|
لماذا لم تحقق الحركة الأمازيغية مطالبها رغم التراكمات النضالية التي أنجزتها؟ بقلم: أنغير بوبكر لاشك بأن الحركة الأمازيغية استطاعت أن تفرض نفسها على الحركة النضالية المغربية بمختلف مشاربها وتوجهاتها السياسية والجمعوية حيث استطاعت التأثير على معظم قرارات الأحزاب السياسية في تليين مواقفها تجاه الاعتراف بالتعدد الثقافي بالمغرب كحد أدنى، وأصبح الكل يعتبر البعد الأمازيغي من أبعاد الهوية والثقافة الوطنيتين، خصوصا بعد الخطاب الملكي التاريخي في أجدير 2001، والذي تأسس بمقتضاه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. إلا أن المفارقة الكبرى هي أن هذا الاعتراف الجزئي من قبل المجتمع المدني والسياسي بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية يرافقه استمرار الإنكار الرسمي على صعيد الوثيقة الدستورية، حيث لا يعترف الدستور المغربي بالأمازيغية كما يمكن الحديث عن استمرار التمييز ضد الأمازيغ في المقررات الدراسية وفي عدد كبير من مناحي الحياة العامة كالقضاء. فرغم الخطاب الملكي الداعي إلى إعادة الاعتبار للبعد الأمازيغي، تستمر معاناة الأمازيغ في عدة مناحٍ ونذكر من بينها: على الصعيد الإعلامي: ما يزال الأمازيغ ينتظرون حصتهم المشروعة من الإعلام الوطني بعد مماطلة وتسويف من وزارة الاتصال، كما أن بعض الإذاعات الخاصة لم تحترم دفاتر تحملاتها بخصوص البرامج الأمازيغية والحصص الواجبة على كل إذاعة احترامها، كما هو حالة راديو اف –م كازا ، كما أن التلفزة الأمازيغية السابعة ما تزال لم تر النور، كما لا يمكن أن ننسى التمييز الذي يتعرض له الصحفيون الأمازيغ داخل القنوات العمومية فيما يتعلق بالاستفادة من الدورات التكوينية داخل الوطن وخارجه، وفي الاستفادة من التعويضات وغيرها من الحقوق والمكتسبات التي يستفيد منها الإعلاميون الآخرون. كما أنه على صعيد الصحافة المكتوبة يعاني الإعلام الأمازيغي من ضعف الإمكانيات المادية ومن قلة فرص الاستشهار وضعف تكوين العاملين فيه. على الصعيد التعليمي: يمكن الحديث عن خيبة أمل الأمازيغ من تباطؤ وزارة التربية الوطنية في تنفيذ التزاماتها في توفير جميع الامكانيات الضرورية من تكوين ومدرسين لإنجاح عملية تدريس الأمازيغية، لكن التوجهات الإيديولوجية للوزير ومزاجية بعض مدراء الأكاديميات عرقل بشكل واضح عملية تدريس الأمازيغية وأثبت من جديد ضعف صلاحيات المعهد الملكي في تغيير الوضعية في الاتجاه الصحيح. على الصعيد الدستوري: يمكن القول بكل تأكيد بأن الحركة الأمازيغية فشلت في الضغط على الدولة المغربية من أجل الاعتراف الدستوري بالأمازيغية كلغة رسمية للبلاد، هذا الفشل مرده في نظري هو ضعف تواجد الصوت الأمازيغي في مراكز القرار السياسي بالمغرب بعد إبعاد حسن أوريد مهندس مؤسسة المعهد الملكي، وبعد ضعف النضال الميداني الأمازيغي بفعل واقع التشتت والخلافات العقيمة التي أخرت نضال الحركة الأمازيغية، أي أن غياب الشرط الذاتي أفقد للحركة الأمازيغية فرصا كان من الممكن أن تستفيد منها، خصوصا وأن خطابها ينسجم مع متطلبات المرحلة سياسيا في المغرب. إن عدم تأثير الصوت الأمازيغي في تغيير المعادلة السياسية للدولة في المغرب باتجاه الاعتراف الدستوري بالأمازيغية واتجاه مصالحة المغرب مع ثقافته وتاريخه يفترض في نظري الاعتماد على ثلاثة عناصر أساسية من شأن تظافرها أن تقوي الإنصات الرسمي إلى الأمازيغية وهي: 1*محاولة استقطاب الرأسمال الأمازيغي ليكون في خدمة الثقافة الأمازيغية. ولتحقيق ذلك لابد من جعل الخطاب الأمازيغي خطابا معتدلا غير تصادمي مع الدولة، لأن من شأن ذلك أن لا يجعل الرأسمال الأمازيغي في مواجهة الدولة، أي اعتماد التمرحل والتدريج في المطلب الأمازيغي ليكون أكثر شعبية واختراقا لأوساط المال والأعمال. 2*فتح قنوات الحوار والنقاش الدائم مع مختلف المشارب والفعاليات السياسية الأخرى، ومحاولة البحث عن القواسم المشتركة وتدعيمها وتدقيق الاختلافات ومحاولة توضيحها ومقارعتها بالحجة والبرهان واعتماد النسبية كمبدأ في التقييم والمحاسبة والعمل. 3*الاهتمام بالشبيبة الأمازيغية بالتثقيف والتوعية والتأطير وإبعادها عن لغة الشعارتية والعدائية المجانية، أي فتح باب الحوار النظري والفكري خصوصا في المسألة التنظيمية، والاعتماد على الشباب والطفولة من أجل أن تكون سندا مستمرا ومعولا عليه لتحقيق الحقوق الأمازيغية. إن الحركة الأمازيغية قادرة على تجاوز كبواتها والانطلاق نحو تحقيق المجتمع الديموقراطي الحديث إذا ما استطاعت أن تبني خطابها على الواقعية السياسية وعلى أساس اجتناب المكابرة وخلق الأعداء الوهمين لأن بتحقيق الشرط الذاتي للحركة تكون قد خطت خطوات ثابتة نحو التغيير المأمول.
|
|