والتي تساعد الدولة في تنفيذ برنامجها وتشترك بالحياة السياسية، ممارسة واهتماما، وتدخل في صراع مباشر للوصول إلى السلطة والاستحواذ عليها، والتي يمكن تسميتها بالطبقة السياسية "الضحية"، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن النخبة السياسية التي تتربع على قمة الهرم تتميز بأنها ثابتة في موضوعها، فيمكن أن تستعين وتصنع نخبة سياسية جديدة، وحتى من عناصر عاديين في النخبة الاجتماعية من أجل أداء ادوار مؤقتة. فلا نستغرب مثلا أن تقف الدولة المغربية في وجه أحزاب سياسية رغم أنها صادقت على قانونها المنظم لتأسيس الأحزاب. ورغم ذلك لم تكن ترغب في تقديم التراخيص لها رغم أنها تبذر أموالا طائلة من أجل تشجيع المشاركة الانتخابية. إنها نظرية التقسيم التي تتبنها المرجعية المشرقية. فأدوار النخبة تبقى مؤقتة وتحتفظ بمكانتها كرمز للدولة في حالة ما أنها تقوم بملء الفراغ، وحيث ينتهي هذا الدور بتقوية أحزاب أخرى وهكذا دواليك. وبهذا التعريف يمكن التميز بين النخبة السياسية في المغرب وغيرها بالعائلة، حيث تعتبر مقياس مقاليد السلطة السياسية، وبجانب هذه النخبة فئات صغرى تودي وظيفة الوساطة كأحزاب معارضة ونقابات وجمعيات ومثقفين. فهم يدمجون في إطار الطبقة السياسية. |
|