|
وضمن نفس السياق كتبت جريدة لوبسيرفاتور دو موايان أوريون (l'observateur du moyen-orient) بتاريخ 21 دجنبر 1958 تقول: »كان الريفيون منذ القرن السابع عشر، يتميزون بخاصية العناد ولا يقبلون بسهولة سلطة خارجة عن منطقتهم. وبحكم أن الريف كبلد مستقل قائم بذاته يرفض الخضوع للسياسة المخزنية الطاغية، فإنه عانى كثيرا من الصراع والحرب الطويلة مع بلاد المخزن، وليس الفوضى الريفية كما ذهب اليه جرمان عياش في كتابه »أصول حرب الريف«. لقد كانت هذه الحروب الطويلة والمتبادلة بين منطقة الريف ومنطقة المخزن منذ أن دشنها السلطان المولى إسماعيل بجبروته المعروف، والمعروف أيضا بكرهه وحقده الشديد على الأمازيغ إما بسبب تمسك الريفيين باستقلالهم وكيانهم وتمسكهم بأعرافهم وتقاليدهم أو بسبب غدر ومكر المخزن عندما كان يتحالف مع الدول الأوروبية الإمبريالية ضد الريف. ولكي نقارب الموضوع أكثر سنحاول أن نستعرض هنا بعضا من جوانب هذا التاريخ الدموي الأسود للمخزن في منطقة الريف انطلاقا من سنة 1810 عندما أرسل السلطان المولى سليمان في السنة بالذات »حملة تأديبية« إرهابية إلى منطقة سلوان والمناطق المحاذية له التابعة لتكتل كنفيدرالية إقلعيان بسبب عدم أداء أهالي إقلعيان الضرائب الموسمية للمخزن، حيث قام المخزن على إثر تلك الحملة الإرهابية بحرق وتدمير المنازل والمداشر ثم أخد الأطفال كودائع ورهائن لغرض المقايضة بهم بأموال الضرائب اللاشرعية. وبنفس الطريقة تقريبا وجه المخزن حملته الإرهابية الأخرى هذه المرة نحو نواحي الحسيمة ومناطق الريف الشرقي وأحرق ودمر وخرب المداشر والديار وسرق المحاصل الزراعية لا لشيء سوى أن أهالي المنطقة رفضوا أن يدفعوا الضرائب والجبايات للدوائر المخزنية بسبب قلة المحصول الزراعي والجفاف والمجاعة، وبعد هذه الحملة بقليل جدا ستأتي محطة 1812 ليعود المخزن المغربي مرة أخرى إلى الريف، وهذه المرة بسبب تهمة ما يسمى بالتهريب، ويقود المخزن عملياته الإرهابية نحو عدة مناطق ريفية أهمها سلوان وإفرخانن وآيت شيشار... وكما هي عادة المخزن في حملاته السابقة، سيقوم المخزن على إثر هذه الهجمة الشرسة الجديدة بإحراق وتدمير القرى والمداشير الريفية وسرقة الممتلكات من أصحابها الريفيين، ويشهد التاريخ أنه لم تكن تمر إلا بضع سنوات قليلة على الحملات المخزنية السابقة إلا وأن كان المخزن قد عاد بحملات جديدة أكثر دموية من السابق وإلى نفس المناطق المذكورة. وانطلاقا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع بداية ظاهرة العمليات العسكرية للحركة البحرية الريفية أو ما يصطلح عليها في الكتابات الأجنبية بالقرصنة الريفية أو الجهاد البحري عند بعض الكتابات الأخرى، سيشهد الريف تطورا كبيرا في سياسة إنشاء السفن وهو ما سينعكس عليه بشكل إيجابي جدا على أسطوله البحري، وخاصة الحربي منه، هذا الأخير الذي كان يقوم بمهمة حراسة ومراقبة السواحل الريفية من الخطر الآتي من السفن الأجنبية وخاصة الأوروبية منها التي كانت تمر عبر المياه الريفية بشكل مباغث وبدون استئذان زعماء القبائل الريفية وهو الشيء الذي كان يشكل خطرا عليهم وتهديدا قويا ومحتملا لغزو الأراضي الريفية من طرف الدول التي تنتمي إليها تلك السفن الأوروبية الاستعمارية، التي كانت تقوم بعمليات استطلاعية واستكشافية للأراضي الريفية وغير الريفية لفائدة دولها عندما كانت تمر عبر المياه المتوسطية، وذلك لتمديد غزوها واحتلالها ومن ثمة سرقة ممتلكاتها وثرواتها الطبيعية الغنية والمتنوعة. وما يهمنا نحن في هذا السياق هو أنه كلما هاجمت القوات البحرية الريفية سفن وبواخر دول أوروبا الاستعمارية الحربية والتجارية منها على السواء، ودافعت عن شواطئها من الخطر الأوروبي إلا وسارع المخزن بالتنديد والوقوف إلى جانب دول هذه السفن الاستعمارية التي كان المخزن يحرص على سلامتها عندما تمر عبر المياه المتوسطية، فتارة نجد المخزن يشارك الاستعمار الأوروبي في هجوماته على الريف، وتارة نجده يقود حملاته بنفسه ويقتل ويحرق ويدمر السفن والموانئ والمداشر الريفية كما سنتطرق إلى ذلك فيما سيأتي حسب التسلسل الزمني للأحداث الدموية المخزنية بالريف، وتارة أخرى نجده يقف متفرجا على الهجومات الأوروبية المضادة للريف كما حصل مع السفينة الحربية الإنجليزية »جانوس« عندما قامت سنة 1851 »برحلة تأديبية على طول ساحل الريف« (150). وإذا كانت السياسة المخزنية تدافع عن مصالح دول أوربا الاستعمارية وتدافع عن تواجد سفنها بالسواحل الريفية، والقوات البحرية الريفية تقف لها بالمرصاد في البر والبحر وتهاجمها، فإن الأخطر ما في الأمر هو الدفاع المخزني كذلك عن تواجد الاستعمار الأوروبي داخل الأراضي الريفية وخاصة التواجد الإسباني كما حصل عندما حاصرت القبائل الريفية تمليلت والتخوم الأخرى المحتلة من طرف الإسبان، حيث هدد المخزن على إثر ذلك القبائل الريفية بالهجوم عليهم والعقاب الشديد إن لم يبادروا إلى فك الحصار المضروب على تمليلت والجيوب الأخرى التي تحتلها إسبانيا بالريف، ثم ما لبث أن أمر المخزن في سنة 1852 أحد أعوانه وعملائه بالمنطقة الريفية وهو الشيخ ميمون الذي عينه المخزن قائدا على منطقة إزناسن بأكملها سنة 1851 بالهجوم على قبائل الناضور وأن يخصص إحدى قطع أسطوله البحري لحراسة تمليلت والمياه المتوسطية من طنجيس إلى تمليلت قصد تأمين تمليلت والسفن الأوروبية التي كانت تأتي مشحونة ومحملة بثروات مستعمراتها من إفريقيا، زيادة على حماية الحدود المصطنعة بين الناضور وجزئها المغتصب في تمليلت، وقد قاد الشيخ ميمون بأمر من السلطان عبد الرحمان بن هشام (1822-1859) عدة حملات إرهابية إلى الريف الشرقي وخاصة إلى نواحي الناضور، وآخر حملة قادها إلى نفس المنطقة، وبالضبط إلى ناحية آيت شيكر كانت في سنة 1859. وفي سنة 1857 لما حصلت حادثة بين الريفيين والإسبان التي نتج عنها احتجاز الأسرى من كلا الطرفين، هدد سلطان المخزن عبد الرحمان بن هشام بتاريخ 12 دجنبر 1858 أهالي الريف في رسالة موجهة إلى زعماء إقلعيان يخبرهم فيها أن اتفاقا أبرم بين الجانبين المخزني والإسباني بشأن إطلاق سراح أسرى الإسبان وأنه سيرد على الريف بحملة عقابية أخرى يقودها علي بن عبد القادر قادما من طنجة على رأس قوات مخزنية، كما طالب عبد الرحمان بن هشام في خطابه أيضا بإطلاق سراح الأسرى الإسبان المحتجزين في الريف لكن بدون أن يقدم الضمانات للريفيين بخصوص تحرير الريفيين كذلك المحتجزين في تمليلت وإرجاع قواربهم بحمولتها. من أسباب هذه الحوادث وغيرها من الحوادث المؤلمة بالريف تواجد الاستعمار الأوروبي في المجال الجغرافي للريف وانحياز المخزن إليه بالدفاع عن مصالحه بالمنطقة الريفية، ففي هذا الإطار التاريخي من التاريخ اللاوطني للمخزن سيوقع هذا الأخير على عدة اتفاقيات مع الحكومة الإسبانية التي كانت جلها لصالح إسبانيا وضد الريف، وكما هو الشأن في اتفاقيات توسيع حدود مدينة تمليلت ومن ثمة مزيد من احتلال الأراضي الريفية والتوسع الإسباني داخل الريف، فقد وقع المخزن في عهد السلطان عبد الرحمان بن هشام مع الحكومة الإسبانية بتاريخ 24 غشت 1859 على اتفاقية توسيع حدود مدينة تمليلت المحتلة نحو الحدود الغربية بمقدار رمية مدفع لتعيين الحدود الجديدة، غير أن تلك الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ نظرا لوفاة السلطان عبد الرحمان بن هشام في الأيام الأولى من الاتفاقية وبالضبط في يوم 29 غشت 1859 أي بعد مرور حوالي خمسة أيام على اتفاقيته مع إسبانيا، إلا أنه لسوء الحظ ستنفذ في عهد خلفه السلطان محمد بن عبد الرحمان (1859- 1873)، الذي ستعرف فترة حكمه مزيدا من الاتفاقيات والمعاهدات مع الجارة الإسبانية الإمبريالية ضد مصالح الريفيين كما هو حال معاهدة 1860 التي جاءت نتيجة احتلال إسبانيا لمدينة تطاوين الريفية، حيث تعهد فيها السلطان محمد الرابع بحماية الحدود الجديدة لتمليلت وأن يقوم بزيادة القوات المخزنية إلى الريف لحماية تلك الحدود المصطنعة علاوة على »تأديب« كل من يحاول الهجوم على تمليلت والإسبان، وهذا مدون في الفصل السادس من معاهدة 26 أبريل 1860 التي نصت على أن يقوم المخزن بحماية الشريط الحدودي لتمليلت المتفق عليه، علاوة على حماية المواقع الأخرى المحتلة من طرف الإسبان كحجرة أنكور وباديس. وبخصوص حرب تطاوين التي اندلعت بين المخزن والإسبان في سنة 1859 وانهزم فيها المخزن، نود أن نسجل هنا أن الريفيين تحالفوا مع المخزن ضد الإسبان وساعدوه بالعدة والعدد رغم ما قيل وسيقال عن هذا المخزن، وما يفيد ذلك رسالة النائب السلطاني محمد الخطيب إلى محمد الزبدي المؤرخة بتاريخ 20 دجنبر 1859 يقول فيها إنه »أثناء حرب تطوان ضد إسبانيا سنة 1859، وجدنا وحدات الريفيين تتقاطر على جبهة سبتة على الرغم من بعدها عن الريف« (151). وعلى الرغم أيضا من أن إخوانهم الريفيين في الناضور كانوا قد فتحوا جبهة قتالية في نفس السنة مع الإسبان المحاصرين في تمليلت، وما يهمنا نحن في هذا الاتجاه هو الانقلاب المفاجئ والسريع للمخزن والمثير للاندهاش و الاستغراب، حيث تحالف في سنة 1860 -أي بعد انهزام المخزن واحتلال تطاوين- مع الإسبان ضد الريفيين الذين كانوا يحاصرون القوات الإسبانية الإستعمارية داخل أسوار مدينة تمليلت السليبة، يقول جرمان عياش: »لقد كانوا (الريفيون) حتى هذه السنة يالذات (1860) قد حالوا دون تقدم الإسبانيين المحاصرين في مليلية وراء أسوارهم، كما فعل أجدادهم منذ ثلاثة قرون. فإذا بالسلطان (محمد بن عبد الرحمان) نفسه يلزمهم، بعد استتباب السلم، بالتخلي للعدو عن جزء من أراضيهم، من حقول ومساجد ومساكن« (152). ثم يضيف ويستشهد بشاهد عيان إسباني، يقول هذا الأخير: »كان أمرا مقلقا للغاية بالنسبة للقبائل وهي ترى جيوش السلطان، وعلى رأسها أمير، تصل لفرض إرادة أمة أجنبية عليهم. إنه لمشهد لم يسبق له نظير في هذه المملكة« (153). بهذا الشكل كافأ المخزن نية الريفيين حين ساندوه وأزروه في حرب تطاوين فعوض أن يرد لهم الجميل ويساندهم هم أيضا في حربهم ضد الإسبان في الجهة الشرقية للريف بتمليلت ويعفيهم من الضرائب راح المخزن يتحالف مرة أخرى مع الاستعمار الإسباني بالهجوم عليهم وإرسال مزيد من القوات المخزنية إلى منطقتهم لحماية مواقع الاحتلال الإسباني، ثم ما لبث أن وقع مع الحكومة الإسبانية بتاريخ 20 نوفمبر 1860 على اتفاقية مشؤومة نصت على أن يقوم المخزن تحت قيادة إسبانيا بمراقبة السواحل الريفية وأن يمنعوا الريفيين من الإبحار في سواحلهم والاستفادة من ثروات بحرهم إلا بموافقة الإستعماريين، وهذا ما يمكن أن نفهمه من خلال الفصل الخامس والعشرين من هذه الاتفاقية المشؤومة، يقول: »اتفق الطرفان المتعاهدان على أن لا يقوم رياس تلك القوارب أو ملاكها بأي سفر إلا بعد أن يحصلوا على رخصة من حكام المواقع الإسبانية بالبحر المتوسط أو من القناصل الإسبانيين إذ كانوا يسكنون في موانيء يقيم بها أولئك القناصل. « (154). إن هذه الاتفاقية المشؤومة التي ترأسها شقيق السلطان المدعو مولاي العباس والتي يراد منها إحلال الصلح والصداقة بين المخزن والإسبان على حساب تجويع شعب الريف واحتلال مزيد من أراضيه علاوة على أن يقوم المخزن بحماية القوات الإسبانية المتواجدة في الريف وأن يحرس السواحل الريفية والحدود التوسعية الجديدة لمدينة تمليلت المحتلة في مقابل أن يتخلى الإسبان على بعض المواقع التي احتله في تطاوين وأن يعود إلى سبتة المحتلة لحد اليوم، كما يمكن أن نستخلصه أيضا من رسالة السلطان محمد بن عبد الرحمان إلى محمد الحضري قائد قبيلة آيت سعيد بإقليم الناضور، المؤرخة بتاريخ 14 دجنبر 1861، حيث نقرأ فيها ما يلي: »محبنا المرابط البركة الأرضي السيد محمد الحضري وفقنا الله وإياك، وسلام عليك ورحمة الله تعإلى وبركاته. وبعد؛ فإنا رشحنا أخانا الأرضى مولاي العباس - حفظه الله- لعقد المهادنة مع جنس الصبنيول، وكان من جملة ما اشترط عليهم الخروج من تطوان، إذ عنوا لذلك وطلبوا الوفاء بما كان وقع الفصل عليه حياة مولانا المقدس بالله في حدود مليلية، (يشير السلطان إلى اتفاقية توسيع حدود تمليلت بتاريخ 24 غشت 1859 والتي دخلت حيز التنفيذ في سنة 1862 في إطار معاهدة الصلح لخروج إسبانيا من تطاوين)، فأجابهم لذلك افتقاء بما عقده مولانا الإمام (السلطان عبد الرحمان بن هشام) -رحمة الله عليه- وجريا على استخلاص ذلك الثغر (مدينة تطاوين) من أيديهم، وأمضينا فصله في ذلك لما رأينا فيه من المصالح التي لا ينكرها عاقل... وقد كتبنا لقبيلة كلعية كتابا أمرناهم بالوقوف على جعل الحدود على ما وقع عليه الفصل مع مولانا، قدس الله روحه وبرد ضريحه، وتأخير إخوانهم الذين بها إلى مايليها من البلاد (وتعني هذه العبارة حسب مصطفى الغديري مصادرة أراضي ومباني الأهالي الواقعة داخل المجال المتفق عليه مع الإسبان، كما تحث السكان على التخلي عن هذه الأراضي والرجوع إلى ما وراء الشريط الحدودي المتفق عليه) وأكدنا عليهم في ذلك، وبينا لهم ما فيه من المصالح، وحذرنا عاقبة المخالفة، ووجهنا لهم ابن عمنا الأرضي سيدي محمد بن عبد الجبار، ومعه قائد أرحى وخمسون فارسا للوقوف على ذلك، وكتبنا لخديمنا الطالب أحمد الداودي (عامل وجدة) بأن يتوجه هو وخديمنا الشيخ ميمون ويباشروا ذلك حتى يتم على ما ينبغي،... فكن عند الظن بنا في ذلك ولا تقصر في موعظة أولئك الناس وتذكيرهم حتى يمتثلوا ما أمروا به... « (155). وتنفيذا لأوامر السلطان محمد بن عبد الرحمان، جرد المخزن في سنة 1864حملة »تأديبية «هذه المرة ضد أهالي الحسيمة بناء على أوامر الإسبان وشروط المعاهدة بين البلدين بسبب ما سمي بالقرصنة، ففي ظل هذا التحالف المخزني الإسباني ضد الريف أسس المخزن في سنة 1867 ديوانة مخزنية بتمليلت، وهذا اعتراف صريح للمخزن بأسبنة تمليلت حيث تعامل معها كإحدى مدن إسبانيا مثل تعامله مع الجيوب الريفية الأخرى المحتلة من طرف الإسبان، ومن أجل تحقيق غاية الاستعمار الإسباني عمل المخزن على تأمين واستئناف عملية تصدير المواد الغدائية والماء الصالح للشرب إلى الحصون الريفية المحتلة من طرف إسبانيا، ولما حاول الريفيون مرة أخرى طرد الاستعمار الإسباني من الثغور المحتلة هذه المرة عن طريق منعهم من الإستفادة من ثرواتهم المائية في سنة 1871، التي تزامنت مع ثورة محمد أمقران ضد الاستعمار الفرنسي بالقبايل الشقيقة، عاد المخزن المغربي مرة أخرى إلى الريف وبالضبط إلى الناضور لعقاب سكان إقلعيان على مضايقتهم للإسبان ولإرغامهم على قبول تحويل مجرى مائي إلى تمليلت، التي بفضل هذه المادة المائية الحيوية الأساسية للحياة استمر تواجد الاحتلال الإسباني في مدينة تمليلت واستمر نزوح وإستيطان عدد كبير من الإسبان في تلك المدينة الريفية المحتلة. كان هذا إذن كل ما يتعلق بسياسة المخزن في عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان، أما في عهد خلفه السلطان الحسن الأول (1873-1894) فقد ظل الوضع في الريف على ما هو عليه وظلت سياسة المخزن كذلك على ما هي عليه مع تخصيص سلطان المخزن لدورية عسكرية مخزنية لمداولة الحراسة في السواحل الريفية وذلك لتجنب أي هجوم ريفي محتمل قد يصيب الثغور الريفية المحتلة من طرف الإسبان، وأيضا لحراسة المؤن الإسبانية التي تمر عبر المياه الريفية ومتجهة نحو قواعدها العسكرية المتواجدة في الريف، وذلك وفق الشروط المتفق عليها في معاهدة الصلح بين المستعمرين الإسباني والمخزني، ولا بأس أن نذكر هنا ضمن نفس السياق بعض المراكز المخزنية المتواجدة في الريف التي كان منها المخزن يحرس قواعد الاحتلال الإسباني، فقد كان بعضها على الشكل الآتي: ديوانة قرب مدينة تمليلت لحراسة تلك المدينة، ديوانة بساحل بادس لحراسة حجرة بادس، ديوانة بساحل أنكور لحراسة حجرة أنكور التي ما تزال لحد الآن محتلة من طرف الإسبان. (يتبع في العدد القادم)
|
|