| |
عباس الفاسي وعبد الحفيظ
الرفاعي: يستخفّان بالأمازيغ أم بخطاب أجدير؟
بقلم :عمر زنفي (اسيف ن دادس، ورزازات)
مند عهد حماية المخزن من طرف المستعمر ضد ما سمي أنداك، ولحد
الآن، ببلاد "السيبا"، أصبحت مواقف نخب هدا البلد بخصوص الأمازيغ وقضياهم معروفة.
فعندما صرح الأمين العام لحزب بأنه سيناضل حتى لا تصبح الأمازيغية لغة رسمية، لم
يكن غريبا أن يصدر مثل ذلك التصريح عن أمين عام لحزب بنى وجوده على أسطورة "الظهير
البربري" التي شرعنت العداء للأمازيغية. لكن المثير للاستغراب أن يصدر ذلك التصريح
أسابيع قبل الذكرى الرابعة لخطاب أجدير الذي اعتبر بداية لرد الاعتبار للأمازيغية.
فهل هي هدية حزب الاستقلال بمناسبة هذه الذكرى ذات العلاقة بالحقوق الأمازيغية؟
وهناك أصوات أمازيغوفوبية أخرى، مثل عبد الحفيظ الرفاعي بجريدة "الأسبوع الصحافي"
بتاريخ 25 أكتوبر 2005، والذي انتهز هو كذلك الفرصة ليذهب إلى حد اعتبار الأمازيغية
لهجة متخلفة ومخططا استعماريا يرمي إلى التفرقة والتقسيم، مرددا الأسطوانة
الأمازيغوفوبية المهترئة المعروفة. انطلق في هجومه على الأمازيغية كـ"مؤرخ" و"مصلح"
لينتهي "لسنيا"!
تصريحات ومواقف تعود بنا إلى فترة الحرب المعلنة والعداء المكشوف ضد الأمازيغية في
السبعينات والثمانينات. وهذه معطيات جديدة تجعلنا نتساءل عن مدى صدق الخطابات
الرسمية، وسبب عدم التزام النخب النافذة بها. فهل هذه التصريحات والمواقف استخفاف
بالأمازيغيين وحقوقهم أم استخفاف بخطاب أجدير الذي منحهم مجموعة من هذه الحقوق؟
عباس الفاسي يستغل فرصة ضعف الحركة الأمازيغية:
لماذا اختيار هذا التوقيت بالذات لإعلان رفض الترسيم الدستوري للأمازيغية، والمغرب
مقبل على الانتخابات والجزائر تعرف نقاشا ناضجا بخصوص دسترة اللغة الأمازيغية؟
إن اختيار حزب الاستقلال للجهر بما تخفيه كل نخب هذا البلد بدون استثناء، راجع
بالأساس إلى معطيات تاريخية تجعله يكون من المرشحين الأوائل لنيل شرف الجهر بالعداء
للاما زيغ. ففي قراءة لتاريخ هذا الحزب نجد أنه حافل بالمنجزات التي لها صلة
بالموضوع، بدء بالتأسيس للتعريب والعداء للأمازيغية. كما أنه راكم مغامرات /انتكاسات
كثيرة، آخرها فضيحة النجاة الاماراتية التي كان ضحيتها 70000 شاب مجاز. ونظرا
لتجربته الغنية في الانتكاسات والفضائح، وكذا قدرته على الخروج سالما غانما من
الورطات كما يخرج الزغب من العجين.
إن اختيار هذا الوقت بالذات لم يكن وليد الصدفة، ويدعو إلى أكثر من تساؤل، خصوصا
أنه جاء للتشويش على النقاش الجاد الذي تعرفه الساحة السياسية عند الجارة العزيزة
الجزائر حول دسترة الأمازيغية كلغة رسمية، بعد أن سبق الاعتراف بها كلغة وطنية. هذا
من جهة، ومن جهة ثانية، فتجربة الحزب وحنكته السياسية يجعلان أمر ارتكابه لمثل هذه
الأخطاء أمرا مستبعدا، إذ أنه لن يصل الغباء إلى حد الهجوم على مطالب الأمازيغ على
بعد شهور فقط من الموعد الانتخابي المقبل. ونحن نعلم جيدا أن حزب الاستقلال،
والأحزاب الأخرى، تعتمد على أصوات الأمازيغ ذوي النوايا الحسنة. لكن، واعتبار
لانعدام الوعي الكافي بالقضية الأمازيغية وإصرار بعض المناضلين البقاء تحت رحمة
الأحزاب، فإن هذا المعطى لن يشكل خطرا على قواعد الأحزاب الممتلئة بالأمازيغ رغم أن
مبادئ الحزب لا تعير لهم أي احترام وتقدير.
فحزب الاستقلال قادر على ارتكاب الأخطاء، وكذلك الفوز في الانتخابات بعون الله
وقوته!!. إلا أن الاحتمال الأقرب إلى الصواب هو أن اختيار هدا الوقت بالأساس راجع
إلى التوافق السياسي وإجماع النخب أنه من الأرجح إعطاء انطلاقة النقاش الحاد حول
ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية سنة وبضعة أشهر قبل التعديل الدستوري المرتقب كي
يتخذ النقاش شكلا ماراطونيا تفوز فيه الأمازيغية كلغة وطنية، تفاديا للطوارئ وحدوث
مستجدات لن تكون في الحسبان. ومن شأن الضجة الإعلامية التي أثيرت حول الموضوع أن
تنتهي بعد سنة من استنفاد وامتصاص الاحتجاج بجعلها لغة وطنية بدل لغة رسمية.
إن تبني حزب الاستقلال، باسم النخب السياسية، موقف ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية،
يندرج في سياق التناقضات التي ألفناها عند هذه النخب، والتي تعبر عن مستوى الهزيل
من النضج السياسي لدى السياسيين التذين لم يعودوا قادرين على مسايرة قاطرة التجور
والتغير.
إن اللغة الأمازيغية هي اللغة الوحيدة، إلى جانب اللغة المغربية الدارجة، التي يمكن
اعتبارهما اللغات الوطنية بالنظر إلى حجم تداولهما في الحياة اليومية، عكس اللغة
العربية الفصحى التي تبقى راقدة في الكتب ولن تجد لها تداولا في الحياة اليومية،
ولم تكن يوما لغة وطنية.
لو أن الحركة الأمازيغية معافاة وبخير وعلى خير ولم تتعرض للاختراق من طرف فيروسات
قاتلة، لما تجرأ عباس الفاسي، وغيره من النخب الفاشلة، على معارضة الحقوق
الأمازيغية. لكن وجود الحركة الأمازيغية في فترة نقاهة مؤقتة، بعد إصابتها بالزكام
الحاد لـ"ليركام"، جعلها هدفا سهلا للخصوم والمناوئين. هنا يجب علينا مساءلة أولئك
الأمازيغيين الذين أوصلوا الحركة الأمازيغية إلى هذه الحالة وتحميلهم المسؤولية
التاريخية. فسن الحركة الأمازيغية لم يعد يسمح بالنكسات والخيانات. فقد تلقت الضربة
القاضية من المعهد، ثم ضربة أخرى من المؤتمر العالمي الأمازيغي، وجاءت الضربة
الأخرى، وقد تكون مميتة، والتي أربكت حساباتها، من الحزب الأمازيغي. نفس الحالة
توجد عليها الحركة الثقافية الامازيغية بالجامعة، والتي تعرضت هي الأخرى لنفس
الاختراقات. هنا نتساءل عن مدى صلاحية وفعالية أطر الحركة الأمازيغية والحركة
الثقافية الأمازيغية ما دامت لم تتمكن من تحصين نفسها ضد انحرافات "مناضليها". سؤال
لا يمكن أن يجيب عنه سوى المناضلين والإطارات التي توجد خارج حلبات السمسرة، ولم
يسبق لها أن ساومت على القضية الأمازيغية بعد.
عبد الحفيظ الرفاعي "مؤرخا"، و"مصلحا دينيا" و"عالما لسنيا"!!
قبل الرد على ما جاء في مقال عبد الحفيظ الرفاعي المعنون بـ"تعرية واقع الاستقلال
المغشوش"، لا بأس أن نعطي لمحة قصيرة عن هذا الشخص كي نمكن القارئ من الحكم على
محتوى مقاله بأنه يدخل في إطار المواقف الأمازيغوفوبية المعلنة لا غير، وليس نتاج
تحليل منطقي علمي بعيدا عن الإيديولوجية العمياء والوله القومي العنصري.
فحسب علمنا، فإن السيد عبد الحفيظ الرفاعي كان يعمل بالإذاعة والتلفزة كمقدم
لبرنامج "ذاكرة المدن" التي أفقدها ذاكرتها الحقيقية، هذا البرنامج الذي من خلاله
مكننا صاحبه من فهم شخصيته وتكوينه وإيديولوجيته العروبية التي جسّدها في محاولته
طمس الهوية الأمازيغية للمغرب وتاريخه الذي صنعه الأمازيغ. وقد استغل الخرجة
الإعلامية لعباس الفاسي ضد الترسيم الدستوري للأمازيغية كي يمرر حقده ضد المطالب
الأمازيغية.
وقد استهل الأستاذ الرفاعي حديثه بأن الرومان هم الذين أطلقوا اسم "البربر"، مع أن
العرب هم الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم بدلالته القدحية المعروفة.
واعتبارك الأمازيغية لهجة باعتمادك على تقسيم الإذاعة والتلفزة المغربية التي كنت
موظفا بها، يبن مستواك "اللسني" ومصادر معلوماتك في فقه اللغة. فاللغة الأمازيغية
تبقى، من منظور لسني علمي، لغة معيارية وبلهجات لا تزيدها إلا غنى وثراء.
فالعلماء والسياسيون الأمازيغ الذين تستدل بهم، والذين دونوا علومهم بالعربية، لم
يفكروا يوما أن يأتي قومجي بحجمك يزور هوياتهم ويدون سجلاتهم لصالح القومية
العربية. فهؤلاء لم يكن لديهم حس عنصري ولا حقد على القوميات الأخرى المخالفة. فمن
كان يظن أن يكون ابن خلدون، المؤسس الأول لعلم الاجتماع، وابن رشد مفخرة الأمازيغ
في الفلسفة، عربا... فالرومان احتفظوا بالهويات الأمازيغية لمفكرين أمازيغيين كتبوا
باللاتينية ولم يفكروا يوما في تزويرها والادعاء أن أولئك المفكرين الأمازيغيين
رومان لأنهم كتبوا بلغة الرومان.
لم يسبق لي أن رددت على مثل هذه المقالات ذات الشحنة العنصرية، لكن هذا الرد من
شأنه أن ينوّر الرأي العام الأمازيغي بأن حال الأمازيغ والأمازيغية لا تزال كما هي
ولم يطرأ عليها أي تغيير. فالحقد القومجي العروبي ضد الأمازيغية لا زال قائما رغم
الشعارات والخطابات الرسمية حول المصالحة مع الأمازيغية.
zanifi@hotmail.com
|