| |
افتتاحية:
النجاح الحقيقي لـ"ليركام"
بقلم: محمد بودهان
إن السلطة السياسية، أية سلطة سياسية، وفي كل زمان ومكان،
تحاول دائما أن تستعمل مبدأ "فرق تسد" لمواجهة خصومها وإضعاف أعدائها. وهذا
الاستعمال لا يخص فقط السلطة المستبدة والغير الديموقراطية، بل هو خاصية جوهرية
لصيقة بالسلطة السياسية، سواء في نظام ديموقراطي أو نظام حكم فردي وديكتاتوري.
سياسة "فرق تسد" في تاريخ المغرب:
وقد سبق للمخزن، قبل فترة الحماية، ورغم ضعفه الكبير، أن نجح في الحفاظ على بقائه
وحماية سلطته السياسية باعتماده سياسة "فرق تسد" ضد خصمه التاريخي اللدود الذي كانت
تمثله القبائل الأمازيغية المستقلة، التي كان يتغلب عليها، ليس بالمواجهة العسكرية
التي يعرف أنه سينهزم فيها شر انهزام، بل بخلق أسباب الفرقة والنزاع بين تلك
القبائل، وتحريض بعضها ضد البعض الآخر لمنع تكتلها واتحادها، وحتى تنشغل بالصراع في
ما بينها بدل أن تنشغل بمواجهة المخزن الضعيف عسكريا.
وقد كرر الحسن الثاني نفس السياسة ـ فرق تسد ـ مع الحركة الوطنية وأحزابها التي جعل
منها موالين ومعارضين له، الشيء الذي خلق منها خصوما لبعضها البعض، تعيش التجافي
والصراع والتشتت بسبب موقفها الغير الموحد تجاه السلطة، فضلا عن خلقه كذلك لأحزاب "إدارية"
أفسد بها العمل الحزبي وأفرغه من كل مضمون إيجابي.
وحتى عندما ظهرت الحركة الإسلاموية بالمغرب، تم التعامل معها على أساس نفس المبدأ:
فرق تسد. فحولت السلطة جزء من تلك الحركة إلى أحزاب إسلاموية موالية لها تلعب
لعبتها، في مقابل أخرى رافضة لموقف الأولى. النتيجة هو نحاج السلطة في خلق شرخ
وتقسيم داخل الحركة الإسلاموية لإضعافها والحيلولة دون تكتلها وتوحدها.
نفس الممارسة التقسيمية ستتكرر اليوم، وبشكل أرقى ومتقدم، مع الحركة الأمازيغية
المضايقة والمزعجة للسلطة.
فإذا وجدت في الماضي قبائل أمازيغية تفتقر إلى تنظيم موحد، وهو ما سهل على سلطة
المخزن الضعيف آنذاك اتقاء شرها وقوتها باستعمالها (القبائل) لضرب بعضها البعض،
فاليوم توجد كذلك جمعيات أمازيغية تفتقر هي كذلك إلى تنظيم موحد، مما يسهل، مرة
أخرى، على المخزن استعمال بعضها ضد البعض لإضعافها والحيلولة دون تكتلها وتوحدها
الذي هو شرط ضروري لفرض مطالبها التي تتعارض مع مصلحة السلطة التي تستمد مشروعيتها
من العروبة والإسلام الذي تستعمله كدين سياسي في خدمة هذه السلطة نفسها.
دور "ليركام" في تقسيم الحركة الأمازيغية:
إلا أن الجديد في تعامل السلطة مع الحركة الأمازيغية على أساس مبدأ "فرق تسد"، هو
أن هذا التعامل التقسيمي لم يعد يمر عبر أشخاص فيزيقيين ممثلين للمخزن، كالقواد في
مرحلة القبائل، وإدريس البصري في عهد الحسن الثاني في ما يتعلق بالأحزاب، بل ـ وهذا
هو الجديد ـ عبر شخص معنوي هو مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
إن السلطة تعي وتعرف جيدا أن الحركة الأمازيغية قوية بمشروعية مطالبها وعدالة
قضيتها، لكنها ضعيفة في وسائلها وتنظيمها. وبالتالي فالسلطة مقتنعة بأنها لا تستطيع
مواجهة الحركة الأمازيغية في المجال الذي هي قوية فيه، خصوصا بعد أن افتضحت أسطورة
"الظهير البربري" التي كانت هي "الحجة" لكل من يريد الطعن في مشروعية المطالب
الأمازيغية. لهذا تعمل السلطة على منازلة" الحركة في الميدان التي هي ضعيفة فيه، أي
على المستوى التنظيمي لإضعافها أكثر والحيلولة دون اتحادها وتكتلها، كما سبق أن قلت.
عند الإعلان عن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ظهر اتجاهان رئيسيان داخل
الحركة الأمازيغية: الاتجاه المساند والمؤيد، والاتجاه الرافض والمعارض. ومجرد
الاختلاف داخل الحركة الأمازيغية حول الموقف من المعهد، دليل على أن السلطة قد
نجحت، عبر مؤسسة المعهد، في إحداث تقسيم جديد داخل هذه الحركة وزرع بذور جديدة
للفرقة والشقاق بين مكوناتها. وما ترمي إليه السلطة ليس هو الحصول على مساندة كلية
من طرف الحركة الأمازيغية لمشروع "ليركام" ـ وهذا ما كنا نأمله لو أن المعهد كان
حقا مؤسسة لنهوض جدي وحقيقي بالأمازيغية كما اعتقدنا ذلك في البداية. فهذا شيء لا
يخدم إستراتيجيتها ولا سياستها القائمة على مبدأ "فرق تسد". بل إن ما تهدف إليه هو
حصول شرخ داخل الحركة بظهور فئة معارضة وأخرى مؤيدة.
ولا ننسى أن طريقة تعيين المسؤولين بإدارة المعهد وتشكيلة مراكزه على مستوى
الباحثين والموظفين، تدخل في إطار سياسة "فرق تسد"، لهذا فقد ساهم ذلك بدوره في خلق
مزيد من الاختلاف والتجافي داخل الحركة الأمازيغية.
لكن هذا المستوى من "فرق تسد" شيء عادي ويكاد يكون طبيعيا لارتباطه بكل المؤسسات
المخزنية، مثل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مثلا، وما نتج عن إنشائه من ظهور
اتجاه مؤيد واتجاه معارض داخل حركة حقوق الإنسان بالمغرب.
"الشراكة" مع الجمعيات الأمازيغية: تطبيق للقانون أم تنفيذ للتعليمات؟
أما المستوى الثاني من سياسية "فرق تسد" التي تعاملت بها السلطة مع الحركة
الأمازيغية، فهو الذي بدأه المعهد في السنة الثالثة ـ وهذه ملاحظة مهمة سنعود إليها
ـ من انطلاق أشغال مجلس إدارته وشروعه في إعداد البرامج والمشاريع. يتميز هذا
المستوى الثاني بما يسميه المسؤولون في المعهد بـ"التنسيق"، "الشراكة"، و"التعاون"
مع الجمعيات الأمازيغية. فبعد تواتر اجتماعات وطنية (اجتماع بوزنيقة مثلا) وجهوية
ومحلية (آخرها اجتماع الناظور يوم 18 يونيو 2006) بين الجمعيات الأمازيغية و"ليركام"،
نظمها هذا الأخير بمبادرة منه، أصبح واضحا أن هناك خطة مدروسة لـ"لاستيلاء" على
الجمعيات وإدماجها في الحضن الواسع و"السخي" لـ"ليركام"، وخلق حلاف وشقاق وتقسيم
بين هذه الأخيرة، وتلك التي قاومت "سخاء" المعهد وإغراءاته وحافظت على استقلاليتها
وحريتها.
والسؤال الأول، ذو الطبيعة القانونية، الذي يطرحه هذا "الاهتمام" الإركامي المفاجئ
بالجمعيات الأمازيغية هو: ما هو السند القانوني الذي يعتمد عليه المعهد لإقامة "شراكة"
و"تعاون" بينه وبين الجمعيات الأمازيغية؟ سيرد المسؤولون بالمعهد بأنهم يفعلون ذلك
"تطبيقا" للفقرة الثامنة من المادة الثالثة من الظهير المنشئ والمنظم للمعهد، والتي
تقول: «إقامة علاقات تعاون مع الهيئات والمؤسسات الوطنية والأجنبية المهتمة بالشأن
الثقافي والعلمي والساعية إلى تحيقيق أهداف مماثلة». وإذا أمعنا النظر في هذا النص
سندرك أن لفظي "الهيئات" و"المؤسسات" لا يشملان إطلاقا مفهوم "الجمعيات الأمازيغية".
ـ هناك إذن "الهيئات" التي تعني Institutions كما يوضح ذلك النص الفرنسي للظهير،
والتي لا يمكن أن تندرج ضمنها «الجمعيات الأمازيغية» إلا بتأويل تعسفي وتطويعي،
وبالتالي غير قانوني. فالهيئات هنا تعني مثلا الحكومة، البرلمان، الحزب السياسي،
اتحاد كتاب المغرب (سنعود إلى الإشكالية التي يثيرها)، المجلس الاستشاري لحقوق
الإنسان، ديوان المظالم... إلخ.
ـ و»المؤسسات» التي تعني établissement كما يوضح ذلك النص الفرنسي،قد تضم كذلك معهد
التعريب، إينالكو بفرنسا، كلية أو جامعة، المكتب الوطني للماء الصالح للشرب،
الإذاعة والتلفزة... إلخ. لكن لا تدخل ضمن هذا المفهوم «الجمعيات الأمازيغية.
لماذا؟
ـ هناك من سيقول: وأي فرق، من الناحية القانونية، بين حزب سياسي أو «اتحاد كتاب
المغرب» وجمعية أمازيغية، ما دامت كل هذه التنظيمات الثلاثة تخضع لنفس القانون (ظهير
15 نونبر 1958 يضبط بموجبه تأسيس الجمعيات، كما وقع تعديله عدة مرات)؟ الفرق هو في
الطابع الوطني المذكور في نص الظهير، والذي (الطابع) لا يعني فقط "الغير الأجنبي"،
بل ما يغطي وجوده ونفوذه كل التراب الوطني، مثل الهيئات السياسية الحزبية وكل
المرافق والمؤسسات العمومية، عكس الجمعيات الأمازيغية التي تفتقر إلى هذا الطابع
الوطني، وهو ما يجعل منها مؤسسات غير عمومية، لأنها في الغالب جمعيات محلية وجهوية
فقط. لو منحت، على الأقل، للجمعيات الأمازيغية صفة المنفعة العامة، لجاز اعتبارها
مؤسسات عمومية ولاندرجت، بالتالي، ضمن مفهوم "الهيئات والمؤسسات" المنصوص عليها في
نص الظهير المشار إليه أعلاه ولأصبحت "إقامة علاقات تعاون" معها من طرف المعهد عملا
قانونيا سليما. والحال أنه لا توجد جمعية أمازيغية واحدة معترف لها بصفة المنفعة
العامة. فكل تعامل معها إذن على أساس الفقرة الثامنة من الفصل الثالث المشار إليه
يعتبر باطلا ومخالفا للقانون.
وأخيرا، لماذا لم يتم التفكير في "إقامة علاقات تعاون" و"شراكة" من طرف المعهد مع
الجمعيات الأمازيغية إلا بعد أزيد من سنتين ونصف على انطلاق اجتماعات ودورات مجلس
الإدارة التي يحضر خلالها البرامج والخطط والمشاريع طبقا لما ينص عليه ظهير المعهد،
علما أن عدة اتفاقيات شراكة وتعاون قد أبرمها المعهد مع هيئات ومؤسسات وطنية
وأجنبية تطبيقا للفقرة الثامنة من المادة الثالثة من الظهير؟ لكن ليس مع جمعيات
أمازيغية. لماذا؟ لسبب بسيط، هو أن المسؤولين بالمعهد لم يجدوا في الظهير الذي
يشتغلون بنصوصه ما يسمح لهم بإقامة مثل هذه العلاقات مع الجمعيات الأمازيغية. ولذلك
يطرح السؤال: هل أعطيت تعليمات من خارج المعهد ـ وهذا ما نرجّحه ـ لجس مدى استعداد
الجمعيات للسقوط في شباك "ليركام"؟ أم هو تأويل خاطئ للفقرة الثامنة من المادة
الثالثة؟ أم هو مجرد قرار للسلطة التقديرية للعميد واجتهاده الخاص؟
إفساد وإرشاء العمل الجمعوي الأمازيغي:
وقبل هذا السؤال حول قانونية "علاقات التعاون" بين ليركام والجمعيات، هناك سؤال آخر:
ماذا يستفيد المعهد من "تعاونه" مع الجمعيات الأمازيغية؟ فهي لا تقدم له دعما
ماليا، فهو غني وهي فقيرة؛ ولن تقدم له خبرة لأن خيرة "خبراء" الأمازيغية يشتغلون
بالمعهد؛ ولن تعلمه الأمازيغية لأن ليركام معهد خاص بها وهو الذي يؤلف الكتب
لتعليمها للآخرين؛ ولن تعلمه الكتابة بنيفيناغ لأن هذه الأخيرة من خلق المعهد نفسه...
نريد أن نبين بهذه الأسئلة أن المعهد لا يجني أية فائدة علمية ولا مالية بإقامته
علاقات تعاون وشراكة مع الجمعيات الأمازيغية. وفي غياب هذه الفائدة ستكون شراكته
معها عبثا وسفها مع أنه مؤسسة منزهة عن العبث والسفه. لأن المفترض أن المعهد يبحث،
من خلال شراكاته مع هذه الجمعيات أو مؤسسات أخرى، عن "الربح" العلمي والثقافي أو
حتى المالي. إذا كانت الفائدة، بالنسبة للمعهد، من إقامة علاقات شراكة بين وزارة
التربية أو وزار ة الإعلام أو إينالكو أو ديوان المظالم أو معهد التعريب، موجودة
وقائمة ومفهومة وواضحة، فأين الفائدة، بالنسبة له، في إقامة مثل هذه العلاقات مع
الجمعيات الأمازيغية؟ لا شيء.
ما كان منتظرا من المعهد، ليس إقامة علاقات تعاون مع الجمعيات الأمازيغية، بل تحقيق
تجاوز جدلي للجمعيات نفسها، وذلك بالعمل على النهوض الحقيقي والجدي بالأمازيغية في
جميع المجالات مع توفر إرادة سياسة لذلك، وهو ما كان سيجعل الجمعيات ضمنيا بلا
موضوع ولا هدف ولا مطالب، وهو ما يضع نهاية لها بشكل طبيعي وتلقائي. لكن المعهد،
بدل أن يستجيب لمطالب الجمعيات، خلق عندها، على العكس من ذلك، حاجات ومطالب جديدة،
ليست أمازيغية ولا ثقافية، وهي الحاجة إلى الدعم المالي، الذي ليس إلا نوعا من
المكافأة والإرشاء مقابل حسن سلوكها تجاه مؤسسة المعهد.
الفائدة الوحيدة التي يجنيها "ليركام" إذن من شراكته مع الجمعيات هي أن تستفيد هذه
الجمعيات من هذه "الشراكة". أما مضمون هذه الاستفادة فهو الدعم المالي لهذه
الجمعيات كما قلت، فضلا عن أمل الحصول على شغل بالمعهد أو على عضوية بمجلس إدارته.
وهنا مربط الفرس! فالدعم المالي طعم قد يحول هذه الجمعيات إلى ملحقات تابعة للمعهد.
وقد بدأت الصحافة تتحدث منذ الآن عن ملايين دفعها المعهد لبعض الجمعيات. والخطير في
هذا الدعم ليس هو فقط احتواء الجمعيات، بل إفساد العمل الجمعوي الأمازيغي وتمييعه
من خلال ما يؤدي إليه من تكاثر للجمعيات الأمازيغية طمعا في الحصول على الدعم
المالي الذي يقدمه ليركام. فتختلط الأمور فيما يتعلق بالجمعيات المناضلة الجادة
والجمعيات الوصولية و"المالية". وفي هذه الحالة سيكون معيار استحقاق الدعم هو عامل
الموالاة للمعهد. وقد رفض بالفعل طلب إحدى الجمعيات من طرف مسؤول أحد مراكز البحث
بالمعهد بمبرر أن تلك الجمعية تتعامل مع المنسحبين من مجلس إدارة المعهد.
وبذلك تصبح الجمعيات منقسمة إلى موالية وتابعة للمعهد، وأخرى معارضة رافضة له،
ويصبح المعهد، في علاقته بالجمعيات الأمازيغية، لاعبا لنفس الدور الذي كان يلعبه،
في عهد الحسن الثاني، إدريس البصري في علاقته بالأحزاب: فهو الذي كان يخلقها
ويحييها أو يميتها، ويغنيها أو يفقرها، يقويها أو يضعفها، يجعلها في الواجهة أو في
الظل، يجعلها تفوز أو تخسر في الانتخابات... وكل ذلك طبعا حسب درجة ولائها وتبعيتها
للسلطة. وهكذا يصبح المعهد، بغزوه للنسيج الجمعوي الأمازيغي، متحكما في الجمعيات
الأمازيغية، يحركها ويوجهها كما يشاء وحسب الحاجة والخدمة المطلوبة. وهذه هي
الفائدة، بالنسبة للمعهد، من إقامته علاقات تعاون مع الجمعيات: احتواؤها والتحكم
فيها عن طريق إغراءات الدعم المادي، ثم خلق شرخ فيما بينها بتقسيمها إلى جمعيات
مؤيدة للمعهد أي للسلطة، وأخرى معارضة، تطبيقا لسياسة "فرق تسد". فأفضل استثمار
لهذا المبدأ هو جعل الأمازيغية تضرب بعضها البعض، أي تحارب نفسها بنفسها. وهو الهدف
الأسمى لــ"السياسة البربرية الجديدة" للمعهد/السلطة. وهذا هو النجاح الحقيقي "لليركام"،
أي للسلطة: فهذا النجاح ليس هو النهوض بالأمازيغية، كما كنا نعتقد وننتظر، بل هو "النهوض"
بالنضال الأمازيغي، بتدجينه وتحييده عبر إفساده وإرشائه. أما الجمعيات التي تبقى "خارجة"
عن المعهد، متمسكة باستقلاليتها ومدافعة عن مطالب الحركة الأمازيغية، فلن تستطيع
فعل شيء كثير، أمام الأعداد الكبيرة من الجمعيات "الإدارية" و"المالية" الموالية
للمعهد/السلطة، كما كان يحدث، في عهد إدريس البصري، مع أحزاب المعارضة التي لم يكن
لها نفوذ كبير أمام الأحزاب "الإدارية" التي كانت تعطي المصداقية العددية والزائفة
للديموقراطية "الحسنية". إنه توظيف جديد، في مجال الأمازيغية، لنفس نظام المكافأة
والإرشاء المعمول به في المجال السياسي أيام إدريس البصري. وأتذكر، عندما كنت عضوا
بمجلس إدارة المعهد، أن أحد الأعضاء قال، عندما أثير لأول مرة موضوع إمكانية إقامة
علاقات شراكة مع الجمعيات، قال: "لقد تم احتواؤنا بتعييننا بمجلس الإدارة، والآن
يتم التفكير في احتواء الجمعيات لإفراغ الساحة من أي نضال أمازيغي". لم يكن في
الحقيقة مخطئا في حكمه وحدسه.
ونجاح هذا المخطط لا يشترط بالضرورة الوعي بأهدافه ومراحله من طرف الفاعلين
المشاركين فيه، من مسؤولين بالمعهد وجميعات أمازيغية، بل قد يكونون منفذين له دون
علم ولا وعي منهم بذلك، كما حدث مع محرري وموقعي "البيان الأمازيغي" الذين كانوا
أول المنفذين للجزء الأول من هذا المخطط دون أن يكونوا بالضرورة متواطئين مع أصحاب
هذا المخطط.
|