استمرار منع الأسماء الأمازيغية و"ليركام"
يتفرج
رغم الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب من طرف أعلى مستوى، فلا
زال قانون منع الأسماء الأمازيغية ساري المفعول بدعوى أنها غير مدرجة في اللائحة
المصطنعة لوزارة الداخلية.
يوم 28-02-05 ازداد لدي المولود الثاني. وبعد أسبوع تقدمت لتسجيله ي كناش الحالة
المدنية٬واخترت له من الأسماء "سيفاو" Sifaw. لكن رفض لأن لائحة الأسماء المقترحة
من طرف المخزن لا تتضمن هذا الاسم الأمازيغي "سيفاو".
تم توجيهي، مصحوبا برسالة من ضابط الحالة المدينة، ﺇلى مصلحة الحالة المدنية بعمالة
أزيلال بعد ﺇصراري على تسمية أبني باسم "سيفاو". وبالفعل تم تسجيل ابني "سيفاو"،
لكن مؤقتا فقط، كما قيل حسب الرسالة، ريثما تقوم المصلحة المختصة بمراسلة واستشارة
الوزير.
وبعد استشارة هذا الأخير، توصلت من بلدية أزيلال، قسم الحالة المدنية، بنسخة من
الجواب الوزاري مفاده أن لجنة اللجنة العليا للحالة المدنية قد رفضت اسم "سيفاو"
لمخالفته لمقتضيات قانون متعلق بالحالة المدنية، رغم أن اسم "سيفاو" معروف في
الأمازيغية، وهو مشتق من كلمة AFA التي اشتقت منها كثير من الكلمات التي تدل على
النور مثل: ….٬afa٬ tasafut٬asafu٬iffaw٬tifawt٬tafut٬daisufu٬tafat٬anfa٬isfaw
لهذا أتساءل عن المعايير التي تقيس بها اللجنة لتحديد الأسماء المخالفة والغير
المخالفة للقانون؟
وهذه هي الوثائق المتعلقة بالحدث بما فيها: نسخة موجزة من رسم الولادة٬ الرسالة
الممنوحة من طرف عمالة أزيلال٬ نسخة من جواب وزير الداخيلة
ﺇمضاء: بباس ن سيفاو (أونير)
*******
عندما يؤتمن كبار
الأمازيغوفوبيين على الأسماء الأمازيغية!
بقلم: محمد بودهان
إن حرمان الطفل مسكوري "سيفاو" من حمل الاسم الشخصي الذي
اختاره له والداه، لدليل آخر على أن إنشاء "ليركام" لا علاقة له إطلاقا بالمصالحة
مع الأمازيغية ولا برد الاعتبار لها ولا بتنميتها، إذ كيف ستعمل السلطة على تنمية
ما ترفض حتى مجرد أسمائه الشخصية، فبالأحرى ثقافته وهويته؟
ولا ندري كيف لا يخجل الإركاميون أمام اسمرارهم بـ"ليركام" مع استمرار منع الأسماء
الأمازيغية في عز إركامهم؟ فإذا كانوا، في ما يتعلق بفشل تدريس الأمازيغية مثلا
وإلغاء السنة الثالثة التي كانت مقررة، لا يجدون حرجا في تبرير ذلك الفشل بإرجاعه
إلى ظهور صعوبات لم تكن متوقعة وإلى تقديرات خاطئة حول المدة الكافية لنجاح
العملية، فإنهم، في ما يتعلق بالاستمرار في منع الأسماء الأمازيغية بعد إنشاء معهد
للأمازيغية، لا يجدون ما يقولونه لحفظ ماء وجوههم، التي جفّفها ليركام، أمام مواصلة
منع الأسماء الأمازيغية بإصرار وتحدٍّ واستفزاز للأمازيغيين.
أكثر من هذا، نلاحظ أن هذه الأسماء الممنوعة (انظر "متى سيدافع ليركام عن "يوبا و"ماسين"؟
بالعدد 103 من تاويزا) مستعملة في الكتب المدرسية التي يصدرها "ليركام"، وهو ما
يعني أن كل ما ينجز لصالح الأمازيغية داخل "ليركام" لا علاقة له بالأمازيغية خارج
أسوار هذا الأخير. لكن صمت الإركاميين ورضاهم عن هذا التناقض القاتل بين ما يهيئونه
لفائدة الأمازيغية داخل مؤسستهم وواقع الأمازيغية خارجه، يجعلهم متواطئين على منع
الأسماء الأمازيغية ومؤيدين للسلطة في هذا المنع ما داموا لم يحتجوا عن ذلك ولم
يستنكروه. فلو كان هاجسهم هو تنمية الأمازيغية والدفاع عنها ورد الاعتبار لها كما
يدعون، لانسحبوا بمجرد ما يُرفض تسجيل اسم أمازيغي بسجلات الحالة المدنية، لأن ذلك
الرفض يعطي الدليل القاطع على أن السلطة العروبية مستمرة في محاربة الأمازيغية
وإقصائها، وهو ما يجعل بقاءهم في ليركام في تناقض مع مهمتهم المتمثلة في تنمية
الأمازيغية ورد الاعتبار لها.
إلا أن منع الاسم الأمازيغي "سيفاو"، فضلا عما يدل عليه من عداء رسمي للأمازيغية
وعلاقة ذلك بـ"ليركام" كما وضحنا، فهو يكشف عن وجه آخر لهذا العداء، يتضمنه جواب
وزارة الداخلية عن استفسار ضابط الحالة المدنية لبلدية أزيلال حول الاسم الأمازيغي
"سيفاو". فمما جاء في هذا الجواب، الذي تتوفر "تاويزا" على نسخة منه: "يشرفني أن
أخبركم أنه تم عرض هذا الاسم على أنظار اللجنة العليا للحالة المدنية برئاسة
الأستاذ عبد الوهاب بنمنصور، مؤرخ المملكة، خلال جلستها المنعقدة بمقر وزارة
الداخلية بتاريخ 24 يونيو 2005 فارتأت أنه لا يمكن التسمية به لمخالفته لمقتضيات
المادة 21 من القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية". والأستاذ عبد الوهاب
بنمنصور معروف، كعلم في رأسه نار، كأحد عمالقة الأمازيغوفوبيا في المغرب ذوي
المواقف المناوئة للحقوق الأمازيغية.
وبالتالي فإن السؤال هو: كيف يؤتمن على الأسماء الأمازيغية من لا يكن ودا لهذه
الأخيرة؟ وكيف يكلف بحراستها من كتب بأنه لولا الاستعمار لانتهت الأمازيغية وانقرضت
منذ زمان؟ إنه شيء طبيعي إذن أن يقرر الأستاذ بنمنصور كرئيس للجنة العليا للحالة
المدنية، وحتى يكون منطقيا مع نفسه ومنسجما في مواقفه وأفكاره، رفض اسم "سيفاو"
لأنه اسم "غير مغربي" بالاستناد إلى المادة 21 المذكورة التي بررت بها اللجنة رفض
اسم "سيفاو". وهذا حكم منطقي سليم لأن اسم "سيفاو" هو بالفعل اسم غير عربي، وهو ما
يعني بالنسبة للسيد بنمنصور أنه ليس اسما مغربيا. فالاسم المغربي هو "عبد الوهاب"،
"منير" (وهو سيفاو بالأمازيغية)، عبد المجيد، محمد، حسن... إلخ، أي كل ما هو عربي.
فلو كانت السلطة جادة وذات نية حسنة تجاه الأمازيغية في ما يتعلق بإحداث لجنة عليا
للحالة المدنية، لكلفت أمازيغيين يعرفون تاريخ الأمازيغيين وأسماء الأعلام
الأمازيغية بالنظر في الطلبات المتعلقة بمثل هذه الأسماء الأمازيغية. أما أن يسند
أمر الحسم فيها إلى شخص أجنبي عن الأمازيغية وذي مواقف أمازيغوفوبية معروفة، فلا
يمكن أن يعتبر ذلك إلا نوعا من "الأبارطايد" حيث تتحكم أقلية عرقية، أجنبية في
الغالب عن البلد، في رقاب الأغلبية الساحقة من السكان الأصليين في ذلك البلد.
إن منع تسجيل الأسماء الأمازيغية ليس مسألة بسيطة تتعلق بموضوع الحالة المدنية
وحسب، بل هي مسألة ذات بعد رمزي وثقافي وهوياتي وسياسي تعبر عن رغبة أكيدة في
محاربة الأمازيغية وإقصائها أكثر مما يعبر عن ذلك إقصاؤها من المدرسة والإعلام
ومؤسسات الدولة. ولهذا فإن استمرار منع الأسماء الأمازيغية يجبّ ويلغي كل ما اعتبر
انفتاحا على الأمازيغية ومصالحة رسمية معها مثل إنشاء المعهد الملكي للثقافة
الأمازيغية.
|