| |
قراءة في
ديوان Tiggest n wur للشاعر سعيد الفراد
بقلم: الشاعر محمود بالعشير
التفاصيل المحيطة بالديوان:
ثيكسث ن وور/ وشم القلب، ديوان شعري أمازيغي صادر عن دار "تريفة" ببركان، للشاعر
الأمازيغي الشاب سعيد الفراد، يقع هذا الديوان في 45 صفحة من الحجم الصغير، يحتوي
18قصيدة متوسطة الطول. قدَّمت له الشاعرة الأمازيغية مايسة رشيدة، وحاولت أن تثير
الآفاق الشعرية التي يخولها الديوان للقارئ، كما أبحرت في تخوم المعاني والدلالات
التي انطوت تحت هذه الأضمومة الشعرية. هذا وقد رسم لوحة غلاف الديوان الفنان
التشكيلي الأمازيغي محمد الزرقتي، أبدع كثيرا في تجليات هذه اللوحة، كما أسهم من
خلالها في إضفاء روح شعرية غنية بالطلاسم والأسئلة اليتيمة.
فإلى أي مدى سيسافر بنا الشاعر في بحر خيالاته الممكنة؟ وفي أي ميناء رمزي رست
قواربه؟
" ذاكرة الوشم والقلب Tiggest n wur "
يحيل عنوان الديوان إلى تاريخ لن ينسى في عمق ذاكرة الأمازيغ، بل إنه يؤرخ لمجد أمة
بأكملها، فثيكسث ( الوشم) يعبِّر عن المرأة في معجم المفاهيم الأدبية الأمازيغية،
إنه يستسرق ضمير التاريخ ليلفظ من خلاله الشعر، كما توحي له أبيقوريته الملفوفة
بالهدوء والأسئلة، ثم يعيد الكرة ويؤكد على الترابط الوثيق بين فصلين من مقومات
المجتمع الأمازيغي، حين أضاف الوشم إلى القلب، وحضور القلب ليس من باب الصدفة
الشعرية فحسب، بل إنه عربون الانفتاح على التاريخ، ومقارعة الأحداث والاستنتاجات
التي أفرزها بسلاسة وموضوعية، وعبقرية فنية في استجلاء الحدود المعقولة ليصير
التاريخ هو القناة التي تصب بمحمولها في القصيدة. وهكذا فالقلب يقارب أو يوجز
العلاقة بين ذات الشاعر وما يحيط به من جهة (من حيث الرؤية والقراءة والتحليل
والاستنتاج)، والعلاقة بين الذكورة والأنوثة من حيث الطبيعة البسيطة وليس من حيث
ممارسة عنصر السلطة الذي يولد في كلتا الذاتين.
ممارسة الكتابة الشعرية من داخل الديوان:
يحاول الشاعر الشاب ممارسة كتابته في هدوء حسي، كما لو أنّه فيلسوف يبحث عن رواق
أرحب لمداعبة أسئلته الثرية من حيث الشك. إنه يستقطب القضية البسيطة المحكومة
بالهامشية في حياتنا اليومية، ويجعل منها قطبا يحرك عجلة شعره/كتابته، فالمرآة التي
يقصدها المرء كل صبحية لتجديد التعلق والتعارف مع وجهه، إنها لم تعد تقوم بدور
استبيان الظاهر المورفولوجي فحسب بل صارت لها وظيفية أخرى في داخل الديوان، فهي
للبحث عن الحقيقة- tisit n tnezruft السبيل الأنجع ـ حسب قصيدة ، أو كما أفرد
الشاعرaraji والمضي نحو المجهول، ومصارعة حقين الانتظار حين قال:
X tisit n tnezruft negwar uca negwar
Netraja ticri atax ad as iqquded ubehrur
S ufi n uneعtar di tiddi tbuzzur
Ad wdant tsedjyiwin ad iseged anuyer
إن قوة البوح أشد بكثير من أن يبَسّط الشاعر صوره، لذلك نجد أن الدلالات متداخلة
كأنها كومة من قش، أو كأسا تملأه جزيئات الماء، لا أحد يستطيع أن يبعد الواحدة منها
عن الأخرى، لذلك يمكن أن نصف حالة التشابك بعملية التماهي. Tiggest n wur في دلالات
ورموز الشعر في ديوان ، في Rghezrat n u3ban قصيدة جميلة تضمنها الديوان تحت اسم
محاولة من الشاعر(على الأرجح) مقاربة تاريخ القضية الأمازيغية والطريق الطويل
الملغم بالانتظار واللاجدوى، حيث يوجد اليمين واليسار، الحق والباطل، والمرء ملزم
بالاختيار، وحيث لا يوجد مجال للحياد، لأنها قضية متجذرة في العمق، وتسكن القلب في
دفء كأنها حتمية من ضرورات التاريخ، والشاعر إذ يفرد تفاصيل هذه القصيدة، ربما يروم
إشعار القارئ المفترض بالمتاهات والجراح التي يفرزها المضي في طريق النضال من أجل
غد القضية الأمازيغية، وكأني به إذ يذكر الطريق/أبريذ وكيف له أن يشقق في حين ما
ويفترق كما لو أنه يتحدث عن مفترقات الطرق في الحقل الأمازيغي وما يعرفه من أصوات
هنا أو هناك، تعج بالأنانية وعدم الانصياع للهم الكبير وهو استنارة نبراس الحقيقة،
وإخماد فتيل النزوات الطفولية التي تقتل هذه القضية في أعماقها، أو حسب الشاعر:
Amen enna ubrid ak ixf nnes ishus
Ad ciyaregh d azermad ad ciyaregh yeffus
Ad derqegh rewdva netta akid I yefsus
Tibridin msabdvant
Icten teggur ivten tnus
Icten tesfaqa icten tessudvus
ويدخل الشاعر بعد ذلك صرحا آخر من تيمات كتاباته، حيث يبوح بإيمانات خالجه إذ يصرخ
في فظاظة الوقت وينادي في العمق لكي تسقط عنه الأغلال والأصفاد التي تلازمه، ويذوق
طعم الحرية برغم الجرح وآلامه، تلك الآهات التي تتحول إلى زغاريد تعانق عزلة
النجوم، وهنا يجب أن نسأل من يخاطبه الشاعر؟ ولماذا جعل ضمير المخاطب (كَنِّيوْ)
أنتم؟
Arezmet xaf i tifardiyyin n rehbus
Adafegh tizi di tiqqest n ufeqqus
إن الشاعر يخاطب الآخر المفترض( الأعداء) بقيمة الجمع، ليس تعظيما له وإنما
استشهارا لبطولة إيمانه، ومحاولة منه إعادة بناء داخله بشد القارئ نحو هذا الأمر
بإشراكه وإلزامه على دفع فاتورة الشفقة الفنية وليس غيرها.
يسرد Ametta yedranوغير بعيد عن هذا نجد الشاعر في قصيدة
حكاياته في الحياة اليومية حيث التناقضات بكل صنوفها، وحيث لا يستطيع الشاعر إلا أن
يأخذ دور المقاوم الذي يتمرد لكي يعيش ولا يملك إلا بعض المفردات وكثيرا من الأفكار
التي تدجج ذاكرته، وليس إلا كثيرا من المشاعر الصادقة والنبيلة.
Txayellah seqsat syadit inedwan
D tsawent n tizi issusufen rwehran
Ma isemrec ayi i taysart axmar a n zman
(يتبع)
|