|
صيحة ضمير الإبادات الجديدة للأمازيغ بقلم: رشيد نجيب سيفاو طغت أحداث الموت الأسود البطيء التي شهدتها قرى أنفكو وأنمزي وأكوديم وتونفيت بنواحي خنيفرة في الأطلس المتوسط على صفحات بعض الجرائد الوطنية خصوصا المستقلة منها، ومعظم الصحف ووكالات الأنباء الدولية وعلى شاشات التلفاز العالمية. أما القنوات العمومية المغربية فقد طبقت فعلا حكمة "الصمت من ذهب". وشكلت الحدث المتواتر لدى مكونات الرأي العام هنا وهناك. لقد انتشرت موجات الصقيع الباردة في المنطقة مرفوقة بداء غامض، فكانت النتيجة حصول عدد من الوفيات وخاصة في صفوف الأطفال والأمهات. لقد بينت لنا الصور الآتية من هذه القرى الأمازيغية أناسا يعانون ليس فقط من البرد والمرض، لكن يعانون أكثر، شأنهم شأن باقي الأمازيغ في مناطقهم، من حكرة وتمييز هذه الحكومة العربية ولامبالاتها بمطالبهم وقضاياهم. بينت لنا هذه الصور أيضا أناسا يشبهون بنعالهم البلاستيكية البسيطة وسلاهمهم الصوفية السميكة شخوص صورة فوتوغرافية تعود إلى العهد الكولونيالي. أو لنختصر الكلام ونقول إنهم أقرب إلى حالة البؤساء كما تناولهم فيكتور هيكو في روايته الشهيرة. ولأنهم أمازيغ، فلم تبادر حكومة الرباط إلى إغاثة هؤلاء ونجدتهم وإعلان قراهم منطقة منكوبة تستدعي التحرك العاجل لإنقاذها. تماما مثلما أهملت نفس الحكومة مناطق الريف أثناء حدوث زلزال الحسيمة سنة 2004. لتتضح بذلك اللعبة، وتتضح بذلك طريقة تعامل الحكومة العربية بالرباط مع الأمازيغ، والتي تتمثل في نهجها لأشكال جديدة من إبادة هذا الشعب الأصلي. إن العودة قليلا إلى سجلات تاريخ هذه المناطق المنكوبة، تبرز بكل جلاء أنها هي التي أنجبت معظم الزعماء الذين قاوموا ميدانيا بالقتال وليس بالكلام قوات الحماية الفرنسية. ولعل أسماء من قبيل موحا أوحمو الزياني وموحى أوسعيد والوجه النسائي النادر تاوكرات أولت عيسى تغني عن كل تحليل. في معظم هذه المناطق، لا وجود لبنية تحتية تساعد على العيش بكرامة: لا مستوصف، لا كهرباء، لا ماء صالحا للشرب، لا سيارة إسعاف، لا أمن. وكل ما يربط هذه الجهات بسلطات الرباط مدرس القرية الذي يمارس دروس التعريب بالرغم من أنفه، أو الحارس الغابوي الذي كثيرا ما أثقل كاهل السكان بغراماته لمنعهم من الاحتطاب في الغابة المجاورة قصد التدفئة، فضلا عن الخنازير البرية التي كثيرا ما أتت على حبات البطاطس القليلة التي يزرعها هؤلاء لمعيشتهم... ويتحدثون رغم ذلك عن التنمية البشرية وكل المعجم المرتبط بها، ويتحدثون عن مشاريع الوهم لرفع العزلة عن العالم القروي. إن التهميش الذي يطال هذه المناطق وغيرها من مناطق الأمازيغ، والتلكؤ واللامبالاة التي تواجهها بها الحكومة العربية بالرباط، كلها عناصر تبين أن الأمازيغ في هذا الوطن هم مواطنون من الدرجة الثانية تتم إبادتهم بطريقة وشكل جديدين من أجل تحقيق هدف خسيس يتمثل في تغيير التركيبة السكانية للمغرب عبر القضاء على العنصر الأمازيغي المزعج.
|
|