وجهة نظر
حول التجربة الطلابية بالجامعة المغربية (الجزء
الأول)
بقلم: عبد النبي ادسالم اباعمران
نحتاج اليوم أكثر من إي وقت مضى إلى إعادة
التفكير مليا في ضرورة مراجعة الذات بالاحتكام إلى الفكر النقدي في التجربة
الطلابية
التي ظلت طوال تاريخها تبحث عن إطار تنظيمي فاعل وخط اديولوجي حقيقي. مما يستدعي
البحت عن مكامن الخلل داخل التنظيم الطلابي الذي نشأت أزمته بنشأته لأنه فقد كل
الروابط الاجتماعية والثقافية لبنياته الاجتماعية التي كانت سائدة قبل نشأته، ولم
يستمد منها جذوره التاريخية. مما جعله رهين النظريات المستوردة المرتبطة أساسا
بالفكر الاشتراكي والشيوعي والليبرالي والأصولي، وكلها إيديولوجيات ضيقة الآفاق
داخل المجتمع المغربي. وهو ما أبعد القطاع الطلابي عن الجماهير الشعبية، إذ أنه لا
يعبر سياسيا عن طبيعة المجتمع المغربي وعن مؤسساته السياسية قبل نشأته بسب ارتباطه
بالنظريات المستوردة وأصبح مجرد قطاع موازٍ... "لليسار العربي" و"الاشتراكية
العربية" و"الأحزاب العربية"، وعاش ما عاشه العمل السياسي في المغرب من مرحلة
البراغماتية والانفراد بالقرار السياسي وعدم الإيمان باديولوجية التعدد والاختلاف
الثقافي داخل بلدنا، وتم ربط مصيرنا ومسارنا بـ"الزوايا" السياسية البعيدة عن
تاريخنا وواقع شعبنا حاضرا. لذلك من الواجب أن نطرح أسئلة عميقة وبالغة الأهمية
بالنسبة للقطاع الطلابي وعلاقته بتاريخنا المجيد، ومنها :
-ماذا استمد القطاع الطلابي من المقاومة المغربية بالريف والأطلس والصحراء وسوس...؟
-إذا كان القطاع الطلابي يشمل أبناء الشعب المغربي الذين قاوموا الحماية وضحوا من
أجل الديمقراطية، فكيف تم انفصام هذا القطاع عن تاريخه وضل تائها بين الايديولوجيات
المستوردة؟
الجواب يكمن فيما قاله مجدي مجيد: "غياب وعي عميق بأن الوحدة الحقيقية للوطن
المغربي لا يمكن أن تنبني على نفي الخصوصيات الاثنوتقافية وأن الارتقاء إلى وحدة
ترغب فيها حقا مختلف مكونات الشعب المغربي لا يمكن فقط أن يتم بواسطة مركزة الدولة،
بل إن هذا الارتقاء يتطلب معالجة ديمقراطية للخصوصيات لا تقتصر على الاعتراف بها
كخصوصيات ثقافية/لغوية أو اقتصادية/اجتماعية، بل تهيئ كل الشروط لتنمية مستقلة
ومتحررة من كل أشكال القمع والاضطهاد لهذه الخصوصيات التي تشكل مكونا أساسيا من
تراث الشعب المغربي وتعبر عن التنوع الخارق للعادة والغني للتراث التاريخي لشعبنا".
من هذا المنطلق إذن بدأنا منذ سنة 2001 للتأسيس لإطارات تقرب القطاع الطلابي من
تاريخه ليتصالح مع ذاكرته الوطنية.
ولعل ما شهدته الساحة الجامعية باكادير من ظهور طلبة المناطق أو القبائل لخير مثال
لبديل تاريخي حقيقي للقطاع الطلابي، خاصة أمام ما لحظناه من استجابة لدى الطالب
للعمل من أجل خصوصيته الاثنوثقافية وفق رؤيا وتوجهات جهوية أكثر ديمقراطية، مستمدين
شرعيتنا التاريخية من ديمقراطية القبائل المغربية، تجاوزا لكل أشكال الإقصاء
والتهميش والأوصاف العدائية (السيبة) لبناء منظومة فيدرالية تقدمية تراعي الملاءمة
مع الواقعية التاريخية الوطنية، قادرة على ربط جانب من العلاقات بقواعد الأعراف
الديمقراطية كما هي متداولة في تاريخ العلاقات بين قبائلنا، والمرتكزة أساسا على
التكافؤ الجماعي والتسيير الذاتي وانحسار تدخل الدولة، وبذلك نساهم في بناء وطن
حداثي دون أن يفقد شخصيته المتسمة بالتعدد والتسامح والاختلاف وفق علاقات واضحة بين
جميع الأطراف الطلابية، مبنية على الاحترام والمسؤلية التي تقوي الثقة في النفس
خدمة لمناطقنا ومستقبلنا وجعل كل قنوات الاتصال ذات مردودية لصالح المواطن المغربي.
الأكيد اليوم أن الطالب المغربي فقد كل شيء ويفتقد إلى آليات الدفاع عن حقوقه وضمان
مستقبله وإحياء تاريخه من أجل تمثيلية حقيقية أمام المتغيرات التي يشهدها العالم،
وهو ما يستدعي معه إعادة النظر في إطار تنظيمي من خلاله سيكون للطالب المغربي وزن
في طرح الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للشعب المغربي.
|