| |
النظام التربوي المغربي
ومشروع تدريس الأمازيغية
بقلم: ذ. امحمد عليلوش (iyider
النقوب)
يان: التقديم:
يعتبر قطاع التعليم والتربية من أبرز القطاعات، إن لم أقل هو أساسها وأهمها التي
ترتكز عليه تنمية وتقدم كل بلد، وكذلك ازدهاره وتطوره. فكلما اهتمت الدولة بهذا
القطاع وأعطته كل العناية الكافية واللازمة كلما تحقق الانتعاش والتطور المنشودان.
إلا أن حال تعليمنا حاليا مازال لم يتخذ المسار الصحيح حيث مازال يعاني من أزمات
متتالية منذ فترة الاستقلال، والتي حددت فيها الأهداف والغايات الأساسية. فإذا كانت
الأهداف الأربعة المعروفة للحركة الوطنية (التعريب، التعميم، المغربة، المجانية) قد
تحقق منها ما تحقق وفشل منها من فشل، فقد أصبح اليوم من الضروري بمكان أن يعاد
النظر في السياسة التعليمية برمتها، وبالتالي الاهتمام بشكل تطبيقي وفعلي بميدان
التربية، ذلك الميدان الذي يصنع الإنسان المغربي بصفة عامة، ذلك الإنسان الذي ينتظر
منه أن يعمل على الرقي بهذا الوطن العزيز إلى الأمام، وبالتالي منافسة الدول الأخرى
في زمن أصبح فيه التنافس ضروريا من أجل إثبات الوجود، ولأن النظام التعليمي الذي
أقامه الاستعمار، وكذلك النظام التعليمي السائد بعد الاستقلال، أصبحا لا يتلاءمان
مع متطلبات المغرب المعاصر والمنفتح على العالم، جاء الميثاق الوطني للتربية
والتكوين من أجل تدارك الموقف والسعي إلى تجاوز كل المنزلقات والمشاكل التي يتخبط
منها التعليم المغربي، فكانت عشرية التعبئة الوطنية. لكن رغم كل ذلك لا يمكن لنا
خلال عشر سنوات أو أكثر التغلب على مخلفات أزيد من أربعين سنة من التربية اللاوطنية
التي نهجتها الحكومات السابقة داخل المدرسة المغربية، وكون الرغبة الفعلية للإصلاح
مازالت لم تنضج بشكل جيد رغم كل التصاريح وكل ما صدر من قرارات سياسية فوقية. فكيف
يمكن لنا أجرأة ما هو فوقي في النسق الاجتماعي والتربوي في الوقت الذي لم يتم إشراك
الفاعلين التربويين في بناء وإعداد كل مشروع إصلاح مرتقب لضمان مشاركة الجميع في
التنفيذ والتعبئة، وليس أن ينزل كإملاءات من الأعلى.
وكجديد جاء به الإصلاح المقدم في الميثاق تم التطرق إلى تدريس الأمازيغية في
المدرسة المغربية بشكل محتشم. وكمهتم بالقضية الأمازيغية وكباحث في المجال التربوي،
أود أن أدلي بدلوي في هذا المجال وذلك لإبراز بعض الأمور حول دمج إو إدماج
الأمازيغية داخل المنظومة التربوية المغربية. فلماذا إذن تدريس الأمازيغية؟ وما هي
مرجعيتها التاريخية؟ وما هي المرتكزات الفلسفية المعتمدة؟ وماذا عن هوية المدرسة
المغربية والسبل الكفيلة لجعلها مدرسة وطنية في خدمة الإنسان بشكل فعلي؟ ثم ما هي
الوسائل المعتمدة كوسائط ديداكتيكية لتحقيق دمج أو إدماج الأمازيغية في النسيج
التعليمي المغربي؟
سين: لماذا تدريس الأمازيغية والتدريس بها؟
إذا ما عدنا إلى هذا السؤال، والذي نسمعه كثيرا في الشارع وفي أوساط الأطر التربوية
وكذلك عند الآباء والأمهات، فإننا فعلا أمام سؤال جوهري يمكننا من فهم ماذا نريد من
الأمازيغية عندما تلج أبواب المدرسة المغربية. لكننا فعلا ربما لم نحدد إجابة دقيقة
لهذا السؤال عندما كنا بصدد تدريس الأمازيغية أو أن ما تريده الجهات المسؤولة هو ما
طبقته، وبالتالي إفشال هذا التدريس... والاحتمال الأخير هو القريب من الصواب لأن
الحركة الثقافية الأمازيغية، وجل المناضلين قد حددوا جوابا دقيقا وممنهجا لهذا
السؤال منذ مدة، وألحوا فقط في السنوات الأخيرة على ضرورة تجريب تدريس الأمازيغية
لنتحقق من توفر الإرادة لذلك لدى المسؤولين.
لنعد من جديد لطرح نفس السؤال بعدما تم تجريب تدريس الأمازيغية، وبشكل ارتجالي
وعشوائي، لأنه تم استبعاد أهل التخصص (كما يتم دائما في كل مشروع إصلاح)، والذين
ناضلوا من أجل هذا الحق، ولأن وراء في فتح باب تدريس الأمازيغية خلفيات سياسية لا
تريد لهذا المشروع الوطني الهام أن ينجح منذ البداية، لهذا كان لابد من قولبته حسب
ما يخدم مصالحهم. فإذا انطلقنا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبالضبط من
البند 115 نجد أن ما يقصدون بتدريس الأمازيغية هو فقط “الاستئناس” بها، لتكون خادمة
مطيعة لشقيقتها العربية، وبالتالي تعزيز مشروعهم الرامي إلى عوربة وتعريب المحيط،
وبالتالي تقزيم دور الأمازيغية كلغة وطنية أولى لهذا البلد قبل مجيء اللغة العربية،
والتي رحب بها الأمازيغ وأعطوها ما لم يعطه العرب أنفسهم لها. لكن حمى الإديولوجية
والقومية العربية جعلت أصحاب القرارات الفوقية والأحزاب المسيطرة تنافق مطالب
الحركة الأمازيغية، فلماذا هذا التعامل “الأجنبي” مع لغة المنزل ولغة الشارع
المغربي؟ أم أن الأمر حان لكي تساهم الأمازيغية لتكريس الكراهية التي تعاني منها
المدرسة العمومية؟ وبالتالي ترويض المجتمع لخوصصة التعليم؟ ويجب أن لا ننسى بان
المدرسة معمل للتنشئة الاجتماعية لعدد كبير من الأطفال حيث أشار الميثاق إلى أنه
“يجب استحضار المجتمع في المدرسة والخروج إليه من خلالها” وليس معملا اقتصاديا يسعى
إلى تحقيق الربح المادي، كما لا يمكن تعويض أية خسارة تحصدها المدرسة لأن أثرها
سيبقى مدى الحياة لأنها فقط ليست مثل تلك الخسارة المادية التي يمكن تفاديها أو
تعويضها عن طريق تدبير الموارد المالية والبشرية وكذلك المواد الأولية1.... وإذا
كان ضروريا استحضار المجتمع داخل المدرسة، وكذلك العمل على تفادي الخسارة، فإن
تدريس الأمازيغية والتدريس بها كلغة أم وكلغة المجتمع مع حضور للمجتمع داخل المدرسة
بشكل مستمر ومعقلن ومدروس، أصبح ضروريا. فكيف نريد للطفل استحضار المجتمع داخل
المدرسة والخروج إلى المجتمع من خلالها وهو يدرس بلغة غير لغته الأم؟ ولأن اللغة هي
مفتاح الفكر والإبداع، فكيف نريد من طفلنا أن يبدع أو يفكر في وطنه وهو يحس بأنه
غريب في وطنه؟ بل ما يزيد الأمور تعقيدا وما يجعل الطفل يصاب بعقد اجتماعية هو أن
كل ما هو مؤسساتي وما هو رسمي في هذا البلد لا يجد فيه نفسه كأنه مهاجر إلى بلد غير
بلده. فكفانا من التغريب الذي سبب التخريب. وهنا أظن أن تدريس الأمازيغية والتدريس
بها أصبح ضروريا إذا كنا نهدف إلى مغربة المدرسة المغربية، وبالتالي غرس روح
الوطنية في نفوس المغاربة، كما أن ضرورة العودة إلى الأصل، والإصلاح ثم إنصاف
الأمازيغية في أوساط المجتمع أصبح من اللازم حاليا لتدارك كل الأخطاء الفادحة التي
ارتكبتها الدولة بسبب سياسات لا وطنية مارستها الحكومات السابقة.
ولأن التعليم كان حقلا خصبا للتنشئة الاجتماعية، فإن كل سياسة تعليمية لا ترمي إلى
غرس الروح الوطنية في الأطفال ستؤدي لا محالة إلى بناء مجتمع مستهلك غير منتج،
وبالتالي مجتمع سلبي في كل المجالات لأنه لا تنمية شاملة بدون تكوين فعال للموارد
البشرية. وبالتالي هنا يصبح تدريس الأمازيغية والتدريس بها أمرا ضروريا لعدة
اعتبارات ودوافع منها على سبيل الذكر 2:
ـ ضرورة تدريس والتدريس بالأمازيغية لكونها لغة لها مقومات ذاتية تجعلها لغة قائمة
بذاتها (التراكيب، الصوت، المعجم، النحو والصرف، الحرف...).
ـ ضرورة التدريس بالأمازيغية باعتبارها اللغة الوطنية للمغاربة بامتياز، ولها حمولة
ثقافية وحضارية، وهي كذلك حق وطني ودولي طبقا للاتفاقيات الدولية.
ـ ضرورة تدريسها تطبيقا لمبدأ الديمقراطية واحترام الغير، وكذلك تلبية للطلب
المتزايد عليها من لدن الراغبين في تعلمها، ولكونها مفتاح كل ما يتعلق بالأمازيغ في
تمازغا (شمال إفريقيا).
ـ ضرورة تدريسها تفاديا للفوضى اللغوية والفشل التام للتعليم المغربي، وفي سبل
تحقيق تقوية التحصيل العلمي والاندماج الكلي في المغرب.
ـ ضرورة تدريس الأمازيغية وذلك من أجل جعل المواطن المغربي يتمتع بجميع مقومات
الشخصية المغربية.
ومن هنا فإن إدخال الأمازيغية في النسيج التعليمي ببلادنا تفرضه عدة اعتبارات، منها
ما هو حقوقي وما هو تاريخي وما هو إنساني وما هو هوياتي... فمن الناحية الحقوقية،
جميع المواثيق والمعاهدات الدولية تنص على المساواة بين جميع اللغات والثقافات في
العالم أجمع، أي أن تتمتع بنفس الحقوق والامتيازات، كما تنص هذه المواثيق على ضرورة
التدريس بلغة الأم. أما من الجانب الهوياتي فلا أحد ينكر أن الأمازيغية هي مكون
أساسي من مكونات الهوية الوطنية المغربية والمغاربية بشكل عام. أما من الناحية
التاريخية فلا يخفى على أحد أن الأمازيغية هي أقدم لغة عرفتها أرض شمال إفريقيا،
فهي لغة سكانها الأصليين، وجذورها التاريخية مرتبطة بالإنسان الذي سكن هذه الأرض
منذ أقدم العصور، فبالأمازيغية عبر سكان شمال إفريقيا عن آلمهم وعن فرحهم وعن
إبداعاتهم عبر الفترات التاريخية الطويلة ومازالوا إلى يومنا هذا، رغم كل التحديات
والاجتياحات التي عرفتها المنطقة عبر الزمن، من الرومان والفنقيين إلى العرب، فقد
صمدت ولم تنقرض بعد كما يسعون. ولهذا فتدريس الأمازيغية والتدريس بها أصبح ضرورة
ملحة لضمان الأمن الثقافي واللغوي لعدد كبير من الأطفال.
كراض: الكفايات العامة والمنطلقات الفلسفية لإدماج الأمازيغية في المنظومة
التربوية:
لقد كان تدريس الأمازيغية منذ الخطاب التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني بتاريخ 20
غشت 1994، بداية الشغل الشاغل لجميع المغاربة، وخاصة منهم العاملين في الحقل
التربوي والثقافي، وبالدرجة الأولى المناضلين الأمازيغيين. فأصبح تدريس الأمازيغية
منذ ذلك الوقت أمرا لابد له من الاجرأة وتحقيقه على أرض الواقع بعد أن كان هذا
الأمر بالنسبة للكثيرين غير ممكن وصعب المنال. فخطاب 20 غشت 94 أزال النقاب عن
استحالة تدريس الأمازيغية، لكن رغم ذلك استمر الوضع على ما هو عليه في المدرسة
المغربية إلى أن جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في سياق محاولات الإصلاح
العديدة التي أقدم عليها المسؤولون منذ الاستقلال، لمجال التعليم الذي يعتبر المرآة
الأساسية التي تعكس الأزمة، بل الأزمات التي يعاني منها المغرب منذ ما يزيد عن 40
سنة. والحديث عن أزمة التعليم بالمغرب طوال هذه العقود أصبح امرأ عاديا لأن جميع
المحاولات الإصلاحية كانت غير مجدية، لكونها ترتكز بالدرجة الأولى على أولويات
ومرامي سياسية أمنية عوض الأهداف التربوية، ولهذا يتم دائما إبعاد المعنيين بالأمر
التعليمي من فاعلين تربويين وآباء وأولياء التلاميذ وكذلك المدرسين، ويتم الاعتماد
على خبراء الدولة وعملائها الذين يطبقون فلسفة الأمن العام والسياسة التي تحقق
الحفاظ على النظام وإعادة إنتاج نفس العلاقات والطبقات الاجتماعية.
وهكذا فميثاق التربية والتكوين بدوره لم يفلت من هذه القاعدة. إلا أن الجديد فيه هو
إشارته إلى مكون أساسي للهوية الوطنية وهي الأمازيغية، ودعا إلى “الاستئناس” بها
وتسهيل الشروع في تعلم اللغة الرسمية أي العربية، كما أشار كذلك إلى ضرورة إحداث
مراكز في بعض الجامعات تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي وتكوين
المكونين وإعداد البرامج والمناهج الدراسية المرتبطة بها (البنذ 115 و 116).
ومنذ الموسم الدراسي 2003/04 تم الشروع في تدريس الأمازيغية في 347 مدرسة، لكن بشكل
ارتجالي وعشوائي... وبعد مرور سنتين على هذا المشروع الذي فشل منذ بدايته، اتضح لنا
مدى ضخامة هذا المشروع، وبالتالي أهمية التخطيط له وبشكل دقيق مع تحديد كل المراحل
الواجب اتباعها وتسطير كل المبادئ والمرتكزات الفلسفية وكذا الكفايات المزمع
تحقيقها، ثم توفير كل الإمكانيات الضرورية بما فيها المادية والقانونية من أجل
إنجاح هذا المشروع الوطني (إن كانت هناك أصلا نية الإصلاح) والذي تحتاج إليه
المدرسة المغربية، مع إشراك أصحاب التخصص والذين لهم تجربة كافية في هذا الميدان.
ولأن دمج أو إدماج الأمازيغية في المدرسة المغربية يقتضي معرفة ماذا نريد فعلا؟ وما
هي أبرز المنطلقات الفلسفية والمبادئ والقيم العامة؟ والكفايات المنشودة من تدريس
الأمازيغية كلغة وطنية لجميع المغاربة؟
إن تحديد منطلقات وكفايات تدريس الأمازيغية يقودنا إلى التساؤل عن المبادئ والأسس
التي ينبغي أن تسند إليها هذه الكفايات، وبالتالي الأهداف المتوخاة من تدريس
الأمازيغية، وبعبارة أخرى ما هي المعايير والقيم التي تحكم سلوك الطفل المغربي
وتحدد تصوره عن ذاته وعن الأخر؟ وما هي المرجعية والوسط التي يجب علينا أن نستمد
منها هذه الأهداف؟
وتجدر الإشارة إلى أن الاستلاب الذي أصبح اليوم يسيطر على شخصية المواطن المغربي،
كان نتاج سياسات عامة نهجتها الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، وكانت المدرسة
العمومية ووسائل الاتصال القنطرتين الأساسيتين لتدجين المواطن، فأصبح لا يعرف من
هو؟ وماذا يريد؟ وكذلك ما هدفه من هذه الحياة؟ فخلق لديه عدم الشعور بمغربيته ولا
يفكر إلا في الهجرة فقط.
فإذا ما حاولنا اعتماد الأمازيغية كلغة وطنية وكلغة أم للطفل المغربي، فإن إدماجها
في المدرسة المغربية يجب أن يرتكز على منطلقات فلسفية عامة تحدد الغايات والمرامي
البعيدة المراد بلوغها، والتي تتجلى أساسا في ما يلي:
ـ إحياء وغرس الشعور بالمواطنة.
ـ اعتماد المرجعية الثقافية والهوية الوطنية.
ـ الشعور بالانتماء المغربي والإفريقي والمتوسطي ثم الدولي.
ـ الانفتاح والتفاعل مع الآخر.
ـ التشبع بالقيم الإنسانية الكونية وبثقافة حقوق الإنسان.
ـ الاعتماد على الذات والانطلاق منها.
ـ تنمية روح الابتكار والإبداع وتجاوز التقليد الأعمى.
ـ التشبع بقيم العقيدة الإسلامية السمحاء، مع احترام الديانات الأخرى في إطار
التعدد الديني.
ـ استيعاب قيمة الموروث الثقافي الرمزي عبر التاريخ.
ـ ...الخ.
إن تدريس اللغة الأمازيغية مسؤولية وطنية كما أكد على ذلك الملك محمد السادس في
خطاب أجدير، وذلك لأن تعليمها وتعلمها يشكلان واجبا وطنيا وحقا طبيعيا لجميع
المغاربة... ولهذا على المسؤولين أن يدركوا جيدا معنى المسؤولية والواجب الوطنيين،
وبالتالي تحمل كامل المسؤولية أمام التاريخ وأمام شعب بأكمله، وأمام جميع الأطفال
المغاربة الذين حرموا من لغة وثقافة تشكلان رمزا من رموز هويتهم. فلا يكفي فقط أن
نتعامل مع ملف تدريس الأمازيغية بشكل ترقيعي ومحاولة إجهاضه، فلا يمكن لنا حجب
الشمس بالغربال. فالأمر واضح وضوح الشمس، إذا كنا نريد فعلا إصلاحا جوهريا لتعليمنا
فعلينا أن نبنيه من الداخل وان ننطلق من أنفسنا ومن ذاتنا وليس أن نأتي بتجارب
خارجية ونطبقها داخل المدرسة المغربية وبعدها نحصد خسائر بشرية تتجلى في تزايد
المعطلين وأصحاب قوارب الموت وعزوف الشباب عن الحياة العامة. فإصلاح المجتمع يأتي
من المدرسة ويخرج إليه من خلالها.
كوز: من أجل مدرسة وطنية لا مدرسة مخزنية:
تعتبر المدرسة السبيل الذي يلج إليه الأطفال منذ صغرهم إلى أن يلتحقوا بسوق الشغل،
وبالتالي فهي بمثابة معمل لتكوين الموارد البشرية. فصلاح المجتمع ينطلق من صلاح
المدرسة وكل خطأ يرتكب داخل جدران هذا الحقل سيكون له اثر بليغ على مستقبل الدولة
برمتها. فعلاقة المدرسة بالمجتمع علاقة الأم بابنها، وعلاقة السائق بسيارته وعلاقة
القائد بجماعته، فالمدرسة هي مقود التطور والتقدم ومفتاح التغيير. وعبر المدرسة
يمكن كذلك أن نصنع مجتمعا متخلفا أو مجتمعا متقدما كما نريد. ولهذا فعندما نتحدث عن
إصلاح التعليم وبالتالي المدرسة، علينا أن ننظر إلى مستقبل الأمة وماذا نريد فعلا
من مجتمعنا؟ هل نريده مجتمعا متقدما؟ ديمقراطيا؟ متفتحا؟ يحب وطنه؟ غيورا عليه؟
يعتز بهويته؟ قد يدفع ثمن حياته دفاعا عن وطنه؟ أم مجتمعا متخلفا لا يحب وطنه؟ ولا
يعير أي اهتمام لنفسه و لا لوطنه؟ مجتمعا متفاوتا في كل المستويات الثقافية
والاقتصادية والاجتماعية؟ وحتى من حيث الملكية والمواقع الجغرافية؟
إن المدرسة هي الحل الوحيد والباب الأول الذي يمكن من خلاله أن نفبرك فردا ثم أسرة،
وبالتالي مجتمعا كاملا. فداخل المدرسة نجد كل الأطفال ينحدرون من كل الأسر، وهم
الذين سيصبحون رجال الغد. فإذا قمنا بتربيتهم بشكل جيد وعلى تربية مستقبلية لأنهم
خلقوا لزمن غير زماننا. عكس ما وجدناه وما نجده داخل المدرسة المغربية، التي تتخبط
في أزمات متتالية ومستمرة وبالتالي تحصد خسائر جسيمة لا يمكن للمجتمع المغربي
تفاديها ولو بالقروض الدولية. فهي خسارة تربوية ترسخت في شخصية الفرد المغربي الذي
يفضل الهجرة والموت في البحر عن الصمود والنضال من أجل الإصلاح التام، شخصية الفرد
المغربي الذي لا يعرف النظام بل لا يحبه، ويفضل الفوضى أحيانا عن احترام القوانين،
الفرد المغربي الذي لا يميز بين الواجب والحق. الفرد المغربي الذي يفضل أن يتمتع
بجنسية أجنبية عوض جنسيته الأصلية... إنها حقائق مرة وواقعية لا يمكن تنكرها أو
جهلها، فكل فرد وطئت قدمه المدرسة تجده يحس بمرارة الواقع المغربي وبأزمة التعليم
بالخصوص، ألا يكفينا هذا؟
إننا اليوم نحتاج إلى مدرسة وطنية لا مدرسة مخزنية، التي يمرر فيها المخزن سياسته
الأمنية ومن خلالها يحاول كل مرة ابتلاع الأزمات الداخلية للدولة. فمرة يعمل على
تشجيع الفكر الإسلامي، ومرة الفكر اليساري ثم الفكر المتحرر... فيحدد البرامج
والحصص حسب الجرعات التي قد تخفف من أزمة الشارع. فما فكرة تدريس الأمازيغية إلا من
بين هذه السياسات المخزنية التي تنهجها السلطة داخل المدرسة العمومية. فمشروع تدريس
الأمازيغية ليس الهدف منه فعلا جعل المدرسة المغربية مدرسة وطنية يحس من خلالها
الفرد بثقافته ولغته وهويته، بل هو فقط ضرب لعصفورين بحجر واحد، وهو امتصاص غضب
الشارع والحركة الثقافية الأمازيغية التي يزداد تأثيرها يوما بعد يوم، ثم كذلك
لمواجهة التطرف الاسلامي...
لا أحد يعارض فكرة الحفاظ على الأمن والاستقرار الذي يتمتع به المغرب كدولة منذ
عقود كثيرة، لكن ليس على حساب مستقبل أفراده ومؤسساته. فسنحافظ على أمن الدولة بطرق
أخرى تتجلى في تمتع الجميع بحقوقه الأساسية كالشغل للجميع والتعليم الجيد والتكوين
والصحة وتوفير السكن اللائق ثم تقديم تسهيلات أساسية مهمة لكل المواطنين، ومحاولة
إشراكهم في الشأن العام... وهنا أدرج مثالا يحس من خلاله كل موظفي الدولة المغربية،
وخاصة ذوي الدخل المحدود والمتوسط: فخلال عطلة الصيف يتوافد إلى بلدنا أفراد
الجالية المقيمة بالخارج وخاصة في أوروبا القريبة منا، فتجد أفرادا كانوا البارحة
في المغرب لا يتمتعون ولو بمؤهلات فكرية ولا ثقافية ولا رياضية، بل كانوا قد فشلوا
في المدرسة فقادتهم الأقدار إلى إحدى الدول الأوروبية كاسبانيا أو البرتغال أو
ايطاليا مثلا، وعادوا بعد فترة وجيزة قد لا تتعدى سنة أو سنتين، وهم في وضعية جيدة
ولديهم إمكانيات مادية هائلة: من سيارة فخمة ووسائل عصرية ورصيد بنكي... عكس الموظف
المغربي الذي تفانى في عمله مدة طويلة قد تفوق 20 سنة وهو مازال لا يملك ولو دراجة
عادية، فكيف تريد لهذا الموظف أن يحب عمله ووطنه، أو أن يثق في المدرسة، وهو يجد
صديقه أو أخاه الذي كان في البارحة تلميذا فاشلا داخل المدرسة وهو اليوم أمامه من
حيث الوضعية المادية والرأسمال المادي والاجتماعي والرمزي أحسن منه بكثير رغم ما
حصده هو من شهادات جامعية ومهنية؟ وبمعنى أنه إذا ما حاولنا أن نقارن بين بلدنا
واسبانيا مثلا، التي كانت في السبعينات في مستوى أقل من المغرب، نجد أن عاملا
أجنبيا أحسن بكثير من مدرس وموظف مغربي من حيث الوضعية المعيشية والمالية ومستلزمات
الحياة. والدليل على ذلك أن كثيرا من الموظفين وخاصة من رجال التعليم قد تركوا
مناصبهم وهاجروا إلى أوروبا.
وهنا نعود إلى المدرسة المغربية لنجد أن المدرس يفضل الهجرة عن البقاء وما بالك عن
التلميذ، فمدرسه يهاجر فكيف تريد له أن يهتم بدروسه أو يحب وطنه ومدرسته؟ هذا في
الوقت الذي نجد فيه بأن النموذج التعليمي المغربي يوصف بكونه تعليما غير منتج،
ومكلفا من حيث تمويله، ضعيفا في محتواه، غير قادر على خلق منافذ في سوق الشغل، ليس
فقط لكون التخطيطات والاختيارات لم تكن تنطلق من رؤية واضحة يحركها هاجس التربية
والتكوين الصالحين، بل من رؤية طغت عليها “الاديولوجية” المنسوجة لكي تدوم ثقافة
الطاعة واللامساواة والتمييز بين الأفراد وإغلاق أفق التفكير، والتقوقع بتبني سياسة
التعريب(أي التخريب) الموجهة إلى الاستهلاك الشعبي في وقت وجهت فيه النخبة المسيطرة
أبناءها إلى مدارس البعثات الأجنبية وإلى التعليم المنفتح على اللغات والثقافات
الأجنبية.
وإذا كانت الأمازيغية قد ولجت المدرسة المغربية خلال الموسمين الفارطين، فإن
إدماجها مازال تعتريه عدة نواقص، مما جعل السنة الماضية سنة بيضاء على مستوى
التدريس. وتتمثل هذه النواقص بدء من الإطار القانوني المحدد لها وهو ميثاق التربية
والتكوين الذي أوكل لها وظيفة “الاستئناس” كما أن الاستعجال في البحث عن شرعية
الفعالية قادت إلى إدخال الأمازيغية إلى المنظومة التعليمية في غياب لغة أمازيغية
معيارية موحدة والمقررات الدراسية ومناهج للتدريس، إضافة إلى ضعف المكونين
والمشرفين على العملية التعليمية وقصر مدة التكوين الخاصة لأساتذة الأمازيغية. إن
طابع الانتقاء في الخريطة المدرسية بالنسبة لمواقع التدريس وعدم اتسام تعلم
الأمازيغية بطابع العمومية والإلزامية، قد جعل أسباب الفشل تلازم هذه الخطوة منذ
نشأتها الأولى، كما يدعمها عدم وجود حماس داخل بيروقراطية الوزارة الوصية التي
تتعامل مع هذا الملف وفق تفكير الشريك وليس المشرف أو الوصي على القطاع. هذا ما
يبين بشكل عام عدم وجود نوايا صادقة لإصلاح المنظومة التربوية بشكل جذري، وبالتالي
تحقيق مدرسة وطنية يستحضر فيها الطفل المغربي، أمازيغيا كان أو عربيا أو يهوديا أو
مسلما، مجتمعه الذي انطلق منه ويحاول الخروج من خلال هذه المدرسة إلى هذا
المجتمع... ولهذا وجب على كل إصلاح للتعليم أن يكون بمثابة ورش مفتوح على الخلق
والتفكير والإبداع وجعل المدرسة مجالا للتعدد الثقافي واللغوي مع ضرورة اعتماد
اللغة الأم للأطفال، وأن تكون المدرسة كذلك فضاء للتربية على قيم التسامح والإخاء
والمساواة واحترام الديانات والمعتقدات وترسيخ الوعي بالهوية وعدم احتقار الذات،
والانطلاق منها في كل عملية تتعلق بالوطن.
سموس: دور اللغة الأم في العمل التربوي.
إن التباعد بين لغة المدرسة ولغة المنزل يعتبر عائقا أمام تعلم التلميذ ونمو فكره،
فمجرد انتقاله من مدرسته الأولى (البيت)، والتي اكتسب فيها أشياء كثيرة بلغة أمه،
إلى المدرسة الثانية فيبدأ من جديد بلغة أخرى مخالفة تماما للأولى. وهنا تكمن
الصعوبة الكبرى للطفل... فاللغة التي كان يتكلمها الطفل قبل سبع سنوات ساهمت في
تشكيل فكره بكيفية لا يمكن للمدرسة ولغتها الجديدة أن تستغل جميع الاستعدادات
لتقدمه الفكري، وهذا كله ينعكس سلبا على عملية التدريس في الوقت الذي يضم القسم
الواحد عناصر متفاوتة من حيث الإلمام بلغة التدريس. ذلك التفاوت الراجع إلى اختلاف
اللغة التي درج عليها الطفل منذ نعومة أظافره، كما أن الطفل الذي لم يكن لديه إلمام
كاف بلغة التدريس قبل أن يلتحق بالمدرسة يكون مطروحا عليه أن يبذل مجهودا مضاعفا
مقارنة مع التلميذ العادي، مجهودا يتمثل في إعادة بناء رصيده اللغوي في فترة من
عمره، كما يتحتم عليه مواكبة مختلف المعارف التي تروج داخل القسم... والانعكاس
الواقعي لهذا الجانب هو أن الطفل المغربي يأتي من الأسرة وهو يتكلم بلغة هي غير
العربية الفصحى وغالبا ما تكون هذه اللغة هي الأمازيغية أو الدارجة، فيبقى الطفل
أمام هذه الرموز الجديدة وقتا طويلا، ومع عدم توفر المدرسة المغربية على وسائط
ديداكتيكية عصرية، لا يستأنس التلميذ بالعربية الفصحى إلا في السنوات الأخيرة من
التعليم الابتدائي. كما أن جميع الدروس والمواضيع والمفاهيم التي تروج خلال هذه
المرحلة تبقى غامضة وغير مفهومة لدى التلميذ مما يسبب له تعثرا وتأخرا دراسيا في
السنوات الموالية، وتراكم هذا الغموض مع مرور السنين قد يؤدي بالطفل إلى الشارع.
وهكذا تبقى اللغة الأم متمكنة من الطفل ولا يمكن له أن يفكر إلا بها لأنها تترك
آثارا لا يمكن إزالتها. وهنا تأتي ضرورة التدريس بالأمازيغية كلغة أم لعدد كبير من
الأطفال، في المرحلة الابتدائية عوض تدريسها الذي خلق ثقلا أكبر على الطفل المغربي.
وتدريس الأمازيغية كان من الأجدر أن يكون في المستويات العليا كالثانوي وفي الجامعة
وفي مراكز التكوين وذلك لسببين إثنين: الأول لكون التلميذ له قدرة كاملة لفهم كل
الرموز المرتبطة بهذه اللغة، وثانيا لتوفير الموارد البشرية القادرة على تدريس
اللغة الأمازيغية مستقبلا في جميع أسلاك التعليم بما فيه الابتدائي. بمعنى أن إدماج
الأمازيغية في المنظومة التربوية بشكل جيد، كان عليه من الأحسن أن يتخذ اتجاهين:
الأول اعتماد الأمازيغية (أي جميع اللهجات) كلغة للتدريس في التعليم الابتدائي
(اللغة الأم)، والثاني تدريس الأمازيغية لغة وثقافة في المستويات العليا ابتداء من
الثانوي.
سضيس: الكتاب المدرسي الأمازيغي.
يعتبر الكتاب المدرسي من بين الوسائط الديداكتيكية الأساسية بالنسبة لكل من المدرس
والتلميذ، لكون المدرس لا يستطيع أن يقول كل شيء وأن يعرض كل التفاصيل والشروح ولا
أن يكتب كل النصوص وكل الرسوم والخرائط والبيانات على السبورة، كما أن الاختلاف
الموجود بين المدرسين على مستوى التكوين والثقافة والشخصية قد يؤثر على الطريقة
التي يبلغ بها كل مدرس دروسه، ويؤثر أيضا على محتوى الدرس الملقى. و من هنا تظهر
أهمية الكتاب المدرسي حيث يعد مرجعا أساسيا يوفر الجهد والوقت، ويحقق توحدا في
المواد التعليمية ويعطي حظوظا متساوية لكل المتعلمين. أما التلميذ فإنه يتمكن بفضل
الكتاب المدرسي من المشاركة في بناء الدرس وإعداده وذلك عن طريق التهييء القبلي
الذي يقوم به قبل حصة الدرس، والذي من شأنه أن يقوي لديه الاعتماد على النفس وأن
يسهل على المدرس تأدية عمله التربوي داخل القسم.
إن الدور الذي يلعبه الكتاب المدرسي في العملية التعليمية التعلمية جعله يشكل قضية
هامة على الساحة التربوية والتعليمية، قضية تهم كل من له اتصال بهذا الميدان من
المراقبين التربويين والأساتذة والتلاميذ والآباء، قضية تدور حول فكرة أساسية وهامة
تتلخص في سؤال جوهري واحد وهو: كيف يجب أن يكون هذا الكتاب المدرسي حتى يؤدي دوره
التربوي على الوجه الأكمل؟ وعن هذا السؤال تتفرع أسئلة صغيرة أخرى منها: كيف نختار
مضامين هذا الكتاب؟ وعلى أي أساس؟ ما هي الشروط التي يجب توفرها في هذا الكتاب
المدرسي؟ وما هي الشروط التي يجب توفرها في مؤلفه؟
لقد عرف إدماج الأمازيغية في المدرسة المغربية صدور أول كتاب مدرسي بتيفناغ
لتدريسها في السنة الأولى ابتدائي من التعليم العمومي يحمل عنوان “تيفاوين أ
تمازيغت”، والذي يعني صباح الخير يا تمازيغت أو تحية لتمازيغت، وكان هذا الكتاب من
إصدار وزارة التربية الوطنية والشباب بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
ويتكون من حوالي مئة صفحة موزعة على اثني عشر وحدة ديداكتيكية (تجزومتtagzzumt)
ويستغرق إنجاز كل وحدة أسبوعين وتنتهي كل وحدة ديداكتيكية بتقويم (تيدوستtaydust)،
كما يحتوي الكتاب على حصص للدعم (تيفوتtayfut) في نهاية كل ثلاث وحدات. أما
المقاربة المعتمدة فهي بيداغوجية الكفايات التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية
والتكوين والكتاب الأبيض، ويتضمن كتاب «تفاوين أ تمازيغت» الكفايات الممتدة الخمس
الأساسية التي سطرت في المناهج الجديدة الخاصة بالتعليم الابتدائي...
ورغم أن الكتاب المدرسي الأمازيغي «تيفاوين أ تمازيغت» حاول احترام المستجدات
التربوية المعتمدة في المدرسة المغربية فإنه يتسم بالكم أكثر من الكيف، وخاصة أنه
التجربة الأولى، وكذلك أن الحروف المعتمدة «تيفناغ « تبدو للطفل صعبة كما أن الحيز
الزمني المخصص للأمازيغية يبقى غير كاف لتقديم كل الوحدات، زد على ذلك أن المدرسين
المكلفين بتدريسها وجدوا أنفسهم صعوبات لفك رموز تيفناغ والمعجم المعتمد في الكتاب
من كلمات جديدة وغير متداولة لدى العامة...
ولأن عملية تأليف الكتاب المدرسي عملية جد صعبة تتطلب دراسات كثيرة وأبحاثا عميقة
تتطلب وقتا طويلا وتفرغا كافيا من طرف المشرفين عليها، فهي ليست انتقاء عفويا
وتبويبا وتصنيفا لمجموعة من النصوص، بل هي عملية تخضع لتهييء وتخطيط مسبق حيث تختار
مضامين الكتب المدرسية بشكل يمكنها من تحقيق الأهداف المرسومة بشكل تطبيقي مراعيا
بيئة الطفل المغربي وليس فئة معينة فقط. كما أن مؤلف الكتاب المدرسي لا يخضع
لميولاته ورغباته، كما هو الشأن بالنسبة للمؤلف في أي إبداع أدبي أو فكري، بل إنه
مقيد بمجموعة من الشروط يجب توفرها في ذلك الكتاب.
سـا: خـاتـمـة.
إن عملية إدماج الأمازيغية في المدرسة المغربية كانت مبادرة تاريخية يتبين من
خلالها مدى رغبة المغرب بشكل عام، في انخراطه في مسلسل المصالحة مع ذاته، وبالتالي
بدأ فعلا يحاول الانطلاقة من نفسه. لكن مازالت حمى السياسات الماضية تعرقل سير هذا
المسلسل الديمقراطي، وهذا ما يجعل كل المحاولات الإصلاحية على جميع الأصعدة يكتنفها
نوع من الغموض... فتدريس الأمازيغية مسؤولية وطنية على الجميع أن يتعبأ لإنجاحه،
لأنه بفضلها يمكن لنا تكوين عدد كبير من الأطفال وتصحيح التغريب الذي تعاني منه
الشخصية المغربية سعيا لتنمية بشرية واعدة يمكن الاعتماد عليها في بناء هذا الوطن
العزيز، والذي مازال الفرد داخله لا يحس بدوره ولا بهويته ولا بانتمائه الحقيقي هل
إلى الشرق أم إلى أوروبا أم إلى شمال إفريقيا؟ هذا الفرد المغربي الذي يعرف عن
فلسطين وعن شبه الجزيرة العربية وعن تاريخ الأمم الأخرى أكثر ما يعرف عن بلده...
الفرد الذي لا يعرف نصف جسده ولا يعتز بوطنه، فكفانا تغريبا وتخريبا فالتاريخ لا
يرحم.
المراجع والهوامش:
ـ هوية المدرسة المغربية، السلسلة التربوية 1، ذ جامع جغايمي.ط الاولى 1995.
ـ الميثاق الوطني للتربية والتكوين، منشورات المركز المغربي للإعلام، الطبعة
الثانية.دجنبر 2003
ـ قضايا وإشكالات في تدريس اللغة الأمازيغية، السلسلة التربوية 4، ذ جامع جغايمي ط
الاولى 1997.
ـ نحو قراءة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، عبد الكريم غريب، عز الدين الخطابي،
محمد فاوبار، منشورات عالم التربية ط الاولى 2004.
ـ مجلة علوم التربية العدد 26 فبراير2004.
ـ الكفايات في التعليم بين التنظير والممارسة، منشورات مجلة علوم التربية ط الاولى
2004.
ـ مجلة علوم التربية العدد 28 فبراير 2005.
1 امحمد عليلوش: “الوضعية السوسيوتربوية للمدرس وأثرها على كفاءته التربوية
والتعليمية”، مجلة علوم التربية، ع 28 .2005
2 امحمد عليلوش : جريدة اكراو امازيغ العدد 56 .
|