| |
تنمية الأمازيغية بليركام بين
التمنّي والاستمناء
بقلم: محمد
بودهان
عندما نقول بأن ليركام هو مؤسسة أنشئت لاعتقال الأمازيغية ومنعها من التحرك بحرية
خارج أسوار المعهد، فإننا لا ننطق عن الهوى، بل ننطلق من الواقع الموضوعي. فكل
المشاريع التي يهيئها ليركام لتنمية الأمازيغية تبقى حبيسة مراكز البحث ولا يكون
لها تطبيق عملي خارج "معتقل الأمازيغية". هذا شيء معروف لدى العام والخاص، لاسيما
بعد انسحاب سبعة أعضاء من مجلس إدارة المعهد احتجاجا على عدم تطبيق قرارات ليركام
المتعلقة بتنمية الأمازيغية. لكن المسؤولين والباحثين بهذه المؤسسة لا زالوا يخلطون
بين إعداد مشاريع ودراسات لتنمية الأمازيغية وبين تنميتها الحقيقية في الواقع.
وخير مثال على هذا الخلط هو العنوان الذي وضعته الأستاذة فاطمة أكناو، باحثة
بالمعهد، لمقال تقديمها لكتاب السنة الثالثة، والمنشور على موقع ليركام، والذي يقول:
"تدريس الأمازيغية يدخل سنته الثالثة". فأين هي هذه السنة الثالثة أيها الباحثة؟ في
أية منطقة توجد بالمغرب؟ بل في أية مدرسة وأي فصل؟ إن هذه السنة الثالثة، أيتها
الباحثة، لا توجد إلا في ليركام، ولا وجود لها إطلاقا خارج بناية هذه المؤسسة.
وأتحدى السيدة أكناو أن تكذّب كلامي هذا بإعطاء مثال فصل واحد ـ وليس أكثر ـ
بالمغرب تدرّس به هذه السنة الثالثة التي قالت عنها بأنها بدأت هذا العام.
كنا نعتقد أن الأمازيغية وحدها هي المعتقلة داخل ليركام، فإذا به، كما يظهر ذلك مما
كتبته السيد أكناو، نلاحظ حتى تفكير الباحثين بهذه المؤسسة أصبح "معتقلا" داخل
أسوارها، لهذا فهم يجهلون، مثل أصحاب الكهف، كل شيء عن واقع الأمازيغية في الخارج،
وخصوصا ما يتعلق بتدريسها، بسبب عدم قدرتهم على التفكير خارج أمازيغية ليركام نتيجة
اعتقال هذا الأخير لتفكيرهم أيضا. فأصبح مجرد إعداد كتاب مدرسي ـ وأين هو؟ ـ خاص
بالسنة الثالثة داخل ليركام يساوي تدريس الأمازيغية خارجه. إذا كان الأمر بهذه
البساطة إذن، فيكفي، لتكون الأمازيغية لغة الترافع في المحاكم، إصدار نسخة من قانون
المسطرة المدنية والجنائية بالأمازيغية! إنه تفكير سحري يقوم على عملية إسقاط
تمنّيات الساحر ورغباته على الواقع الموضوعي. بل هو شيء يتجاوز حتى التمنّي ليصبح
نوعا من "الاستمناء" الذي يجعل صاحبه يتوهّم أن كل بنات حواء ملك له يتصرف في
أجسادهن كما يشاء، مع أنه لا يملك إلا كفه ويده، مصدر أوهامه وخيالاته الجنسية.
فإنجاز كتاب مدرسي بليركام يساوي تدريس الأمازيغية خارجه، وإنشاء ليركام يساوي
الاعتراف بالأمازيغية ورد الاعتبار لها، واستعمال تيفيناغ داخل ليركام يساوي
استعمالها خارجه، وتنظيم ندوة حول تاريخ الأمازيغيين يساوي تطهير المقررات المدرسية
لمادة التاريخ مما تمتلئ به من أكاذيب وأساطير حول الأمازيغيين، وإعطاء جوائز داخل
ليركام للمبدعين الأمازيغيين يساوي الاعتناء بالإبداع الأمازيغي خارجه، وإنجاز
دراسات وبحوث حول تنمية الأمازيغية في الإعلام العمومي يساوي إدماجها في هذا
الإعلام خارج ليركام، والاهتمام بالأمازيغية داخل ليركام يساوي الاهتمام بها خارجه...
وهلم جرا. إنها مجموعة من المعادلات الاستمنائية الإركامية الوهمية الخاطئة
والخادعة، والتي يكذبها ويفندها الواقع المزري والبئيس للأمازيغية خارج ليركام.
إن المسؤولين العروبيين الساهرين على ملف الأمازيغية أوجدوا مؤسسة ليركام لتقوم
بهذه الوظيفة، وظيفية خلق المعادلات الاستمنائية الوهمية السرابية والكاذبة بين ما
يجري داخل ليركام من اهتمام بالأمازيغية، وبين الانعكاس الوهمي للمفعول الاستمنائي
لتلك المعادلات على واقع الأمازيغية خارجه، هذا الواقع الذي لا زال يتميز بالتهميش
والإقصاء والتحقير.
وإذا كانت السلطة تتحمل مسؤولية هذه اللعبة الاستمنائية القذرة للمعادلات الوهمية
بين الأمازيغية داخل ليركام والأمازيغية خارجه، فإن المسؤولين والباحثين بليركام
يساهمون هم أيضا في هذه اللعبة الاستمنائية لأنهم يزكّونها، ليس بصمتهم فحسب، بل
بما يقولونه ويكتبونه وينشرونه من أوهام ويمارسونه من استمناء حول حقيقة الأمازيغية
التي ينظرون إليها من خلال غِمامة Œillère ليركام، كما رأينا مع الأستاذة اكناو
التي أعلنت عن دخول تدريس الأمازيغية سنتها الثالثة مع أن هذه السنة الثالثة غير
موجودة إطلاقا في أي مكان بالمغرب. هذا الوهم الاستمنائي هو الذي جعل مسؤولي ليركام
يستعرضون بالأرقام، في كل مناسبة، منجزات مؤسستهم من ندوات وإصدارات وكتب ومنشورات
واتفاقيات، متوهمين وموهمين أن هذه الأرقام تعبر عن مستوى تنمية الأمازيغية ورد
الاعتبار لها في الواقع خارج ليركام. أليس هذا استمناء على الطريقة الإيركامية،
يشبه من يمارس العادة السرية متخيلا أنه يضاجع حور العين؟
فكفّوا عنا أيها الإركامويون بأوهامكم وسراباتكم واستمناءاتكم ومعادلاتكم الكاذبة.
|