أضم صوتي إلى أصوات جميع الأمازيغ الأحرار وغيرهم، الذين قاطعوا استحقاقات شتنبر 2007. لم ولن نشارك في أية محطة انتخابية مادامت السلطات المغربية متقوقعة في برج كبريائها وعجرفتها وعنادها وتنكرها للتاريخ الأمازيغي والثقافة والهوية واللغة الأمازيغية، لغة أصحاب الأرض. لن نشارك حتى تتم دسترة وترسيم اللغة الأمازيغية في جميع مناحي الحياة وتدريسها بجميع الأسلاك من الابتدائي حتى الجامعي (وكما يعرف الجميع فإن مشروع تدريس اللغة الأمازيغية لم يتجاوز سنة ولادته 2003/2004). لقد تتبعنا يوم 07 شتنبر مهزلة انتخابية حقيقية كانت آخر مسمار في نعش الديمقراطية المغربية، تتبعنا الفشل والإسهال السياسي بامتياز، فرغم الحياد السلبي للسلطة كانت هناك نفس التجاوزات، حيث استعمال المال الحرام لشراء ذمم المواطنين، خصوصا منهم الكادحين ولم يتردد أمناء الأحزاب في الاعتراف بهذه الأساليب المقيتة. لن نصوت في ظل حكومة مشلولة لا تحترم وعودها وتكفي الإشارة إلى فضيحة أبناء انفكو وتونفيت التي ستبقى وصمة عار في سجل هذه الحكومة... حكومة لم تنكب على حل المعضلات الاجتماعية الكبرى من تعليم – التعريب لأبناء الشعب والتغريب لأبناء النخبة- وصحة وسكن وبطالة وقدرة شرائية وكرامة علما بأن الكرامة من مقاييس فلسفة حقوق الإنسان، أين شعارات من أين لك هذا، تغيير الدستور الممنوح، إعادة توزيع الثروات، التقليص من الرواتب العليا ... فهل الحداثة هي ما نسمعه ونقرأه ونشاهده من تبرج النساء والسياحة الجنسية باكادير ومراكش والمقاهي والملاهي الليلية؟ في ظل إعلام رسمي وصل إلى مستوى الحضيض، إعلام يقصي اللغة الأمازيغية ويفضل اللغات الأجنبية. في ظل برلمان شبه فارغ (البرلماني بالنسبة لنا هو الشخص الذي يسعى إلى الفوز براتب سام دون شهادة عليا والحصانة البرلمانية والسيارة الفاخرة والفيلا وتسجيل الأبناء بالمعاهد العليا والبعثات الأجنبية و بالخارج) في ظل غرفة ثانية لا محل لها من الإعراب تمتص أموال المواطنين. لن نصوت في ظل الفوارق الاجتماعية المهولة التي تزداد تفاقما واتساعا بين الكادحين والنبلاء، وكما قال درويش: هل يسمى كل كائن مواطنا؟ في ظل قمع واعتقال الصحفيين والتضييق على حرية التعبير وفي ظل أحزاب ميتة تفتقد إلى المصداقية، أحزاب لا تحترم برامجها وقواعدها التي تجعل منها أبواقا للدعاية الانتخابية فلا تكوين ولا توعية ولا تواصل ـ أقول هذا من باب تجربتي داخل حزب الشعب الذي تخلى عن الشعب ...ـ، أحزاب تؤمن بالتعددية الحزبية ولا تؤمن بالاختلاف والتعددية الثقافية. ماذا سيفهم الإنسان المغربي (ونسبة الأمية بالبلاد تصل إلى أكثر من %55 ) من خطابات انتخابية لأكتر من 33 حزبا كلها بلغة لا يفهمها ولا يتقنها طبعا؟ خصوصا وأن أكثر من % 90 من المغاربة أمازيغ. ونحن نعرف بأن الديمقراطيات العريقة كثيرا ما تركز عملها السياسي على قطبين يميني ويساري أما في المغرب، اختلط الاشتراكي بالليبرالي والإسلامي باللامنتمي، حدث ولا حرج ...

وفي نظرنا لم تعد السياسة عملا نبيلا بل بابا للارتزاق. أحزاب تخلت عن المطالب الشعبية، لا تهمها إلا المناصب والكراسي الحكومية. وأحزاب انتظرت طويلا لتدخل من الباب وتخرج من النافذة بمرارة الهزيمة.

لقد تعجبنا من تصريحات الزعماء السياسويين الذين ربطوا نسبة المشاركة المعلومة بالعودة من العطلة والدخول المدرسي وفي الحقيقة كانت المشاركة الضعيفة جدا، نتيجة وعي هوياتي، سياسي، أمازيغي وشعبي ملتزم، نسبة المشاركة التي ستجعل من الحكومة المنتظرة، حكومة شبه تكنوقراطية لا تمثل غالبية الشعب المغربي. وقد جاء تعيين عباس الفاسي (بطل فضيحة بل جريمة النجاة) كصفعة قوية للمعطلين ضحايا فضيحة النجاة، وأيضا لإقبار مطالب الحركة الأمازيغية التي تتجلى في دسترة وترسيم اللغة الأمازيغية. هذا في الوقت الذي كنا ننتظر تقديمه للمحكمة ليقول القضاء كلمته كما يحدث بالديمقراطيات التي تحترم نفسها وتجعل مواطنيها سواسية أمام القانون.

ومن هنا أتوجه كمغربي أمازيغي بنداء إلى جميع مكونات الحركة الأمازيغية من أحزاب وجمعيات وهيآت بالداخل والخارج لتوحيد الصفوف ولمزيد من النضال والتكوين والتعبئة والتوعية لتحقيق أهداف الحركة والشعب الأمازيغي ومن جملتها الدسترة والترسيم .

(صالح حضري نائب رئيس ودادية المهاجرين، أنجي- فرنسا)