| |
البوابة
الوطنية الرسمية للمغرب على الأنترنيت تعترف أن الأمازيغيين يشلكون الأغلبية والعرب
الأقلية
بقلم: محمد بودهان
لما توصلت ببيان "الشبكة الأمازيغية من أجل
المواطنة" (انظر البيان ضمن هذا العدد)، الذي تندد فيه بالتعامل الإقصائي مع
الأمازيغية بالموقع الرسمي للمغرب www.maroc.ma، اعتبرت أن ذلك التعامل أصبح شيئا
عاديا بالنسبة للمسؤولين الذين لا يتركون فرصة تمر دون أن يستغلوها لإقصاء
الأمازيغية وإعطاء الأولوية لما هو عربي ومشرقي لإبراز المغرب كبلد عربي جدا. لكن
لما تصفحت الموقع وقرأت بعض ما يتضمنه، لم أصدق ما كنت أقرأه، والذي يخالف تماما ما
جاء في بيان الشبكة الأمازيغية حول ما نشره الموقع فيما يخص الجانب الديموغرافي.
وهو ما يعني بالتأكيد أن النص المعني قد تم تغيير محتواه بعد أن كتبت الشبكة
الأمازيغية بيانها.
فماذا يقول هذا النص المتعلق بالمكون الديموغرافي بالمغرب، والذي لم أكد أصدق ما
جاء فيه، كما قلت؟ يقول: «يعرف سكان المغرب عربًا كانوا أو أمازيغا ـ بشكل رئيسي ـ
عن طريق اللغة المتداولة بينهم: العربية أو الأمازيغية. ويشكل العرب ـ حسب المصادر
المغربية الرسمية ـ حوالي 25% من جملة السكان، بينما يشكل الأمازيغ أغلبية النسبة
الباقية.». فهذه الحقائق والمعطيات، عندما كان يكتبها وينشرها ناشط أمازيغي، كان
سرعان ما يتهم بأنه "متطرف" ورافض للعرب ومعادٍ للعروبة. وها هي أصبحت حقائقَ
ومعطياتٍ رسمية جدا، وهذا ما جعلني لا أكاد أصدق ما كنت أقرأه كما قلت. ثم إن
الموقع يضيف ويوضح: «أما العرب فقد بدأت هجرتهم إلى المنطقة خلال القرن السابع
الميلادي، وتعاقبت موجاتهم بين القرنين الأول والعاشر الهجريين (السابع والسابع عشر
الميلاديين)، فضلاً عن عرب الأندلس الذين توافدوا على البلاد حتى نهاية القرن
العاشر الهجري (السابع عشر الميلادي». لم يكن العرب إذن ـ إن كان هناك من عرب
بالمغرب ـ سوى مجرد مهاجرين، مع ما يترتب عن ذلك من نتائج تمس الوزن الديموغرافي
الضعيف للمهاجرين وحقوقهم التي لا ينبغي أن تعلو على حقوق السكان الأصليين وإلا كان
ذلك استعمارا واحتلالا.
إنه انقلاب حقيقي، ورسمي، يعترف بأن المغرب بلد أمازيغي مع تقديم كل الأدلة العددية
على ذلك، والتي كانت الأجهزة الرسمية تخفيها دائما لإبقاء المغرب بلدا "عربيا"
بساكنة عربية وأقلية "بربرية". فها هي البوابة الوطنية الرسمية للمغرب تعلن أن
الأمازيغيين يشكلون الأغلبية (75%) والعرب الأقلية (25% فقط)، وأن اللغة الأمازيغية
هي الأكثر انتشارا وتداولا إذ يستعملها ثلاثة أرباع السكان.
ونفس الانقلاب أحدثه الموقع فيما يخص الظهير البربري الذي قال عنه: «وكان إطلاق اسم
"الظهير البربري" على ظهير 16 ماي 1930 الاستعماري، الذي يتعلق بتنظيم خاص للشؤون
العدلية في القبائل ذات العوائد البربرية، بداية لمرحلة المواجهة العلنية بين
القوات الاستعمارية والجماهير الوطنية». وهذه أول مرة أقر أ فيها نصا رسميا صدر عن
الحكومة المغربية يقول بأن "الظهير البربري" "استعماري" ويعطيه اسمه الحقيقي الذي
هو "ظهير 16 ماي 1930 المتعلق بتنظيم خاص للشؤون العدلية في القبائل ذات العوائد
البربرية". كما أنها المرة الأولى التي أقرأ فيها نصا "حكوميا" رسميا يذكر عبارة "الظهير
البربري" دون أن يتبعه بالتعليق المكرور والمعروف: "الذي جاءت به فرنسا للتفرقة بين
العرب والبربر وتنصير هؤلاء وإبعادهم عن اللغة العرببة والإسلام".
وإذا كان الموقع لا زال مليئا بالكثير من الأخطاء والمغالطات، مثل: «وباعتناق
المغاربة للإسلام ظهرت أول دولة إسلامية بالمغرب هي دولة الأدارسة سنة 788م. وقد
كان مؤسس هذه الدولة حفيد الرسول (ص) الشريف مولاي إدريس ابن عبد الله»، أو السكوت
نهائيا عن الأمازيغيين فيما يخص فترة ما قبل التاريخ، أو استبعاد معطيات الجانب
الديموغرافي من النص الفرنسي والإنجليزي والإسباني، أو عدم ذكر اللغة الأمازيغية
بجانب اللغة العربية
وعدم استعمالها في إعداد نصوص البوابة، وغير ذلك مما جاء في بيان الشبكة الأمازيغية، مما يحتاج إلى
تصحيح كالذي طال الجانب الديموغرافي، فإنه، رغم كل ذلك، ينبغي الاعتراف أن إيراد
مثل هذه الحقائق الموضوعية حول "الظهير البربري" والواقع الديموغرافي للأمازيغ
بالمغرب، يشكل تقدما هائلا، بل مفاجئا ومدهشا بالنظر إلى هيمنة النزعة
الأمازيغوفوبية على الأجهزة الرسمية للدولة بالمغرب. نأمل إذن أن تصبح هذه الحقائق،
"الجديدة" بالنسبة لكثير من المغاربة، والتي استطاع بعض المسؤولين البوح بها علانية
على صفحات الموقع الوطني، أن تصبح معروفة ومتداولة ومدرجة في الكتب والمقررات
المدرسية لتصحيح الكثير من الأراجيف والأباطيل التي تدرس لتلامذتنا حول الأمازيغية
والأمازيغيين، وخصوصا حول أسطورة "الظهير البربري". وحتى لا يكون هناك نشاز بين
الأرقام الديموغرافية التي أعلن عنها الموقع الرسمي للمغرب، وانتمائه العربي
المزعوم، يجب على المغرب أن ينسحب مما يسمى "الجامعة العربية" التي هي مؤسسة خاصة
بالشعوب العربية وليس الأمازيغية.
ومهما يكن، فإن ما نشر بهذه البوابة الوطنية الرسمية للمغرب حول "الظهير البربري"
والمكونات الديموغرافية للمغرب، لا يمكن إلا أن نصفق له ونرحب به ونحيي شجاعة
ونزاهة المسؤولين الذين كانوا وراء كتابة تلك الحقائق رغم شحها واقتضابها، في
انتظار معرفة الخلفيات التي كنت وراء هذا التحول المفاجئ والغير المنتظر كما سبقت
الإشارة.
|