| |
لا تحتقر ذاتك وتخن أجدادك
يا «مربي ومدرس الأمازيغية»
بقلم: ذ: بن يدير زايد (سوق خميس دادس،
ورزازات)
هبت ريح الربيع ببلاد تمازغا من كل صوب وحدب فامتزجت بعطر
الورود لأسيف ن دادس، وبالضبط خميس دادس، البلدة التي ما فتئ شبابها يعبرون عن
مواقفهم بداخل أسوار الثانوية التأهيلية، وذلك بمناسبة حلول الربيع الأمازيغي (تفسوت
ن امازيغن)، الربيع الذي خلف شهداء في صفوف إخواننا في القبايل الصامدة.
بالمناسبة قدمت تلاميذة الثانوية طلبا للاحتفال بهذه الذكرى إلى اللجنة الثقافية
التي رفضت طلبهم (بعد ذلك انحلت اللجينة). والسبب بسيط لأن الأمر يتعلق بنشاط ثقافي
أمازيغي، وبذلك عبر أهل القبعات الحمر وأصحاب اللحى الطويلة عن موقفهم في بضع ثواني
فقط من تقديم الطلب.
وأمام ذلك دفعت الغيرة العديد من الأساتذة ذوي العقول السليمة للوقوف إلى جانب صفوف
التلاميذ قصد تنظيم هذا العرس الأمازيغي الذي أبهر الجميع بمعرض الكتاب، المجلات،
الجرائد الأمازيغية، ومعرض للأزياء والحلي الامازيغية (ومن بينها زي قبايلي)، كما
تم إتمام هذا العرس بأمسية ثقافية فنية تخللتها أغانٍ ملتزمة للفنان آيت سعيد،
التلميذ نور الدين مورو (ازنزارن ن دادس)،إضافة إلى مسرحيات وإسفرا.
وما أثار انتباه وحفيظة التلاميذ خلال تقييم هذا النشاط الثقافي هو ما تجرأ بكتابته
أحد المربيين بالمنطقة من ارتسامات وصفت التلاميذ والأساتذة المؤطرين بالجهل،
والمتعثرين دراسيا، وبالعنصرية والخروج من الإسلام! ومن المؤسف حقا أن تجد أمازيغيا
ينكر ذاته ويحتقر لغته، وحضارته. في الوقت الذي يناضل فيه تلامذة المنطقة للدفاع عن
القضية الأمازيغية بداخل أسوارا الثانوية، مواجهين كل أشكال الإقصاء الممارس ضدهم
من طرف أعضاء اللجنة الثقافية، ويحق لنا القول: أصبح الأستاذ تلميذا والتلميذ
أستاذا.
وفي ردي على هذا " المعلم" لا أريد أن ألوم أحدا، فكل واحد حر في تفكيره وتوجهه، أو
أن يحقن بلقاح كتب عليه لا العدل ولا الإحسان، فذلك من حرية التعبير والرأي الذي
كان سائدا منذ القدم في بلاد تمازغا. إقول فقط إن الذي خرج عن الإسلام ليس التلاميذ
ولا المؤطرين، لكن هو الذي يدعي الدفاع عن الإسلام ولا يعرف عن مبادئه المتعلقة
بالتعدد اللغوي والثقافي شيئا.
آه، لقد كان من الأفضل أن ينضم إلينا ونضع اليد في اليد لكي تترعرع الامازيغية
وتمتزج رائحة ربيعها بموسم الورود بدا دس، وليس باتباع أساطير وتجاوزات الذين
يجعلون الجلاد مجلودا، والمربي يتألم لغيره ولا يتألم لذاته، يتألم لفلسطين (ونحن
نساند ذلك) من جراء الإسرايليين، يتألم للعراق والعراق احتلت بالسياسة، وشمال
إفريقيا احتل بالغزو العسكري. لكن هذا "الأخ" لم يتألم لما حدث في القبايل، والذي
خلف بها أرواحا في الشهداء.
وأشرح كمؤطر للنشاط ميكانيزمات وتداعيات تبنيه لما لديه بداخل جمجمته. فمرض نكران
الأمازيغية وتحقير الذات أصيب به "المربي" بعد اقتحام جسم مضاد إلى جسمه منذ صغره
من جراء اضطراب جهازه المناعتي الخاص بمقاومة الأفكار الغريبة، والذي ينتج عنه
انعدام الوعي بالهوية الأمازيغية نتيجة:
ـ سياسة التعريب ـ التخريب ـ التي ابتدأت منذ الاستقلال.
ـ غسل الدماغ وطمس المعالم الأمازيغية والهوية الأمازيغية.
ـ هشاشة الإعلام المغربي الذي يربط الشباب الأمازيغي بالمشرق العربي بمسلسلاته
المصرية واللبنانية، وربما سوف سيأتي دور للأفلام الأندلسية والعدلية. وهنا يطرح
السؤال حول الأفلام الامازيغية التي كرمت بميداليات ذهبية خارج الوطن.
ـ عدم الوعي الذي من الضروري أن يقي التلاميذ من السموم الفكرية التي تحملها أعمدة
الجرائد"العدلية" التي من الضروري أن تتميز بلحية طويلة عن باقي الجرائد الأخرى.
ـ خجل العديد من الأمازيغيين بالحديث بأمازيغيتهم ويعتبرون الناطقين بها بالشعب
المتخلف.
وفي نظري كان أفضل بهذه المنطقة أن تكون من المناطق الرائدة والنشيطة في جنوب
المغرب في الدفاع عن مطالب القضية الأمازيغية والوقوف بجانب التلاميذ في مطالبهم
المشروعة، الذين لم يسايروا دروسهم في بعض المواد نظرا للغياب المتكرر لبعض
الأساتذة (فكيف اجتازوا الامتحان الوطني يا ترى؟...).
وأختم بقولي لذلك المتنكر لذاته أن يستيقظ من سباته، إنه سيأتي يوم تندم فيه على
مواقفك، فبدل أن تهتم بها، لأنها لغتك وحضارتك، تحتقرها وتحاول تجاهلها والابتعاد
عنها، إذن فكيف سنعيد الاعتبار للغتنا ويكلل برنامج تدريس الأمازيغية بنجاح أمام
تكليف مثل هؤلاء بتدريسها بداخل الفصل، هل تنتظر من الأعداء كي ينعشوا الأمازيغية
ببلاد تمازغا.
ولا أنسى أن أقول لأعضاء اللجنة الثقافية بأن بعد حله هذه اللجنة يتم انتخاب
الأعضاء من جديد ولا يجب الكيل بمكيالين، مرة الانصراف ومرة تقديم دعوات لحضور حفل
تكريم أحد المستخدمين المقبلين على التقاعد أو تكريم رئيس المؤسسة بعد انتقاله،
أليس أفضل ما يكرم في نهاية السنة هم التلاميذ المتفوقون والآخرون الذين ملوا
الفراغ والركود الذي تعاني منه الأنشطة الموازية بالثانوية والذين كرموا هويتهم،
ذواتهم ولغتهم.
الأمازيغية موجودة في أرضها، وبشعبها، حية مناضلة، صامدة بشبابها. ومن هذا المنبر
الأمازيغي أود أن أقول تنميرت إلى كل تلميذ بخميس دادس يدافع عن هويته، ثقافته
ولغته التي رضعها من ثدي أمه.
وايوز لكل من ينير الطريق أمام التلاميذ بالمنطقة وعلى رأسهم جمعية ازمز، جمعية أمل
دادس، وكل من يساهم في نفض الغبار الذي لا زال عالقا بالثقافة واللغة الأمازيغيتين.
|