|
مصير الجامعة المغربية على ضوء أحداث العنف الأخيرة بقلم: عبد الصمد المجوطي* تعيش الجامعات المغربية في الأيام الأخيرة على صفيح ساخن، أمام موجات من العنف الجديدة بلبوس إيديولوجي قديم، في انتهاك صريح وغير مبرر للفضاء الجامعي الذي اعتبر مجالا للحوار والتعايش والتسامح،بالنظر للرهان المطروح على الجامعة باعتبارها قافلة التنمية والمراهن عليها لإنتاج النخب القادرة على المساهمة في تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية داخل النسق السياسي المغربي. وعليه، فإننا ندين العنف بشدة ونستنكر الهجوم الممنهج الذي نفذته وفق أجندة مدروسة، القوى العروبية والمتمركسة بمعية المخزن على الصوت الحر والتقدمي والديمقراطي داخل الجامعة المغربية المتمثل في الحركة الثقافية الأمازيغية الحركة الثقافية الأمازيغية. وبالعودة إلى العنف، وانطلاقا من المقاربة المعجمية باعتبارها جزءا من الحياة الاجتماعية، نجده يقترن بالصرامة والألم والإيلام والزجر أو القمع مثلا في الوعظ والتربية عند أبي حامد الغزالي في الاحياء، والإنهاك واستنفاذ القوة واستعمال العنف من أجل النجاة من الخطر –الرازي-، وهناك مقاربة تحدد العنف في استخدام وسائل الضغط التي تحد وتعدم إمكانية الغير في الاختيار بل وتعدم حتى إمكانيته في الهروب أو في الإعتاق أو في رفض الوضعية التي تفرض عليه. وهي نفس المقاربة التي تبناها أصحاب الخطاب الماركسي المتطرف داخل الجامعة المغربية بالعمل على تحيين نظريات واعتقادات وصلت حد التقديس أقصت من خلالها خطابات وتصورات مغايرة لنفس الواقع بالعنف، المشرعن من خلال الفهم الخاطئ والمغلوط للماركسية التي لم تراهن على الطلبة ساعة من نهار لحسم السلطة السياسية وهم الذين أهانهم لينين وأعتبرهم كلاب الثورة بمعنى أنهم بجانب المنتصر سواء أكان تقدميا بالمفهوم الماركسي أو رجعيا. وأمام هذه المقاربة الشمولية الإطلاقية أصبح العنف مقبولا ومستساغا عند هؤلاء بالرغم من فشله في تدبير الإختلاف. فحتى الأنظمة الشيوعية التي حاولت التحكم في التنافسية المولدة للعنف، لإقرار العدل والسلام بين الناس تحولت هي نفسها إلى آلة قمع للحرية والعدالة والمساواة لكونها تدعي المثالية والإطلاقية والشمولية، ولا تقبل نقدا لأطروحاتها وبذلك فهي لا تقبل أن تضع حدا لاستعمال العنف من أجل بسط نفوذها وأطروحاتها. وهي نفس التجربة التي حاول المتمركسون في الجامعة المغربية استنساخها منذ ظهورهم بها وتحويل موازين القوى لصالحهم في بعض من مراحلها. فاعتبروا كل من يختلف معهم في مقاربة الواقع بشكل مختلف ووفق مرجعيات مختلفة عدوا ينبغي مواجهته بدءا بما سمي بالقوى الإصلاحية مرورا بظهور فصائل الإسلام السياسي داخل الجامعة مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وصولا إلى ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة كمكون ديمقراطي،حاول تصحيح مسار النقابة الطلابية وإعادة الاعتبار لرموزه الذين غيبوا قسرا سواء في المقررات التعليمية الرسمية أو الخطابات السائدة داخل الساحة الطلابية،بحيث سيطر المشرق بإنتاجاته الفكرية والإديولوجية وقضاياه على العقل السياسي لدى الطالب المغربي. ومنذ بداية ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة لم تسلم من تتحيين بعض الفصائل المتمركسة وبالخصوص ما يسمى بالبرنامج المرحلي، لبعض المفاهيم من داخل الماركسية كمفهوم العنف الثوري الذي تعرض لأدلجة عنيفة وأصبح مشروعا ومقبولا ومبررا حتى من داخل فئة واحدة هم الطلبة. فهذا المفهوم الذي يقتضي وجود نقيض طبقي،حاول هؤلاء ومن دون تبرير إيديولوجي إقصاء كل من يختلف معهم بمختلف أشكال العنف سواء أكان رمزيا باسم بعض أنماط الشرعية التقليدية كالماضي والمقدس أو ماديا. ولعل الأحداث الأخيرة التي راح ضحيتها العشرات من طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية في بعض الجامعات المغربية خير معبر عن ذلك، وهو ما خلف موجات استنكار واسعة من مختلف القوى الفاعلة داخل وخارج الوطن، وحول تحيين مفهوم العنف الثوري من طرف الطلبة المتمركسين. فيمكن اعتبار تصريح –الحريف- المنسق الوطني للنهج الديمقراطي لجريدة –الأحداث المغربية- خير رد على هؤلاء الذين اعتبرهم بعيدين كل البعد عن الفهم الحقيقي للماركسية، وبالتالي فوصفهم من طرفه بالمتمركسين لم يأت بمحض الصدفة بقدر ما أنه نتاج موضوعي لسوء الفهم إن لم نقل لعدمه للماركسية وأدبياتها ومفاهيمها من طرف هؤلاء داخل الجامعة المغربية المحتاجة أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة غرس بذور الحوار والتعايش بين مختلف الفاعلين من داخلها، لإخراجها من وضعها الهامشي الذي ساهمت في تكريسه بعض الإديلوجيات الباردة. *عضو لجنة ثاويزا لدعم مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية
|
|