| |
ردا على الرفاعي...
الأمازيغية لغة في وطنها رغم الاستلاب...
بقلم: مصطقى زيان... ابن الأطلس
آزول...
طلع علينا المكنى الرفاعي بنص لا شك أنه إعلان حرب على الأمازيغية والأمازيغ، وعودة
مشؤومة بهذا الوطن لزمن الكراهية المخضبة بالدماء... ذلك لأنه نص مبني على العديد
من المظاهر "العروبية" الجانحة نحو تزوير التاريخ والتنكر لمعطيات الجغرافيا وعلم
الاجتماع... والواقع أن مرافعة الرفاعي كان يجب أن تجري في محكمة، أو على ساحة
الوغى... لكن، تمسكا منا، "نحن الشعب المغربي الأصيل"، بأمن وسلامة بلد هو وطننا
نحن الأمازيغ رغم أنف الرفاعي ومعلميه الذين جعلوه يتقيأ ما لقنوه إياه في مدارس
الاستلاب، حيث لا نجده يبدع شيئا يستحق عليه أن يسمى مبدعا أو مفكرا جاء بجديد...
إنه أعاد الأسطوانة المعروفة... وبعد التذكير أننا "نحن الأمازيغ" لا نرد على
المغرضين بالمثل ولا نتعلم من العقلية العدوانية المجبولة على الكذب والافتراء،
نؤكد هنا أننا نرد من باب الرد على عدوان نعتبره مسمارا عروبيا آخر في نعش الوئام
الوطني...
لنبدأ من العنوان... "فتعرية الاستقلال المغشوش" لا علاقة له بالطمس المهين للحقائق...
وحتى لا نعيد القصة من بدايتها ندعو الرفاعي، وكل من يظن بما كتبه، أن نتحاكم إلى
كلمة سواء عن كل ما ذكره من معطيات:
ـ البربر: صحيح أن الرومان قالوا "بربروس" وكذلك كان الفينيقيون والبيزنطيون
والأوروبيون في العصر الحديث... ولكن العروبيين هم من شرحوها على هواهم ومن جهالتهم
بـ"الشعب المتخلف أو المتوحش"... وهم من أقروا بأن الرومان هم من أطلقوا هذه
التسمية... بينما الحقيقة هي أن تسمية "أبرابر" كلمة أمازيغية أصيلة أطلقها
الأمازيغ على جزء من شعوب تامزغا الكبرى الممتدة من "إصومال" (مطلع الشمس) إلى "أمالي"
(مرجع الظلال أو بلد الغروب)... وأما السبب في إطلاق هذه التسمية فيكمن في الكلمة
ذاتها... "أبرابر" هي في الأمازيغية على هذا الشكل "آبر آب أر"، وتتكون من ثلاثة
مكونات: آبر = معرفة، وآب= كتابة، و أر= بدون... والمعنى هي أن الشعب البربري "بدون
معرفة الكتابة"... و الواقع أن البربر هم أمة "الكلمة الشرف"... ذلك لأن تنظيمهم
القبلي وأعرافهم الرائدة في العادات والتقاليد البشرية الحميدة تجعلهم عند وعدهم
بمجرد كلمة يعتبر الإخلال بالوفاء لها عارا على صاحبه وعلى عائلته وعلى قبيلته...
ولتأكيد حقيقة يجهلها المؤرخون نورد هنا أسماء شعوب مجاورة مع شرح أمازيغي لمعانيها...
إيبيريا = (كتابة النصوص، فعل)، أبرابر (معرفة الكتابة بدون)، ليبيا (عنده كتابة
قام بها)، إيجبت (فاعل الكتابة)، نوبت (منسوب على الكتابة)، نبط أو نبت (أصحاب
الكتابة)، عبر (الواعي بالكتابة) و عرب (مقتبس الكتابة)...
ـ اللغة واللهجة: قد لا يكون من الوقاحة في شيء أن نتحدث عن اللغة السامية وعن
اللهجة المنحطة في إطار حديث قهوجي تسعون في المائة منه صادر عن أميين لا يفقهون
شيئا بعلم الكلام ... لكن يصبح من الوقاحة العلمية والفكرية أن نتحدث عن اللغة
واللهجة بالشكل الذي طرحه الرفاعي في حين لازال علماء الكلام حائرين في حقيقة
التمييز العلمي بين الكلام والكلام... فمتى أصبح الطغيان السياسي لكلام ما مبررا
لجعله لغة وجعل كلام المغلوبين على أمرهم لهجة؟... مع العلم أن المتفق علميا حوله
لحد الآن هو أن لكل لغة لهجاتها، أي أن المناطق الموحدة من حيث لغة معينة تتحدثها
لكن بلهجات ولكنات مختلفة... فللأمازيغية لهجاتها كما للعربية لهجاتها بدليل أن
مقدار الاختلاف بين لهجات الشرق والغرب العربي أكبر بكثير من الاختلافات النطقية
التي لا يستعصي معها التفاهم بين الريفية والأطلسية والسوسية والقبائلية والطوارقية
وغيرها...
ـ الأمازيغية لغة العالم المنسية: لقد اكتشفنا ومن خلال أبحاث مضنية أن الأمازيغية
هي جدة الدنيا، ولولاها لما كانت هناك هذه اللهجات التي جعلها الطغيان السياسي لغات
تسود العالم كالإنجليزية واللاتينية والعربية... وإليك يا رفاعي درسا لا وجود له في
كراسات الاستلاب:
"تامزيغت"... هذه الكلمة لا تعني "لغة الأحرار" كما يريد الأمازيغ، وإن كان كل
الناس ولدتهم أمهاتهم أحرارا، ولا "لغة العبيد" كما يريدنا بعض من ذرية العرب
الوافدين... فهي تكونت كما يلي... التاء في بدئها تاء للتأنيث... "آمس" تعني الاسم...
"إيغت" تعني الفعل، الصنع، الإبداع... ونذكر أن السين في "آمس" ستتحول لحرف "ز"
بفعل وقوعها بين حركتين... والمعنى الإجمالي لهذه الكلمة المركبة هو : "التي
للأسماء تبدع"... أي التي تصنع الأسماء... أليس هذا هو التعريف العلمي المختصر
للغة؟... وأما من حيث كونها أم اللغات البنات فدليله هو أنك إن أخذت أية كلمة في
العربية الكلاسيكية مثلا فستجد استحالة في فهم تكوينها بذلك الشكل إن بحثت عن ذلك
في العربية ذاتها رغم التفسير المعجمي المحدود في المعنى الإجمالي وليس في التركيب
الحرفي للكلمة... لكن، ولأن العربية كما غيرها من اللغات المتوسطية مكونة من مادة
لغوية أولية هي الأمازيغية ذاتها، فإن باستطاعتنا –نحن الأمازيغ، أي صانعي اللغة-
أن نخبرك عن أسرار التكوين الحرفي لكلمتك العربية وهو ما لا تستطيع هذه الأخيرة
القيام به ولو نحو ذاتها... والمثال في هذا الشهر المبارك... رمضان في الأصل مكونة
من "آرم" التي تعني "الأكل القليل" ومن "إيضان" التي تعني "الليلي" أي إجمالا:
الأكل قليلا في الليل... وعلى المسلمين أن يستنبطوا من هذا الشرح خطأهم نحو رمضان
الذي أصبح عنوانا للأكل حتى التخمة التي لم تترك له أي معنى بسبب التفسير "الفقهي"
لواجب الصوم... وعلى أي فيمكننا الآن إنجاز "منجد" يدلل على حقيقة أمومة الأمازيغية
للعربية كمجرد صيغة –أي لهجة- من بين بقية البنات...
المطالب الأمازيغية: أولا هناك تجنٍّ سافر على موقف الأمازيغ من طرف الرفاعي حين
يدعي أن "ما أثار انتباهه هو ظهور أناي لهم توجهات تهدف إلى محو لغة القرآن لتصبح
اللهجة الأمازيغية هي اللغة الرسمية للشعب المغربي"... وهو تجنّ ذو أبعاد عدة...
فهناك إطار ملاحظته حيث أنه قدم لها وكأن الأمازيغ ظاهرة مستحدثة لا جذور لهم و لا
أصول في هذا البلد... هذا خطير جدا... وهناك الافتراء الأكثر خطورة حين يعتبر أن
هؤلاء الأمازيغ المتشبثين بالإسلام أكثر من الأعراب الأشد كفرا يهدفون إلى محو لغة
القرآن... وللتذكير فإن التاريخ أكد أن عرب هذا البلد كانوا دائما منشغلين بوضعهم
الاقتصادي وبموقعهم السياسي في حين ظل الأمازيغ هم الجبهة المدافعة قديما على كرامة
الوطن واستتباب الأمر لدين محمد... ويمتد الافتراء إلى كون الأمازيغ -"الأناس
الظاهرة" في مفهوم الرفاعي- يريدون –للهجتهم- أن تصبح لغة رسمية – وضمن السياق-
مكان لغة القرآن والدين الإسلامي الممحاة... وقد كرر الرفاعي مقولته مرتين بما يدل
على نوع من العبثية والتسرع...
ـ ولقد حشر الرفاعي موقفا لجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وطهر
مثواه في الأمر بشكل لن يرضاه رحمه الله لو كان على قيد الحياة... فهو ذكر موقفا
كان قد حدث أيام سنوات الرصاص وبدايات الاستقلال (1962)... والمخزي في تفكير كهذا
هو أن الرفاعي تجاهل المواقف الأخيرة للمغفور له وضمنها خطاب 20 غشت 1994 الأقرب
إلى الحكمة وإلى المعرفة الحق بحقوق الشعب المغربي... وإنه لتجنّ يستحق الكاتب أن
يحاكم لأجله لأنه مس بموقف "الملكية" كمؤسسة من قضايا الشعب المغربي...
ـ في الأسبوع الموالي، ودائما على صفحات "أسبوع العلوي" –هذه الأسبوعية المعروفة
بمواقفها الأمازيغيوفوبية – انبرى الرفاعي مهاجما تأسيس حزب أمازيغي معتبرا ذلك "مبادرة
للتفريق بين العرب والبربر"، ومستغلا ذلك لإطلاق العنان لقلمه لمهاجمة الأمازيغية...
وعن سؤاله: "هل تعتقدون يا منظري ( فعلا مشروع تيموزغا العظيمة حقيقة حضارية يا
منظر المشروع العروبي الأتوبي)، بأن "اللهجة" الأمازيغية مؤهلة لغويا كالعربية
والفرنسية واللغات العالمية الأخرى؟"، نجيب بالمعرفة القاطعة أن اللغات المذكورة
عنوان لاستلاب شعوب العالم لمشاريع الغزو والاستعمار... أما هي كأنماط من الكلام
فلا فضل لها على بقية ألسنة تلك الشعوب... بل كما بينا أعلاه: الأمازيغية هي أم تلك
اللغات... بل هي اللغة الأصل في الإنسان وهن –هؤلاء البنات المتعجرف أهلهن- ما هن
سوى لهجات لا تدرين من ذواتها سوى القشور... (و أنا كأمازيغي أعرف أسرار لغتي
وعلاقتها بالألسن المخيطة بالمتوسط، أدعو الرفاعي للمواجهة في مناظرة أمام الملأ
حول موضوع: من هي اللغة الحقيقية؟ لغتي الأمازيغية العالمة أم لغاته العالمية؟)...
ـ الواقع أن الرفاعي ومن وراءه لا يخفون افتقارهم المدقع للنزاهة الفكرية المفترضة
في أي كاتب... وأما الأمازيغ فهم يطرحون مطالبهم (السلمية) من منطلق الكلمة الحق
السواء بين الأمم والشعوب مصداقا لقول القرآن: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن
أكرمكم عند الله أتقاكم"... وفي الأخير، ودون الرد على بقية الترهات من قبيل
التمثيل بالعراق حيث عاث العرب فسادا تحت يافطة "القومنجية العربية"، ومن قبيل
حديثه السخيف عن "الظهير البربري" وعن مواقف الاشتراكيين وعن أصول مدينة فاس...
أسأل بدوري الرفاعي: هل كتب مقاله من ذاته أم فعل ذلك تحت الطلب؟... فالمقالان
مريبان، ونرجو الله أن يجنب هذا البلد الفتنة التي هي في الواقع من مظاهر الشرق
وأصحابه... و لكم في التاريخ ألف دليل... وفي أنفسكم أفلا تشعرون؟...
|