|
|
شعبة الدراسات الأمازيغية بالجامعة المغربية: واقع هش وآفاق غامضة؟؟ بقلم: رجب ماشيشي، أسافو، - تن إغير (طالب باحث - الدراسات الأمازيغية، أكادير) يتقاسم مسلك الدراسات الأمازيغية بجامعاتنا الثلاث في كل من ابن زهر باكادير، وظهر المهراز بفاس، وكذا القاضي قدور بوجدة، مجموعة من الرهانات التي تقف وراءها عوامل عدة أطرها المخزن من جهة، والمجتمع المدني الممثل في نضالات الحركة الأمازيغية خصوصا من جهة ثانية، إذ لا يمكن الحديث عن المرحلة الراهنة لمسلك الدراسات الأمازيغية داخل المنظومة التربوية، دون الإشارة إلى السياق العام والخاص اللذين أطرا سيرورة وضرورة إحداث جناح خاص لتدريس الأمازيغية كباقي اللغات داخل المؤسسات التعليمية: (الابتدائية، الإعدادية الثانوية، الجامعية، مراكز التكوين)، إلا أن هشاشة وضعها، وضعف الوسائل الديداكتيكية المخصصة لها، ونقص الأطر، وغياب الكفاءة، وندرة المراجع، ... سيظل عائقا كبيرا أمام التلميذ والطالب الأمازيغي في اكتساب لغته الأم داخل المؤسسة التربوية، والتحكم في قواعدها وآدابها مادام أن هناك غيابا لإرادة سياسية قوية للمخزن المحتكم بالإيديولوجية العربوبعثية، المعادية لكل ما تفوح منه رائحة التاريخ العريق للشعب الأمازيغي ذي الحضارة الضاربة جذورها في أرض تامزغا. فانطلاقا من هذا التمهيد، يمكن إجمال ما يمكن قوله حول واقع وآفاق مسلك الدراسات الأمازيغية فيما يلي: 1ـ الواقع: فبالرغم مما جاء به خطاب العرش سنة 1994 حول ضرورة النهوض بالأمازيغية كمكون أساسي لا يتجزأ من الهوية المغربية، وكذا خلق وتوفير كل الآليات والوسائل التي ستمكن الأمازيغية من أن تلج كل مؤسسات الدولة من منظورها الخاص، إضافة إلى خطاب أجدير 2001 الذي أكد بدوره على إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (IRCAM)، بظهير شريف كمؤسسة استشارية تتكلف بكل ما يتعلق باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وتعمل على إنجاز مشاريع تخص تشجيع البحث العلمي والثقافي وغيره في كل الميادين والاتجاهات، إلا أن السؤال الجوهري الذي يبقى مطروحا يتأتى في: أية حصيلة وأية إجابة موضوعية قدمتها هذه المؤسسة الأمازيغية بعد أكثر من تسع سنوات على تأسيسها؟ وبماذا يمكن تفسير غياب الإرادة السياسية للدولة المغربية تجاه الأمازيغية، ودسترتها شكلا ومضمونا؟ ومن المسؤول عن تجميد المشاريع الهادفة التي سترقى بها إلى مستويات أكثر استجابة للوضع القائم؟يتضح منذ الوهلة الأولى، وانطلاقا من الأسئلة المطروحة، أن الموقف الأمازيغوفوبي للنسق العروبي لا يزال، وبسياساته وخلفياته الايديولولجية، يعمل جاهدا على مناهضة الأمازيغية عن طريق سياسة (فرق تسد)، وذلك بخلق وابتداع سياسة تعليمية جديدة لا تقل خطورة عن سابقتها في الإعلام ...، حيث تقديم وبث البرامج التلفزية والنشرات الإخبارية بما تسميه باللهجات (ترفيت، تمازيغت، تشلحيت)، والتي أكد بخصوصها العديد من اللسانيين، أن هناك فرقا ما بين لفظة «لهجة» – Dialecte –، والتي تعني المهمشة سياسيا، ولفظة «فرع» – Variante –، التي هي ظاهرة لغوية نجدها في كل لغات العالم، وتتحكم فيها عوامل تاريخية، جغرافية، مناخية ...، ففي مقابل ذلك، وبذات السياسة نجد حجز فرع تاريفيت في الشمال (جامعة القاضي قدور – وجدة)، وفرع تمازيغت في الوسط (جامعة ظهر المهراز – فاس)، وفرع تشلحيت في الجنوب (جامعة ابن زهر – اكادير)، كي يكون الهدف تسطير حواجز بين طلبة نفس البلد (المغرب) ونفس اللغة الأم، وهو ما يمكن تسميته في السياسة الجديدة للدولة المغربية، بجهوية الفرع اللغوي (Régionalisation de variante linguistique)، فعوض أن تفتح الأبواب أمام طلبة كل فرع على آخر، قصد إغناء المعجم الأمازيغي، وتوطيد العلاقة، ومعيرة اللغة (Standardisation) ....، نجدها مغلقة بسياسة جهوية تفريقية سيذهب ضحيتها العديد من الطلبة الأمازيغيين المسجلين بالمسلك في الجامعات المغربية الثلاث المذكورة سالفا، كما يكرس ذلك، ولسوء الحظ، بوعي أو بدون وعي العديد من المهتمين بالحقل التربوي الأمازيغي في إنجازهم للمقررات والبرامج التعليمية، الابتدائية منها أو الجامعية. وعموما يمكن القول بأن هذا المسلك، لا يزال يعاني ويلات غياب الإرادة السياسية القوية، والذي أفرز العديد من التناقضات التي أسلفنا الذكر عن جزء يسير منها، بحكم عامل الوقت الذي لم يتسع لتناول مجمل الوقائع في هذا المقال. كل هذه العوامل جعلتنا نطرح العديد من الأسئلة والإشكاليات حول الأفق الغامض لمن يطمح غدا أو بعد غد أن يجد نفسه أستاذا، مربيا، مؤطرا، موجها، ...، وبلغته الأم لأجيال ستصبح بدورها مستقبلا حاملة للهم الأمازيغي على غرار سابقتها. فإلى أي حد يمكن الحديث عن آفاق طلبة الدراسات الأمازيغية بالجامعة المغربية، وخاصة بعد القرار الجريء للمجلس الأعلى للتعليم مؤخرا؟ وما هي آمال وانتظارات أول جيل سيحصل على دبلوم الدراسات الجامعية في شعبة الدراسات الأمازيغية ... ؟ 2ـ الآفاق: بناء على ما أوردناه في تحليلنا لبعض تجليات الهشاشة لواقع الأمازيغية بالجامعة المغربية، وانطلاقا من الأسئلة المطروحة، يتضح أن آمال وطموحات طلبة المسلك، ستضل معلقة ومبهمة يلفها الغموض، بعدما كان النقاش المطروح منذ الموسم الجامعي 2007 – 2008 (افتتاح المسلك بالجامعة)، يدور حول المنحى والمسار الإيجابي والناجح المتوقع الذي سيسلكه المسجلون بالشعبة، نظرا لمشكل الخصاص في الأطر التعليمية، والإعلام الأمازيغي ...، إلا أن تخرج أول فوج الماستر، وحلول سنة الحصول على الدبلومات بالنسبة للدفعة الأولى من طلبة المسلك، يقابله واقع مخالف تمام الاختلاف لما كان متوقعا ومنتظرا من دولة الإرادة السياسية القوية، ويبرر ذلك خجل المنظومة التربوية في تدريس الأمازيغية بكل المستويات التعليمية بصفة عامة، بحيث كان القرار الصادر مؤخرا من طرف المجلس الأعلى للتعليم، والذي تتقاسم مهامه وكواليسه جهات ومسؤولون ليسوا بمعزل عن باقي المؤسسات الحزبية، وغيرها المعادية للأمازيغية، ضربة قاسية في حق تدريس الأمازيغية، والذي بيّن كذلك مدى فشل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة استشارية لمواجهة الموقف.وفي الأخير لا يسعنا بعدما قلنا سالفا إن الحديث عن الآفاق بالنسبة لتدريس الأمازيغية ستظل غامضة، إلا أن نطرح مجموعة من الأسئلة المفتوحة في انتظار إرادة سياسية للدولة المغربية، ودسترة الأمازيغية بالشكل والمضمون مع توفير حماية قانونية لذلك. فإلى متى ستظل الأمازيغية رهينة بالواقع الهش في شتى مناحي الحياة اليومية، بعد أن ظلت صامدة على طول التاريخ؟ وإلى متى ستستمر المسرحيات السياسية الزائفة تطبخ في حق إيمازيغن، ولغتهم وحضارتهم العريقتين (12 قرنا من تاريخ المغرب، مخطط التعريب، سياسة الاعتقالات ...)؟ وإلى أي حين ستظل تطلعات التلميذ، والطالب، والباحث الأمازيغي عالقة، مجهولة المصير؟ وماذا يمكن القول عن واقع الأمازيغية داخل المنظومة التربوية، ومن المسؤول عن ذلك؟ وهل من إستراتيجية علمية تستجيب للوضع؟. Rajabmachichi@gmail.com بتاريخ: 05 /02 /2010
|
|