S UFUS AZELMADV
الحكومة الشريفة
بقلم: سعيد أبرنوص
يوم كتبت مقالتي "ماذا لو صرت وزيرا أولا"،
والتي كانت في مجملها كلاما باطلا يراد به حق،حيث تصورت نفسي مرشحا فوق العادة
لمنصب الوزارة الأولى، متحملا عناء تقديم برنامج انتخابي مفعم بكل ضروب الحب وأنواع
العشق للعروبة و"المشرق"، وبكل ألوان التمجيد للأصول "الأندلسية" "الفاسية" "المورسكية"...
لم لأكن أتوقع أبدا أن تصدق نبوءتي المشؤومة،ليعين فعلا في منصب الوزارة الأولى أحد
أشد العاشقين لنسبه"الشريف" والمتيمين بالعرب والعربية والعروبة والتعريب ...
كذلك كان، فوجد أحد العبابسة الفرناسيين نفسه، بموجب لعبة مخزنية مفروشة (بترقيق
الراء)على رأس الجهاز التنفيذي ليجهز على ما بقي من وهم لدى من كان يأمل يوما في
مغرب جديد.
لن أكرر الكثير مما قيل عن هذا العبث غير المتقن، وما حلله وفسره وشرحه المحللون
والشارحون والمشرحون (بترقيق الراء أيضا)، لأني، وبكل غرور السذج المتعجرفين، أعتبر
نفسي الآن أحد من يجب أن يعول عليهم في التنبؤ والتنجيم،علني أنال بعضا من الشهرة
التي نالها صاحب الرؤى والبركات، رغم أني لست لا وليا ولا صالحا كما هو حال شريفنا
عبد السلام ياسين.
ها قد عُين إذن الأمين الخاص لحزب الاستقلال رئيسا للوزراء، وها هو قد اتحد مع
الاتحاديين متحررا مع الأحرار من كل حياء أو خجل، فتقدم مع التقدميين إلى الكرسي
الوثير بالمجلس الحكومي وخطط مع المخططين ليصبح كل نبيل وزيرا، فصارت الحكومة شريفة
بامتياز على رأسها حزب ما زال مصرا على اسم لا معنى له في ظل مغرب الوحدة والسيادة...
لأني لا أفهم - كما هي عادتي دائما – لم الاحتفاظ باسم "الاستقلال" بعد 50 سنة من
الاستقلال. وكأنهم يطالبون باستقلال آخر عن الاستقلال نفسه، أو الاستقلال بأنفسهم
عن الوطن المستقل أصلا. أم أنهم بحاجة دائمة لتذكير المغفلين منا بكون حزبهم من "أنعم"
علينا بالاستقلال، ليكون بذلك الأحق بالحكم علينا والتحكم برقابنا في كل جهات
المملكة الشريفة، فيصوت ناخبون سذج على منتخبين بليدين يمنحون مقاعد كافية ليستوزر
بعدهم أبناء وأصهار الفاسي وبنات الصقلي وبادو حفدة الحركة الوطنية الشريفة العفيفة...
فمن الفهري ومرورا بالناصري والفاسي والصقلي وحجيرة وغلاب ووصولا إلى العلمي وبادو
لم يبق للسعدية قريطف إلا أن تكره اسمها "البدوي" المثير للسخرية لدى"المشارقة".
إلا أن تبحث عن اسم فني "مشرقي" رنان يجعلها أقرب إلى العروبة،فاختارت،بدل اسمها
المغربي التقليدي الأصيل، أن تصبح ثريا بنت جبران. هذا الجبران الذي صار -دون أن
يدري – أبا لها بالتبني. فصرت بعدهما أبسمل وأحوقل لعلمي اليقين أن بنت جبران،بعد
أن تنصلت من أصلها وفصلها وغيرت اسمها،لن تتوانى عن تغيير اسم وزارتها من وزارة
الثقافة إلى وزارة آل "ثقيف" نسبة إلى القبيلة الشهيرة في الجزيرة العربية.
والحق أني لا ألوم للا السعدية عن هذا التهافت للبحث عن اسم ينسجم وحبها للعروبة
والشرق،فقد سبقها لذلك الآلاف المؤلفة من المغاربة قديما وحديثا مدعين أصولهم
الشريفة وانتسابهم لآل إدريس عل ذلك يمنحهم ثروات الدنيا وشفاعات الآخرة،فصار
العشرات من حفدتهم وزراء في حكومة المغرب الجديد
(سعيد أبرنوص Appulius @hotmail.com )
|