|
|
إذا كنت لا تستحيي فافعل أسوأ ما تشاء بقلم: عمر زنفي (أسيف ن دادس ورزازات)
عجيب أمر الدولة المغربية حكومة وشعبا ونخبا سياسية ومثقفة. وليس غريبا من منظور أنتربولوجي وسوسيوثقافي في حال شعب يعيش أزمة حقيقية، الأخطر منها على الإطلاق أزمة مهما كتب كتاب المغرب وصحافيوه لم يستطع أحد منهم أن يتوصل إليها أو تكون له الشجاعة الكافية للتطرق إليها والجهر بها. هذا لأنهه بكل بساطة حقيقة جد مرة. والنبش فيها قد يضرب عرض الحائط بكل تراكمات الكذب على أنفسهم أولا ثم على التاريخ ثانيا، وعلى قرائهم من الشعب المغربي والإنسانية جمعاء ثالثا. والأزمة التي نحن بصدد الحديث عنها هي أزمة الهوية التي هي أم الأزمات وأخطرها على الإطلاق. فعندما يتعلق الأمر بالشأن الأمازيغي، الكل يهلهل من هنا وهناك، وكل من مكانه يدلو بدلوه. فهذه صحافة غير حرفية تذكرنا بـ»الظهير البربري» وسنوات الرصاص في أعمدة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة، وبأسلوب لا يمت إلى أاسلوب الافتتاحيات بصلة. وهذه أحزاب تذكرنا وتهددنا بسنوات «بريشا» واللطف و»اللطيف» ووحدة الأمة الواحدة للحفاظ على شرعيتها الدينية وولائها للعروبة. وتلك جمعيات وجماعات تفتي كما يحلو لها وتذكرنا بالغزوات الإسلامية وبسالة الأمازيغ بالأندلس حفاظا على مناصبها وامتيازاتها التي يضمنها لهم من نصبوهم للترويج لقضاياهم ما دام الدفاع عنها لا يتطلب منهم العيش مع المعنيين في السراء والضراء تحث بنادق إسرائيل وبنادق المجتمع الدولي. وعندما يتعلق الأمر باعتقال النشطاء الأمازيغ أو قمع ثوراتهم بالجبال والأحياء المتخلفة عن ركب المغرب النافع، فلا أحد يجرؤ على التطرق إلى هدا الموضوع سواء الصحافة المكتوبة، المسموعة والمرئية المخزنية، ولو حتى الخاصة منها المفروض ألا تخضع لأوامر أم الوزارات ووصاية شيوخ الأحزاب. وإذا ما حصلت هذه المنابر على رخصة النشر، فقد تصف الحركة الأمازيغية التي حرصت على شمال أفريقيا الواحدة الموحدة والمغرب الواحد الفيديرالي الموحد، قد تصفها بالانفصالية والشوفينية. وقد تنعت رافعي العلم الأمازيغي بالمتطرفين والعميلاء... ما جرنا إلى هذا الحديث هو حادثتان رئيسيتان عرفهما المغرب خلال الشهرين الماضين. إحداهما الزوبعة التي أثارتها الانفصالية أمينتو حيدر وما ترتب عنها من نقاش وشجب وتغطية صحافية لا مثيل لها. وثانيهما حدث ثورة أمازيغ القبايل الجزائرية والتعاطي غير المسبوق للدولة المغربية وأجهزتها الإعلامية المسموعة، المكتوبة والمرئية مع الحدث. انفصالية رغم أنف المتياسرين الذين تورطوا تاريخيا مع الانفصاليين بدافع أواصر العروبة والإيديولوجية الواحدة. فالأمازيغ لن يقبلوا بأن تكون أراضيهم هدفا لمزايدات قبائل دفعها العطش من الشرق إلى شمال إفريقيا وإفراد/جنيرالات ونخب سياسية فاشلة يعانون أزمة هوية أعمتهم حتى عن واجبهم الوطني بالاحتفال برموزهم التاريخيين الذين أبو أن يبيعوهم بثمن بخس مقابل استقلال شكلي...وأصبحوا الآن يحتفلون بالخونة والانفصاليين الذين أفقروا الشعب المغربي وشتتوا شمل الأمازيغ ضحايا الهجرة المشؤومة. ماذا نستنتج هنا؟ إن المغرب حكومة وشعبا كالقط لا يكترث إلا لمن يشد على حنجرته وأنفاسه. إذا كان الإعلام يعتم على أنشطة الحركة الأمازيغية وأحداث ومآسي مناطق المغرب غير النافع، ويتعاطى بكل اهتمام وتفصيل مع أحداث أشخاص ومناطق تهدد وحدة هذا البلد, فما هي الذريعة التي يختبئ وراءها العروبيون كلما طفت الحقوق الأمازيغية على سطح الأحداث؟ وإذا تعاطت مع هذه الأحداث فمن باب تلويث سمعة رموز القضية الأمازيغية آو الانحياز لطرف ند آو نقيض القضية الأمازيغية من التيارات العرقوبية أحزابا كانت آو نخبا سياسية آو تيارات الساحة الجامعية. وغير بعيد عن المغرب وعن نفس القضية والمنطق، فقد تعاطت الصحافة المغربية المكتوبة والمرئية، كسابقة من نوعها، مع أحداث الاحتفالات بالسنة الأمازيغية بالجزائر وما صاحب ذلك من مسيرات الحركة الأمازيغية للاستقلال القبايل الجزائرية، والتي تعرضت للقمع كمثيلاتها عبر تاريخ الحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا عموما والجزائر خصوصا. فإذا كان هذا التعاطي له ذرائعه السياسية في إطار حسابات سياسية بين جنرالات الجزائر وخدام ووارثي القومية العروبية من المرحوم صدام حسين، فإن هذا التعاطي أسقط الدولة المغربية، نخبا سياسية كانت ومثقفة، في فخ التناقض وانفصام وتشنج داخلي خطير. فلماذا لم تتحرك الصحف المغربية عندما كان يسقط ويزهق جنرالات السيد عبد العزيز بوتفليقة أرواح شباب القبائل في الربيع الأمازيغي الأسود عام 2003؟ فالصحف، وخاصة صحافة رشيد نيني الأمازيغي الأصل, والمشهود له بالعداء لحقوق أجداده، قد أيدت حق أمازيغ القبائل في التظاهر والتمتع بكامل حقوقه خاصة تقرير مصير الانفصال/الاستقلال عن الجزائر. وقد تناست هذه الصحف، ومعها الدولة المغربية، أن الأمازيغ بالمغرب بالملايين وليسوا مليونا، أي إنهم يشكلون الأغلبية ولا يتمتعون بأبسط الحقوق المعترف بها دوليا. فإذا أيدنا ما يحدث في القبايل واعتبرناه حقا مشروعا وأن قمعه يعتبر جريمة في حق الإنسانية، فلماذا نعادي الحركة الأمازيغية وحقوق الأمازيغ الأغلبية والذين يعدون بالملايين؟ لماذا نعتبر أن حق أمازيغ المغرب في تقرير مصيرهم الهوياتي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، ردة وخيانة وعمالة بل من المحرمات والخطوط الحمراء؟ سؤال يجب على الصحف المغربية, خاصة السيد نيني، الإجابة عنه.ما الدرس الذي نفهمه إذن من هاتين النازلتين؟ وماذا على الأمازيغ فعله كي يحظوا بنفس الاهتمام والاحترام اللذين حظي بهما الانفصالييون ومن تبعهم من رواد الانقلابات على نظام المغرب التي راح ضحيتها أمازيغ النوايا الحسنة، وبالمقابل كرم زعماء هذه الانقلابات والحركات الانفصالية على رأس حكومات ومناصب سامية؟ وعلى هؤلاء المتنكرين للأمازيغ وسالبي أراضيهم أن يطالبوا الأمازيغ، باعتبارهم أغلبية، بكيفية تقرير مصيرهم باعتبارهم أقلية ضمن أغلبية أمازيغية. فلن يقبل الأمازيغ بتقسيم جهوي بعدما تم نهب ثروات أمازيغ المغرب غير النافع، ولن يقبلوا بجهات مكسوة بالقفار والحجر والرمال. كما لن يقبلوا بتقسيم جهوي تصفى فيه ما تبقي من الحسابات السياسية على مر العصور. فثقافة المغرب النافع وغير النافع لا زالت قائمة والشلوح والفواسة ...وعلى الذين ينتهزون الفرص، والذين ينتظرون من الأمازيغ بالانفصال على أراضيهم بالمطالبة بالحكم الذاتي أو الاستقلال الذاتي أن يستيقظوا من سباتهم، فالوعي السياسي لم يعد حكرا على خريجي جامعة السربون ونخب أهل فاس. إذا الأمازيغ يوما أرادوا الحرية فلا بد أن يشهروا بقضيتهم بمراسلة زعماء العالم لتحميلهم المسؤولية التاريخية، ونسج أواصر الإخوة والصداقة مع الشيطان إذا ما تطلب الأمر كذلك. على الأمازيغ أن يتصرفوا فوق أرضهم كاصحاب أرض وليس كمستوطنين أو مهاجرين سريين أو منكوبي الحرب أو الكوارث. فالإنسان الأمازيغي سئم الانتظار والعيش على الهامش والاكتفاء بالاحتجاج والتفرج على الذين انتقلوا من حالة التفرج/النظري إلى العيش الحقيقي التطبيقي. فالذي لا يستحيي من نفسه، ضميره، تاريخه قد يفعل السوء مما يشاء. فعلى ما يبدو فهؤلاء ليست لهم أية نية بالمصالحة مع ذواتهم فهم لا يعيرون أي اعتبار لمطالبكم المشروعة. فهذه شبه قناة أمازيغية 1/8 من القنوات الرسمية الناطقة بالعربية لأغلبية شعب ينطق باللغة الأمازيغية، وهذا المجلس الأعلى سيلغي مشروع مهزلة تدريس اللغة الأمازيغية أو قد يدفع بتدريسها بالحرف الأرمي. فالذي يعيش على شبر من هذه الأرض له الحق ويجب عليه أن يتصرف في جهته وموارده وتسيير شأنه في انتظار تحقيق مطالب أعظم. فالفقر والتهميش والفساد لن يكفا ولن ينتظرا حتى نحرر تمازغا أو نحقق دستورية الهوية والإنسان واللغة الأمازيغية.( اسيف ن دادس ورزازات، zanifi@gmail.com) |
|