"تيفاوين" تتحول إلى
ظلمات!
بقلم: محمد بودهان
قدمت القناة الأولى حلقة من البرنامج الأمازيغي "تيفاوين" يوم
الإثنين 20.06.2005 على الساعة الحادية عشرة وخمس عشرة دقيقة (11.15) ليلا. فلمن
يوجه، يا ترى، هذا البرنامج الذي يبث عند منتصف الليل؟ ليس لسائقي الشاحنات لأنهم
لا يتوفرون على تلفزة داخل كاميوناتهم! يوجه بالتأكيد للنائمين حتى لا يشاهدوه
لأنهم نائمون! فما الفائدة من تقديم برنامج يعنى بالأمازيغية والإبداع الأمازيغي
إذا كان لا يبث إلا في منتصف الليل؟ أي في الظلام، بعد إطفاء الأضواء والخلود إلى
النوم، خصوصا أن يوم الغد (الثلاثاء) يوم عمل وليس يوم عطلة؟ فما الهدف إذن ـ إن لم
يكن الاستخفاف ـ من تقديم "الأنوار" ـ هذا هو معنى "تيفاوين" ـ في جنح الظلام؟ ما
الذي يخيف المسؤولين بالقناة الأولى من تقديم "الأضواء" في الضوء، أي عندما يكون
المواطنون مستيقظين؟ لماذا يحولون برنامجا يعني بـ"الأنوار" إلى ظلام دامس لا يمكن
مشاهدته وتتبعه؟
إن مثل هذا التعامل الاستخفافي مع الأمازيغية يكشف عن أحد مظاهر "السياسة البربرية
الجديدة"، والمتجلي في التظاهر بمنح حقوق للأمازيغية من الناحية المبدئية، لكن مع
سحبها والتراجع عنها من الناحية العملية والحيلولة دون ممارستها والتمتع بها. وهكذا
تقدم التلفزة المغربية برامج "أمازيغية"، لكن شرط أن لا يشاهدها أحد، مثل "تيفاوين"
الذي يبث عند منتصف الليل بعد أن يكون كل الوقت النافع قد استهلك في مشاهدة البرامج
العربية.
وهذا هو حال المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي هو، من حيث المبدأ، مؤسسة خاصة
بالنهوض بالأمازيغية. لكن في نفس الوقت تمنع كتابة تيفيناغ بالشارع العمومي، وترفض
الأسماء الأمازيغية، ولا يسمح باستخدام غير العربية في الإدارة والمحاكم، ويستمر
المغرب "عربيا" وعضوا بالجامعة العربية. ونفس الشيء بالنسبة لتدريس الأمازيغية الذي
هو قرار مهم، لكن أفرغ من أي مضمون حقيقي حيث تحولت عملية تدريس الأمازيغية إلى هزل
وعبث كما يعلم الجميع.
للذين يستهويهم العبث والاستخفاف بكل ما هو أمازيغي نقول: أين لكم المفر
والأمازيغية أمامكم ووراءكم؟ لن تستطيعوا إخفاءها بالحديث عنها
تحت جنح الظلام، وهي
الساطعة كالشمس في
واضحة النهار.
|