|
|
مجموعة «الاختيار الأمازيغي»: بيان بشأن اعتزام المجلس الأعلى للتعليم مراجعة قرار تدريس الأمازيغية
أصدرت مجموعة «الاختيار الأمازيغي»، بتاريخ 05 فبراير 2010، بيانا إلى الرأي العام، بخصوص اعتزام المجلس الأعلى للتعليم مراجعة قرار تدريس الأمازيغية، هذا نصه: ينعقد المجلس الأعلى للتعليم للنظر في واقع المنظومة التربوية، التي تعتريها اختلالات جوهرية مرتبطة بمخلفات الماضي، توجب استحضارها، بكل أمانة، والوقوف عندها، لأخذ العبرة عند التفكير في بناء مدرسة المستقبل، التي هي مطلب يتقاسمه جميع المواطنين. وبهذا الصدد، نذكر أن هذه الدورة تنعقد 52 سنة بعد مناظرة 1958 التي لا تزال مبادئها، إلى اليوم، مرجعا إيديولوجيا للقائمين على شؤون التربية والتكوين، والذين جعلوا من المدرسة المغربية كيانا هجينا، يعاني مجتمعنا، بسببها، تخلفا في قيم المواطنة والديمقراطية وامتلاك التقنيات الحديثة. وللتذكير، فمناظرة 1958 كانت فاصلا بين عهدين: ا- عهد الحماية الفرنسية والإسبانية، سادت فيه لغتا البلدين وثقافتاهما، ثم اللغة العربية بصفتها لغة المخزن الموقع على معاهدة الحماية، بينما تم إقصاء اللغة الأمازيغية، لأنها لغة المنهزمين في الحرب بعد 22 سنة من المقاومة الشعبية دفاعا عن الأرض. ب- عهد الاستقلال (1956) الذي شهد، في عز طغيان القومية العربية، ميلاد دولة عربية لأول مرة في تاريخ المغرب، كان أساسها ترسيم اللغة العربية وثقافتها، والدعوة إلى إماتة «اللهجات البربرية» حسب تعبير سادة المغرب الجدد، الذين تم تنصيبهم بمقتضى اتفاقية إيكس ليبان. إن التذكير بهده الحقائق دعوة إلى المجلس الأعلى للتعليم، ليتجرد عن الاعتبارات الإيديولوجية للقومية العربية، ويستلهم التاريخ الوطني الحقيقي للأمة المغربية، عندما يحدد الثوابت الوطنية التي تصون الذات المغربية. فكل بلدان العالم تحدد هويتها الوطنية على أساس الأرض، وتقيس الوفاء لها بمدى الاعتزاز بالانتماء لها والاستعداد للتضحية من أجلها. ولنا في الموقف من معاهدة الحماية الفرنسية لسنة 1912خير مثال على الوطنية الصادقة. فإذا كان أولئك الذين جعلوا الوطنية وقفا عليهم، قد انتظروا 32 سنة على توقيع معاهدة 1912، ليصدروا بيان 1944 للمطالبة باستقلال المغرب، فإن تاريخنا الحديث، من 1912 إلى 1934، يشهد على تضحيات أبطال المقاومة المسلحة، في الريف والأطلس والجنوب، بأرواحهم، رفضا لاحتلال أرضهم، مهد اللغة الأمازيغية وثقافتها، اللتين كانتا أقوى سلاحهم في معارك غير متكافئة ضد الاحتلال. إن حفدة أولئك الشهداء، الذين تجاوز عددهم 600 ألف شهيد، يضعون أعضاء المجلس الأعلى للتعليم، ومن يقف وراءهم، أمام مسؤوليتهم التاريخية، ليحترموا الحقوق اللغوية والثقافية لأغلبية المواطنين. فلا معنى للحديث عن الوطنية والانفتاح على الغير وعلى القيم الكونية، إذا لم يتم، خلال هده الدورة، تقرير إجبارية تدريس الأمازيغية، كلغة وطنية، وتعميمه ليشمل جميع أسلاك التعليم بكل مناطق المغرب، وهي حقوق تعمدت الدولة التنكر لها منذ تولي العروبيين السلطة، في بداية الاستقلال. ولأن الانطلاقة كانت فاسدة، تحكمت فيها الأطماع الأجنبية المختلفة، فقد تحررت الأرض من الحماية الفرنسية والإسبانية، لكنها وقعت من جديد تحت حماية المشرق العربي، لصالح نفس المحميين المعادين بالتقليد للأمازيغية، والمندسين في ثنايا الدوائر المخزنية ومراكز القرار، سواء منهم أولئك الذين ينص عليهم الدستور، أو أولئك الذين يوجدون في الظل، لكنهم يمارسون التأثير الحاسم في توجيه قرارات الدولة. ولخداع الرأي العام وتلميع الواجهة، بخصوص موقفهم من الأمازيغية، يستشهدون بإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مع أنهم لم يبدوا أي تعاون معه، بل على العكس من ذلك تراجعوا حتى عن الالتزامات التي تضمنتها اتفاقياتهم مع المعهد الملكي لصالح الأمازيغية، وتماطلوا حد الرفض، في تنفيذ مقترحات هذا الأخير بعد مصادقة الملك عليها، خاصة منها، تلك التي تتصل بتدريس الأمازيغية، وهو ما دفع بسبعة أعضاء من مجلس إدارة هذه المؤسسة إلى الانسحاب منها سنة 2005 يوم 21 فبراير، الذي يصادف ذكرى الاحتفال بلغة الأم، احتجاجا على غياب الإرادة السياسية لدى الدولة، للتعامل بجدية مع ملف الأمازيغية. وهو ما يجعل استمرار البقاء داخل المعهد غير ذي جدوى، إن لم يكن تصديقا على السياسة المعادية للأمازيغية. واستحضارا لجميع هذه المعطيات، فإننا، في الاختيار الأمازيغي، سنعارض بشدة، أي قرار يصدر عن المجلس الأعلى للتعليم، بخصوص تدريس الأمازيغية، يكون دليلا آخر على انتفاء الإرادة السياسية لتنميتها ورد الاعتبار لها، وهو ما سنعتبره تأييدا ضمنيا لموقف الذين أشرنا إليهم أعلاه، والذين كانوا دائما يضعون العراقيل أمام كل خطة للنهوض بالأمازيغية. وأمام هذه الحالة من العبث والاستهتار، التي تطبع التعامل الرسمي مع الأمازيغية، ندعو، في الاختيار الأمازيغي، الحركة الأمازيغية بكل مكوناتها المؤمنة بالذاكرة الجماعية، أن تتأمل قوتها التي تتزايد يوما عن يوم، وتعبر عن نفسها كقوة اجتماعية منظمة، متشبثة بهويتها ومتحلية بطول النفس، لإيمانها بالعلاقة الوثيقة بين الوعي الديمقراطي والحقوق الأمازيغية، لمواجهة مخططات القوى المستقوية بمواقعها النافدة في الدولة، التي نناضل من أجل أن تصبح ذات هوية أمازيغية، قائمة على التعدد اللغوي والديني والتنوع الثقافي.
|
|