| |
نبش في « الميتافيزقيا
الأمازيغية»
بقلم: بحـــــــــاج
«nekni nra ad nawdv idj n wacal aburi ur tikriz ag idj, ag
idj, as iggan tiram, aya kul lay ixzan fir wacal d kul twain neg ass a. Amadval
yussi asghun iskin ghudan, ur twasnan, lasbjaon, tamukrist aya. llan cigan
uwacal ixssas ad t naf. Iwedv d wass afiluzofin ad ka tdam smag nun” Neitche.
لقد تواترت الأقوال على أن اسم “Amazigh» يعني الحر الذي لا يغله أي قيد، و الحر
بطبعه مبدع، محاور متواصل، مختلف ومتميز عن الآخر. لكن الملاحظ أنه بدأ يفقد هذه
الخصائص في ظل الاستلاب اليومي الذي يعيشه، وغدا يلجأ إلى المحاكاة أو رد الفعل...
بينما كان من الأجدى أن يبتكر وينفتح ويتحاور مع الآخر، لتطوير إمكانيات الذات التي
يلزمه أن يعرضها للنقد.
فالنقد يعتبر نوعا من التواصل والحوار مع الذات أولا: هنا أستحضر مقولة «الاختلاف»
للراحل jacques Derrida التي تحرك سكونية الذات، وتخلخل ثباتها الذي يظهر على
السطح، فتدفعها إلى ركوب قاطرة الخلق والابتكار للخروج من الهامش، فالأمازيغي يعيش
على الهامش بعيدا عن المركز. فتفكيك نقاء الهوية التي تنبعث من المركز هو انفتاح
على الهوامش وتقويض لأوهام وصفاء الهوية العربية التي اعتمدت لإقصاء واختزال الآخر
منذ سنين طويلة، للوصول إلى هوية منفتحة تقر بالمغايرة والاختلاف.
ولعل من أهم ما جاد به فكر الراحل Derrida هو محاولة التشكيك في إمكانيات البنيوية
وتجاوزها واعتماد ما يدعي بـ»التفكيك Déconstruction [1Askuf بالأمازيغية] الذي
يقول عنه صاحبه إنه ليس تحليلا ولا نقدا ولا منهجا2 حتى، وهو: «حركة ضد/ ينيوية وهو
يدين بجانب من نجاحه لهذا اللبس3».
إن التفكيك «Askuf» لا يحتاج إلى ذات فاعلة تطبقه على النص لأنه: «حاصل: إنه حدث لا
ينتظر تشاورا أو وعيا أو تنظيما من لدن الذات الفاعلة ولا حتى من لدن الحداثة4».
كلام محير فعلا هذا الذي يصدر عن Derrida الذي يلف بنا عبر متاهة دروب ضيقة لا
يستطيع أن يخرج منها إلا قارئ من العيار الثقيل. إن هدفه من التفكيك «Askuf «هو
محاولة إبراز مكامن التناص5 في الفلسفة الميتافيزيقية و إرساء الشك في دعائمها.
الحوار والتواصل مع الآخر يحركه الاختلاف والتمايز الذي يحكم قاعدة التعامل مع
الآخر الذي لا يمكن نفيه أو محاولة ابتلاعه واستيعابه للحفاظ على وهم التوحد
والتفرد، لأن التواصل Amsawadv والحوار Amsawal يفترضان وجود أكثر من صوت، يفترضان
تحطيم لغة الحدود الكانطية [فالحد عند دريدا يحيل إلى سلطة] التي لخصها في « نقد
العقل الخالص»/ فالمهووس يرسم الفواصل التي تحكمها الميتافيزيقية ( صح/ خطأ، خير/شر..)
بعد هذا الاستهلال النظري ننتقل مع الفنان محمد رويشة في رائعته:
« ciyn trit titrit a youlino »
و «titrit» مؤنث «itru «، كوكب مضيء يسكن الفضاء بعيد جدا عن الأرض Acal، يقبع في
السماء العالية، بعده يعطيه في نفسية الشاعر وهو يناجيه ighras هيبة وقدسية
Ayoulino و» « youl القلب الذي يضمن استمرارية الحياة الفيزيقية أو الميتافيزيقية
للإنسان.
«trit» من فعلtira « ومصدره tayri، الحب والعشق، وtayri لا تصدر إلا من Yul،
فالقصيدة المرتع الخصب لمزيد من إنتاج الخطاب الميتافيزيقي، فإذا ما استخدمنا
ألاعيب اللغة وحاولنا قلب مكونات هذه الجملة، واللعب مشروع: "يمكن أن نطلق اللعب"
على غياب مدلول متعال، من حيث إن ذلك الغياب لا يحد من اللعب، أي من حيث هو خلخلة
للأنطولوجيا الاهوتية ولميتافيزيقيا الحضور6"
نحصل على: " Ayoulino ciyin trit titrit أي youl unazur iras titrit، وبما أن النص:
«لا ينتج نفسه إلا من خلال تحويل نص آخر7» فالإحالة إلى مناجاة taghuri الشاعر
لقلبه : «... Ayoul, Ayoul» وهو مطلع للفنان الراحل حمو اوليازيد في رائعته
« Ayoul, Ayoul ,A, A, ….Ayoul ac iran »
ـ التكرار هنا يمنح لذة خاصة للنص ـ ومناجاة القلب مرتبطة بالحب والهيام إلى درجة
التعظيم، مع التعبير عن نوع من الألم الصوفي الذي يبث في الملتقى السعادة والسرور،
فهذا يبدو جليا عن الفنان عبد العزيز أحوزار:
« Ayoulino Aboubn’hayn, youlino Aboul’fqays… »
لنعد إلى البيت الذي يشكل العمود الفقري في درسنا ـ لمحمد رويشة ـ الذي ربط taghuri
n youl ب tayri ntitrit، فالحب قيمة مقدسة والنجمة العالية التي تقبع في الفضاء
الفسيح لا يمكن إلا أن تثير في دواخل الشاعر الرهبة والتعظيم، خصوصا عندما يعقب «wa
nek acal ibodadiyi» الأرض Acal التي تطأها قدمي والتي تعبر عن وجودي الفيزيقي
أعظمها. فكيف بالنجمة البعيدة التي لا تراها عيني إلا نادرا وعن بعد ساحق.
ولتكملة السياق ومزيد من التوضيح نورد المثل الأمازيعي القائل:
«wan iwc’kan yamz acal» ف acal التي أبدعت Awal هي التي تعلم الإنسان رسم طريقه
بدقة لأنه يلمسها ويطأها ويكتشف أسرارها بصفة دائمة، وبالتالي فهي شيء مألوف عنده،
والمألوف لا يرقى إلى درجة التقديس!
أما titrit فهي تدخل في الميتافيزيقيا التي لم يكتشفها بعد، تدخل في مجال ما يتمنى
أن يصله، أن يصنع لنفسه جناحين أو يهيم في سبحته الصوفية مخمورا يناجي titrit.
والخمرة هنا تعبير روحي، وأنا أملك حق التأويل كما يقول نيتشه: «لا حق لنا في
التساؤل عمن يؤول».
يقول حمو أوليازيد: « innay udbid ay uno, urac iliq ayuno xas ruj’d ori
أي Inac udbid a yamudin asafar nek iggat ruj d ovi
فهنا يناجي الشاعر المغني قلبه ayuno بأن الدواء الشافي الذي سيشفيه هو ruj كناية
للخمرة قد تكون مادية أو معنوية و ori الغابة، حيث أن amudin لا يحق له أن يكون
نديما ويمارس طقوسه الروحية إلا في الغابة حيث الخلوة الموحشة والفضاء الفسيح الحر
الذي يشجعك على التأمل والتدبر.
إن مناجاة titrit التي تقبع في السماء العالية يعبر عن تخطي الحواجز والتعلق
بالبعيد جدا، يقول جورج باطاي: «إن التأمل لا يبلغ منتهاه فينا إلا داخل تعدي
الحدود».
ولمزيد من التوضيح حول التعلق الميتافيزيقي ب titrit نسوق بيتا آخر يستعمل كثيرا في
حفلات الزفاف عندما يراد وضع الحناء ليدي العروس tisli حيث تتم مناجاة titrit.
«alid a titrit, alid a yitri, asghmax ilalla tidudin nes”
فهنا لا تتم مناجاة titrit و itrit، لكي يصعدا كما قد يفهم من فعل: Alid، ولكن لكي
يهللا ويتجليا ويبرزا بالحضور (ميتافيزيقا الحضور) نظرا لسمو مكانتهما عند
الأمازيغ، وحضورهما سواء الفيزيقي أو الميتافيزيقي في tamghra أو islan ضروري، يتم
استدعاؤهما وترجيهما للحضور حتى ولو كانت السماء ملبدة بالغيوم! إن هذه العلامة
كبرى في التيمن بهما لمباركة زفاف العروسين والدعاء لهما بالاستمرارية والديمومة
وإنجاب الأبناء.
خلاصات:
ـ هذه الأبيات الشهرية التي سقناها لا يستبعد أن تكون جزء من إيديولوجيا المجتمع
الأمازيعي، حيث ترى جوليا كريستيفا: «تقدم كل فعالية إيديولوجية نفسها في صورة
عبارات مكتملة تركيبا».
ـ المغايرة بين الذات المناجية ومن تناجيه (titrit) يحيل إلى حركة غير عادية تنتج
الاختلاف8: «تحيل المغايرة أولا إلى الحركة التي تقوم بفعل الاختلاف» لأن الاختلاف
حسب Dérida دائما لا ينتج إلا على الأرض، ونحن إذ نعتبر كلام الشاعر أنتج على الأرض
وإن كان موجها إلى السماء لمناجاة كائن متعال يود التقرب إليه.
ـ قرض الشعر خصوصا أو الكتابة عموما عليها أن تروم التعبير عن الذات وتخبر خباياها
الداخلية وتحاول ملامسة خوالجها والإجابة عن انتظاراتها ومطامحها وأحلامها، وهو ما
نلمسه جليا في قصائد من يعتبرون من «الأميين» أو من الهامش.
المراجع و الهوامش:
1 ـ Askuf اعتمدتها كترجمة أمازيغية لمقولة (tamyannat) déconstruction من فعل
Iskuf كمقابل لفعل déconstruire أي فكك أوصال إطار ما أو جسم ما أو بنية ما، فهو
حركة داخل البنية وخارجها في نفس الآن.
2 ـ أنظر الكتابة والاختلاف: ترجمة كاظم جهاد، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى ص:
61
3 ـ المرجع نفسه ص : 59
4 ـ نفسه ص : 61
5 ـ التناص: يعني أن النص يتكون من كتابات متعددة من ثقافات متعددة، تتحاور فيما
بينها وتتحاكى وتتعارض.
6 ـ مواقع: ترجمة: فريد الزاهي، دار توبقال للنشر. الطبعة الأولى 1992 ص : 29
7 ـ ورد في الهامش عند رولان بارت في le plaisir du texte ترجمة: فؤاد صفا والحسين
سحبان. دار توبقال للنشر، الطبعة الثانية 2001. ص: 14
8 ـ مواقع، مرجع سابق ص: 19
(بحـــــــــاج
Assoubahaj2005@yahoo.fr
|