حكايتي مع جدتي الأمازيغية
بقلم: عبد الله ازكّاغ (العروي، الناظور)
عدت من المدرسة وأنا أحمل في يدي كتاب اللغة الأمازيغية.
استقبلتني جدتي مبتسمة وهي تقول لي: "ماذا قرأت اليوم؟" قبلت لها: "قصة تامزا
وموحيو". ضحكت حتى برزت أنيابها الطويلة والحادة وقالت: "آه على الماضي وذكرياته".
قلت لها: "وما ذكرياته يا جدتي؟". قالت: "كل شيء كان أمازيغيا، الأكل واللباس
والنوم والبناء وحتى الموت...". قلت: "وما الجديد لديك يا جدتي؟ "قالت: "وضعت في
قالب لا يليق بي ولا لي، وأصبحت قطعة أثرية، ألا ترى ذلك يا ماسين العزيز؟" قلت: "ربما،
لكن أريد أن أسألك يا جدة عن تلك العلامة التي على جبينك". ضحكت وقالت: "ألا
تقرأها؟" قلت: "لذا أسألك". قالت: " هي الزاي الأمازيغية، خفت أن تندثر وتنسى
فاتفقت أنا وأخواتي النساء على أن تنفرد كل منا بحفظ حرف معين، فلم نجد أحرص مكان
آمن له من الجبين والخدود. وحتى الأنف لم يسلم والأيدي أيضا".
سألت جدتي: "معنى ذلك أن حروف تيفيناغ وجدت خزانة بشرية لا يمسها التلف". ضحكت
وأضافت: "ياماسين ستتعرف على كل أخوات الزاي الأمازيغية". قلت لها: "كيف؟" قالت: "بواسطة
الكتاب المدرسي". فتذكرت المثل الأمازيغي: "marra min va nini iqqim anv».
واصلت جدتي قولها متفائلة: "إن إحياء اللغة الأمازيغية أصبح على عاتق المدرسة
المغربية التي احتضنت مولودها الجديد لترعاه رعاية الأم لابنها حتى يكبر". قالت: "تلك
حكاية أخرى، لكن الأمازيغية ستنمو نموا سليما لأنها من هذا الوطن، بل هي الوطن في
حد ذاته. وهي ملك لكل المغاربة وحلمهم التاريخي الذي طالما انتظروه. فلا أحد يستطيع
التنكر لتاريخ وطنه. بابني إن التاريخ اللغوي لوطننا المغرب تاريخ مجيد.
فالأمازيغية والعربية وجهان لعملة واحدة هي المغرب. فاهتم بتراثك وثقافتك لتسعد،
سيما وأنت ترى الأمازيغية تقرأ وتكتب، وما ذلك بمستحيل".
(عبد الله ازكّاغ، مهتم بالثقافة الأمازيغية)
|