|
الكلمات الأمازيغية في اللهجة الليبية (13) بقلم: ماضر الجادوي (ليبيا) إن حرف الحاء من الحروف الدخيلة على اللغة الأمازيغية وليس بصوت أصلي فيها، وكذلك دخيل على بعض الألفاظ في لهجات شمال إفريقيا المحلية، وحرف الحاء إما أن يكون أصله الهمزة أو الهاء أو الخاء أو الغين، مثل الألفاظ (حواري، حلوف، نحاس، حصيرة، حولي،.... الخ) مع وجود بعض الكلمات في اللغة الأمازيغية بها حرف الحاء وهي في الأصل ترجع إلى اللغة العربية. حواري في اللسان قيل لأصحاب الرسول عيسى الحواريون، عن ابن عباس قال: سموا بالحواريين لبياض ثيابهم، يقول طوبيا العنيس: إن هذه الكلمة آرامية من حورا ومعناه بيض، ونسبة الحواريين ليست منه بل من السجل إي الثوب الأبيض الذي كان يلبسه المعمدان، وشقه بعضهم من حار بمعنى رجع، ويقول إدريس محمود موشى: أصل الكلمة من اللغة الارترية الجعزية ومعنى حواريا أي الرسول وهي مشتقة من الفعل حر إي ذهب، يقول السيوطي: قال ابن حاتم عن الضحاك قال الحواريون: الغسالون بالنبطية وأصله هواري، وقال الواسطي إن الحواري أصله الهواري، وقال الفراهيدي: والحَوارِيُّونَ: الّذين كانوا مع عيسى عليه السّلام ينصرونه، وكانوا قصّارين، يقال: فعل الحواريّون كذا، ونصر الحواريون كذا، فلمّا جرى على ألسنة النّاس سُمّيَ كل ناصر حواريّاً. وكلمة هواري تذهب بنا إلى قبيلة هوارة الأمازيغية التي كانت تقطن منطقة الوسط والشرق الليبي، ولا نستبعد أن يكون الحواريون هم الهواريون البربر الذين نشروا المسيحية في أفريقيا، وهنا لا بد من أن نذكر بالرسول المسيحي مرقس الذي يقول عنه البابا شنودة الثالث (أن مرقص رسول أفريقي المولد ولد في ليبيا، وقال إن له اسما عبريا وهو يوحنا)، وقال البابا شنودة الثالث (أجمع كل علماء الكتاب المقدس وكل الدارسين فيه أن انجيل مرقس هو أقدم ما كتب من الأناجيل)، واسم مرقس ما زال يطلق على وادٍ في منطقة قورينا في الشرق الليبي، انظر كتاب مرقس الإنجيلي للكاتب داود حلاق عن مصلحة الآثار ليبيا، وحسب ما ذكر في الكتاب من أن مرقس قام بالتبشير بتعاليم المسيح في فلسطين ولبنان وروما ومصر وليبيا. وفي جبل نفوسا ما زال الأهالي يقومون بزيارات إلى قبور الأولياء الصالحين الإباضيين، ومن بينها قبور الحواريين ومفرده (لحواري) لأخذ البركات منهم، و أغلب الأهالي لا يعلمون أن هؤلاء في الأصل هم مسحيون. وبالنسبة لكلمة هوّاري هي بدل للكلمة زوّاري، بالنطق الأمازيغي (أزوّار) أي الذي سبق أو الأول، والكلمة (اهوّار) لها بدل آخر هو (اهقّار) بحرف (g) . يقول ابراهيم الكوني هذا الاسم يطلق على منطقة في الصحراء جنوب الجزائر منسوب إلى الطوارق، وهو صفة طبقية تحملها قبائل الطوارق،و (أهقّار) يستعمل في لهجات الطوارق بمعنى الرجل النبيل. حرف الهاء في لهجات الطوارق يقابله حرف الزاي في لهجات الشمال وبسبب البدل يكون هذا الاسم (أزقّار) وهو مشتق من الفعل (يزقر) إي عبر إلى الضفة الأخرى أو سبق، ومنه اللفظ (أزقر) وهو الثور، الاسم (أزقّار) يكون (أزوّار) بسبب البدل بين حرف القاء المعجم (g) و حرف الواو (w)، وهو بمعنى غليظ أو سمين، وهما من الفعل (يزوّر) أي غليظ، و كذلك الفعل (يزور) بمعنى سبق أو فات، وهو الذي اشتق منه الاسم (امزوار) إي الأول أو الذي سبق، وأن اسم مدينة زوارة مشتق منه وأصله (ازوار). الاسم الأول (أهقّار) الذي أتى من الاسم (أزقّار) والذي هو الآخر بدوره أتى من الاسم (أزوّار) وهذا الاخير يتحول في فترة تاريخية متاخرة الى الاسم (أهوّار) الذي هو اسم لقبيلة هوارة الامازيغية والتاء الاخيرة هي بسبب النطق العربي للاسم، لماذا الاسم (اهّوار) هو الذي اتى بعد الاسم (أزوّار) وليس قديماّ ؟. لأن حرف الزاي هو اقدم من هرف الهاء في اللغة الامازيغية، والدليل على ذلك الالفاظ التي بها حرف الهاء قليلة في اللغة الامازيغية واغلبها بسبب البدل عن الزاي، وللعلم فأن حرف الهاء حرف حديث في كل لغات العالم. الكاتب ابرهيم الكوني في كتابه (بيان في لغة اللاهوت) فسر اسم هوارة على أنها المحروسة، من الاسم هور وهو الحارس وتاهورت إي الباب، وهور الذي نسبه إلى حورس الإله المصري وقال هما من الاسم أهر أي الأسد، وقال أن هوّارة هي عاصمة الهكسوس. ولكن أجد أن هذه التحليلات غير صحيحة لماذا، أولا أن اسم هوارة ليس قديما في المصادر التاريخية وإنما يرجع الى الفترة الاسلامية ولم يذكر في النقوش المصرية القديمة و اليونانية وشعب الهكسوس منذ أيام الفراعنة، والثاني أن جذر الاسم هور يختلف عن جذر الاسم حورس بوجود الصوتين الحاء و السين، و الاسم تاهورت يوجد في لهجة الطوارق فقط واما في باقي اللهجات يكون تاوّرت و تاقّورت وتابّورت أي الباب، وان أهر الذي هو الأسد هو في الاصل أزر، لأن الهاء هي حديثة في الأمازيغية. الاسم هوارة (أهوّار) هو إما أن يكون بمعنى غليظ اوسمين وبالبدل يكون (أزّوار) وله شكل أخر هو (أزورار)، ونحن نعرف الغلظة ما هي إلا زيادة الحجم والاتساع في المساحة وهذا التحليل يفسر الرقعة الواسعة التي احتلتها قبيلة هوارة في شمال إفريقيا إي من نهر النيل إلى الصحراء الكبرى، أو أن يكون اللفظ (أهوّار) ناتجا من اللفظ (أزوّار) الذي له شكل آخر هو (امزوار) أي بمعنى الأول أو الذي سبق أو عبر هو الأول. ومن هذا التحليل أطلق على هذه القبيلة بسبب عبورها الصحراء شرقاً نحو النيل أو نحو الجنوب. حلوف وهو حيوان يعرف بالخنزير، وهذا اللفظ لم تتكلم عنه المعاجم العربية أي لم تعرفه، وهذا اللفظ هو أمازيغي وهو من اللفظ (إلف) وهو الخنزير في الأمازيغية، وفي اللهجة الليبية أدخل حرف الحاء على هذا اللفظ ليكون (حلوف) لتسهيل نطقه. حصيرة الحصيرة في اللهجة الليبية هي ما يفرش على الأرض للجلوس عليه وكذلك يعرف بالتازير قال الفراهيدي: والحَصيرُ: سَفيفةٌ من بَردّي ونحوه. والحَصيرُ: فِرِنْد السيَف. والحَصيرُ: الجنب، وحَصيرُ الأرض: وجْهُها، وجمعُه حُصُر، المعاجم العربية لم تذكر الحصير للجلوس أو النوم عليه. الحصير مثل التازير يكون دائري الشكل وليس مستطيلاً، وأصل هذا اللفظ هو (اصيري) أو (أسري) كما هو عليه في الأمازيغية، ومثله التازير الذي أصله هو (ازير) وحرف التاء للتأنيث، والحصير لماذا يكون دائري ؟، لأن الألفاظ (اسري) و (ازير) او (ازر) في اغلب الكلمات الأمازيغية تؤدي معنى الاستدارة مثال على ذلك (تازيري) أي القمر وأطلق عليه هذا اللفظ لاستدارته ووكذلك (ازير) أي الجرة، مع وجود لفظ آخر في الأمازيغية للحصيرة وهو (تجارتيلت) وتكون مستطيلة الشكل. حولي في اللهجة الليبية يطلق على لباس من الصوف يصنع في المنسج (وهذا المنسج يعرف في ليبيا بالمسدة، في الأمازيغية زطّا)، و الحولي القديم يسمى (جرد)، إن هذه الأشياء كلها صناعة أمازيغية معروفة. في المعاجم العربية: الحولي: ما أتى عليه حول من ذي حافر وغيره، والحول هو السّنة أو العام، في معجم الفراهيدي لم يذكر الحولي بمعنى اللباس، وهذا بالنسبة للباس الرجل، ولباس المرأة، في هذا اللفظ حرف الحاء غير أصلي، وبالتالي يكون اللفظ قبل أن يدخل عليه هذا الحرف (أولي) وفي الأمازيغية اللفظ (اولي) يطلق على الضأن ومفرده (تيلي) أي النعجة، وأطلق اسم (اولي) أي الضأن على هذه العباءة لأنها تصنع كلها من صوف الضان. نحاس قال عمر الشيباني: وقال التميمي: الصاد: النُّحاسُ، وقال الفراهيدي: والنُحاس: الدُّخان الذي لا لهب فيه، قال الأزهري: النُّحاس: ضربٌ من الصُّفْر شديد الحُمْرة في لسان العرب قال يطلقون على النحاس ناس، في كتاب المزهر في علوم اللغة قال: القُبْرسُ: أَجْوَدُ النُّحَاس تسميتهم النحاس مِسّاً لا أدري أعربيٌّ هو أم لا. إن عدم إجماع علماء العربية على هذا اللفظ إنما يبن أنه لفظ دخيل على العربية، وبالرجوع إلى الأمازيغية في معجم محمد شفيق يقول: يطلق على النحاس في الأمازيغية (أنّاس)، وكذلك نطلق على أواني الطبخ النحاسية اسم (تامنّاست) وهذا اللفظ مشتق من (أنّاس) نفسه، وهذا الأخير ربما يكون قد أخذ من اللفظ (نس) الذي يعني النزول إلى الأسفل أو الرسوب في القاع بسبب ثقل وزنه. حناي وهي بمعنى الجدة في اللهجة الليبية، وفي اللهجة المصرية تنطق نينا، وهما من اللفظ الأمازيغي (نانّا - nanna) أي الجدّة وأيضاً ينطق (نّوا - nnwa) أي الجدّة العظيمة.
|
|