| |
حان موعد" توادا"
بقلم: حسن بتسعيد ءوسام (ماســـــت)
كثر الكلام عن ليركام، منذ تأسيسه قبل 4 سنوات، بين مؤيد
ومعارض، فجاء الانسحاب السباعي من مجلس إدارته ـ احتجاجا على عدم تطبيق قرارات
ليركام المتعلقة بتنمية الأمازيغية، وعلى سياسة التدجين والاحتواء ـ ليزيد الموضوع
دسامة وتتسع رقعة النقاش الذي تحول في كثير من المناسبات إلى مشادات كلامية وتبادل
للتهم والأوصاف بكلمات ساقطة. فالمؤيدون يلونون ليركام بألوان قوس قزح، ويتفننون في
جرد إنجازاته والدفاع عنه. والمعارضون تصفونه بأنه مؤسسة مخزنية والعاملون به
مخزنيون، وإنجازاته وهمية لا وجود ولا تجسيد لها خارج أسوار ليركام.
لن أطيل في وصف هدا المشهد، لأن حيثياته لم تعد خافية على أحد. لكن من المستفيد من
هذا كله؟ أهي الأمازيغية – لغة وثقافة وحضارة، حاضرا ومستقبلا ـ أم الإنسان
الأمازيغي – المواطن والمناضل والمفكر والباحث؟- أم هو النظام المخزني العروبي؟
وهل يشفى الغليل إن اكتفى معالجه بالتشخيص فقط، دون البحث عن العلة لتجاوزها ووصف
العلاج المناسب والفعال؟! هدا ما آلت إليه القضية الأمازيغية اليوم، إذ يكتفي كل
الناقدين – إن كان ما يقولونه ويفعلونه نقدا بناءا موضوعيا أصلا- والمتحدثون عن
الشأن الأمازيغي، بتبادل الاتهامات والأوصاف القدحية دون التفكير في إيجاد الحلول
ولو نسبية للخروج من المأزق الذي أضحت فيه القضية الأمازيغية، فتحول النضال من أجل
الأمازيغية إلى صراع داخلي ضد الأمازيغية، وقد يعصف بها. فالنظام المخزني تمكن
بامتياز من تحويل ضغط الحركة الأمازيغية، - التي تزايدت شعبيتها وعدد المناضلين في
صفوفها وثقلت مطالبها وتأكدت عدالتها ومشروعيتها- إلى صراع داخلي بين مكونات الحركة
نفسها، فاستراح المخزن من عبء ثقيل كان ولعدة عقود يؤرق مضجعه ويحرم عليه راحته.
المخزن عرف كيف يحل المسألة، شخص الوضع وعرف خطورة الحركة الأمازيغية على مصالحه،
ثم أوجد الحل فاستغل إنشاء المعهد ليشغل به الحركة عن نضالها الحقيقي، ثم أطلق
أكذوبة الاعتراف الجماعي بالحقوق الثقافية واللغوية للامازيغية، لينام ايمازيغن في
العسل!
فهل نعيب على المخزن أنه يحافظ ويدافع عن مصالحه! بل نعيب على من يتوقع وينتظر منه
غير ذلك! نعيب على الذي انطلت عليه خدعة المخزن منا، فلماذا يختزل في إنشاء المعهد
كل المطالب المشروعة والديموقراطية لMA ؟
هل ينتظر المناضلون من ليركام أن يقوم بدسترة اللغة الوطنية الأمازيغية كلغة رسمية
للبلاد في دستور ديموقراطي وهو يفتقر للقرار السياسي؟ وهل هذا الاعتراف الجماعي
بالحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغية تحفظ لنا هده الحقوق وتحفظ لايمازيغن كرامتهم
على أرضهم وتحد من فلكلرة إبداعهم وفنهم؟ هل ليركام بدوره الأكاديمي في تقعيد
وتنميط اللغة، وبدوره في إعداد المقررات والكتب المدرسية، وبعقده ندوات ودورات
تكوينية،هو من سيضمن إدماجا حقيقيا وكاملا للأمازيغية في الإعلام والقضاء والتعليم
والإدارة والمحيط؟
هذه تساؤلات كثيرة، وسؤال أخير: هل انتهى النضال من أجل الأمازيغية بمجرد إنشاء
ليركام واعتراف جماعي شفهي استهزائي بحقوق الأمازيغية وايمازيغن؟ أم أن مناضلي
الحركة الأمازيغية تعبوا من النضال؟
اعتبر هذه دعوة لكل مناضل ومناضلة للاستمرار ومواصلة النضال من أجل مغرب فيدرالي
ديموقراطي حداثي، ومن أجل ترسيم لغتنا الوطنية الأمازيغية كلغة رسمية في دستور
ديموقراطي يقر في ديباجته بالبعد الأمازيغي للهوية المغربية، وتحفظ لايمازيغن كل
حقوقهم الموروثة وتحميهم من كل أنواع التمييز العنصري. وكلها مطالب مشروعة لم
يضمنها الاعتراف الجماعي المزعوم، إذ لازالت آلاف الهكتارات من أراضى القبائل
الأمازيغية تحول إلى محميات يستوطنها الخنزير والغزال والنعام لغرض نزع ملكيتها
وخوصصتها فيما بعد وبيعها بدرهم رمزي!
ولازالت الأصوات العروبية المخزنية تتعالى بتصريحاتها المعادية والرافضة لأي تعدد
لغوي وثقافي بالمغرب، وهو رفض وعداء صريحان للوجود الأمازيغي بكل تجلياته. وهذا ما
قرأناه من قول عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال (1): "دافعنا في حزب
الاستقلال عن اللغة العربية... ونعتبر أنه لا يمكن للغات الأجنبية أن تحل محل اللغة
العربية". فهل أعتبر الأمازيغية التي تتكلمها الأرض قبل الإنسان لغة أجنبية ليحمي
العربية الوافدة؟! ثم أضاف(2): "إن من يطالب بد سترة الأمازيغية يسيس القضية، إنه
يطلب شيئا مستحيلا... يجب أن تبقى العربية هي اللغة الرسمية في المغرب". فحلل على
نفسه السياسة وحرمها علينا، ثم وصف مطلبنا المشروع في الدسترة بالمستحيل. ودون
إغفال الإشارة إلى تصريحاته الأخيرة. وصرح عبد العالي بنعمور، الرئيس المؤسس
لجمعية بدائل قائلا(3):" إن العربية هي التي تجمعنا لا الأمازيغية... والذي كان من
الشخصيات التي قدمت عريضة للصدر الأعظم ضد الظهير البربري في الثلاثينيات... الذي
كان يسعى للتفرقة بين العرب والامازيغ" مؤكدا بالدليل القاطع أنه ينحدر من أصول
عنصرية للأمازيغية ولايمازيغن بالتوارث. ثم أجاب اليزيد البركة، عضو الكتابة العامة
لحزب الطليعة عن سؤال حول موقف حزبه من دسترة الأمازيغية، بكل استهزاء وتهكم قائلا:
"القصد هو فقط تزيين الدستور وتجميله بشعار غير قائم في الواقع".
فمن يحمينا من هذا الحيف وهذا الميز وهذه العنصرية، ومن يحفظ لنا حقوقنا على أرضنا،
غير أنفسنا ونضالنا! فنحن في مرحلة نحتاج فيها إلى تظافر كل الجهود بدل الانشغال
والتحول عن القضية الحقيقية بأمور من تخطيط مخزني، يسعى من ورائها إلى إضعاف وتشتيت
الحركة الثقافية الأمازيغية باتباعه لسياسته المعهودة والوحيدة والمتجاوزة "فرق تسد".
الإحالات
1 ـ حوارات حول المسالة الأمازيغية.ص 15 من منشورات الأحداث المغربية 2004
2 ـ نفسه ص19
3 ـ نفسه ص65
4 ـ نفسه ص78
|